﴿الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الإنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾.
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّـهُ:
فَبِهَذِه الْحُرُوف عَلَّمَ الْقُرْآنَ، وَبِهَا عُلِمَ الْبَيَانِ، وَبِهَا فَضْلِ الْإِنْسَانِ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ، وَبِهَا أَنْزَل كَتَبَه، وَبِهَا أَرْسَلَ رُسُلَهُ، وَبِهَا جُمِعَت الْعُلُوم وَحَفِظَت، وَبِهَا انْتَظَمَت مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ،
وَبِهَا يَتَمَيَّز الْحَقُّ مِنْ الْبَاطِلِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْفَاسِدِ، وَبِهَا جُمِعَت أَشْتَاتٌ الْعُلُوم، وَبِهَا أَمْكَن تَنَقُّلِهَا فِي الْأَذْهَانِ، وَكَم جَلْب بِهَا مِنْ نِعَمِهِ، وَدَفَع بِهَا مِنْ نِقْمَةٍ، وأقيلت بِهَا مِنْ عَثْرَةٍ،
وَأُقِيمَت بِهَا مِنْ حُرْمَةِ، وَهَدْيٌ بِهَا مِنْ ضَلَالَةٌ، وَأُقِيمَ بِهَا مِنْ حَقِّ، وَهَدْم بِهَا مِنْ بَاطِلٍ، فآياته سُبْحَانَهُ فِي تَعْلِيمِ الْبَيَان كآياته فِي خَلْقِ الْإِنْسَانَ، وَلَوْلَا عَجَائِب صَنَعَ اللّهُ مَا ثَبَتَتْ تِلْكَ الْفَضَائِلَ فِي لَحْمِ وَلَا عَصَبٍ، فَسُبْحَان مَن هَذَا صنعُه.
[ التِّبْيَان فِي أَقْسَامِ الْقُرْآن ]