(1)
... ولوْ كنتَ يا سيدي – عاشقاً،
يُعذبُكَ الحُزْنُ أنّى ذَهبْت؛
لأدْركتَ أنّي بهذا الوجود :
رسالةُ حُزنٍ،
مُعلقةٌ في جِدارِ الزّمن.
سأَتلو عليكَ نشيدِي الأخير،
بقاياهُ منْ لوْعةِ المُستحيل :
أنا قطعةٌ ذوّبتْها السّنين
على شفَةِ الحُبّ يا سيدي
على سفْحِ أهْدابيَ الغَارقات
رَسمتُ طَريقِي فلا أَهتدي .
(2)
أنا مُتعَبٌ – سيدي – ،
ومُنْطَرِحٌ في رُبى الحُزْنِ أبحثُ عنْ غَيمةٍ.
وحينَ يُلامسُنِي الصّمتُ أَغفو .
ويا سيدي،
أتيتُ إليكَ أشقُّ سبيلي وحيداً ،
أُقبّلُ كلَّ الخُطَى،
وأَجْثو أمامَك.
فذا مدمعِي راهبٌ يبحثُ عنْ صومَعة.
مقلتايَ تنسكتَا في رِحابك !
وحينَ بصُرتُ بكَ اليومَ متكئاً فوقَ بؤبؤِ عيْني !
شددتُ وِثاقِي إليكَ بحَبْلِ التّوحد،
وكنتُ أُحسّ بفوّاحةِ اليأْسِ تمخرُ فَوْقَ عُبابِ التّوجد! .
وجلبابُ عينِي يُمزّقُهُ لحنُ أدْعيةِ الحُبِّ،
ورغمَ تكلُّسِ كلِّ الصّور،
لم تحنْ ساعةُ الصّفْرِ رَغْمَ انتظارَك،
على حينِ أنّ البياضَ سيُسدلُ أستارَهُ المُومساتْ.
(3)
سيّدي،
سرقُوا ناظرِي،
لم أعدْ مُبْصراً .0
فهلا وهبتَ ليَ اليومَ رائحةً من جَسدْ
ملؤهُ الكبرياء،
فقارورةُ العِطْرِ منهُ ستنفخُ في ناظرِي الرّوح.
(4)
سيدي،
فؤادِي الذي كانَ مَنْبَتَ كُلّ الصّور
وكانتْ شرايينُهُ مَسْرَحاً للجَمال
وفي صفحتيْهِ تراتيلُ حُبِّ البَشر
عادَ يا سيدي
تحفةً من دَمار .
(5)
سيدي،
أرى اليأسَ يزحفُ بينَ الحواجبِ.
لقدْ ضاعَ كُلّ الذي كنتُ أملكُ في غَيْهبِ الجُب،
وحتى حُدودُ البَكارةِ مني،
وحتى ملامحُ وجْهي،
وحتى الخُطوطُ التي في يدي.
ضاعَ كُلُّ الذي كنتُ أَمْلك،
غيرَ ثُقْبٍ صغيرٍ أُطلُّ بهِ نحو بوابةِ الموت !! .
أحمد اللهيب
مما راق لي