الْفَرْقُ بَيْنَ التَّوَكُّل وَالْعَجْز :
أَن التَّوَكُّل عملُ الْقَلْب وَعُبُودِيَّتِه اعتمادًا عَلَى اللَّهِ، وَثَّقَه بِه، والتجاءً إلَيْه، وتفويضًا إلَيْه،
ورضًا بِمَا يَقْضِيه لَه لِعِلْمِه بِكِفَايَتِه سُبْحَانَه وَحُسْن اخْتِيَارِه لِعَبْدِه إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ، مَعَ قِيَامِهِ بِالْأَسْبَاب الْمَأْمُورِ بِهَا وَاجْتِهَادُهُ فِي تَحْصِيلِهَا.
وَأَمَّا الْعَجْز فَهُو تَعْطِيل الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِمَّا أَنْ يُعَطِّلَ السَّبَب عجزًا مِنْه، وَيَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ تُؤْكَل، وَلَعَمْرِ اللَّهِ أَنَّهُ لِعَجْز وَتَفْرِيط، وَأَمَّا إنْ يَقُومَ بِالسَّبَب ناظرًا إلَيْه، معتمدًا عَلَيْه، غافلاً عَنْ الْمُسَبَّبِ، معرضًا عَنْه،
وَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ لَمْ يَثْبُتْ مَعَهُ ذَلِكَ الْخَاطِرِ وَلَمْ يَعْلَقَ قَلْبُهُ بِه تعلقًا تامًا بِحَيْثُ يَكُونُ قَلْبُهُ مَعَ اللَّهِ وَبَدَنِه مَع السَّبَب، فَهَذَا تَوَكُّلِه عَجَز وَعَجُزَه تُؤْكَل.
[ كِتَاب الرُّوح لـ ابْنُ الْقَيِّمِ صـ ٢٥٤ - ٢٥٥ ]