أرض الغرام ..
كانت الأميرة جمان قد توجها والدها كملكة لأرض ممكلة الزهور قبل وفاته
يحبها قومها لبرائتها وتسامحها وجمالها .. لطيفة يعشقها كل من سمع بها
بتلك البلدة كان أغلب من يسكنها النساء والرجال قلة بسبب كثرة ماتعرضت
له مملكة الزهور من سطو وغزو اللصوص وقطاع الطرق اشتبك فيه يعرُب قائد
جند الأميرة جمان لمواجهتهم فخسر الكثير من الرجال ..
تميز يعرب بالشجاعة والاخلاص ووفاءه للأميرة وقدرته على مواجهة الأخطار
والذكاء فكان مكلف بتدريب جندها لكنهم كسالى لايحبون الإشتباك مع العدو
إلا مرغمين .. إعتادوا على الراحة فلم يواجهون أي خطر منذ سنوات طويلة
هواء بارد وأشجار مثمرة ومساحات شاسعة من الزهور النادرة تلك ممكلة
الزهور وأميرتهم تحب التنزه بينها..
زارها ضيوف غرباء ذات يوم بعد ضيافتهم وأغروها بنزهة معهم فقبلت الأميرة
جمان ولم تأبه لتحذير مارية زوجة قائدالجند يعرُب بعدم الابتعاد والذهاب
مع أولئك القوم فخرجت معهم
أحس يعرب بالخطر فأرسل رسالته إلى الأمير المجاور لهم بأرض الغرام
وربطها برجل الحمام الزاجل تأهبا لأي ضرر وكان يدعى الوحش
قد سمع به من صفات الشهامة والكرم والنبل فارسا لايهزم بالمعارك ..
وشرح له ماصار وغياب أميرتهم الجمان عن القصر ..
وليس معه سوى جنود رغم جمال أخلاقهم وقلوبهم ..إلا أنهم اعتادوا
على الراحة فكتب يعرب للأمير الوحش نحن بحاجة إليك وفرسانك
لأني قد فشلت في تدريب جنودي ياسيدي فهم حمقى
لايثيرون إلا نوبات من الضحك
ضحك الأمير الوحش مماكتبه يعرب وكتب الرد برسالته برجل الطائر ليعود
بها إلى المرسل وطلب من بعض رجاله البواسل بالتقدم قبله وأخذ
أسلحتهم وليلتزموا بتوجيهات يعرب عند مقابلته ..
سلك الوحش طريقا أخر بجواده الأصيل السريع لأول مرة يستكشف
وتحسبا بأن تكون الأميرة قد سكلت تلك الصحراء
الأميرة جمان كانت فعلا بنفس الطريق وقد مضى اليوم وقد شعرت بغدر
الطائفة التي ذهبت معهم فتركتهم منذ البداية تذكرت كلام مارية ..
حاولت العودة لمملكتها لكنها بقيت حزينة ضلت الطريق
استلقى الوحش تحت شجرة لبضع الوقت وربط جواده وهو ظمآن
ينظر من بعيد فإذا بالجمان تقترب من مكانه
ويسأل نفسه : هل هي ذي ؟
ولم يعلم أنه بقرب البئر القريب من أرض الغرام التي يحكمها
ويحفظ كل شبر حولها فقد أعياه الظمأ ماعاد يركز بتفكيره
شابان إمرأة ورجل لايعرفان بعضهما بوسط الصحراء واختفى الناس
بقي يسيران بتلك الصحراء لازرع فيها ولاماء كان يربطهما فقط الأمل
بوجود نبع ماء أو واحة بدلا من هذا التيه ليروي كلن ظمأه ويذهب
من حيث أتى فقد ظل كل منهما طريقه !
إقترب الإثنان فنظرت إليه فإذا به شابا وسيما طويل القامة
ونظر إليها كانت فاتنة الجمال متوسطة الطول رشيقة القوام ضحك
الوحش بتبلد ليقول من أين جئتي ؟
فردت عليه جمان : وكيف لي أن أصدق بأنك بشر ربما جني
فرد عليها مازحا كذلك أنتي ربما جنية ههه
فمشت عنه مسافة وهو ينظر حوله لمكان أخر ..يفكر
فسمع صوتها عاليا تصرخ بئر ماااء ماااء بينما هي تنظر في البئر العميق
جاء يركض مسرعا حتى سقط وأسقطها بالبئر متزحلقان بالصخور الملساء
الناعمة إلى العمق ..
شرب الأمير الوحش واستلقى على تلك
الصخور شيئ منها مسطح مبتسم الثغر ينظر لتلك الأميرة الغاضبة ..
