عباد الرحمن
- الشهيد
- قارئ القرآن
- المصلي على الجنازة
- شفاعة القرآن
- شفاعة سورتي البقرة وآل عمران
- شفاعة سورة الملك
- شفاعة الأذان
- شفاعة الصيام
عباد الرحمن
أخرج مسلم في صحيحه حديثاً مطولاً في الشفاعة رواه أبو سعيد الخدري جاء فيه :
* يقول الله عز وجل : شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط *
الشفاعة عند الله تعالى ليست كالشفاعة عند البشر، فالله تعالى لا يشفعه أحد فلا يضم إلى شيء ولا يضم إليه شيء، فهو سبحانه وتر، ولا يشفع عند الله أحد إلا بإذنه، وقبول الشفاعة تكريم من الله تعالى للشفعاء وبيان لحسن منزلتهم عند الله تعالى، فالشفاعة ابتداء وانتهاء لله عز وجل، قال سبحانه:
* قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * سورة الزمر آية 44
والشفعاء عند الله هم الملائكة والنبيون والمؤمنون،
وتبدأ شفاعة هؤلاء بعد أن يتحمل سيدنا محمد
الشفاعة العظمى كي يبدأ فصل الخطاب بين الخلائق، فيكون هذا النبي العظيم أول شافع أي طالب للشفاعة وأول مشفع أي مقبول الشفاعة.. وتتوالى الشفاعات بعد ذلك، كل فيما يحب ربنا ويرضى..
الملائكة تشفع للمؤمنين الصالحين،
والأنبياء يشفعون في أقوامهم،
والمؤمنون يشفع بعضهم لبعض..
وإذا انتهى هؤلاء جميعاً من شفاعاتهم التي ارتضاها الله عز وجل وأذن لهم فيها تظل في جهنم طوائف من الخلائق لم تنلهم شفاعة الشافعين، وهذه الطوائف من المؤمنين إلا أن إيمانهم ويقينهم تجرد عن العمل الصالح، فاستحقوا أحقاباً يقضونها في النار..
هؤلاء المؤمنون الذين لم يعملوا خيراً قط، ولم تشملهم شفاعة الشافعين..
تتداركهم في النهاية رحمة الله عز وجل فيخرجون من النار ويدخلون الجنة
ويعرفون بين أهل الجنة بأنهم عتقاء الله..
إن ميزان العدل الإلهي دقيق، لا يظلم مثقال ذرة، وليس من حق أحد أن يهون من أمر المعصية اتكالاً على الشفاعة، فإن الشفاعة ليست خاضعة لأهواء البشر، ولا تنفي العذاب المؤقت، ولا تعني الفوز بالجنة ابتداء لكل أحد..
فالحديث الشريف الذي معنا يثبت أن هؤلاء العتقاء قد قضوا في النار أحقاباً كثيرة حتى تداركتهم رحمة الرحمن..شفاعة الشهيد
أخرج أبو داود وابن حبان بإسنادهما عن أبي الدرداء
قال:
سمعت رسول الله
يقول:
*الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته *
للشهيد منزلة رفيعة في الإسلام،
فهو إنسان قدم نفسه فداء لدينه وأمته.
وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ودافع عن العرض والكرامة
حتى قتل.. وقد جعل الله الشهيد في أعلى درجات الجنة، وامتن عليه بنعم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وخصه بحياة برزخية متميزة،
قال تعالى:
* وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ{169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون {170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ
اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ{171} * سورة آل عمران
ولعظم هذه المنزلة قال عليه الصلاة والسلام:
*والذي نفسي بيده لوددت أن أقاتل في سبيل الله، فأقتل ثم
أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل *
ولقد كان الصحابة
م يؤثرون الجهاد على كل متع الحياة، حتى لقد خرج أحدهم ليلة عرسه لما سمع النداء بالجهاد فمات شهيداً فغسلته الملائكة..
والشهيد مقدم عند الله تعالى وله شفاعة مقبولة في أهله الذين جمعهم به الإيمان وشملتهم كلمة التوحيد.. وفي حديث رواه أحمد بإسناد حسن عن عبادة بن الصامت
، عن النبي
قال: * إن للشهيد عند الله سبع خصال:
أن يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلة الإيمان ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه *
وهذه الشفاعة للشهيد هي في إطارها الشرعي، فهي بإذن الله ولمن
، وهي خاصة بجماعة المؤمنين..
