يحكى أنه حدثت مجاعة في إحدى القرى، فطلب الوالي من أهل القرية طلبا غريبا في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع، وأخبرهم بأنه سيضع قدرا كبيرا في وسط القرية، وأن على كل رجل وامرأة أن يضع في القدر كوبا من اللبن، بشرط أن يضع كل واحد الكوب لوحده دون أن يراه أحد.
هرع الناس لتلبية طلب الوالي، كل منهم تخفى بالليل وسكب ما في الكوب الذي يخصه.
وفي الصباح، فتح الوالي القدر.. وماذا شاهد ؟
القدر وقد امتلأ بالماء !!
أين اللبن ؟!
ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدلاً من اللبن ؟
كل واحد من الرعية، قال في نفسه: " إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية ".
وكل منهم اعتمد على غيره، وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها غيره، وظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن، والنتيجة التي حدثت، هي أن الجوع عمّ هذه القرية، ومات الكثيرون منهم، ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات.
هل تصدق أنك تملأ الأكواب بالماء في أشد الأوقات التي نحتاج منك أن تملأها باللبن ؟
عندما تترك نصرة إخوانك الحفاة العراة الجوعى، وتتلذذ بكيس من البطاطس أو زجاجة من الكوكاكولا بحجة أن مقاطعتك لن تؤثر أو أنك الوحيد الذي تقاطع، فأنت تملأ الأكواب بالماء ..
عندما لا تتقن عملك بحجة أنه لن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك من الناس، فأنت تملأ الأكواب بالماء ..
عندما لا تخلص نيتك في عمل تعمله، ظناً منك أن كل الآخرين قد أخلصوا نيتهم، وأن ذلك لن يؤثر، فأنت تملأ الأكواب بالماء ..
عندما تحرم فقراء المسلمين من مالك، ظناً منك أنه لا يكفي لإعطائهم، فأنت تملأ الأكواب بالماء ..
عندما تتقاعس عن الدعاء للمسلمين بالنصرة والرحمة والمغفرة، فأنت تملأ الأكواب بالماء ..
عندما تترك ذكر الله والاستغفار وقيام الليل، فأنت تملأ الأكواب بالماء ..
عندما تضيع وقتك ولا تستفيد منه بالدراسة والتعلم والدعوة إلى الله تعالى، فأنت تملأ الأكواب ماءً..
أرجوكم .. إملؤوا الأكواب لبناً