منهجية السيّر إلى الله
واجعَل نفسك في جِواره ..
واهرُب إليه من عَجز السّـير ؛ إلى فَيض الأجر ..
وإياك أن تعتادَ روحك الإدبار عن السّبق ؛ وتقنعَ بوهْم القليل !
وما بين الوصال والغُربة عن الجوار ؛ أن توقِد لك من الهدى قبَساً يُنجيك من وخْـز الألم إذا انكشفت لك الحُجب !
فاقدَح في خاصّة قلبك نوراً ؛ تميِّـز به الأعمال ومراتبها عنديمنعاللهيمنع..
فميـّز مواطئ القَدم ..
فإنّ في بعض الحسنات من البركة ؛ ما لا يدركه الخيال ..
تبلُغ بها مقام { ثُمّ اصطفينا } !
ومابين وهن الخَطوة وبُراق السعي ؛ فقه الأهم فالمُهم ..
وتلك هي الغنائم !
ثمّ تأمّـل حكاية الإمام عبديمنعاللهيمنعبن وهب المِصري ؛ أحد كبار تلاميذ الإمام مالك رحمهيمنعاللهيمنع.. كانَ بالإسكندرية مُرابطاً ، فاجتمعَ الناس عليه يسألونه نشـْر العلم ، فقال :
هذا بلـَدُ عبادة ، فترك الجلوس لهم في الأوقات التي كان يجلس ، وأقبلَ على العِبادة والحراسة .
فبعد يومين ؛ أتاه إنسانٌ فأخبره : أنه رأى نفسه في المسجد الحرام ، والنّبي عليه الصلاة والسلام فيه ، وأبو بكر عن يمينه ، وعمـر عن شماله ، وأنت بين يديه ، وفي المَسجد قناديل تزهر أحسن شيء وأشدّها ضياء ، إذا طفيت منها قنديلاً فانطفأ ، فقال لك رسوليمنعاللهيمنععليه الصلاة والسلام :
قُم يا عبديمنعاللهيمنعأوقِده، فأوقدته ، ثمّ آخر كذلك ، ثمّ أقمتُ أياماً فرأيتُ القناديل كلها همّت أن تُطفأ، فقال أبو بكر يا رسول الله: أمَا ترى هذه القناديل ، فقال صلّيمنعاللهيمنععليه وسلم: هذا عمل (عبد الله) يريد أن يطفيها ؛ فبكَى ابن وهب ، وقال له الرجل : جئت لأُبشّـرك ، ولو علمتُ أنه يغمّك لم آتـِك، فقال ؛ خير، هذه الرؤيا وعظتُ بها نفسي ، ظننتُ أنّ العبادة أفضل من نشر العِلم !
فتركَ كثيراً من عمله للعلم، وحبَس نفسه لهم يقرأون عليه ويسألونه !
فقَـدِّم الأهم على المهم ..
وكن في قلب يونس ؛ يوم باح بدمعه في أسرار الظلمات :
{ إني كنتُ من الظالمين } ..
إذ ترك دعوته { مُغـَاضبا } !
هذا الدين ؛ جراحه مفتوحة ..
فأينَ أنت من صوت عبد القادر :
( وما أحبّ أنّ الإسلام يُشاك بشوكة ؛ وأنا في بيتي جالس ) !
ولقد رؤيت (منيفة) بعد موتها في المنام ، فقيل لها : يا منيفة .. ما حال الناس هناك ؟
فأقبلت وقالت : عن أي حالهم تسأل ؟
الدار واحدة لأهل الطاعة يتعالون فيها بتفاوت الأعمال ، فخذ سعيك إلى زمزم الأجور ، واقبس من وجه النبي نورك ، ويمم حيث يمم ..
ولا قرب بعد قرب الأنبياء ؛ إلا لمن حمل ميراث الأنبياء !
وانصتْ لعبد القادر الجيلاني ؛ إذ يقول :
أراديمنعاللهيمنعمني منفعة الخلق ، فقد أسلم على يدي أكثر من خَمسمائة ، وتاب على يدي أكثر من مائة ألف .. وتلك طريق مُحمد !
ومن أدركته كرامةيمنعاللهيمنع؛ بلغ المنازل العالية ..
فليت السعي يصب في ذاك المحل ..
وليت القلب يفهم ؛ كيف يكون القرب ..
وليت الكل من العمر ؛ لا يكون نقصا وفقرا !
فاجعل عمرك غيمة ؛ ملآى في الحل والترحال ..
واحذر قول السلف :
( قلمّا رأيتُ ساكتًا عن الحق وقت معافاته ؛ إلا وجدته ناطقًا بالباطل حين ابتلائه) !
وانظر إلى علي ؛ يقاد له شرف ( لأعطين الراية غدا رجلا يحبيمنعاللهيمنعوروسوله ) .. وقد كان المرض يهده !
فلا تعجز في غربة الإسلام ؛ أن ترفع لله راية ..
ومايكون موت المقبولين ؛ إلا في الميادين ..
فلا تفقدك شهادة الخواتيم
|
|
|
|