همس للخيمة الرمضانية | مدونة القران الكريم همس للخيمة الرمضانية
| |
4 - 8 - 2014, 10:15 PM
| | عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من
اجل منتديات شبكة همس الشوق يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا . |
5 - 8 - 2014, 04:28 AM
|
#2 | | عضويتي
» 2702 | جيت فيذا
» 15 - 12 - 2012 | آخر حضور
» 2 - 11 - 2014 (08:40 PM) |
فترةالاقامة »
4395يوم
| مواضيعي » 203 | الردود » 4733 | عدد المشاركات » 4,936 | نقاط التقييم » 145 |
ابحث عن » مواضيعي ❤
ردودي | تلقيت إعجاب » 0 | الاعجابات المرسلة » 0 |
المستوى » $51 [] |
حاليآ في » | دولتي الحبيبه » | جنسي » | العمر »
سنة
| الحالة الاجتماعية » | مشروبى المفضل » | الشوكولاته المفضله » | قناتك المفضلة » | ناديك المفضل » | سيارتي المفضله » | |
رد: مدونة القران الكريم
الاعجاز البلاغي في القران
الاعجاز هو اثبات عدم القدرة , او القصور عن فعل الشىء . وهو امر خارق للعادة , مقرون بالتحدى سالم عن المعارضة , غير مااعتاد عليه الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية . فلا يمكن لاحد ان يعارض هذا الامر ولايستطيع ان بأتى بمثله . لقد نزل القران الكريم باللغة العربية لاثبات عظمة هذه اللغة وبلاغتها وقد اهتم المسلمون بوجه من اوجه اعجاز القران وهو لبلاغته حيث نزل بلسان ولغة العرب فى وقت كانوا فيه اصحاب الكلام وارباب القلم فوجدوا فيه مالا يستطيعون مجاراته . قال الدكتور اندرى رومان استاذ اللغويات العربية بكلية الاداب بجامعة اكس سان برفانس ( بحكم تخصصى فى اللغة العربية ومعرفتى الطويلة بها ومعاشرتى لها وتعمقى فى دراستها وتدريسها والاتصال بأهم مصادرها ومتابعتها ومعرفتى للغات الاخرى فان الانصاف العلمى يفرض على ان اقول فى بداية محاضرتى ان اللغة العربية هى اعظم لغة فى العالم لما امتازت به من ثراء واسع وتنوع رائع ومرونة كبيرة ومبادىء تطورية عظيمة وقاعدة علمية متقنة الى غير ذلك من الخصائص والمميزات التى تجعل اللغة العربية فى مقدمة اللغات العلمية بل انها اعظمها على الاطلاق ولا اقول لكم هذا بدافع المجاملة وانما هى الحقيقة العلمية المجردة وقد كتب لهذه اللغة الخلود والانتشار اذ اصبحت لغة الدين فحينما حل الدين حلت معه اللغة العربية )
انزل الله على نبيه القران الكريم , وهو نبى امى لايقرأ ولايكتب , فسمعه كل من قرأ وكتب , ومن قال الشعر اصحاب المعلقات والفصاحة والبلاغة , وادرك ان هذا الكلام ليس من صنع البشر , وليس بمقدور احد ان يأتى بمثله مهما اوتى من قوة الكلم . وقد دارت افتراضات كثيرة من مشركى العرب حول القران الكريم , افترضوا ان يكون احد من الناس علم النبى , فقالوا لقد علمه غلام رومى اعجمى يشتغل فى مكة (قينا ) يعنى حدادا , فرد عليهم القران ففند اقوالهم . قال تعالى (لسان الذى يلحدون اليه اعجمى وهذا لسان عربى مبين ) النحل 3-1 وهكذا فأنت ترى ان معجزة كل نبى كانت من جنس مابرع فيه قومه , فقد اشتهر موسى بالسحر وهو ليس بساحر , وكذلك اشتهر المسيح بالطب وشفاء المرضى واحياء الموتى , ولم يكن طبيبا , وكذلك كان النبى محمد اميا يتحدى كل متعلم وبارع فى الكلام , والشعراء , جاءهم بالقران واذهلوا , وعلموا ان مايقوله ليس من كلام البشر . قال محمد بن جرير الطبرى . ان الامى عند العرب هو الذى لايكتب نسبه امه , لان الكتاب كان من الرجال دون النساء , فنسب من لايكتب ولايخط من الرجال الى امه فى جهله بالكتابة دون ابيه , فقد قال النبى عن نفسه (انا امية لاتكتب ولاتحسب ). ويقول الرافعى (مااشبه القران الكريم فى تركيب اعجازه واعجاز تركيبه بصورة كلامية , من نظام هذا الكون الذى اكتنفه العلماء من كل جهة , وتعاوره من كل ناحية , واخلقوا جوانبه بحثا وتفتيشا , ثم هو بعد لايزال عندهم على كل ذلك خلقا جديدا وامرا بعيدا )ومن اهم اعجاز القران ذكرها العلماء بالتفصيل
(1) ايجازه . بحيث ترد المعانى الكثيرة فى كلمات قليلة ، مثل قوله تعالى (وقل ياارض ابلعى ماءك وياسماء اقلعى وغيض الماء وقضى الامر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين ) هود 44
(2) ومن اعجازه احتوائه على شتى العلوم لايحيط بها بشر فى ذلك العصر , وكان اثباتا ودليلا قويا على انه من عند الله المحيط بكل شىء علما .
(3) ومن اعجازه ماتضمنه من علم الغيب بأخبار المستقبل ومايكون ، كقوله لقريش (فأن لم تفعلوا ولن تفعلوا ) البقرة 24 , او كقوله (سيهزم الجمع ويولون الدبر )القمر 45 , وكان ذلك فى يوم بدر , وكقوله تعالى (ان الى فرض عليك القران لرادك الى معاد ) القصص 85 . فأعاده الله الى مكة عام الفتح .
( 4) ومن اعجازه كما ذكرنا سابق هو بلاغته التى وصلت الى مرتبة لم يعهد لها مثيل , والمخالف لما عهد عليه العرب فى كلامهم وبلاغتهم المعهودة .
(5) ومن اعجازه عجز الامم جميعا عن معارضته . فقد ذهب البعض الى ان الله صرف العرب عن معارضة القران مع قدرتهم عليها , فكان هذا الصرف او المنع خارقا للعادة .
وقد اتفق البحاث من العرب والمستشرقين على ان القران فى درجة من البلاغة لم يعهد مثلها فى تركيب اللغة وتقصر عنها درجات البلاغة حتى انه حير عقول بلغاء العرب وفطاحل اللغة واثبت لهم ان القران كلام الله تأليفه العجيب واسلوبه الغريب وكمال ربط الايات كما ادهشهم سلامة التركيب وسلامة الترتيب فلا هو بالشعر ولا هو بالنثر وليس من جنس خطب الخطباء او شعر الشعراء ولا هو سحر ساحر وقد اهدى القران الى اللغة العربية لونا طريفا من الابداع لم يكن معروفا قبله الا وهو تكرار بعض الايات ومن ادلة اعجاز القران البلاغى انه فى اغلب المواضع يأتى بلفظ يسير يعبر عن معنى كبير فمثلا (ولكم فى القصاص حياة ) الفاظ يسيرة ذات معان كثيرة ببلاغة غير منتهية الحد. اثبت البحاث من المشتغلين با للغة العربية ان فى القران موسيقا يحس بها المستمع هذه الموسيقا تتمثل فى مقاطعة وفواصله ويقول المختصون ان زيادة حرف او حذف حرف فى بعض الفاظ القران انما يهدف الى المحافظة على الموسيقا ويحرص على النغم الصوتى. والقران معجزة الالهية كلما مر عليها الزمن ظهر للعالم مدى روعة مااشتمله عليه من الاعجاز وكما قلنا فهو فى الدرجة العالية من البلاغة التى لم يعهد مثلها عند العرب ، وتقاصرت عنها درجات بلاغتهم حتى تحيرت فيه عقول العرب ، وهم ارباب الفصاحة. ومن اعجازه ان قارئه لايسأمه وسامعه لايمجه بل تكراره يوجب زيادة محبته ، وانه سهل الحفظ على متعلميه . فقد يسره الله للحفظ ، ويحوى القران اصول الدين والدنيا ، وفيه علوم ظلت خافية حتى اوضح معناها العلم الحديث . وقد تنبأ بأخبار وحوادث كثيرة تحققت بعده . كما اتى بأخبار فى العصر الحديث صحة مااتى به.
ويكفى ان نورد بعض اراء علماء الغرب ومفكريه فى القران الكريم . يقول الدكتور الفرنسى موريس بوكاى ( ان القران افضل كتاب اخرجته العناية الازلية لبنى البشر ، وانه كتاب لاريب فيه ) ويقول هنرى دى كاسترى ( ان القران يستولى على الافكار ويخذ بمجامع القلوب ، ولقد نزل على محمد دليلا على صدق رسالته ) ويقول واشنطن ايروينج ( يحوى القران اسمى المبادىء واكثرها فائدة واخلاصا )ويقول جوتة ( ان تعاليم القران عملية ومطابقة للحاجات الفكرية ) ويستمر قائلا ( ان اسلوب القران فى فحواه وهدفه قوى كبير خصب ومتسامى فى كثير من الاحوال فهكذا فلا عجب ان يكون محل دهشة واعجاب الكثيرين . وان هذا الكتاب كلما قرأناه كلما انجذبنا اليه واثار دهشتنا وفى النهاية خلق فينا احتراما وتقديرا ) . ويقول ليون (حب القران جلالة ومجدا ان الاربعة عشرا قرنا التى مرت عليه لم تستطع ان تخفف ولو بعض الشىء من اسلوبه الذى لايزال غضا كأن عهده با لوجود امس )ويقول الكس لوازون ( خلف محمد للعالم كتابا هو اية البلاغة وسجل الاخلاق وهو كتاب مقدس وليس بين المسائل العلمية المكتشفة حديثا او المكتشفات الحديثة مسألة تتعارض مع الاسس الاسلامية فالانسجام تام بين تعاليم القران والقوانين الطبيعية )ويقول جيمس متشنر ( لعل القران هو اكثر الكتب التى تقرأ فى العالم وهو بكل تأكيد ايسرها حفظا واشدها اثرا فى الحياة اليومية لمن يؤمن به فليس طويلا كالعهد القديم وهو مكتوب بأسلوب رفيع اقرب الى الشعر منه الى النثر ومن مزاياه ان القلوب تخشع عند سماعه وتزداد ايمانا وسمووا واوزانه ومقاطعه كثيرا ماقورنت بدقات الطبول واصداء الطبيعة والاغانى المعروفة فى الجماعات القديمة.