ارتوت الأميرة وقالت له : ماذا فعلت الآن وكيف سنخرج من هنا ؟
قال لها : وماشأني بك أمامك الفوهة العليا للبئر الاترين السماء
أخرجي أم توهمتي أني سأساعدك أو مغرم بك ؟
فردت عليه : ولماذا تفكيرك هكذا لم أنا أقل شيئ كهذا ؟
ضحك ضحكة قصيرة وهي تنظر إليه بغرابة لم تفهم أنها وقعت في نبع
نهر عذب والأحجار شبه متوازية مختلفة الألوان كالسلم
إلى أعلى وأمر الصعود سهلا تخيلت الأمر صعب وأن قلب هذا الرجل
متحجر لايلين وليس لها حيلة .. ولم تكتشف الممر المؤدي
لأرض الغرام وكان الوحش لم يفصح لها عن شيئ
غفل عنها الأمير وكأنه نام فقالت : يجب أن أخرج وأترك هذا المتوحش
لحاله .. حاولت تتعلق بالصخور شيئ فشيئ فجرها من قدمها
فوقعت بين يديه أشفق عليها لكي لاتتألم وأنزلها براحة من
علو الصخرة الأولى
قالت له : أنت لاتريد الخروج وترى المكان رائع لماذا لاتتركني أخرج
من المأزق الذي أوقعتني فيه .. فلم يكن منه أيضا إلا أنه يبتسم
ويستهزء بها ويقول : أنتي سبب العطش والمشاكل التي نحن بها
وماعادت لتطيق الوضع .. معه
فأردف قائلا : السماء والشمس أشعتها تدخل البئر والماء بقربي
والجو رائع هنا ولو خرجتي لن تجدي إلا صحراء تسيرين فيها بحثا
عن الماء مرة أخرى أو قومك أو واحة تصلين إليها في الأحلاااام ..
قالت : بينما هي مغتاظة منه قالت عزيزي افهم إما أن تخرج
وتساعدني أو أخرج أنا وأساعدك
رد عليها ساخرا : ههه لو أردت لخرجت
قالت له : تبا لك حاولت أن تصعد على الحجارة فشدها مرة أخرى
سقطت بين ذراعيه فردت غاضبة : أيها الأحمق ألمتني هذه المرة
طالما لاتحتاجني دعني وشأني إذن
قال لها سأخرج : ظل يصعد بطريقة توحي لها أن الأمر شاق بينما سهل
بالنسبة له ظل يصعد حتى خرج وتركها داخل البئر
المسكينة كانت تنظر له وقلبها يتحطم غاضبة منه تصرخ أيها المجنون
أنت لست إنسان ..
فرد عليها من العلية : أنا ذاهب أنا وحش
غاب عنها وقتا فكانت تبكي وتحاول الصعود فتفشل في الخروج للعلية
استسلمت وهي تبكي لافائدة سأموت هنا
نظرت بكل مكان كان يجلس فيه الوحش كأنها تفتقده وحيدة تصرخ بكلمات
أنت أنت لاتعرف اسمه ؟
لم تعلم أنه لم يذهب بعيدا فنظر إليها في عمق البئر من العلو ففرحت
به فرحة لاتوصف لعله رق قلبه ويساعدها فهو الأمل بالنسبة لها الآن
لكنه أوقع حاله في البئر مرة أخرى وهو يضحك هههه
قالت : لا .. لااااا اطيق هذه المأساة
فرد عليها : أبشري إنما جئت لأنقذك تمسكي بي جيدا
كان يمسكها بيده اليسرى بينما يصعد باليمنى فلما كانت بقرب
كتفه قال لها : لاتظني نفسك الأميرة يامغرورة
سكتت وهي تلاطفه حسنا بينما ممتلئة غضبا عليه وبداخلها
لو توسعه ضربا مبرحا وتردد بنفسها أنت المغرور
فخرجا الإثنان من البئر وشكرته حتى ابتعدت بضع خطوات عن المكان
ظلت تمشي لحالها وتسأل لايوجد أحدغريبة لايأتي ورائها ؟
أين أختفى ؟ فعادت أدراجها نحو المكان الذي كانا فيه
أمعنت النظر فإذا بواحة كانت تظنها سراب وأصوات العصافير وأشجار
كثيرة منها كروم العنب فعاد إليها أتعجبك هذه الأرض قالت : نعم
فإني أشم شذى الزهور تفوح منها .. تذكرني بمملكتي
قال لها : إنها واحة ليست سراب لاتدخليها
قالت : لماذا قال إنها أرض الغرام
ولكنك قد دخلتيها الآن .. !
فإذا بمارية ويعرب مقبلان يقتربان منهما كانا ضيوفا عند
قوم الأمير وإلتقى الجمع فرحب الوحش بيعرب وزوجته ماريه ..
أذهلت الأميرة متعجبة قالت : أتعرفون بعضكم
فحكوا لها كيف عرفوا الوحش أمير أرض الغرام ..
قالت جمان : هذا يكون أميرا إذن إنه وحش حقاً .. ابتسم الجميع
وسار بهم الوحش إلى قصره ..
جهز قوم الأمير مائدة كبيرة استعداد لحفل العشاء عليها كل أصناف
الطعام وكل مالذ وطاب من طعام و شراب العنب .. قرع قومه الطبول
وفرحت النساء بوجود الأميرة الجميلة جمان بينهم وسرها استقبالهن
لها بحفاوة
لاحظ يعرب نظرات الإعجاب بالأمير الوحش لأميرته جمان
فاقترب منه هامسا بإذنه إن جميلتنا لم تتزوج بعد
وإن نظراتك إليها تخجلها وكأنها أملك بالحياة لاغير .. فهيا لنواجهها
وسارا إليها فتلعثم الوحش وهو يقول هل تقبلين ؟
فردت عليه : أقبل ماذا ؟
قال هل تقبلين يعرُب .. فضحكت جمان
وقالت أيها الأبله ماذا أقبل بيعرب .. ؟
فرد عليها : أقصد هل تقبلين بي قالت : نعم ففرح الجميع بموعد
للفرحة وتمهيد الطريق بين مملكة الزهور وأرض الغرام وتوحد الشمل