قال تعالى:
* مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ * سورة البقرة 255
وقال جل شأنه:
*يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى
وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * سورة الأنبياء آية 28
شفاعة قارئ القرآن
أخرج الترمذي وابن ماجة بإسنادهما
عن علي بن أبي طالب
قال:
* قال رسول الله
: من قرأ القرآن فاستظهره،
فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة
وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار *
من معالم الحياة الإسلامية حفظ القرآن وتحفيظه،
كي تتواصل سلسلة المتواترة بنقل القرآن المجيد
في أجيال الأمة سليماً من التحريف، بعيداً عن التبديل والتغيير،
تحقيقاً لوعد الله في قوله عز وجل:
* إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * سورة الحجر آية 9
ثم إن الأمة ترتهن سعادتها في الأولى والآخرة الولاء لهذا الكتاب الخالد فهو ذكرها وشرفها، قال تعالى:
* وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ * سورة الزخرف آية 44
وقال جل شأنه:
* لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * سورة الأنبياء آية 10
وقارئ القرآن العامل به، الملتزم بأحكامه،
المعتز بدينه، له منزلة رفيعة عند الله عز وجل،
فهو يدخل الجنة مكرماً،
ويعلو في درجاتها بقدر ما يحفظ،
ففي حديث رواه أبو داود وابن حبان والترمذي وقال حسن صحيح ..
قال عليه الصلاة والسلام:
* يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في
الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها *
ومن تكريم الله تعالى لقارئ القرآن أن يمنحه شفاعة مقبولة
لجماعة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار..
أي أنهم ارتكبوا معاصي يترتب عليها وعيد إلهي،
لكن هذه المعاصي لم تخرجهم عن دائرة الإيمان،
فإن الكافر مخلد في جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ..
أما العاصي فيستحق العذاب بقدر معصيته
ثم قد يعذب عذاباً مؤقتاً وقد يعفو الله عز وجل لحكمة يعلمها..
هنا يأتي قارئ القرآن المستظهر له أي الحافظ لآياته،
والذي يحل حلاله ويحرم حرامه أي الملتزم بالأحكام الشرعية،
فيشفع في عشرة من أهله بعد أن يأذن الله ويرضى،
وتكون هذه الشفاعة مقبولة إما بالعفو المطلق
وإما بإخراجهم من العذاب المؤقت،
وذلك على سبيل التكريم لحملة القرآن والإعلاء لشأنهم..
شفاعة المصلين على الجنازة
أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة
ا
عن النبي
قال:
*ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة،
كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه *
للمسلم حقوق على مجتمعه حياً وميتاً،
وكرامة الإنسان في حال موته ككرامته في حال حياته..
وإذا كان الناس يستقبلون الإنسان الوليد بفرح غامر
فإنه يجب عليهم توديعه في نهاية حياته بدعاء خالص..
وقد شرع الإسلام صلاة الجنازة على الميت،
وهي أربع تكبيرات بلا ركوع ولا سجود،
يقرأ عقب التكبيرة الأولى سورة الفاتحة،
ويصلي على النبي
عقب الثانية،
ويدعو للميت عقب الثالثة،
ثم يقول في الرابعة:
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله، ثم يسلم..
وللصلاة على الجنازة وتشييعها فضل كبير،
وفي صحيح مسلم بسنده عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله
:
*من شهد الجنازة حتى يصلى عليها، فله قيراط،
ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل وما القيراطان قال:
* مثل الجبلين العظيمين * والقيراط مقدار من الثواب معلوم
عند الله عز وجل ..
والذين يصلون على الميت ويدعون له إنما هم شفعاء لهذا الميت عند الله تعالى،فإذا استجاب الله دعاءهم فقد شفعهم فيه أي قبل شفاعتهم فغفر للميت ورفع درجاته في النعيم المقيم..
والحديث الذي معنا يصل بعدد المصلين الشفعاء إلى مائة،
لكن جاءت روايات أخرى في صحيح مسلم بسنده عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله
يقول:
ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً
لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه
وجاءت روايات في السنن تجعل الشفاعة لثلاثة صفوف قل
العدد أو كثر وللعلماء توجيهات لهذه الروايات منها:
أن العدد لا مفهوم له والمراد هو الكثرة مطلقاً دون التقيد
بعدد معين، وأن تعدد الروايات نشأ من تعدد التساؤلات،
فأجاب الرسول
كل سائل بما يناسبه
، ولا يلزم من قبول الشفاعة من مائة عدم قبولها مما دون ذلك..
فكل من صلى على الميت فهو داع له وشفيع له،
وقد وعد الله، ووعده الحق أن يقبل الدعاء من عباده الصالحين..
فالدعاء للميت هو لون من الشفاعة المقبولة عند الله عز وجل.