ومن الملاحظ ان القران يتسم بطابع عملى فيما يتعلق با لمعاملات بين الناس وهذا التوفيق بين عبادة الاله الواحد وبين التعاليم العملية جعل القران كتابا فريدا ووحدة متماسكة ) . لقد حقق القران معجزة لاتستطيع اعظم المجاميع العلمية ان تقوم بها ذلك انه مكن للغة العربية فى الارض بحيث لوعاد احد اصحاب رسول الله الينا اليوم لكان ميسورا له ان يتفاهم تمام التفاهم مع المتعلمين من اهل اللغة العربية بل لما وجد صعوبة تذكر بالتخاطب مع الشعوب الناطقة بالضاد. وهذا عكس مايجده مثلا احد معاصرى رابيليه من اهل القرن الخامس عشر الذى هو اقرب الينا من عصر القران من الصعوبة فى مخاطبة العديد الاكبر من فرنسيين اليوم. وان لغة القران وان كانت تمت فى اصولها الى عصور بعيدة قديمة فهى مرنة طيعة تسع التعبير عن كل مايجد من المستكشفات والمخترعات الحديثة دون ان تفقد شيئا من رونقها وسلامتها. هذا ماذكره ايته دينيه فى كتابه (اشعة خاصة بنور الاسلام ) .لانريد هنا ان نطيل الكلام فى اقوال المفكرين والمستشريقن لان محاولة كهذا تحتاج الى مجلدات كثيرة والبحث عن مصادر متنوعة ليس من السهل الحصول عليها ودراستها واقتباس مانحتاجه منها.
ان القران بما اشتمل عليه من هذه المعجزات الكثيرة قد كتب له الخلود فلم يذهب بذهاب الايام ولم يمت بموت الرسول ومن هذا يظهر الفرق جليا بين معجزات محمد فى القران الكريم ومعجزات اخوانه الانبياء فمعجزات محمد فى القران فانها خالدة منذ نزول القران على محمد والى المستقبل حتى تتحقق باقى وعوده وتنباته اما معجزات سائر الرسل والانبياء فمحدودة العدد وقصيرة الامد ذهبت بذهاب زمانهم وماتت بموتهم ولكى نعلم حكمة الله البالغة فى نزول القران على محمد وباللغة العربية لكى يكون هو خاتمة الاديان والشرائع. وكان من اسرار الاعجاز فيه بلوغه من الفصاحة والبيان مبلغا يعجز الخلق اجمعين الاتيان بمثله . وكانت اللغة العربية دون غيرها من اللغات هى التى صيغت بها هذه المعجزة لان اللغة العربية حين مبعث الرسول كانت قد بلغت لدى العرب اوج عظمتها من الاعتناء بها والاعتزاز بها وبالنابغين بها فلما نزل القران لم يسع العربى المتمهر فى لغته الا ان يلقى السلاح من يده ويخضع لسلطان هذا التنزيل وبلاغته ويدين له ويؤمن به عن ادراك ووجدان بعد ان ذاق حلاوته ولمس اعجازه وما فيه من انسجام ووحدة ترابط واعترف العرب ان هذا الذكر الحكيم لايمكن ان يكون كلام مخلوق من البشر انما هو تنزيل من الله تعالى.ولقد نزل القران على امه العرب وهم مطبوعون على اللغة الفصحى منقطعون لاحيائها وترقيتها وكان العرب يقدسون لغتهم العربية وكانوا يقيمون المعارض العامة للتفاخر والتفاضل بفصح الكلام والشعر.. وكانت الفصاحة والبلاغة هى التى تسيطر على عقول خاصتهم وعامتهم فعلمهم وثقافتهم هى الشعر والخطابة حتى كهنتهم كانوا يستقطبون الناس بسجعهم الفصيح. فكانت ايته لهؤلاء القوم هى فصاحة القران الذى عجز عن الاتيان بمثله خطباؤهم وشعراؤهم وكهنتهم .
لقد كان العربى يصاب بذهول عندما يسمع القران ، ويشعر ان اسلوبه فوق امكانات البشر. وقد جاءت الايات القرانية مبسطة لعقول الناس فى ذلك العصر فامنوا بالقران الكريم انه من عند الله. وتقول الدكتورة لورا فاجليرى الاستاذة بمعهد الدراسات الشرقية بميلانو ( ومعجزة الاسلام الاولى هى القران الذى ينقل لنا اخبارا مقطوعا بصحتها فهو كتاب لايمكن تقليده ويعتبر جامعا شاملا واسلوبه اصلى ليس له مثال فى تاريخ الادب العربى كله فى الفترة السابقة على الاسلام ، ونرى اياته وقد تساوت فى بلاغتها حتى عندما نتحدث فى موضوعات كالاوامر والنواهى التى تؤثر عادة فى نغمة الصياغة اللغوية ) وثم تستمر قائلة ( ان العمق وحلاوة الاسلوب قيم لاتلتقى فى العادة ولكنها التقت فى القران الذى وجدت فيه كل الصيغ البلاغية مجالا لتطبيقها تطبيقا سليما. فكيف كان يمكن لهذا الكتاب الرائع ان يكون من عمل محمد العربى الامى )
هناك بعض العلمانيين والملحدين فى العصر الحاضر يقولون ان اعجاز القران للعرب لايدل على ان القران كلام الله بل هو كلام محمد نسبه الى ربه ليستمد قدسيته من هذا النسبة واعجازه جاء من ناحية ان محمدا كان الفرد الكامل فى بيانه بين قومه لذلك جاء قرانه الفرد الكامل ايضا بين ماجاء به قومه ولم يستطيعوا لهذا الاعتبار وحده ان يأتوا بمثله شأن الرجل الفذ بين اقرانه فى كل عصر ويقول الكاتب حسن حنفى فى كتابه (الاسلام والحداثة ) يظن الكثيرون ان كلام الله وكلام البشر نقيضان هذا وحى يوحى وهذا صنع بشرى والحقيقة غير ذلك فقد تداخل كلام البشر فى اصل الوحى (القران ) وهل الايمان يتحدد بقدر اثبات هذا التناقض ؟ نفى البشرية عن كلام الله ونفى الالهية عن كلام الانسان. ونحن نرد عليه قائلين: ان كل من اوتى حظا من حس البيان وذوق البلاغة وصناعة الكلام يفرق بين اسلوب القران واسلوب الحديث النبوى فرقا كبيرا يمثل الفرق بين مقدور الخالق ومقدور المخلوق.
فقد زعم المستشرق مايور ان اهل البدو كانوا كثيرين الاهتمام بتعلم البلاغة وطلاقة اللسان فلا يبعد ان النبى محمد (ص) مارس هذا الفن حتى نبغ فيه. فهذا يعطينا صورة عن موازين البحث عند هؤلاء المستشرقين فالمسألة عنده تقوم وببساطة على استنتاج وهمى وبدون وقائع علمية ثابتة من امر لم يقع فلا العرب كانوا يتعلمون البلاغة ولاكانت لها مدارس واساتذة يضعون قواعدها ولا النبى عرف عنه قبل النبوة فعل ذلك وليس هناك نص واحد يثبت صدق دعواه الظالة بل ان المؤكد ان الرسول لم ينقل عنه نثر او شعر قبل النبوة ونزول القران عليه. ولو كان لهذه الشبهة شىء من الوجاهه لكان اولى الناس ان يرفعوا اتهامهم بها هم اولئك العرب الخلصاء الذين خاطبهم القران فى عصرهم لانهم كانوا احرص على تعجيز محمد واسكاته لكنهم لم يفعلوا ذلك بسبب ادراكهم ويقينهم بظهور المميزات الفائقة بكلام الربوبية عن كلام النبوة لان القران الكريم دخل عليهم من اوسع الابواب وهو طريق الفصاحة والبلاغة العربية وتحداهم من الناحية التى نبغوا فيها العرب وهى صناعة الكلام. ومع ان هؤلاء الذين كانت لديهم القدرة على التعبير ببلاغة كبيرة كانوا كثيرين بين العرب فلم يستطع اى منهم انتاج شىء تمكن مقارنته بالقران لقد حاربوا الرسول بسواعدهم ولكنهم فشلوا تماما فى مبارعة روعة القران.
ولهذه الاسباب كلها لايمكن ان يكون القران من عمل رجل امى قضى كل حياته وسط مجتمع جاهلى.لنقرأ قصة الغرانيق التى تتهم النبى محمد انه ساير المشركين وزاد فى القران من عنده الى غير ذلك من الادعات . ولو كان القران مصدره محمد كما يدعى هؤلاء الملاحدة لامكن هؤلاء العرب البارزين فى البيان ان يعرفوا انه كلامه وهم فرسان ذلك الميدان وائمة الفصاحة والبيان وثم لو كان مصدره نفس محمد لكان من الفخر له ان ينسبه الى نفسه ولاْمكن ان يدعى به الالوهية فضلا عن النبوة ولكان مقدسا فى نظر الناس وهو اله اكثر من قداسته فى نظرهم وهو نبى. وثم ان مضامين القران ومعجزاته العلمية وانبائه الغيبية تبعد هذه الشبهه حول محمد فمن اين له هذا العلم الكامل وهو الرجل الامى الذى عاش فى اظلم عهود الجاهلية؟ هل اخذه من الراهب بحيرا ؟؟ ويقولون ايضا ان محمدا كان له ضربان من الكلام احدهما يعتنى به كل العناية بتهذيبه وتنميقه وتحضيره وذلك هو ماسماه بالقران ونسبه الى الله وثانيهما يرسله ارسالا غير منمق وغير معنى بتحضيره وتحريره وهو المسمى بالحديث النبوى. فهل كان محمد كاذبا على قومه وهو الذى اشتهر بينهم بانه الصادق الامين؟ لقد كان العرب انذاك اميين لايعرفون القراءة ولايحذقون الخط وترجع هذه الامية السائدة فيهم الى غلبة البداوة عليهم وبعدهم عن اسباب الحضارة وعدم اتصالهم بالمتحضرين انذاك الفرس والروم.
