فوائد السفر
قال الإمام الشافعي في فوائد السفر؛ حيث قال – رحمه الله رحمة واسعة -:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا *** وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تـفـرج هـم واكـتـسـاب مـعـيشـة *** وعـلـــم وآداب وصــحـبـــة مـاجـــد
فذكر خمس فوائد وهي: تفريج الهموم، فإن للسفر فسحة للنفس وإجماماً لها، وذكر طلب الرزق وهو الضرب في الأرض، وذكر طلب العلم النافع ثم تحصيل الآداب فإن السفر سمي سفراً لأنه يُسفر – أي يظهر – أخلاق الناس، وذكر صحبة كرام الناس فإن السفر يُوجد الفرصة بصحبة الأخيار ومخالطتهم.
ومن فوائد السفر: استجابة الدعاء، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد لولده، ودعوة المسافر) رواه الترمذي.
ومن فوائده: الخبرة في الناس ومعرفة أخلاقهم، وهذا يُعبَّر عنه بتجربة الناس.
فهذه سبع فوائد وهي جواب سؤالك، ونزيدك من الفوائد صيانة النفس من الذل، فإن الإنسان قد يقيم بأرض يُذل فيها فيسافر طلباً لعزة نفسه، بل وأعظم من ذلك الهجرة من ديار الكفر إلى ديار الإسلام كما كان ذلك أيام النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان المسلمون يهاجرون من أرض الكفر إلى أرض الإسلام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه أبو داود في السنن.
ومن فوائد السفر النسك والعبادة كالسفر إلى الحج.
إذا علم هذا؛ فإن فوائد السفر فوق ذلك، والمقصود الإشارة والتنبيه وليس الحصر.
ومما يفيدك فائدة عظيمة أن تعلمي أن كثيراً من الناس يُخطئ في فهم هذه الفوائد، فيظن أن السفر يحققها بمجرد حصوله، وليس الأمر كذلك؛ فإن السفر ليس مقصوداً لنفسه بل إن السفر مقصود لتحصيل المصالح الدينية والدنيوية، فمتى كان السفر محصَّلاً للمصلحة المعتبرة كان مطلباً حسناً وإلا لم يكن كذلك، وبيان هذا أن تعلمي أن السفر تشمله وتعتريه الأحكام الخمسة:
إذا ثبت هذا؛ فإن السفر قد جاء بيان حاله أتم البيان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نَهْمَتَهُ فليعجل إلى أهله) متفق على صحته.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن السفر بدون حاجة من المكروهات، وأن المطلوب المستحب أن يبادر الإنسان إلى الإقامة عند تحصيل غرضه من السفر، فهذا هو القول الفصل الذي جاء عن النبي صلى الله عليه في السفر وهو أفضل ما يتعلق به المؤمن ويعمل به.
وأما الحديث الذي جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سافروا تصحوا) فقد أخرجه الإمام أحمد في المسند وإسناده ضعيف.
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا في هذه الدنيا متذكرين أننا على سفر إلى الآخرة، وأن حالنا في هذه الدنيا حال المسافر الذي هو عابر سبيل أو الغريب فيها.
وبالله التوفيق. 1- فيكون مباحاً إذا قُصد به أمر مباح كطلب الرزق وتحصيل المعاش. 2- ويكون مستحباً إذا قُصد به أمر مستحب كالخروج إلى الحج المستحب بعد حج الفريضة، وكشد الرحال إلى المساجد الثلاثة (المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى)، ونحو ذلك من الأمور المستحبة. 3- ويكون واجباً إذا قُصد به أمر واجب كالسفر إلى فريضة الحج، وكالهجرة من ديار الكفر إلى بلاد المسلمين. 4- ويكون مكروهاً إذا قُصد به أمر مكروه، وقد عدَّ طائفة من أهل العلم السفر من أجل اللهو من السفر المكروه. 5- ويكون حراماً إذا قُصد به أمر محرم كمن يسافر لطلب الفواحش والمحرمات والعياذ بالله تعالى