التنافس في فعل الخير
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، أما بعد:
فإن أشرف وأعظم ما تنافس فيه المتنافسون، وتسابَق فيه المتسابقون - فِعل الخيرات، وعملُ الطاعات، ابتغاء مرضات رب البريات، فجزاء المتسابقين في هذا المضمار جنة عرضها كعرض الأرض والسماوات، وعدَهم الله بأنهم فيها خالدون، ولهم فيها ما يشتهون، لا يصيبهم فيها همٌّ ولا نَصَب، ولا منها يُخرجون، ولذلك قال سبحانه: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، فالموفَّق من نافس المتقين، وسابق المحسنين، في كل خير تجد له سهمًا، وفي كل إحسان تراه نهِمًا، لا يكتفي بالعمل القليل، إن ثبتت مشروعيته بالدليل، يلازم طاعة ربِّه أكثر من ملازمة الخليل للخليل، لا يَحقر العمل اليسير، فقد يكون سببًا في نجاته من السعير، فعند الله لا يضيع النقير؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124].
فبادِر بالصالحات قبل رحيلك ووفاتك، فلعلها تكون سببًا في فوزك ونجاتك، فالأيام تمضي، والعمر سريعًا ينقضي، والسعيد مَن اغتنم الأوقات بطاعة الرحمن، واستغل النعم قبل فوات الأوان، إن سبقك الناس في الدنيا فلا تَحزن، وإن سبقوك في الدين فالْحَق بهم ولا تأمَن، قال الحسن البصري رحمه الله: من نافسك في دينك فنافِسه، ومَن نافسك في دنياك فألْقِها في نَحْره.
كن حريصًا على الطاعات الواجبات منها والمستحبات، وإن عجَزتَ فلا تعجِز عن ذكر الله في جميع الأوقات، فالمكثرون مِن ذكر الله هم السابقون، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (سبق المفرِّدون قالوا: يا رسولَ اللهِ ما المُفرِّدونَ؟ قال: (الذَّاكرونَ اللهَ كثيرًا والذَّاكراتُ))؛ رواه مسلم.
وإذا أردت درجةَ الصائم القائم، فتحلَّ بكريم الأخلاق، وكن على ذلك حريصًا مداومًا، كن كريم الصفات مع الخلق، ففي الحديث: (لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ)؛ رواه مسلم |
|
|
|