قصة الأميرة والوحش والعبرة منها
قصةيمنعالأميرةيمنعوالوحش
بيوم من الأيام كان ذاهب الأب الحنون لرحلة عمل، وكان بقلبه الطيب يسأل بناته الثلاثة عن الأشياء التي يرغبون في الحصول عليها بعودته من رحلة العمل، فطلبت منه الأولى: “أريد منك يا والدي العزيز أن تحضر لي ثوبا في غاية الجمال، ثوب بمجرد أن أرتديه يجعلني كالأميرات”.
وقالت الابنة الثانية: “أما عني يا أبتي فأريد منك أن تحضر لي معك حذاءً أسود اللون له بريق ولمعان”.
أما عن الابنة الصغرى الثالثة فلم تتفوه بكلمة واحدة، واكتفت بالنظر لوالدها بعيون مليئة بالاشتياق قبل رحيله، كانت منهمكة بجواره بترتيب ملابسه، ولكنه نظر إليها وأصر على سؤاله، فأجابته قائلة: “لا أريد أن أرهقك معي يا والدي، أحضر لي وردة حمراء”.
ابتسم والدها وسألها: “هل هذا كل ما تريدين يا حبيبتي؟!”
فأجابته: “نعم يا أبتي، هذا كل ما أريد”.
وبينما كان الوالد بالبلد البعيد التي رحل إليها، كان قد أنهى كل أعماله واشترى أيضا هدايا ابنتيه، ولكن الابنة الثالثة لم يتمكن من إيجاد الوردة الحمراء التي طلبتها، حيث الشتاء يكسو كل البلاد بجوه الصقيع، بحث طويلا ولم يجد، وكان في غاية الأسف على هذا.
وبينما كان عائدا وجد حديقة مليئة بالورود الحمراء، ودون تردد دخل الحديقة وقام بقطف وردة حمراء، وإذا به يجد أمامه وحشا عملاقا يتحدث معه بفظاظة في القول…
الوحش وقد أمسك بالرجل بقبضة من يده ورفعه في الهواء: “من سمح لك بقطف هذه الوردة، أتعلم سأجعلك تدفع حياتك ثمناً لها”.
الرجل: “اعذرني يا سيدي، ولكني لم أقصد سرقتك، كل ما هنالك أنني أردت إسعاد ابنتي التي تحب الورود الحمراء كثيرا، أرجوك سأفعل لك أي شيء ولكن لا تقتلني واتركني أعود لبناتي”.
الوحش: “سأدعك تذهب ولكن بشرط واحد، وهو أن تزوجني من ابنتك هذه التي تقول عنها أنها تحب الورود الحمراء كثيرا، ولكن إياك أن تتأخر عني، فموعدك معي سبعة أيام وإلا لا تلوم إلا نفسك”.
وتركه الوحش يذهب، فصار الرجل تتخبط أقدامه، ولكنه لاذ بالفرار، فشكل الوحش وحده كفيل ببعث الخوف داخل نفوس أشجع الشجعان.
وعندما عاد الأب للمنزل كان بداخله يشعر بالحزن الشديد، ولكنه جعل نفسه ينسى أمر الوحش كليا، وهنأ بالعيش شيئا فشيئا مع بناته حتى جاء اليوم السابع، كن ثلاثتهن سعيدات بهدايا والدهن ولاسيما الابنة الصغرى التي كانت لا تفارق الوردة الحمراء، والتي تعجبنيمنعمنهايمنعجميعا لمدى جمالها، وكيف تمكن والدهن من جلب هذه الوردة الحمراء بمنتصف فصل الشتاء حيث لا ورود به.
وبنهاية اليوم السابع بينما كانوا يجلسون سويا يتناولون العشاء ويسعدون بالأحاديث طرق أحدهم على الباب، هلعوا جميعا فقد كانت الطرقات بعنف، هرعت الابنة الصغرى لفتح الباب ورؤية من الطارق، وعلى الرغم من محاولات والدها بإصرار على عدم فتح الباب إلا إنها ذهبت خوفا من وجود أحدهم في حاجة ماسة للمساعدة وخشية أن يتأخروا في تلبية النداء.
وعندما استجابت الابنة الصغرى لطلب والدها بعدم فتح الباب، كان الباب قد كسر وظهرت أمامهم رياح قوية يعقبها ظهور الوحش، هلعن من مظهره البشع ولاسيما الابنة الصغرى التي كانت أكثرهن تدقيقا لملامحه…
الوحش للرجل: “لماذا لم تفي بعهدك لي؟!، إنه الموعد أين ابنتك التي وعدتني بالزواج بها؟!”