وقد نزل القران الكريم على الرسول والعرب فى حالة جهالة مطلقة . ففى تاريخ اليعقوبى (دخل الاسلام وليس فى قريش سوى سبعة عشر رجلا يكتبون وكان منهم جلة الصحابة وبضع نساء . وليس فى جميع اليمن من يقرأ ويكتب واهم علومهم الشعر كانوا يقيمونه مقام الحكمة وكثير العلم ) هكذا كانت حالة العرب قبل الاسلام ونزول القران وكانت الامية منتشرة بينهم جعلت المرء منهم لايعول الا على حافظته وذاكرته فيما يهمه حفظه وذكره فىالصدور. والعرب كانوا امة يضرب بها المثل فى الذكاء وقوة الحفظ وصفاء الطبع حتى كان الرجل منهم يحفظ مايسمعه لاول مرة مهما طال وكثر وان رؤوسهم كانت دواوين شعرهم وصدورهم كانت سجل انسابهم وكتاب وقائعهم وايامهم كل ذلك كان قبل الاسلام بعيدين عن الترف ولاانفاق جهد او وقت فى الكماليات وعندما نزل القران ببلاغته التى فاقت كل بيان واسكت كل معارض ومكابر وهذه البلاغة هى المعجزة من الله لنبيه محمد وتأيدا له.
وقد اخرس القران فى اشراقه وبراعته وجزالة الفاظه وسمو معانيه وهدايته كل متكبر فهذا القران كتاب الله ينطق علينا بالحق ويتحدى بأعجازه كافة الخلق. ان بوسع اى باحث موضوعى متحرر من العصبية وتيارات التقاليد والبيئة ان يرجع فيدرس حياة محمد قبل النبوة وبعدها وان يتعرف على القران من حيث صياغته اللفظية والمعانى التى تضمنها ليدرك بشكل قاطع ان القران ليس من تأليف محمد وكلامه لامن حيث الصياغة اللفظية ولامن حيث المضمون والمعانى ان نظرة سريعة الى ايات العتاب بل ايات التأنيب الشديدة الوجهه الى محمد فى القران تجعل افتراض كون القران من تاليف محمد ووضعه اضحوكة عابثة لايقبلها عقل فكيف اذا وقفت على تلك الايات الاخرى التى تخطىء محمد فى بعض اجتهاداته وترشده الى الصواب المخالف لرايه او التى تتحدث عن انباء تتعلق بماض سحيق ماكان يعلمها لاهو ولا قومه من قبل او التى تتناول قوانين علمية لم يكن الانسان العربى انذاك فى حالة تمكنه من معرفتها والاطلاع عليها.
الفرق بين اسلوب القران والحديث
فى الاسلام مصدران اساسيان هما القران الكريم ، والسنة النبوية يمثلان معا الالهام والخبرة والفكرة والحياة والتفكير والممارسة. والاسلام طريقة حياة اكثر منه طريقة تفكير وتشير جميع التفاسير القرانية الى انه بدون السنة النبوية اى بدون حياة النبى وسيرته واعماله يتعسر فهم القران فهما صحيحا. انه فقط من خلال فهمنا لحياة الرسول يعرض الاسلام نفسه كفلسفة عملية او خطة شاملة للحياة كلها.
فالقران الكريم هو التشريع الاول والدستور الجامع لخير الدنيا والاخرة والقانون المنظم لعلاقة الانسان بالله وعلاقته بالمجتمع الذى يعيش فيه ، ثم السنة هى الاصل الثانى للتشريع وهى شارحة للقران الكريم مفصلة لمجمله مبينة لمبهمه مظهر لاسراره ، حيث ارتبط كثير من كلام الله ورسوله فيها وحديثها عنها واجابتهما عليها ، وبذلك يتمكن الوحى الالهى والكلام النبوى فى شرح امور الدين ، حيث ان القران فى كثير من الاحيان يساير الحوادث والطوارىء فى حال وقوعها ، ويجيب السائلين على اسئلتهم او يفصل فى مشكلة قامت ويقضى على فتنة وقعت ، او يلفت القران انظار المسلمين الى تصحيح اغلاطهم التى وقعوا فيها . وقد اقترن القران بالاعجاز ، واقترنت بعض الاحاديث النبوية بأمور الدين وشرح معانيها ، واقترن بعضها بمعجزات خارقة ، وهناك احاديث كثيرة حول معجزات الرسول وتنبؤاته حول بعض الوقائع التى سوف تحدث بالمستقبل . كثير من الاحاديث النبوية الشريفة حيث يختلف اسلوبها من حيث البلاغة وجودته وروعته عن اسلوب القران الكريم ، وكل من له المام وذوق فى البيان العربى سيجد المدى البعيد بين اسلوبى القران والحديث ، وليؤمن عن صدق ووجدان بان اسلوب التنزيل اعلى واجل من اسلوب الاحاديث النبوية علوا خارقا للعادة ، خارجا عن محيط الطاقة البشرية
ولقد كان هؤلاء العرب يعرفون نبى الاسلام ، ويعرفون مقدرته الكلامية من قبل ان يوحى اليه ، لم يخطر ببال منصف منهم ان يقول ان هذا القران كلام محمد ، وذلك لما يرى من المفارقات الواضحة بين لغه القران ولغة الرسول . وان محمد لم يعرف فى نشأته بينهم بالخطابة ولا بالكتابة ولا بالشعر ، ولم يؤثر انه شاركهم فى معارضهم واسواقهم العامة التى كانوا يقيمونها للتسابق فى البيان والشعر ، بل كان زاهدا فى الظهور ميالا الى العزلة وكل ما اشتهر به قبل النبوة انه كان صادقا ولم يكذب امينا ولم يخن عالى الاخلاق كثير الحياء ومتواضع. فهل يعقل ان هذا الانسان الكامل يتورع عن الكذب على الناس فى حياه وشبابه ثم يجىء فى سن الشيخوخة فيكذب افظع الكذب على الله ؟..
وثم وجود هذه الحقائق العلمية الموجودة فى القران من المستحيل على الانسان ان يتوصل الى معرفتها الا بالاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة ، مع معرفة مسبقة لركام من الحقائق الاولية التى يستحيل معرفتها بدونها. وعندما ياتى انسان امى من امة امية ، وقبل اربعة عشر قرنا وهم لايملكون من الوسائل العلمية اى شىء ، ولايعرفون الحقائق الاولية التى يجب الاستناد عليها لادراك المواضيع التى جاء بها. عندما ياتى هذا الانسان ويورد هذه الحقائق فان اى عاقل فى الوجود لايستطيع ان يفرد هذا الامر الا الى قوى خارقة تعلو على الامكانيات البشرية ولن نجد لها اى تفسير الا انها وحى من لدن عليم خبير.
وان هذا الايات انما هى معجزات اعطاها الله رسوله لتكون برهانا على ان ماجاء به هو الحق. اذا لو كانت من عنده لاتى بما يتفق مع معتقدات الناس من حوله او لاتى بشىء لايخرج عن الاطار الفكرى لذلك العصر فهل كان فى زمن الرسول وقبله وبعده احد عنده ذلك العلم؟ كلا انهم كانوا يجهلون كل هذه الاشياء الا بعض فرضيات يشوبها الكثير من الخرافة. والبيئة التى كان يعيش فيها العرب قبل الاسلام صحراء جرداء قليلة المياة وان مثل هذه البيئة تجعل الشعوب التى تعيش فيها بمعزل عن ركب الحضارة فهل يمكن ان ينتشر العلم فى بيئة هذه ظروفها الطبيعية فكيف يستوعبون العرب العلم وقد غلبت عليهم البداوة والتنقل من مكان الى اخر. وهكذا لم يكن للعرب فى الجاهلية اى اثر للعلم عندهم بل كان الجهل فاشيا فيهم والامية منتشرة وكانت الخرافات والاساطير منتشرة بينهم واكثر كتب التاريخ تروى لنا هذه الاساطير التى كانت منتشرة بين العرب. ويقول البلاذرى فى كتابه فتوح البلدان فيقول ( ان الاسلام دخل وفى قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب ) فكيف اذن ينتشر العلم فى مثل هذه البيئة؟ فكيف يكون للعرب فى الجاهلية نهضة علمية وهم لايعرفون القراءة ولا الكتابة ؟ قال الله فى محكم كتابه (هو الذى بعث فى الاميين رسولا منهم يتلو عليهم ايته ويزكيهم ويعلمهم الكتب والحكمة وان كانوا من قبل لفى ضلل مبين )
لقد امتزج القران بالبلاغة والفصاحة والعلوم الكونية وقد فسر القران وبسط المعارف الكونية لمسايرة افكار الناس البسيطة تفسيرا بسيطا يشبع حاجاتهم من الثقافة العلمية فى ذلك العصر الذى انزل فيه القران الكريم. وقد ادرك الناس فى مايحتويه القران من اعجاز علمى لم يكن مكشوفا لهم سابقا من ناحية مايحويه او يرمز اليه من علوم الكون والاجتماع وهذه العلوم الكونية التى جاء بها القران كشف للناس بأن ليس هناك عداوة بين العلم والدين منذ ان انزل القران على النبى وكان هدف القران مستقبلا هو استمالة غير المسلمين الى الاسلام من هذا الطريق العلمى الذى يخضعون له دون سواه فى هذه الايام.
