في ذكرى التأسيس الأول للدولة السعودية.. المملكة عمق تاريخي ممتد لثلاثة قرون
سعد بن عبدالله آل حماد -
للمملكة العربية السعودية بلادنا وقرة أعيننا، حب خالص ومقيم في سويداء الفؤاد، وذلك ما يحدو بنا إلى التغني بها وبأمجادها عبر مناسبات وطنية عديدة، ولعل منها اليوم الوطني لتوحيد ثراء هذا البلد الغالي على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود -طيب الله ثراه- حينما نجحت جهوده الوطنية في توحيد الدولة السعودية الثالثة في بوتقة جامعة لكافة مكوناته الاجتماعية.
ولعل أهم مناسبة وطنية اليوم والتي ستحتفل بها المملكة هو يوم "22 فبراير" من كل عام، ليكون يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، الدولة الممتدة والضاربة في عمق التاريخ منذ نحو 300 عام.
هذا اليوم يتذكر به الأبناء الانطلاقة الأولى لتأسيس الدولة السعودية الأولى قبل ثلاثة قرون، على يد الإمام محمد بن سعود في عام 1139هـ الموافق 1727م، في ذكرى سنوية تعانق بها المملكة وشعبها معاني الفخر على امتداد تاريخها، واعتزاز أبنائها بأصالتهم وعمق بلادهم الثقافي والتاريخي، هذه البلاد التي حباها الله مكانة بين الأمم لتصبح أبنة التاريخ وعيطموس المجد.
ولا يتأتى الحديث عن الدولة السعودية الأولى دون التطرق إلى مدينة الدرعية، والتي تأسست على يدي الأمير مانع المريدي عام 850هـ، لتصبح جوهرة المملكة والدرع المنيع، والحصن الحصين، وصمدت لقرون بوجه الغزاة والمعتدين، لتكون بحق أرضًا للبطولات والأمجاد.
ومن الدرعية كانت الانطلاقة إلى العالم، والتي بدأت على يد الإمام محمد بن سعود الذي انطلق بتاريخ وطني يستلهم من الدعوة الإصلاحية والجهود السياسية أساسًا لتكوين الهوية السعودية، فكانت ولادة الدولة السعودية الأولى باكورة ومستهل تكوين الكيانات السعودية الثلاثة منذ نحو ثلاث مائة عام؛ حيث بزغ منها فجر التكوين للكيان السعودي المتين، الذي أثبتت كل التجارب التاريخية قوته على الاستمرار والاستدامة رغم التحديات المحيطة به على مر العصور، بوحدة لم تعرفها الجزيرة العربية منذ قرون طويلة؛ ونحن نستعرض اليوم هذا الحدث التاريخي العريق والمتجدد في استمراريته التاريخية المتمثلة في دولة اليوم وعاصمتها الشامخة رياض المجد، فلا بد أن نتذكر بأن المملكة ليست دولة حديثة تاريخيًا ولا جغرافيًا، بل عريقة وضاربة في جذور التاريخ العربي والعالمي، كما أن هذه الدولة قد تشكلت من خلال وحدة أبنائها في امتداد أصيل لجهود أئمة الدولة وملوكها الأجداد الذين ساهموا في مراحل بنائها منذ نحو 300 عام.
لقد جعل أئمة وملوك المملكة العربية السعودية نبراس حكمهم العدل وتطبيق الشريعة والارتقاء برفاهية مستوى معيشة هذا الوطن ومجتمعه؛ مما شكل رزمة من قناعات الولاء والانتماء بين الأسرة الحاكمة وبين أبناء الشعب السعودي على مر التاريخ، كما أن الانتساب والانتماء لهوية هذه البلاد يتناغم مع الانتماء الوطني وانتماء الهوية لهذا التاريخ الوطني القديم، ونعني به تاريخ انطلاق تأسيس هذه الدولة السعودية الأولى منذ عهد الإمام محمد بن سعود رحمه الله، ثم الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله، وصولاً إلى المشروع الوحدوي الجبار الذي قاده الملك المؤسس عبدالعزيز بن سعود "رحمه الله"، ليتواصل هذا الانتماء والارتباط بالهوية السعودية ابتداءً من التاريخ الأول لتأسيس الدولة السعودية الأولى وصولاً إلى اليوم الوطني للدولة السعودية الثالثة بأمجادها وإنجازاتها للعرب والعروبة والإنسانية.
إننا ونحن نستذكر يوم التأسيس والانطلاق الأول للدولة السعودية الأولى، والذي مضى عليه نحو 300 عام، فإننا نستذكر معه إنجازات أولئك الأئمة والملوك العظماء، والأبطال الأوفياء، والتي أنتجت جهودهم الكبيرة عبر التاريخ ما تزهو به المملكة العربية السعودية وشعبها السعودي اليوم من أمجاد التاريخ وتكوين الهوية التاريخية والوطنية الخاصة، وصولاً إلى رفاهية العيش وجودة الحياة ومشاريع الاستثمار في المواطن السعودي وجعله المقصد الأول للتنمية، مع ما تحتله المملكة من مكانة مؤثرة في ميزان القوى العالمي وفي محيطها الإسلامي والعربي والخليجي، من خلال سياستها الخارجية الحصيفة، وجهودها في خدمة الإسلام والمسلمين والأماكن المقدسة، تلك المكانة التي جعلت من المملكة قبلة ومزارًا لكافة السياسيات الدولية؛ لما تحتله من دور فعال في صون السلم والأمن الدوليين، ولما لها من أياد بيضاء على الإنسانية جمعاء.