الرجل وقد هرع إليه صارخا في وجهه: “وهل خيل إليك أنني قد أسلمك ابنيت بسهولة، وأزوجها بيدي إليك أنت، الأهون على نفسي أن تقتلني بيديك هاتين على أن أزوجك ابنتي”.
الفتيات كن خائفات ويردن أن يتبين الحقيقية وراء كل هذا والخبر، فسألت الابنة الصغرى: “ما الخطب يا أبي؟!”
الأب: “إنه وحش مالك الحديقة التي قطفتهايمنعمنهاالوردة الحمراء التي أردتها بشدة، لقد أخذتها دون استئذان، وأراد قتلي على انتهاكي لممتلكاته ولكني توسلت إليه ألا يفعل، فطلب مني الزواج بكِ مقابل تركه لي، فوعدته بذلك”.
ومن بعدها نظر للوحش قائلا: “لقد رجعت عن كلمتي لك، اقتلني ها أنا أطلبها منك”.
وبالفعل وضع الوحش يده حول رقبته وأغمض عليها بإحكام، سالت الدموع من عيني الرجل الذي كان يحتضر من شدة الألم، صرخت الابنة الصغرى بصوت عالٍ وقالت: “إنني أوافق على الزواج بك لكن اترك أبي ولا تقتله، أتوسل إليك ألا تفعل شيئا يؤذيه، وسأفعل لأجلك كل ما تريد”.
في هذه اللحظة ترك الوحش والدهن في آخر لحظة من يديه، وهكذا كانت الابنة الصغرى السبب الرئيسي في افتداء والدها من موت محتوم على يدي الرجل الوحش، فاصطحبها وعاد بها إلى قصره الموحش على الرغم من روعة وجمال بنائه العظيم، تحولت الوردة الحمراء التي جلبها لها والدها لمجموعة من الأوراق المتناثرة بمجرد رحيل صاحبتها الابنة الصغرى الرقيقة.
كان الوحش شكله غريب ومخيف وتصرفاته أكثر إخافة، كان يقدم لها الورود التي تعشقها ولكنها لا تقبلها وتشرع في البكاء، امتنعت عن الطعام والشراب، وكان مهما فعل معها لا تقابلها إلا بالبكاء المرير؛ أيقن الوحش أنه بكل تصرف يقوم به لا يزيد إلا من أوجاع الفتاة الرقيقة، كان يوقن أنه السبب وراء امتناعها عن الأكل، وأنه سلب ابتسامتها وسعادة قلبها، ولكنه لم يكن يتعمد فعل كل هذا، وإنما فعل ما فعله من أجل غاية في نفسه.
كانت الفتاة ترغب في إيجاد طريقة ما لتفهم من خلالها تصرفات الوحش والتي جعلته أمام عينيها شديد الغرابة والغموض؛ وبيوم كانت تجلس أمام لوحة رسم عليها مجموعة من الأطفال الصغار يعزفون على الآلات الموسيقية، وأخيرا لمح الوحش على شفتيها الابتسامة ورأىيمنعمنهايمنعالفرحة، فأسرع وأمسك بيدها وأدخلها غرفة مليئة بالآلات الموسيقية، وبمجرد أن أشار إليها بيديه صارت تعزف بشكل تلقائي، لقد كان القصر بأكمله مسحوراً.
كانت ترى الفتاة طيبة قلبه وتباشرها بعينيها يوما بعد اليوم، كان يقف تحت الثلوج ويحمل حبات القمح بين يديه وينادي على العصافير فتأكل من بين يديه دون خوف، كان يفعل مع سائر الحيوانات مثلما يفعل مع هذه العصافير الجميلة.
وبيوم حاكت الفتاة له ثيابا جميلة، ونادته بزوجي العزيز، لم يستطع أن يصدق أذنيه ولا ما سمع منها، أخبرته بأنها لم تعد تخاف منه ولا تخشاه كما من قبل؛ ارتدى الثياب وكان هناك حفلاً موسيقياً، وكانت الأجواء بهما مليئة بالسرور والفرح.
وبيوم ومن الأيام نامت الفتاة ورأت بمنامها أن والدها مريضاً ويعاني بسبب افتقاده لها، فاستيقظت من منامها فزعة، لاحظ الوحش تغيراً طرأ بها، وعندما سألها عن السبب أخبرته بأنها تشتاق لوالدها وتشعر بأن مكروهاً قد أصابه.