وهذه الايات العلمية التى تكتشف الان فى القران وتتحقق على ارض الواقع تثبت على انه كلام الله سبحانه وتعالى والايمان به لانه كتاب الساعة ودستور الناس القيم الى يوم القيامة يصلح لكل زمان ومكان وانه كتاب غنى بكل مايحتاجه اليه البشر من الوان السعادة نعود ونقول مرة اخرى ان العرب فى عهد نزول القران كانوا يجهلون جهلا تاما المشاكل الكونية لان الرسول لم يركز عليها وثم ان الانسانية وحضارتها فى ذلك العصر يجهلونها جهلا تاما وكذلك لم يتفرغ العلماء المسلمين لبحثها فتكون الايات العلمية قد اعطيت لاناس هذا العصر الذين سيطرت المفاهيم العلمية على افكارهم فتكون الايات التى اعطيت معجزة لهم هى ايات علمية من فلكية وجيولوجية وفيزيائية الخ . فالقران الكريم يحثنا عن البحث بسنن الكون الذى خلقه الله بمن فيه ومافيه وهو الذى طلب الى العقل البشرى ان ينظر ويفكر فى كل شىء خلقه الله ( ان فى خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس وماانزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون ) فمن هم القوم الذين يعقلون؟ انهم الذين ينظرون فى اسبابها ويدركون حكمها واسرارها ويستدلون بما فيها من الاتقان والاحكام والقوانين والسنن التى قام عليها هذا النظام على قدرة مبدعها وخالقها والعلوم الطبيعية هى الكاشفة لنا عن اسرار هذا الكون وعن سنن الله فى خلقه. ان القران يحثنا على النظر فى الكون لنصل الى الوقوف على الحقائق العلمية والسنن الكونية وان النظر فى الكون ينتهى بنا الى الحقائق العلمية التى ذكرها القران .
ان ماوصلنا اليه اليوم من حقائق علمية فى الميادين المختلفة للحياة قد زاد من وعينا بقدرة الله وعلمه وحكمته وبديع نظامه واتقانه لكل شىء خلقه وانه من هنا تكون العلوم الطبيعية داخلة فى دراسة المفاهيم القرانية. ( سنريهم اياتنا فى الافاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ) فماهى هذه الايات التى سيريها الله للناس فى الافاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم ان القران حق من عند الله؟ ماهى هذه الايات ان لم تكن هى الايات العلمية والتى هى حقائق هذا الكون والتى من المستحيل ان يكون قائلها انسانا وجد قبل اربعة عشر قرنا؟ وهل كان باستطاعة محمد او غيره من الذين كانت الانسانية فى عصرهم تجهل كل شىء حول هذه المواضيع العلمية هل كان باستطاعتهم ان يعرفوا شيئا منها بهذه الدقة وهذا الوضوح؟ والتى جاءت بحقائق لايستطيع العلم الا قبولها اللهم انى امنت بك
| | |
5 - 8 - 2014, 04:29 AM
|
#3 |
5 - 8 - 2014, 04:30 AM
|
#4 | | عضويتي
» 2702 | جيت فيذا
» 15 - 12 - 2012 | آخر حضور
» 2 - 11 - 2014 (08:40 PM) |
فترةالاقامة »
4395يوم
| مواضيعي » 203 | الردود » 4733 | عدد المشاركات » 4,936 | نقاط التقييم » 145 |
ابحث عن » مواضيعي ❤
ردودي | تلقيت إعجاب » 0 | الاعجابات المرسلة » 0 |
المستوى » $51 [] |
حاليآ في » | دولتي الحبيبه » | جنسي » | العمر »
سنة
| الحالة الاجتماعية » | مشروبى المفضل » | الشوكولاته المفضله » | قناتك المفضلة » | ناديك المفضل » | سيارتي المفضله » | |
رد: مدونة القران الكريم
ملامح بلاغية في سورة الفاتحه
فأما تسميتها فاتحة الكتاب, فقد ثبت في السنة في أحاديث كثيرة منها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) (متفق عليه).
وفاتحة مشتقة من الفتح, وهو إزالة حاجز عن مكان مقصود, وتستعمل في معنى أول الشيء تشبيهًا للأول بالفاتح؛ لأن الفاتح للباب هو أول من يدخل.
ومعنى فتحها الكتاب أنها جُعلت أول القرآن لمن أراد أن يقرأ القرآن من أوله, فتكون فاتحة بالجعل النبوي في ترتيب السور.
- وأما تسميتها "أم القرآن" و"أم الكتاب" فقد ثبت في السنة: كما في صحيح البخاري أن أبا سعيد الخدري رقى ملدوغـًا, فجعل يقرأ عليه أم القرآن.
ووجه التسمية بـ"أم القرآن" أن الأم يطلق على أصل الشيء ومنشئه, وفي الحديث: (مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهْي خِدَاجٌ) (رواه مسلم), وذكروا أوجهًا لذلك فقالوا:
1- إنها مبدؤه ومفتتحه, فكأنها أصله ومنشؤه, يعني أن افتتاحه هو وجود أول أجزاء القرآن قد ظهر فيها, فجعلت كالأم للولد في أنها الأصل والمنشأ.
2- أنها تحتوي على أنواع مقاصد القرآن, وهي ثلاثة أنواع:
- الثناء على الله لوصفه بجميع المحامد, وتنزيهه عن جميع النقائص, ولإثبات تفرده بالإلهية, وإثبات البعث والجزاء, وذلك من قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الفاتحة:2-4).
- الأوامر والنواهي من قوله: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:5).
- الوعد والوعيد من قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} (الفاتحة:7).
3- أنها تشتمل على جملة معاني القرآن من الحِكَم النظرية, والأحكام العملية؛ فإن معاني القرآن إما علوم تقصد معرفتها, وإما أحكام يقصد منها العمل بها.
- فالعلوم كالتوحيد, والصفات, والنبوات, والمواعظ, والأمثال, والحكم, والقصص.
- والأحكام إما عمل الجوارح, وهو العبادات والمعاملات, وإما عمل القلوب, أو العقول, وهو تهذيب الأخلاق وآداب الشريعة, وكلها تشتمل عليها معاني الفاتحة.
- وأما تسميتها السبع المثاني فهي ثابتة في السنة: ففي البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِي السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ}.
ووجه التسمية أنها سبع آيات باتفاق القراء والمفسرين، وأما وصفها بـ"المثاني", فهو جمع مثنى, أي أنها تثنى في كل ركعة, أي: تضم إليها السورة في كل ركعة.
- وقيل: لعل التسمية بذلك كانت في أول فرض الصلاة, فإن الصلوات فرضت ركعتين, ثم أقرت صلاة السفر, وأطيلت صلاة الحضر كما ثبت في حديث عائشة -رضي الله عنها- في الصحيح.
- وقيل: لأنها تـُثنى في الصلاة أي: تكرر, فتكون التثنية بمعنى التكرير, وذلك كقوله: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} (الزمر:23), أي: مكرر القصص والأغراض.
هذه السورة وضعت في أول السور؛ لأنها تنزل منزلة ديباجة الخطبة, أو الكتاب مع ما تضمنته من أصول مقاصد القرآن كما سبق, وفيها براعة استهلال لبيان ما يتضمنه القرآن.
البسملة:
اسم لكلمة "باسم الله" وصيغ هذا الاسم من حروف الكلمتين "باسم" و"الله" على طريقة تسمى النحت, وهو صوغ فعل ماضٍ على زنة "فعلل" مكونة من حروف جملة, أو مركب إضافي اختصارًا عن ذكر الجملة كلها لقصد التخفيف, وذلك مثل "عبشمس" من عبد شمس, و"عبدري" من عبد الدار, و"حضرمي" من حضر موت, ومنها "سبحل" من سبحان الله, و"هيعل" من حي على الصلاة, و"حوقل" من لا حول ولا قوة إلا بالله.
البسملة سُنت عند ابتداء الأعمال الصالحة: وقد حكى القرآن قول سحرة فرعون عند شروعهم في السحر بقوله: {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ} (الشعراء:44)، وذكر صاحب الكشاف أن أهل الجاهلية كانوا يقولون في ابتداء أعمالهم باسم اللات والعزى.
وقال الأستاذ محمد عبده: "إن النصارى كانوا يبتدئون أدعيتهم ونحوها باسم الأب والابن والروح القدس إشارة إلى الأقانيم الثلاثة عندهم, فجاءت فاتحة كتاب الإسلام بالرد عليهم بأن الإله واحد, وإن تعددت أسماؤه, فإنما هو تعدد الأوصاف دون تعدد المسميات".
"باسم الله": الاسم لفظ يدل على ذات أو معنى, وهو مشتق من السمو, وهو العلو والرفعة.
"الله": لفظ الجلالة علم على ذات الخالق تفرد به –سبحانه-, ولا يطلق على غيره, ولا يشاركه فيه أحد.
قال القرطبي -رحمه الله-: "هذا الاسم أكبر أسمائه -سبحانه- وأجمعها, حتى قال بعض العلماء إنه اسم الله الأعظم, ولم يتسم به غيره, ولذلك لم يُثن ولم يجمع".
فهو الاسم الجامع لصفات الإلهية, المنعوت بنعوت الربوبية, وفي الكلام حذف تقديره باسم الله أتلو أو أقرأ, وهذا الحذف له فائدة, وهي صلوحية البسملة ليبتدئ بها كل شارع في فعل.
والباء في باسم للملابسة, وهي المصاحبة, وهي الإلصاق, وهي تعني زيادة التبرك بملابسة جميع أجزاء الفعل لاسمه -تعالى-.
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): صفتان مشتقتان من الرحمة, والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإحسان, وهذا المعنى غير لائق بالله -عز وجل-, ومذهب السلف أنها صفة قائمة بذات الله -تعالى-, لا نعرف حقيقتها, وإنما نعرف أثرها الذي هو الإحسان.
- و(الرَّحْمَنِ): بمعنى عظيم الرحمة؛ لأن "فعلان" صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته, ويلزم منه الدوام.
- (الرَّحِيمِ): بمعنى دائم الرحمة؛ لأن صيغة "فعيل" تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف.
فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة, أو أن الرحمن صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإحسان, والرحيم صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإحسان, وتعديهما إلى المنعم عليه.
- فلفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات, كما هو الشأن في أسماء الذات. قال -تعالى-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5).
- أما وصف الرحيم فقد كثر استعماله وصفـًا فعليًا, وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال -تعالى-:{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (البقرة:143) {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (الأحزاب:43).
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ): {الْحَمْدُ} هو: الثناء باللسان على الجميل الصادر عن اختيار من نعمة أو غيرها.
