بعضيمنعالصوريمنعليستيمنعكما تبدو
بعضيمنعالصوريمنعتخدع أحيانا.
وبعضها تفتح أمام المتلقي أبوابا لاحتمالات شتّى.
تنظر إلى لوحة ما فيتشكّل في ذهنك انطباع معيّن. غير انك تكتشف بعد قليل أن المعنى في مكان آخر.
اللوحة فوق اسمها "كيمون و بيرو" (تم حجبها) للرسّام الفرنسي جان باتيست غروز.يمنع
وفيها نرى رجلا مسنّا وشبه عار وهو يرضع من ثدي امرأة. المشهد يبدو غريبا وغير مألوف.يمنع
ولا يمكن فهمه دون قراءة القصّة التي يستند إليها.
في روما القديمة حُكم على رجل عجوز بالسجنيمنع
بسبب جناية ارتكبها.يمنع
كان اسمه "كيمون" وكان عليه أن يقضي فترة مفتوحة
في سجن انفرادي وأن يُمنع عنه الطعام والشرابيمنع
إلى أن يموت جوعا.
وكانت للرجل ابنة وحيدة تدعى "بيرو" كانت تزوره سرّا لترضعه من حليب صدرها.
كان السجّانون يراقبون تصرّف المرأة مع أبيها بكثير من التعجّب والدهشة.
ولأن هذا المنظر تكرّر أمامهم أكثر من مرّة،يمنع
فقد تأثروا بما كانوا يرونه.يمنع
ويقال إنهم في النهاية اخلوا سبيل العجوز بعدما رأوه من برّ ابنته به وإشفاقها عليه.
هذه القصّة ذاعت على نطاق واسع في العصور التاليةيمنع
وجاء ذكرها على السنة العديد من الشعراء والمؤرّخين
الذين رأوا فيها مثالا عاليا في الإنسانية والنبل.
الذي يتأمّل هذه اللوحة والقصّة التي بُنيت عليهايمنع
ربّما يظنّ أن الفكرة في حدّ ذاتها هييمنع
ضدّ المنطق وأنها تتنافى مع طبيعة الأشياء.
غير أن للطبيعة قوانينها ومقتضياتها،يمنع
وأوّل تلك القوانين، بل وأهمّها،يمنع
هو حبّ الوالدين.
في ما بعد تنافس الرسّامون في رسم القصّةيمنع
كلّ من منظوره الخاص.
ومن أشهر من رسموها كلّ من روبنز وفان بابورين وتشارلز ميلين.
وهناك لوحة أخرى اسمها كاهن وراهبة لفنّان هولندي
اسمه كورنيليس فان هارلم.
في اللوحة ( حجبت ) نرى كاهنا يتفحّص ثدي راهبة.
المعنى، هنا أيضا، يكمن في مكان آخر و
لا علاقة له بالانطباعات الأولية أو التهويمات الفانتازية.
فاللوحة تصوّر قصّة واقعية حدثت في مدينة هارلم الهولندية في نهاية القرن السادس عشر.يمنع
كانت هذه الراهبة قد اتهمت بأنها وضعت مولودا سرّا.
أي أنها قد تكون حملت سفاحا. وكان لا بدّ من إثبات التهمة أو نفيها حفاظا على شرف المرأة وسمعة الكهنوت.
وقد انتدب الكاهن الظاهر في الصورة للقيام بهذه المهمّة. كان بعض الكهنة يجمعون إلى جانب المعرفة الدينية الماما بالمسائل الطبّية وما في حكمها.يمنع
وقد رأى هذا الكاهن انه إذا كانت المرأة ولدت فعلا فسيفرز ثديها حليبا.يمنع
وإذا انعدم الحليب من صدرها تكون بريئة من التهمةيمنع
التي نُسبت إليها.
الكاهن يُرى في الصورة وهو يتفحّص الثدي.يمنع
هو في الواقع يعصر ثدي المرأة برفق للتأكّد من وجود حليب من عدمه.
لكنه ينظر بعيدا حفاظا على حشمة وحياء المرأة.
ومن الواضح أن الصورة تشير إلى خلوّ الثدي من الحليب.
وهناك على المنضدة كأس من النبيذ الذي يرمز إلى دم المسيح ويقترن بالطهر والبراءة.
ولأن خيال بعض الفنانين واسع،يمنع
فقد رسم بعضهم القصّة الأولى بشكل لا يخلو من بعض التفاصيل الحسّية.
وحيث أن طبيعة الأشياء تفترض الشيء ونقيضه،
فقد اعتقد بعض الناس في أزمنة متأخّرةيمنع
أن اللوحة الثانية يصحّ أن تكون تصويرا كاريكاتيريا ساخرا للكهنة ورجال الدين
وما يُشاع عن انهماكهم في المتع الدنيوية والسلوكياتيمنع
التي تتناقض مع تقواهم ووقارهم الظاهري.
مثل هذه الرموز والصور والاستعاراتيمنع
كانت تُستحضر كثيرا في عصر النهضة الذي اتسم بقدر عال من الحرّيةيمنع
وشاعت فيه التصوّرات التي تقرن الديني بالدنيوييمنع
وتوازي ما بين العقل والجسديمنع
وتضع الفضول المعرفي في مرتبة تسمو فوق سلطة الخوف
|
|
|
|