أمسك بيدها وأدخلها غرفة بها مرآة، فسألته ماذا تفعل بالمرآة، فأجابها بأن كل ما عليها فعله هو لمس المرآة، ومن بعدها سترى ما تريد أن تراه؛ وعندما لمستها رأت والدها مريضا على الفراش لا يذكر إلا اسمها!
جزعت الفتاة وانفجرت بالبكاء، توسلت إليه أن يسمح لها بالذهاب وستعود إليه بالوقت الذي يحدده، وبكل ألم وحزن على فراقها ولو لأيام سمح لها بالذهاب، وأعطاها سبعة أيام، وأخبرها بأنها إن لم تأتي خلال السبعة أيام فإنه سيموت!
وعدته الفتاة بأنها ستعود إليه باليوم السابع، وكل ما تريده هو الاطمئنان على والدها، وطمأنته عليها لتتحسن صحته؛ وعندما عادت للمنزل وجدت والدها مريضاً بالفعل طريح الفراش، وأول ما رآها سعد للقياها، ولكنه كان شديد المرض والانهاك لدرجة لم تمكنه من البقاء على قيد الحياة أكثر من ذلك.
على الرغم من سعادته برؤياها إلا إنه لفظ أنفاسه الأخيرة بين يديها، كن فتياته في غاية الحزن والإحباط لفقدهم والدهن، بكين عليه كثيرا، وجلسن بجوار قبره لأيام طوال، كانت الابنة الصغرى تشعر بالندم الشديد على فقدان والدهن.
وفي أحد الأيام بينما كن جالسات بجانب قبر والدهن قالت إحدى الفتيات أن قد مر على وفاة والدهن تسعة أيام، وبالفعل كانت الورود قد ذبلت، فزعت الابنة الصغرى عندما سمعت ذلك، وهرعت عائدة للوحش الذي وعدته بالعودة إليه قبل الأيام التي حددها، ولكن الحزن وشدة الأوجاع جعلتها تنسى الوعد الذي قطعته.
وعلى الرغم من توسلات شقيقتيها إليها بالبقاء معهما إلا أنها لم تتذكر إلا كلماته عندما أخبرها قائلا: “تذكري إن لم تعودين لي كما وعدتني أموت”!
هرولت عائدة، وطوال الطريق لم تنضب الدموع في عينيها، وعندما وصلت وجدته بالفعل طريحا على الأرض، ومن حوله الورود الحمراء الذابلة متناثرة، كان قد تجمد جسده بالكامل، حزنت الفتاة كثيرا على رؤيته بهذه الحالة، بكته كثيرا وكثيرا ولازالت تبكي عليه حزنا وأسفا، وإذا بها تجد الورود الزابلة تعود لحمرتها الجميلة، وتنبعث أضواء حمراء من داخلها، وإذا بها تجد الوحش يتحول شكله شيئا فشيئا بطريقة جعلتها تندهش مما يحدث معه.
وفي النهاية أصبح أميرا شابا وسيما للغاية، ذهلت الفتاة عندما رأته بهذه الوسامة، وأخبرها بأنه كان في ذات الأيام أميرا مغروراً للغاية أنانيا، لا يوجد شيء بكل الحياة يشكل بالنسبة إليه فارقا باستثناء نفسه، لم يكن ليساعد محتاجا ولا يقدم طعاما لأحد، كان دائم الاستهزاء بالآخرين، حتى جاء اليوم الذي ألقت به ساحرة لعنة عليه قلبت حياته رأسا على عقب، فتبدل حاله وأصبح يقدر النعمة التي أوتيت له دونا عن غيره، فأصبح رقيقا طيب القلب.
وكان الشرط الوحيد لكسر اللعنة وإزالتها كليا هو الحب الحقيقي، أن تقع في حبه فتاة جميلة مثلها، وبالفعل أحبته الفتاة الرقيقة حبا صادقا، جعلتها تتألم كثيرا عند فقده ورحيله عنها، وكانت ثمار حبها السبب الوحيد في إعادة الفرحة لقلبه من جديد، وفك اللعنة التي أصيب بها وكسرها وإزالتها عن دربه للأبد.
دبت الحياة من جديد وعاد القصر المسحور كسابق عهده، وأقيمت الاحتفالات تيمنا بزواج أميرهم بالأميرة الجميلة، ومن بعدها جاء الأمير بشقيقتي زوجته وجعلهما معهما بالقصر حيث أنهما أصبحتا وحيدتين من بعد وفاة والدهما، وأحبهما أمراء وتزوجا بهما، عاش الجميع في سعادة وهناء