(رَبِّ الْعَالَمِينَ): أي مالكهم؛ إذ الرب مصدر "ربه يربه" إذا تعاهده بالتربية حتى يبلغ به شيئًا فشيئًا درجة الكمال, وهو اسم من أسماء الله -تعالى-, لا يطلق على غيره إلا مقيدًا, فيقال: "رب الدار" أي: صاحبها، والرب في كلام العرب له معانٍ ثلاثة: السيد, المطاع, والرجل المصلح للشيء, والمالك للشيء, فربنا -جل ثناؤه- السيد, المطاع في خلقه, والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه, والمالك الذي له الخلق والأمر.
- و(الْعَالَمِينَ): جمع عَالَم وهو كل موجود سوى الله, قال القرطبي: "وهو مأخوذ من العلم والعلامة؛ لأنه يدل على موجده".
- وافتتحت السورة بهذه الجملة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}؛ لأنه -سبحانه- أول كل شيء, وآخر كل شيء, ولكي يعلمنا أن نبدأ كتبنا, وخطبنا بالحمد والثناء عليه, فالآية قررت ثبوت الثناء المطلق لله -تعالى-, وأنه ليس لأحد أن ينازعه إياه, وجملة الحمد لله مفيدة لقصر الحمد عليه نحو قولهم: الكرم في العرب.
- و"ال" في الحمد للاستغراق, أي: أن جميع أجناس الحمد ثابتة لله رب العالمين, وإنما كان الحمد مقصورًا في الحقيقة على الله؛ لأن كل ما يستحق أن يقابل بالثناء فهو صادر عنه, ومرجعه إليه, فهو الخالق لكل شيء, وما يقدم إلى بعض الناس من حمد جزاء إحسانهم فهو في الحقيقة حمد لله؛ لأنه -سبحانه- هو الذي وفقهم لذلك, وأعانهم عليه.
- ولم تفتتح السورة بصيغ الأمر بأن يقال: "احمدوا الله"؛ لأن الأمر يقتضي التكليف, والتكليف قد تنفر منه النفوس أحيانًا, فأراد -سبحانه- وهو يبادئهم بشرعة جديدة أن يؤنسهم, ويؤلف قلوبهم ترفقـًا بهم, حتى يديموا الإصغاء لما سيلقيه عليهم من التكليف.
(لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ): أجرى على لفظ الجلالة نعت الربوبية للعالمين؛ ليكون كالاستدلال على استحقاقه -تعالى- للحمد وحده, وفي ذلك إشعار لعباده بأنهم مكرمون من ربهم, فكأنه يقول لهم: اجعلوا حمدكم وثناءكم لي وحدي؛ لأني أنا رب العالمين, وأنا الذي تعهدتكم برعايتي وتربيتي منذ تكوينكم من الطين, حتى استويتم عقلاء مفكرين.
(رَبِّ الْعَالَمِينَ . الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): أتبع هذا الوصف رب العالمين بوصف آخر وهو الرحمن الرحيم؛ لحكم سامية, منها أنه وصفه -تعالى- برب العالمين أي: مالكهم قد يثير في النفوس شيئًا من الخوف والرهبة, فإن المربي قد يكون خشنًا جبارًا, وذلك مما يخدش من جميل التربية, وينقص من فضل التعهد؛ لذا قرن كونه مربيًا بكونه الرحمن الرحيم؛ لينفي بذلك هذا الاحتمال, وليحرضهم على حمده وعبادته بقلوب مطمئنة, ونفوس مبتهجة, ودعوة لهم إلى أن يقيموا حياتهم على الرحمة والإحسان, لا على الجبروت والطغيان, فالراحمون يرحمهم الله.
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ): والمالك وصف من المِلك بكسر الميم, بمعنى حيازة الشيء مع القدرة على التصرف فيه, واليوم المراد به يوم القيامة, والدين الجزاء والحساب، يقال: دنته بما صنع أي: جازيته على صنيعه, ومنه قولهم: "كما تدين تدان", أي: كما تفعل تجازى.
والمعنى أنه -تعالى- يتصرف في أمور يوم الدين من حساب, وثواب, وعقاب تصرف المالك فيما يملك, فكل شيء في ذلك اليوم يجري بأمره كما قال: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (غافر:16), وتخصيص المُلك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه؛ لأنه تقدم الإخبار بأنه رب العالمين, وذلك عام في الدنيا والآخرة, وإنما أضيف إلى يوم الدين؛ لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئًا, وتسمية غيره في الدنيا بملِك فعلى سبيل المجاز؛ كما قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} (البقرة:247).
- المتدبر لهذه الآية الكريمة يراها خير وسيلة لتربية الإنسان, وغرس الإيمان العميق في قلبه؛ لأنه إذا آمن بأن هناك يومًا يظهر فيه إحسان المحسن, وإساءة المسيء, وأن زمام الحكم في ذلك اليوم لله الواحد القهار, فإنه في هذه الحالة سيقوى عنده خلق المراقبة لخالقه, ويجتهد في السير على الطريق المستقيم.
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ): الذي يجدر بنا أن نعبده, وأن نستعين به هو الله الذي تجلت أوصافه, ووضحت عظمته, وثبتت هيمنته على هذا الكون, وهذه العبادة الصحيحة تكون بتحقيق أمرين: إخلاصها لله, وموافقتها لما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن جرير -رحمه الله-: "لأن العبودية عند جميع العرب أصلها الذلة, والاستعانة: طلب المعونة من أجل الاقتدار على الشيء, والتمكن من فعله, والمعنى لك يا ربنا وحدك نخشع ونذل ونستكين, فقد توليتنا برعايتك, وغمرتنا برحمتك, فنحن نخصك بطلب الاستعانة على طاعتك, وعلى أمورنا كلها".
وقدم المعبود على العبادة فقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}؛ لإفادة قصر العبادة عليه, وهو ما يقتضيه التوحيد الخالص.
وقال: {نَعْبُدُ} بنون الجماعة, ولم يقل: "أعبد"؛ ليدل على أن العبادة أحسن ما تكون في جماعة المؤمنين, وللإشعار بأن المؤمنين المخلصين يكونون في اتحادهم وإخائهم بحيث يقوم كل واحد منهم في الحديث عن شئونهم الظاهرة, وغير الظاهرة مقام جميعهم.
- وقدمت العبادة على الاستعانة؛ لكون الأولى وسيلة للثانية, وتقديم الوسائل سبب في تحصيل المطالب؛ وليدل على أنهم لا يستقلون بإقامة العبادات, بل إن عون الله هو الذي ييسر لهم أداءهم, ولم يذكر المستعان عليه من الأعمال؛ ليشمل كل ما تتجه إليه النفس من الأعمال الصالحة, وجاءت الآية بأسلوب الخطاب على طريقة الالتفات؛ تلوينًا لنظم الكلام من أسلوب إلى أسلوب؛ قال الزمخشري: "فإن قلتَ: لما عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ قلتُ: هذا يسمى الالتفات في علم البيان, وقد يكون من الغيبة إلى الخطاب, ومن الخطاب إلى الغيبة, ومن الغيبة إلى التكلم, وذلك على عادة العرب في افتنانهم في الكلام, وتصرفهم فيه, وذلك لتنشيط السامع, وإيقاظـًا للإصغاء".
قال بعض العلماء: الفاتحة سر القرآن, وسرها هذه الكلمات: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}, ففيها التبرؤ من الشرك, والتبرؤ من الحول والقوة, والتفويض إلى الله.
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ): بيَّن -عز وجل- أن أفضل شيء يطلبه العبد من ربه إنما هو هدايته إلى الطريق الذي يوصل إلى أسمى الغايات, وأعظم المقاصد.
(اهْدِنَا): الهداية هي الإرشاد والدلالة في لطف على ما يوصل إلى البغية, وتسند إلى الله, وإلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, وإلى القرآن: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} (فصلت:17) أي بيَّنا لهم طريق الخير.
وتأتي بمعنى الإلهام: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى . قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (طه:49-50).
وتأتي بمعنى الدعاء: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} (الرعد:7)، أي: داعٍ. {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (الشورى:52).
(الصِّرَاطَ): الجادة والطريق من سرط الشيء إذا ابتلعه, وسمي الطريق بذلك؛ لأنه يبتلع المارين فيه.
(الْمُسْتَقِيمَ): المعتدل الذي لا اعوجاج فيه.
(أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ): النعمة لين العيش, ونعم الله كثيرة لا تحصى.
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ): الغضب هيجان النفس وثورتها عند الميل للانتقام, وهذا لا يليق بالله، فهو -الغضب- صفة لائقة بجلاله, لا نعلم حقيقتها, وإنما نعرف أثرها.
والمعنى: اهدنا يا رب إلى طريقك المستقيم الذي يوصلنا إلى سعادة الدنيا والآخرة, ويجعلنا مع الذين أنعمت عليهم من خلقك, وجنبنا طريق الذين غضبت عليهم من الأمم السابقة, أو الأجيال اللاحقة؛ بسبب سوء أعمالهم, وفي هذا الدعاء أسمى أنواع الأدب؛ لأن هذا الدعاء قد تضرع به المؤمنون إلى خالقهم بعد أن اعترفوا له -سبحانه- قبل ذلك بأنه هو المستحق لجميع المحامد, وأنه رب العالمين, والمتصرف في أحوالهم يوم الدين.
قال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا أكمل أحوال السائلين أن يمدح مسئوله, ثم يسأل حاجته, وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}, لأنه أنجح للحاجة, وأنجع للإجابة, ولهذا أرشدنا الله إليه؛ لأنه الأكمل".
ولم يقل: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم مستغنيًا عن ذكر الصراط؛ ليدل على أن صراط هؤلاء المنعم عليهم هو الصراط المستقيم.
