أبصرت فيلا ضخما كأنه قطعة من جبل يتهادى في مشيته ، ويداعب الهواء بخرطومه ؛ فارتعدت أطرافي وجمد الدم في عروقي ووقفت في مكاني أرقبه من بعيد ؛ فرأيته يقصد غديرا واسعا ، فشرب منه ، ونزل يستحم فيه ، ثم خرج يأكل من غصون الشجر وأوراقه ، ثم عاد إلى الغابة .
ثم أقبل نمر يتبختر ، ويهز ذيله ، ويحرك رأسه ، ويقلّب عينيه في الظلام ، كأنهما جمرتان متّقدتان . فطار لبّي ، وغاب عقلي ، ولم أدر ما أصنع ، وأسلمت نفسي للمقادير ، ولبثت أنظر ما يكون .
وإذا الفيل قد خرج من الغدير ، ومشى إلى الغابة ، فصادفه النمر فوثب على ظهره ، وأنشب فيه مخالبه ، فانتزعه الفيل بخرطومه ؛ ولفّه على وسطه ، وضغطه به حتى كاد يحطم ضلوعه ، ثم قذفه في الهواء ؛ وتلقّاه بنابيه ، وغرزهما في جلده حتى أدماه وحاول أن يرميه تحت أقدامه .
ولكن النمر أفلت منه ، وانهال على خرطومه عضا حتى أسال منه الدم . ثم تمكن الفيل من عدوه ، ورماه تحت أقدامه ، ووقف عليه يضغطه ، والنمر يتقلّب ويئنّ كالفأر بين مخالب القط . ثم سكنت حركته وانقطع صوته ، ولم أدر ما كان بعد ذلك
|
|
|
|