#السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
كان الأعرابيُّ يأتي من البادية
فيدخل على النبيِّ ﷺ وهو جالس بين أصحابه
فيقول: أيكم محمد؟!
يا للتواضع يا صاحبي!
لا كرسيَّ مرتفع يجلسُ عليه
لا ملابس فخمة تميزه عن أصحابه
يجلس على الأرض كالبقية، ويلبسُ كالجميع !
ولا يُعرف أنه هو إلا إذا أُشير إليه
متخيِّلٌ أنتَ هذه الروعة في هذا المشهد
البسيط؟!
متخيِّلٌ أنتَ أنَّ هذا الجالس على التراب كان يوماً
في السماء السابعة؟!
متخيِّلٌ أنتَ هذا الجالس في غمار الناس ستأتيه
البشرية كلها يوم القيامة تسأله أن يستفتح لها
باب الجنة؟!
متخيِّلٌ أنتَ أن هذا الذي جثا يوماً على ركبتيه
يواسي صبياً مات عصفوره
هو أول من ينشقُّ عنه القبر يوم القيامة؟!
متخيِّلٌ أنتَ أن هذا الذي كان يرقع ثوبه، ويخيطُ
نعله، ويحلبُ شاته
هو الذي صلى بالأنبياء إماماً يوم أُسريَ به واستلمَ
قيادة البشرية كلها؟!
متخيِّلٌ أنتَ أن هذا الذي كان يُسابقُ زوجته
في الصحراء فتسبقه مرةً، ويسبقها مرة
هو الذي جاءه ملكَ الجبال ينتصرُ له يوم رُجم
في الطائف؟!
الكبار يتواضعون يا صاحبي، والصغار يتعاظمون!
وما تكبَّر أحدٌ إلا لمهانة يجدها في نفسه!
يا صاحبي
كان حكيم بن حِزام من أشراف قُريش
وكان يطلبُ العلم عند معاذ بن جبل
رغم أنه أكبرُ من معاذٍ بخمسين سنة !
فقيل له: أنتَ تتعلمُ على يد هذا الغلام
فقال: إنما أهلكَ الناسَ الكِبر!
واللهِ أهلكَ الناسَ الكِبرُ يا صاحبي !
أن يجمع أحدهم مالا،ً فيمشي في الناس مشية
قارون في كنوزه !
وأن يحصل أحدهم على شهادة، فيمشي في الناس
كأنَّ عنده علم الأولين والآخرين !
وأن يتقلَّد أحدهم منصباً، فيمشي في الناس
كأنَّ بيده مقاليد الدنيا كلها !
وأن يشتهر أحدهم في أحد مواقع التواصل
فيمشي في الناس كأنه فاتح القسطنطينية !
يا صاحبي الغنى مع الكبر فقر
والشَّهادة مع الكبر جهل
والمنصب مع الكِبر وضاعة
والشهرة مع الكبر انحطاط
فلا تُصاحِبْ متكبراً ولو أدناكَ !
ولا تزهد بمتواضعٍ ولو جافاكَ !
راقت لي.