وقوله: (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ): أتى في وصف الإنعام بالفعل المسند إلى الله, وفي وصف الغضب باسم المفعول: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } وفي ذلك تعليم لأدب جميل, وهو أن يسند أفعال الإحسان إلى الله, ويتحاشى أن يسند إليه أفعال العقاب والابتلاء, وإن كان كل من الإحسان والعقاب صادرًا منه, ومن شواهد ذلك: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} (الجن:10).
| | |
5 - 8 - 2014, 04:31 AM
|
#5 |
5 - 8 - 2014, 04:33 AM
|
#6 |
6 - 8 - 2014, 05:35 PM
|
#7 |
6 - 8 - 2014, 05:36 PM
|
#8 | | عضويتي
» 2702 | جيت فيذا
» 15 - 12 - 2012 | آخر حضور
» 2 - 11 - 2014 (08:40 PM) |
فترةالاقامة »
4395يوم
| مواضيعي » 203 | الردود » 4733 | عدد المشاركات » 4,936 | نقاط التقييم » 145 |
ابحث عن » مواضيعي ❤
ردودي | تلقيت إعجاب » 0 | الاعجابات المرسلة » 0 |
المستوى » $51 [] |
حاليآ في » | دولتي الحبيبه » | جنسي » | العمر »
سنة
| الحالة الاجتماعية » | مشروبى المفضل » | الشوكولاته المفضله » | قناتك المفضلة » | ناديك المفضل » | سيارتي المفضله » | |
رد: مدونة القران الكريم
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ﴿الفرقان:53﴾
هـذه الآية الكريمة جاءت في مطلع الثلث الأخير من سورة الفرقان, وهي سورة مكية, وآياتها سبع وسبعون, وقد سميت بهذا الاسم الكريم (الفرقان), وهو اسم من أسماء القرآن العظيم, لكونه فارقا بين الحق والباطل.. ويدور المحور الرئيسي للسورة حول قضية العقيدة الإسلامية, ومن ركائزها: تنزيه الله(تعالي) عن كل وصف لا يليق بجلاله من مثل نسبة الولد زورا إليه, والادعاء الباطل بوجود شركاء له في ملكه, والهروب من الاعتراف بالحقيقة الجلية أنه تعالي خالق كل شيء بتقدير دقيق, وحكمة بالغة, وأن له(وحده) ملك السماوات والأرض دون شريك, ولا شبيه, ولا منازع, وهي من صفات الألوهية الحقة..
وتبدأ سورة الفرقان بتمجيد الله وتعظيمه, وبالتأكيد علي أنه( تعالي) هو الذي أنزل القرآن الكريم علي خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم) فارقا بين الحق والباطل ليكون نذيرا للعالمين, في كل وقت وفي كل حين; وتنعي السورة الكريمة علي الذين كفروا إنكارهم لتلك الحقيقة القائمة, وتطاولهم علي كل من كتاب الله وخاتم الأنبياء والمرسلين, وإنكارهم ليوم الدين, وترد عليهم بقول الحق( تبارك وتعالي): قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما [الفرقان:6].
كذلك تنعي عليهم تعنتهم بالاعتراض علي بشرية خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم), وعلي محدودية حظه من المال, وعلي تنزل القرآن منجما, وقد أنزل كل من الكتب السابقة دفعة واحدة; وتطاولهم بطلب الرسالة السماوية من الملائكة مباشرة; أو طلب رؤية الله جهرة حتي يؤمنوا به, وهي صورة من صور الصلف الكافر الذي لا يفهم لمدلولات كل من الألوهية والنبوة والرسالة, حقيقة ولا معني صحيحا...!! وتعرض السورة الكريمة لشيء من مشاهد الآخرة, ولعذاب الكافرين في نار جهنم, وتقارن بين هذا العذاب المهين, وبين تكريم الله للمتقين في جنات النعيم...!!
كما تعرض لمصارع المكذبين في عدد من الأمم السابقة علي هذه الأرض, وإلي شيء من مصائرهم يوم القيامة, وندمهم علي ما قد فرطوا فيه من حقوق الله وحقوق عباده, وعلي انصرافهم عن اتباع الرسول الخاتم والنبي الخاتم( صلي الله عليه وسلم), وتوليهم لأهل الكفر والشرك والضلال, اتباعا لغواية الشيطان, ولغواية الغاوين من بني الإنسان, وعبادة لهوي النفس الذي يعمي ويصم عن رؤية الحق, وعن الاستماع إلي حجيته ومنطقه فيهوي ذلك بالإنسان إلي ما دون مستوي البهائم..!! ويشكو المصطفي( صلي الله عليه وسلم) إلي ربه هجر قومه للقرآن الكريم, وهذه الشكوي كما كانت قائمة في زمن النبوة تظل قائمة في كل زمان يهجر فيه القرآن, ويقصي عن مناط الحكم والتشريع...!!
وتعرج سورة الفرقان إلي تخفيف الأمر عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بتذكيره بأن كافة الأنبياء والمرسلين من قبله قد جوبهوا من قبل أهل الكفر والضلال بعداوة شديدة, وبالتأكيد له علي أن الله( تعالي) عالم بذلك, مطلع عليه, ومجاز به, وتوصيه بالصبر والمصابرة, وبمجاهدة الكافرين بما في القرآن العظيم من حق أبلج, وتعينه علي ذلك بأمره بالتوكل علي الله( تعالي), الحي الذي لا يموت, وبالتسبيح دوما بحمده, وتعيد إلي ذاكرته( صلي الله عليه وسلم) أن دوره هو دور البشير النذير.. وتقرر السورة الكريمة أن من صلف الكافرين وتطاولهم وضلالهم إنكار الله الخالق( سبحانه وتعالي) وعبادة من دونه ما لا ينفعهم ولا يضرهم, وفي ذلك يقول الحق( تبارك وتعالي): ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر علي ربه ظهيرا [الفرقان:55]..
ويقول( عز من قائل): وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا[ الفرقان:60]. وفي المقابل تنتقل السورة الكريمة إلي استعراض عدد من صفات عباد الرحمن, في مقارنة رائعة بين صفات أهل الحق وصفات أهل الباطل, مؤكدة جزاء الصالحين بالخلود في جنات النعيم, في حفاوة وتكريم من الله وملائكته, وتنتهي بتأكيد هوان البشرية كلها علي الله( تعالي) لولا تلك الطائفة القليلة من عباده الصالحين الذين يعرفون معني الألوهية والربوبية الحقة لجلال الله الخالق( سبحانه وتعالي) فيجأرون بالدعاء له طلبا لرحمته ورضوانه, أما الغالبية الساحقة من البشر الذين كفروا بالله, أو أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا, واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا, لأن الله( تعالي) قد تعهد أن يجزيهم بسوء أعمالهم جزاء ملزما..
وفي معرض الاستشهاد علي صدق ما جاء بهذه السورة المباركة وردت الإشارة إلي العديد من الآيات الكونية التي منها:
(1) أن الله(تعالي) هو خالق كل شيء ومقدره تقديرا وفق علمه وحكمته وقدرته, وأنه(تعالي) هو الذي يعلم السر في السماوات والأرض.
(2) أن تشقق السماء بالغمام من بدايات انهيار النظام الكوني.
(3) الإشارة إلي دوران الأرض حول محورها بمد الظل وقبضه.
(4) تخصيص الليل للنوم والراحة, وتخصيص النهار لليقظة والجري وراء المعايش.
(5) أن الله( تعالي) هو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته, وأنه( سبحانه وتعالي) هو الذي ينزل من السماء ماء طهورا ليحيي به أرضا ميتة, ويسقيه مما خلق أنعاما وأناسي كثيرا.
(6) أن الله( تعالي) هو... الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا.
(7) أن الله( تعالي) هو... الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا....
(8) أن الله( تعالي) هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام( أي ست مراحل متتالية).
(9) أن الله( تعالي) هو... الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا.
(10) أن الله( تعالي) هو... الذي جعل الليل والنهار خلفة... وهي إشارة ضمنية رقيقة إلي حقيقة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس. وكل آية من هذه الآيات الكونية العشر تحتاج إلي مناقشة موضوعية خاصة بها, ولما كان المقام لا يتسع لذلك أجدني مضطرا لقصر الحديث هنا علي آية واحدة منها ألا وهي الآية الثالثة والخمسون المشار إليها هنا في النقطة السادسة أعلاه, التي تصف التقاء ماء النهر العذب الفرات بماء البحر الملح الأجاج, وقبل الولوج في ذلك أري لزاما علي أن أعرض لعدد من أقوال المفسرين السابقين في شرح هذه الآية الكريمة, ولشرح دلالات الغريب من ألفاظها علي مسامع أهل عصرنا الذي نسي كثير من العرب فيه لغتهم الأم ولغة كتاب دينهم العظيم.
| | |
6 - 8 - 2014, 05:37 PM
|
#9 | | عضويتي
» 2702 | جيت فيذا
» 15 - 12 - 2012 | آخر حضور
» 2 - 11 - 2014 (08:40 PM) |
فترةالاقامة »
4395يوم
| مواضيعي » 203 | الردود » 4733 | عدد المشاركات » 4,936 | نقاط التقييم » 145 |
ابحث عن » مواضيعي ❤
ردودي | تلقيت إعجاب » 0 | الاعجابات المرسلة » 0 |
المستوى » $51 [] |
حاليآ في » | دولتي الحبيبه » | جنسي » | العمر »
سنة
| الحالة الاجتماعية » | مشروبى المفضل » | الشوكولاته المفضله » | قناتك المفضلة » | ناديك المفضل » | سيارتي المفضله » | |
رد: مدونة القران الكريم
في تفسير الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا( تبارك وتعالي): وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا( الفرقان:53).. ذكرابن كثير( يرحمه الله) ما نصه:... وقوله تعالي:( وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) أي خلق الماءين الحلو والمالح, فالحلو كالأنهار والعيون والآبار. قاله ابن جريج واختاره, وهذا المعني لا شك فيه, فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات, والله( سبحانه وتعالي) إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلي نعمه عليهم ليشكروه, فالبحر العذب فرقه الله تعالي بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهارا أو عيونا في كل أرض, بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم, وقوله تعالي:( وهذا ملح أجاج) أي مالح, مر, زعاف لا يستساغ, وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب, البحر المحيط وبحر فارس وبحر الصين والهند وبحر الروم وبحر الخزر, وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري, ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح, ومنها ما فيه مد وجزر, ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض, فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتي ترجع إلي غايتها الأولي, فأجري الله( سبحانه وتعالي) ـوهو ذو القدرة التامةـ العادة بذلك; فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله( سبحانه وتعالي) مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء, فيفسد الوجود بذلك, ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان, ولما كان ماؤها ملحا كان هواؤها صحيحا وميتتها طيبة, ولهذا قال رسول الله( صلي الله عليه وسلم) وقد سئل عن ماء البحر: أنتوضأ به؟ فقال:( هو الطهور ماؤه, الحل ميتته). وقوله تعالي:( وجعل بينهما برزخا وحجرا) أي بين العذب والمالح, وبرزخا أي حاجزا وهو اليبس من الأرض( وحجرا محجورا) أي مانعا من أن يصل أحدهما إلي الآخر كقوله تعالي:( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان), وقوله تعالي:( وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون).....
