في
ليالي الشتاء الهائجة بصوت الرياح والمطر الغزير، كنَّا أنا وإخوتي
وأهلي نجتمع في غرفة الجلوس، وكان هناك سباق للجلوس قرب مدفأة الحطب
وكالعادة لا يخلو سطح المدفأة من عدَّة أباريق واحد دائماً للماء الساخن وآخر للـ"زهورات"
التي جمعتها جدَّتي لتصنع لنا شراب
الشتاء الدافئ المعتاد ذا المذاق الرائع
تدور الأحاديث في هذا الجو الدافئ وتتناثر القصص والصور
وكأنَّ هذا التجمع حول المدفأة الذي نسميه "كنكنة"، أي تقارب الجميع
من بعضهم بعضاً، مكان مثالي لتبادل القصص وتمضية الوقت
بانتظار نضج الكستناء أو البطاطا الحلوة الغنية بالنشويات والسكر الذي يدفئ أجسامنا.
وفي هذه الأثناء، تضرب الريح خشب النوافذ الخارجية بالحائط، مُحدثة قرقعة عالية.
فتصدر الوالدة أمراً حاسماً يقضي بغلق النوافذ الخشبية، وكان اختيار
الجميع يقع دائماً عليَّ للقيام بهذه المهمة فتبدأ عملية ارتداء الملابس المضادة
للبرد والهواء، ويبدأ حشد الشال والسترة والقبعة للتوجه إلى المعركة
وتنهمر النصائح الغزيرة بارتداء هذا وذاك، فأنا الجندي المقاتل، والآخرون
في أماكنهم يحافظون على دفئهم ويتحضرون لمشاهدة حدث إغلاقي للنافذة فتتحوّل
جلساتنا الشتوية إلى لحظات لعب ولهو نصنعها من لا شيء.
-بقلم إياد.