وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث:
إذا حدَّث كذَب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتمن خان))؛ متفق عليه.
زاد في رواية لمسلم: ((وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)).
قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
نقل المؤلف رحمه الله في باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث))؛ آيته يعني علامته، ((ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا
وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))؛ يعني أن هذه من علامات المنافقين.
إذا رأيت الرجل يكذب إذا حدَّث، ويُخلِف إذا وعد، ويخون إذا اؤتمن، فهذه من علامات المنافقين
لأن أصل المنافق مبني على التورية والستر، يستر الخبيث ويظهر الطيب، يستر الكفر ويظهر الإيمان.
والكاذب كذلك يخبر بخلاف الواقع، والواعد الذي يعد ويخلف كذلك، وكذلك الذي يخون
إذا اؤتمن، فهذه علامات النفاق والعياذ بالله.
وفي هذا التحذير من الكذب وأنه من علامات المنافقين، فلا يجوز للإنسان أن يكذب، لكن إن اضطر إلى التورية وهي التأويل، فلا بأس
مثل أن يسأله أحد عن أمر لا يحب أن يطلع عليه غيره، فيحدِّث بشيء خلاف الواقع لكن يتأول، فهذا لا بأس به.
وأما إخلاف الوعد فحرام، يجب الوفاء بالوعد، سواء وعدته مالًا أو وعدته إعانة تعينه في شيء
أو أي أمر من الأمور، إذا وعدت فيجب عليك أن تفي بالوعد.
وفي هذا ينبغي للإنسان أن يحدد المواعيد ويضبطها، فإذا قال لأحد إخوانه: أواعدك في المكان الفلاني
فليحدد الساعة الفلانية، حتى إذا تأخر الموعود وانصرف الواعد، يكون له عذر؛ حتى لا يربطه في المكان كثيرًا.
وقد اشتهر عند بعض السفهاء أنهم يقولون: أنا أواعدك ولا أخلفك؛ وعدي إنجليزي، يظنون أن الذين يوفون
بالوعد هم الإنجليز، ولكن الوعد الذي يوفى به هو وعد المؤمن؛ ولهذا ينبغي لك أن تقول إذا وعدت أحدًا وأردت أن تؤكد:
إنه وعد مؤمن؛ حتى لا يخلفه؛ لأنه لا يخلف الوعد إلا المنافق.
((وإذا اؤتمن خان))؛ يعني إذا ائتمنه الناس على أموالهم، أو على أسرارهم، أو على أولادهم، أو على
أي شيء من هذه الأشياء، فإنه يخون والعياذ بالله، فهذه أيضًا من علامات النفاق.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (4/ 46- 48)
- سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.