وجاء في تفسير الجلالين( رحم الله كاتبيه) ما نصه:( وهو الذي مرج البحرين) أرسلهما متجاورين( هذا عذب فرات) شديد العذوبة( وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة( وجعل بينهما برزخا) حاجزا لا يختلط أحدهما بالآخر( وحجرا محجورا) سترا ممنوعا به اختلاطهما..... وجاء في تفسير الظلال( رحم الله كاتبه) ما نصه:... وهو الذي ترك البحرين, الفرات العذب والملح المر, يجريان ويلتقيان, فلا يختلطان ولا يمتزجان, إنما يكون بينهما برزخ وحاجز من طبيعتهما التي فطرها الله. فمجاري الأنهار غالبا أعلي من سطح البحر, ومن ثم فالنهر العذب هو الذي يصب في البحر الملح, ولا يقع العكس إلا شذوذا, وبهذا التقدير الدقيق لا يطغي البحر ـوهو أضخم وأغزرـ علي النهر الذي منه الحياة للناس والأنعام والنبات, ولا يكون هذا التقدير مصادفة عابرة وهو يطرد هذا الاطراد. إنما يتم بإرادة الخالق الذي أنشأ هذا الكون لغاية تحققها نواميسه في دقة وإحكام..
وقد روعي في نواميس هذا الكون ألا تطغي مياه المحيطات الملحة لا علي الأنهار ولا علي اليابسة حتي في حالات المد والجزر التي تحدث من جاذبية القمر للماء الذي علي سطح الأرض, ويرتفع بها الماء ارتفاعا عظيما.. وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن( رحم الله كاتبه) ما نصه:( مرج البحرين...) أرسل البحرين: العذب والملح في مجاريهما متجاورين; كما ترسل الخيل في المرج. يقال: مرج الدابة يمرجها, أرسلها ترعي. أو خلطهما فأمرج أحدهما في الآخر وأفاضه فيه; من المرج وأصله الخلط. يقال: مرج أمرهم يمرج, اختلط; ومنه قيل للمرعي: مرج; لاجتماع أخلاط من الدواب فيه.
( عذب فرات) شديد العذوبة, مائل إلي الحلاوة وهو ماء الأنهار. وسمي فراتا لأنه يفرت العطش, أي يقطعه ويكسره.( ملح أجاج) شديد الملوحة والمرارة, وهو ماء البحار. سمي أجاجا من الأجيج وهو تلهب النار, لأن شربه بزيد العطش.( وبرزخا) حاجزا عظيما من الأرض, يمنع بغي أحدهما علي الآخر; لحفظ حياة الإنسان والنبات; كما قال تعالي:( بينهما برزخ لا يبغيان).( وحجرا محجورا) أي وجعل كل واحد منهما حراما محرما علي الآخر أن يفسده. والمراد: لزوم كل منهما صفته; فلا ينقلب العذب في مكانه ملحا ولا الملح في مكانه عذبا.. وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم( جزاهم الله خيرا) ما نصه: والله هو الذي أجري البحرين: البحر العذب والبحر الملح, وجعل المجري لكل واحد يجاور المجري الآخر, ومع ذلك لا يختلطان, نعمة ورحمة بالناس..
وجاء في تعليق الخبراء العلميين بالهامش ما يلي:.. قد تشير هذه الآية إلي نعمة الله علي عباده بعدم اختلاط الماء الملح المتسرب من البحار في الصخور القريبة من الشاطئ بالماء العذب المتسرب إليها من البر اختلاطا تاما بل إنهما يلتقيان مجرد تلاق يطفو العذب منها فوق الملح كأن بينهما برزخا يمنع بغي أحدهما علي الآخر, وحجرا محجورا, أي حاجزا خفيا مستورا لا نراه.. وليس هذا فقط بل إن هناك قانونا ثابتا يحكم هذه العلاقة ويتحكم فيها لمصلحة البشر ممن يسكنون في تلك المناطق وتتوقف حياتهم علي توافر الماء العذب, فقد ثبت أن طبقة الماء العذب العليا يزداد سمكها مع زيادة الارتفاع عن منسوب البحر بعلاقة منتظمة حتي إنه يمكن حساب العمق الأقصي للماء العذب الذي يمكن الوصول إليه. فهو يساوي قدر الفرق بين منسوب الأرض ومنسوب البحر أربعين مرة..
وجاء في صفوة التفاسير( جزي الله كاتبه خير الجزاء) ما نصه:( وهو الذي مرج البحرين) أي هو تعالي بقدرته خلي وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين بحيث لا يتمازجان( هذا عذب فرات) أي شديد العذوبة قاطع للعطش من فرط عذوبته( وهذا ملح أجاج) أي بليغ الملوحة, مر شديد المرارة( وجعل بينهما برزخا) أي جعل بينهما حاجزا من قدرته لا يغلب أحدهما علي الآخر( وحجرا محجورا) أي ومنعا من وصول أثر أحدهما إلي الآخر وامتزاجه به.....
الدلالات اللفظية لبعض كلمات الآية الكريمة:
(1)( مرج): ذكرت معاجم اللغة( كمعجم ابن فارس) أن الميم, والراء, والجيم أصل صحيح يدل علي المجيء والذهاب والاضطراب, وقالوا:( مرج) الخاتم في الإصبع أي قلق واضطرب لاتساعه عن حجم الإصبع; ومنه قيل:( مرجت) أمانات القوم وعهودهم أي اضطربت واختلطت; و(مرج) الأمر اختلط, ومنه الهرج والمرج, وأمر( مريج) أي مختلط, و(المرج) في اللغة هو مرعي الدواب, أي الأرض التي يكثر فيها النبات فتمرج فيه الدواب وتختلط; ولذلك قيل:( مرج) الدابة و(أمرجها) أي أرسلها ترعي وتختلط بغيرها من الحيوانات في المرعي فـ(مرجت), لأن أصل( المرج) هو الخلط, و(المروج) هو الاختلاط, وقوله( تعالي):( مرج البحرين) أي أفاض أحدهما بالآخر, وجعلهما يختلطان دون امتزاج كامل أي دون أن يلتبس أحدهما بالآخر التباسا كاملا.. و(مارج) من نار أي: لهب من نيران مختلطة لا دخان لها..
(2)( عذب فرات): الماء( العذب) هو الماء الطيب المذاق, و(الفرات) هو الشديد العذوبة; والبحر العذب الفرات هو النهر لشدة عذوبة مائه.
(3)( ملح أجاج): الماء( الملح الأجاج) هو, الماء شديد الملوحة والمرارة; وما كان من الماء( ملحا أجاجا) هو ماء البحر علي اختلاف درجات ملوحته. يقال:( ملح) القدر أي: طرح فيها الملح بقدر, و(أملحها) أي: أفسدها بالملح, و(ملحها تمليحا) مثله..
ويقال:( ملح) الماء( بالفتح والضم) فهو ماء( ملح); وقليب( مليح) أي: ماؤه قليل الملوحة; و(الملاحة) منبت الملح; و(المملحة)( بكسر الميم) ما يجعل فيه( الملح); و(الملاح) صاحب السفينة.. ويقال:( أجج) النار أي: زادها اشتعالا وتلهبا, لأن( الأجج) هو تلهب النيران, من( أجت) النار( تؤج)( أجيجا) و(أجوجا), و(أججها) غيرها( فاتجت) و(تأججت), وسمي الماء الشديد الملوحة( بالأجاج) لأنه يحرق معي الإنسان إذا شربه من شدة ملوحته.
(4)( برزخ):( البرزخ) هو الحاجز والحد بين الشيئين; وهو أيضا ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلي البعث, فمن مات فقد دخل البرزخ; وفي تفسير قوله( تعالي):( وجعل بينهما برزخا...) قال عدد من المفسرين هو حاجز من الأرض, وقال البعض الآخر هو حاجز أو حائل أو مانع من قدرة الله( تعالي) لا يراه أحد من الناس.
(5)( الحجر المحجور): هو الحرام المحرم, و(الحجر)( بكسر الحاء وضمها وفتحها) هو المنع والتضييق. يقال:( حجر) القاضي عليه أي: منعه عن التصرف في ماله; و(حجر) الإنسان( بكسر الحاء وفتحها) واحد( الحجور), ويقال:( احتجر حجرة) أي: اتخذها مسكنا, والجمع( حجر), و(حجرات).. و(الحجر) أيضا هو العقل لأنه يحجر صاحبه ويمنعه من الجري وراء شهواته والتهافت علي ما لا ينبغي له, ويضبطه ويقهره علي ذلك.
الدلالة العلمية للآية الكريمة:
تطلق لفظة( البحر) في اللغة العربية علي كل من النهر ذي الماء العذب, والبحر ذي الماء المالح; ولولا أن الله( تعالي) قد صمم الأنهار لتفيض من تضاريس القارات المرتفعة فوق مستوي سطح البحر فتلقي بمائها العذب وبما تحمله من رسوبيات في هذا الخضم المالح, ولولا هذا النظام المحكم والمبهر في ترتيب مستويات كل من اليابسة وقيعان البحار والمحيطات لطغي ماء البحر المالح علي اليابسة بما فيها من ماء عذب, وأفسدها إفسادا كاملا, ودمر كل صور الحياة فيها; وليس هذا من قبيل الخيال العلمي, فقد مرت علي الأرض فترات عديدة طغت البحار فيها علي اليابسة إلي مسافات تزيد علي حدودها الحالية بمئات من الكيلومترات, وذلك بارتفاع منسوب الماء في البحار والمحيطات, بل إن الأرض قد بدأت بمحيط غامر غمرا كاملا لسطحها, ثم بدأت اليابسة في التكون بفعل الأنشطة البركانية المندفعة من قاع ذلك المحيط الغامر علي هيئة جزيرة بركانية ظلت تنمو حتي كونت القارة الأم, التي بدأت في التفتت إلي مكوناتها الحالية من القارات السبع منذ نحو مائتي مليون سنة مضت.. ومع استمرار نشاط الحركات الداخلية للأرض, وانعكاس ذلك علي تحرك ألواح غلافها الصخري, وما صاحبه من هزات أرضية, وثورات بركانية ومتداخلات نارية, تكونت السلاسل الجبلية التي أعطت سطح الأرض تضاريسه الشامخة, ولولا تلك التضاريس ما كان من الممكن فصل الماء العذب عن الماء المالح أبدا..
