هناك نصيحة مشهورة يتداولها الأطباء النفسيون: تذكر لصحتك النفسية والعاطفية تعلم فن النسيان، بالأحرى تعلم كيف تنسى لتعيش بسعادة، لا تتخذ موقفاً من كل حادث تمر به لأنك ستدمر حياتك وسيعيش من ندمت من أجلهم.
لتوضيح هذه الحقيقة العلمية النفسية، نجد على سبيل المثال لا الحصر الزيجات الناجحة هي التي يتغاضى فيها الطرفان عن الأخطاء اليومية المتكررة أو التي ينسى أو يتناسى فيها الطرفان الخلافات التي مرت بحياتهما من أجل استمرار المسيرة والحفاظ على الكيان الأسري، أما إذا أضمر كل طرف الشر بداخله، وظل يذكر المواقف السيئة فستكون النتيجة الحتمية هي تدمير الذكريات الجميلة، ومن ثم الحياة الزوجية برمتها.
أيضاً الصداقات القوية هي التي ينسى أطرافها المواقف السيئة والسلبية، ولا يتوقفون عندها كثيراً بل يتذكرون المواقف الإيجابية والجيدة التي توطد علاقة الصداقة. ولعلنا نلاحظ أن الكثير من الصداقات فشلت لأن أحد أطرافها لا ينسى أخطاء الأطراف الأخرى، ما يؤدي إلى النفور والخلاف ونهاية الصداقة.
إن التغاضي عن أخطاء الآخرين ونسيانها والتسامح عنها من شيم الكرام وأقوياء النفوس لأنهم يتسامون فوق المشاعر السلبية، ويستبدلونها بطاقة إيجابية جميلة تمكنهم من تجاوز صعاب الحياة وعقباتها المختلفة. نسيان الإساءة يحتاج بالتأكيد إلى قوة إرادة وعزيمة صادقة وروح متسامحة تمكن صاحبها من عبور المطبات المتعددة في العلاقات الإنسانية، لكنها في النهاية تعود على صاحبها بصفاء النفس وراحة البال، وهما أغلى ما يملكه الإنسان في هذه الحياة