قول: الشكر لله، لا سمح الله
يقول الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وعلى هذا ينبغي على الإنسان أن يتحرز من خطأ وزلل اللسان، خصوصًا فيما يتعلق بالمسائل العقائدية، التي تتعلق بالله تعالى، وبأسمائه وصفاته.
وهناك بعض الأخطاء اللفظية الخاصة بالأمور العقائدية يقع فيها البعض، نذكرها هنا للتنبيه عليها، والحذر منها، ومن هذه الأقوال:
حاجة ترضي الله:
وهذه الكلمة لا تجوز؛ لأن هذه الكلمة تألٍّ على الله؛ لأنه لا يُعرَف يقينًا هل هذا الأمر يرضي الله أم لا؟
فهذه الكلمة فيها مجازفة خطيرة، حتى إن بعضهم رأى "شيشة" فأعجبته، فقال: "أهو ده الشغل اللي يرضي ربنا"؛ فإلى الله المشتكى!
عدل الله كذا:
وهذه الكلمة تقال في البيع والشراء والأمور الاجتهادية، وهذه الكلمة مجازفة؛ فمن أين يدري هذا المسكين أن هذا هو عدل الله؟!
ربنا خالقه كمالة عدد، أو ربنا خلقه بعدما استكفى:
وهذا كلام ساقط؛ فالله سبحانه وتعالى لا يخلق شيئًا عبثًا، بل يخلقه سبحانه وتعالى لغاية وحكمة؛ قال تعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].
الشكر لله:
كثير من الناس إذا صنع معروفًا فقيل له: "شكرًا"، قال: "الشكر لله" يعني أن الشكر لله وحده، والصواب: أن الشكر للناس جائز؛ قال تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يشكُرُ اللهَ مَن لا يشكُرُ الناسَ))؛ (رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد).
لا سمح الله:
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - كما في كتاب "فتاوى العقيدة" (ص 714) عن هذه العبارة: "لا سمح الله"، فأجاب قائلًا:
أكره أن يقول القائل: "لا سمح الله"؛ لأن قوله: "لا سمح الله" ربما توهم أن أحدًا يجبر الله على شيء، فيقول: "لا سمح الله"، والله عز وجل - كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنه -: ((لا مُكْرِهَ له)).
ففي "الصحيحين" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليُعْظِمِ الرغبة؛ فإن الله لا مُكرِهَ له، ولا يتعاظمه شيء أعطاه))، والأولى أن يقول: "لا قدر الله" بدلًا من قوله: "لا سمح الله"؛ لأنه أبعد عن توهم ما لا يجوز في حق الله تعالى"؛ اهـ.
فائدة: سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين كما في كتاب "فتاوى العقيدة" (ص 712): عن حكم قول: "لا قدر الله"، فأجاب بقوله: "لا قدر الله" معناه الدعاء بأن الله لا يقدر ذلك، والدعاء بأن الله لا يقدر هذا جائز، وقول: "لا قدر الله" ليس معناه نفي أن يقدر الله ذلك؛ إذ إن الحكم لله يقدر ما شاء، لكنه نفي بمعنى الطلب؛ فهو خبر بمعنى الطلب بلا شك، فكأنه يقول: "لا قدر الله"؛ أي: "أسأل الله ألا يقدره"، واستعمال النفي بمعنى الطلب شائع كثير في اللغة العربية، وعلى هذا، فلا بأس بهذه العبارة"