ثقافة التقدير
إنها تربية ينشأ عليها الشخص في بيئة نقيه تقدر البشر أيا كانوا ومهما كان وضعهم .
لأنني أعتبر أن تقدير الناس بمختلف أجناسهم هو تقدير الشخص لنفسه وإكراما
لتلك التربية التي نشأ عليها وتغذى منها النقاء وصفاء النفس نحو الآخرين .
ومن هذا المبدأ الذي أصبح يجري بقلبه مجرى الدم فهو يتحين الفرص التي يثني بها
على من يقوم بخدمة حتى بالأمور البسيطة . كما أنه يشارك من يعرف بغض النظر
عن قرابة أو صداقة أو زمالة عمل . وإنما بمجرد أنه يسمع بشيء مفرح يقدم التهنئة
أو إنه سمع بخبر محزن قدم مواساته ومساندته لذلك الذي أصابه الحزن بسبب ما .
لأن الأنسان معرض في حياته لكل هذه التقلبات في حياته بين فرح وحزن وحين
يقدم له الآخرون تهنئتهم أو مواساتهم إنما يقومون بواجب أملته عليهم الأخلاق
والتربية التي تقول أن مشاركة الآخرين افراحهم وأتراحهم شيء جميل يزرع الود
بالنفوس ويكون سببا في تآلف الناس فيما بينهم ومؤازرتهم لبعضهم .
وحين يقوم صاحب تلك الأخلاق التي تأب نفسه إلا أن يقوم بواجبه نحو من يعرفهم
هو لا ينتظر منهم مالا أو جاها أو حتى وساطة وإنما كل ما يتمناه منهم على أقل
تقدير كلمة جزاك الله خير وهي تساوي الكثير والكثير بالنفوس الكريمة والطيبة النقية
ولكن حين يتجاهل ذلك الشخص المرسل له تهنئة في فرحه أو مواساة في كدره
حينها ألا يعلم أن هذا التصرف منه قد أساء له قبل غيره لأنه بهذا التصرف وضع نفسه
بين زوايا مثلث سيء لا بد أن واحدا منها أضلاعه ينطبق عليه . وهذا شيء مؤسف
أن يضع الإنسان نفسه في أعين الآخرين ونظرتهم له على أنه يتصف في إحدى
هذه الصفات السيئة بالعرف الإنساني بين البشر .
1= إما إنسان متغطرس لا يرى الناس شيء وأن الناس تجامله لما بين يديه من مال
أو جاه أو تريد منه التقرب له لغاية ما ..
2= وإما إنسان لم يتربى على أن جزاء الإحسان الإحسان حتى لو كانت بكلمة جزاك
الله خير يا أخي وكفى . أو أنه لا يعرف وكما يقولون ( الإتيكيت ) بين البشر لأنه
وحسب ظني تربى ببيئة لا تقيم لشكر الآخرين مكانا لأنها تخشى حتى كلمة شكرا .
3= وإما إنسان يعامل البشر بنواياه الغير سوية فهو يظن بخلده أن الناس كلهم
على شاكلته لم تقدم له هذا الشي إلا بنوايا سيئة يضمرونها له . أو كما يقولون
فلان لماذا يتقرب مني لماذا يرسل لي ؟ وماذا يريد مني ؟ أكيد يريد شيئا ونواياه سيئة .
وما علم هذا أن التعامل الإنساني بين البشر وفيما بينهم مازال موجودا وإلى أن تقوم
الساعة وأن هناك قلوب مازالت تقدم الخير لمن تعرفهم دون غاية سوى بنية صافية .
فلا تضع البشر الذين حولك كلهم بكفة واحدة فتميل نحو السيء وتترك الكفة الطيبة
في نفسك وروحك خاوية خالية . لأنك بالأخير أنت الخاسر وليس ذلك الشخص الذي
كلمك أو أرسل لك . لأنه لن يقف وينتظر منك أي شيء وسوف يمضي عنك ويتجاوزك
لما هو أرقى منك خلقا وعقلا وأدبا .
يا عزيزي كن ذلك الصندوق المغلق الذي عندما يفتحه الآخرون تفوح منه الرائحة العطرة
فالكلمة الطبية لها انطباع خاص في نفوس من حولك الذي يقيسون من خلالها
مدى نظافة قلبك وأصل معدنك ونقاء تربيتك التي نشأت عليها .
وفقكم الله وجعلكم ممن يحملون القلوب الطيبة والنوايا الحسنة والروح النقية |
|
|
|