بسم الله الرحمن الرحيم
خلق الإنسان
يعتبر خلق الإنسان من العلامات الدالة على عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى، وورود كيفية هذا الخلق، ومراحله، وأطواره يعد من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، خاصةً أنّ الإنسان لم يتوصّل لهذا المراحل إلا منذ فترات قليلة، علماً أن الكثير من الناس يجهلون هذه المراحل، الأمر الذي يدفعهم لمحاولة التعرّف عليها، وهذا ما سنعرفكم عليه في هذا المقال.
عناصر خلق الإنسان الأول
الماء
يعتبر الماء العنصر الأول الذي خلق الله منه جميع مخلوقاته ما عدا الجن خلقهم من نار، والملائكة من نور، حيث قال سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) [الفرقان: 54].
التراب
يعتبر العنصر الثاني من عناصر خلق آدم عليه السلام أبو البشر، حيث قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آلِ عمران: 59]، وهو عنصرٌ أساسي يعد من عناصر تكوين كل إنسان بعد آدم عليه السلام، حيث إنّ النبات يخرج من التراب، ومن النبات نحصل على الغذاء، ومن الغذاء يتكوّن الدم، ومن الدم تتكوّن النطفة، ومن النطفة يخلق الجنين، ولا بد من الإشارة إلى أنّ الفروع تتبع الأصل، فالله خلق آدم من تراب، ثمّ خلق منه زوجته، ثمّ خلق الناس عن طريق التناسل، فإن كان الأصل تراب فإن الفرع يتبعه.
مراحل خلق الإنسان في القرآن
مرحلة الطين
يعتبر الطين ناتجاً من امتزاج عنصري التراب والماء، حيث قال سبحانه وتعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) [السجدة: 7]، علماً أنّ الله سبحانه وتعالى قد وصف الطين بأنه طينٌ لازب، أي طين لزج متماسك لاصق يشد بعضه بعضاً، حيث قال: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ) [الصافات:11]، ولا بدّ من الإشارة إلى سبب اختلاف البشر في أشكالهم، وصفاتهم، وأخلاقهم يعود إلى المادة التي خلق الله منها آدم، حيث جمعها من جميع الأرض، فجاء من بني آدم من هو الأبيض، أو الأسود، أو الأحمر.
مرحلة الحمأ المسنون
ترك الله سبحانه وتعالى الطين بعد أن مزجه من عنصريه إلى أن صار حمأً مسنوناً، أي أنه بعد مزج عنصري التراب والماء صار المزيج طيناً لازباً صادقاً، ثمّ بعد ذلك صار هذا الطين حمأ أسوداً مسنوناً مصوراً، حيث قال: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر: 26]، علماً أنّ الحمأ هو الطين الأسود المتغيّر، أما المسنون فإن المفسرين اختلفوا في تعريفه، فقيل أنه هو المصوّر من سنة الوجه وهي صورته، وقيل إنّه المصبوب المفرّغ، أي أن الله أفرغ صورة الإنسان كما تفرغ الصور من الجوهر في أمثلتها، وقيل إنّه المنتن، أو المسنون الأملس.
مرحلة كونه صلصالاً
صار الطين حمأً مسنوناً في صورة آدم، ثمّ صار صلصالاً كالفخار، حيث قال سبحانه وتعالى: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) [الرحمن:14]، والصلصال هو الطين اليابس الذي يظلُ يابساً إن لم تمسسه النّار، ويتحوّل إلى فخار إن مسته نار، ولا بد من الإشارة إلى أن هذا الصلصال يشبه الفخار إلا أنه ليس فخاراً، أي أن الله سبحانه وتعالى لما مزج عنصري الماء والتراب صار طيناً، ولما أنتن الطين صار حمأً مسنوناً مصوّراً على هيئته، ولما يبس صار صلصالاً، إلا أن الإنسان لم تبدأ فيه الحياة عند هذه المرحلة، علماً أنّ الله سبحانه وتعالى لم يحدد في القرآن الكريم المدة الزمنية الممتدة بين مرحلة الطين، والحمأ المسنون، والصلصال.
مرحلة نفخ الروح
سوّى الله سبحانه وتعالى الإنسان، وصوّره، ثمّ صار صلصالاً أي أنه أيبس الطين بعد تصويره، ثمّ دبّ الروح في جسده، حيث قال: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) [ص: 1-72]، وأمر الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم أن يسجدوا له بعد أن تدب الروح في جسده. |
|
|
|