فضل الأذان
الأذان لغةً: هو الإعلام، قال تعالى: ﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ﴾ [التوبة: 3]؛ أي: إعلام للناس وإشعار، وقال تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ﴾ [الحج: 27]؛ أي: أعلمهم به، والأذان شرعًا هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، وهو واجب.
1- الأذان له فضائل عظيمة لو يعلمها الناس لاقترعوا عليه:
أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلمُ الناسُ ما في النداء[1]، والصف الأول[2]، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا[3] عليه لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير[4] لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة [5] والصبح لأتوهما ولو حبوًا"[6].
قوله صلى الله عليه وسلم: "لاستهموا" يعني لاقترعوا؛ لأن كل من الناس إذا علم وتحقق ما في الأذان من عظيم الأجر وجزيل الثواب، أحبَّ أنْ يختص بالأذان، وغيره أيضًا يحب ذلك، فوجبت القرعة لقطع المنازعة بينهم والاختلاف، ولكنهم لا يعلمون ما فيه من الثواب؛ (انظرالتعليق على المتجر الرابح للحافظ الدمياطي صـ40).
2- الأذان من أعظم شعائر هذا الدين، وعنوان دار السلام، وبه تحقن الدماء:
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال":كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغِير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإذا سمع أذانًا أمسك، وإلا أغار، فسمع رجلًا يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:على الفطرة، "ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار، فنظروا فإذا هو راعي معزي."
3- الأذان يطرد الشيطان:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا نُودِيَ للصلاة أدبر الشيطانُ[7] وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قُضِيَ النداء - وفي رواية: فإذا قضي الأذان - أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب[8] أقبل، حتى يخطر[9] بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، واذكر كذا - لما لم يكن يذكر من قبل، حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى، فإذا لم يدر أحدكم كم صلى ثلاثًا أو أربعًا، فليسجد سجدتين وهو جالس".
وفي رواية عند مسلم: "إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أحال[10] وله ضراط، حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس، فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس".
وأخرج الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة، ذهب حتى يكون مكان الروحاء"، قال الراوي: "والروحاء من المدينة على ستة وثلاثين ميلًا".
4- من أذن وصلى وحده في الصحراء صلَّت خلفه الملائكة:
وأخرج عبدالرزاق في مصنفه والطبراني في الكبير عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان الرجل بأرض قيٍّ[11]، فحانت الصلاة، فليتوضأ، فإن لم يجد ماء فليتيمَّم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذَّن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه".
[1] النداء بكسر النون والمد: والمقصود به الأذان.
[2] الصف الأول: هو الذي يلي الإمام.
[3] الاستهام: الاقتراع، وقوله: "يستهموا"، يعني: يقترعوا بضرب القرعة حتى يؤذن لأحدهم.
[4] التهجير: التبكير في فعل الشيء، والمقصود به هو التبكير للصلاة.
[5] العتمة: صلاة العشاء.
[6] الحبو: المشي علي اليدين والركبتين كما يفعل الصبيان، أو المشي على المقعدة.
[7] أدبر الشيطان: أي فر.
[8] التثويب: الإقامة، ومعني التثويب: الإعلام بالشيء والإنذار بوقوعه، وإنما سميت الإقامة تثويبًا؛ لأنه إعلام بإقامة الصلاة "أفاده الخطابي".
[9] يخطر: يوسوس.
[10] أحال: أي تحول من موضعه.
[11] القِيُّ: بكسر القاف وتشديد الياء: هي الأرض القفر ؛"انظر الترغيب والترغيب للمنذري: 1 /158".