ومع دورة الماء حول الأرض ـالتي تحركها بتدبير من الله( تعالي) كل من حرارة الشمس, وتصريف الرياح, وإزجاء السحب, والتأليف بينها, وبسطها أو ركمها, وتكثف قطرات الماء فيها, وإنزال المطر أو البرد أو الثلج منها بإذن الله, وحيثما شاء وبالقدر المقسومـ تشكل سطح الأرض, وشقت الفجاج والسبل, وسالت الأنهار والجداول, وتدفق الماء في الأودية, ودارت دورات عديدة علي سطح الأرض, ولولا ذلك لفسد ماء الأرض منذ اللحظة الأولي لخروجه من داخلها..
دورة الماء حول الأرض:
تبخر أشعة الشمس سنويا بتقدير من الله( تعالي) ما مجموعه(380.000) كيلو متر مكعب من الماء من أسطح كل من البحار والمحيطات(320.000 كيلو متر مكعب), ومن اليابسة بما عليها من مسطحات مائية وجليد, وكائنات(60.000 كيلو متر مكعب), وهذا القدر من بخار الماء يتكثف في نطاق التغيرات المناخية( نطاق الرجع) الذي يشكل الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض فيعود إليها مطرا أو ثلجا أو بردا(284.000 كم3 منها تنزل علي البحار والمحيطات, و96.000كم3 تنزل علي اليابسة) والفارق وقدره(36.000 كم3) من الماء يفيض من اليابسة إلي البحار والمحيطات سنويا حاملا معه ملايين الأطنان من الأملاح وفتات الصخور, وبذلك تكون الأنهار من وسائط النقل الرئيسية التي تنقل نواتج كل من عمليات التجوية والتحات والتعرية من اليابسة إلي أحواض البحار والمحيطات حيث تترسب الرواسب بتتابعات سميكة تتجمع فوق كل من الرصيف القاري وقيعان المحيطات العميقة, كما قد تتجمع فوق قيعان البحيرات.. وجزء من هذه الرواسب يترسب علي طول مجري النهر بفعل عدد من العمليات النهرية..
تكون دالات الأنهار
تتكون دالات الأنهار, والرواسب الدلتاوية نتيجة التفاعل بين كل من العمليات النهرية والعمليات الساحلية.. ولكل نهر حوض لتصريف مائه يعرف باسم حوض المصرف (DrainageBasin) أو منطقة اصطياد المطر (CatchmentArea) أو منطقة المجري ويمر النظام النهري بمراحل من الشباب, والنضج, والشيخوخة, ويرسب قدرا من حمولته في مجراه بما يعرف باسم مجموعة رواسب القناة (ChannelDeposits) ورواسب الشرف النهرية (LeveeDeposits) ورواسب سهل الفيضان أو الرقة (FloodPlainDeposits) ورواسب المستنقعات (SwampDeposits) وتجمع كلها تحت مسمي رواسب فوق الضفة (OverbankDeposits)..
وعموما تتجمع رسوبيات الدلتا فوق الأرصفة القارية الضحلة الواسعة عند التقاء ماء النهر بماء البحر, وتنتج عن ذلك التجمع رواسب علي هيئة مخروطية تتكون أساسا مما يحمله النهر ويلقي به عند مصبه في البحر فيترسب جزء منه فوق اليابسة ويتجمع الباقي تحت سطح الماء.. وتعتبر دلتا النهر وسطا انتقاليا بين ماء النهر العذب, وماء البحر المالح, وتحتوي عددا كبيرا من بيئات الترسيب المتباينة التي يتجاوز عددها الإثنتي عشرة بيئة..
وكلما كانت كمية الرسوبيات التي يلقيها النهر عند مصبه أكبر من قدرة كل من تيارات المد والجزر, والأمواج والتيارات البحرية الموازية للشاطئ علي إزالته; وتلعب التراكيب الجيولوجية الكبيرة( من مثل حركة ألواح الغلاف الصخري للأرض) دورا بارزا في ذلك..
عوامل تحكم نشاط النهر علي منطقة مصبه:
عند مصبات الأنهار عادة ما يضعف أثر كل من ظاهرتي المد والجزر, وشدة الأمواج والتيارات البحرية فتسود قوي ثلاث أخري هي: القصور الذاتي(أو قوة واستمرارية تدفق تيار الماء في النهر), وقدر الاحتكاك بالرسوبيات في قاع مجري النهر, وطفو الماء العذب فوق سطح الماء المالح..
وتبقي عوامل أخري مساعدة من مثل معدلات تدفق الماء وسرعة تياره, وعمق الماء في مجري النهر, وكتلة الرسوبيات التي يحملها ماء النهر. ففي ظل زيادة سرعة تدفق تيار الماء في مجري النهر, وعمق الحوض البحري الذي يصب فيه, وتدني الفارق في كثافة الماءين الملتقيين يسود القصور الذاتي فيندفع ماء النهر إلي البحر بشدة علي هيئة نفاثات دوارة تعزل ماء النهر عن ماء البحر وتؤخر اختلاطهما وامتزاجهما حتي تضعف معدلات تدفق الماء فيبدأ الامتزاج علي حواف كتلة الماء العذب مكونا ماء قليل الملوحة يفصل ماء النهر عن ماء البحر باستمرار.. وفي كثير من الأنهار يؤدي نقل كميات كبيرة من نواتج عمليات التعرية علي هيئة الرسوبيات المحمولة مع ماء النهر إلي ترسيبها في منطقة مصبه مما يرفع منسوب قاع منطقة المصب ويجعل سمك الماء فيها قليلا خاصة في المنطقة بعد المصب مباشرة مما يؤدي إلي جعلها أعلي من منسوب قاع مجري النهر, وتظل هذه المنطقة تنمو باستمرار نتيجة لاندفاع الماء من النهر علي هيئة تيار نفاث يحتك بالرسوبيات المتجمعة فوق قاعه. وفي منطقة مصبه حتي يبني برزخا من تلك الرسوبيات عموديا علي اتجاه تدفق النهر فيحول دون امتزاج مائه مع ماء البحر امتزاجا كاملا لوجود هذا البرزخ من الرسوبيات ولتكون ماء قليل الملوحة علي حواف طبقة الماء العذب الرقيقة الطافية فوق الماء المالح..
ويؤدي بناء هذا البرزخ الرسوبي إلي تفرع مجري النهر إلي فرعين( أو أكثر) كل واحد منهما علي جانبي البرزخ نظرا لتباطؤ تدفق الماء نتيجة لضحالة المجري وشدة احتكاك الماء بقاعه في أثناء جريانه; وقد يؤدي ذلك إلي زيادة نمو البرزخ علي هيئة حاجزوسطي كبير أو تكرار ترسب أعداد من تلك البرازخ.. ولما كانت كثافة الماء العذب( في حدود جرام واحد/ سم3) أقل من كثافة الماء المالح( في حدود1.026 إلي1.028 جرام/ سم3) فإن الماء العذب يطفو فوق سطح الماء المالح علي الرغم مما يحمله من رسوبيات, ويسمي هذا التدفق المائي باسم التدفق المتباين الكثافة..
ويظل الماء العذب طافيا فوق الماء المالح حتي تتمكن كل من تيارات المد والجزر, والأمواج والتيارات البحرية من المزج بين حواف هذه الطبقة الرقيقة من الماء العذب والماء المالح مكونة ماء قليل الملوحة يفصل بينهما, وهنا يتأثر تدفق الماء العذب بكل من قوة الاستمرار في الاندفاع( القصور الذاتي), وشدة الاحتكاك بقاع المجري, وفرق الكثافة بين الماءين العذب والمالح.. وفي حالة الأنهار ذات التدفق العالي للماء, أو عند فيضاناتها يكون التدفق الطافي للماء العذب فوق سطح الماء المالح هو السمة الغالبة لتدفق ماء تلك الأنهار; ويزداد الاحتكاك برسوبيات القاع مما يؤدي إلي تجمع كم هائل من الرسوبيات أمام مصب النهر علي هيئة سدود نهرية مستقيمة وموازية لمجري النهر تحت الماء في منطقة المصب, تحيط بالماء العذب من الجهتين فاصلة إياه عن الماء المالح فتعينه بذلك علي مزيد من الاندفاع في داخل البحر..
كذلك تبني الرسوبيات سدا هائلا في مواجهة مجري النهر يعرف باسم حاجز توزيع الماء في مصب النهر (Distributary-MouthBar) يتراوح عرضه بين أربعة وستة أضعاف عرض مجري النهر; وهذا الحاجز يفصل الماء قليل الملوحة( المتكون نتيجة لمزج جزء من ماء النهر العذب مع ماء البحر الملح) عن الماء العذب. ويتكرر تكون أمثال هذا الحاجز عدة مرات علي مسافات متباعدة من مصب النهر حتي تتكون منطقة تعرف باسم منطقة توزيع ماء النهر تعمل علي مزيد من الفصل بين الأنواع الثلاثة من الماء الموجود في مصبات الأنهار وهي: الماء العذب, والماء قليل الملوحة, والماء الملح.. وعلي ذلك فإن جميع النظم النهرية التي تصب في بحار تتميز بتداخلات معقدة بين كل من العمليات النهرية والبحرية, منها عمليات المد والجزر, التي تعمل علي اختلاط الماءين مكونة ماء متوسط الملوحة يفصل بين هذين الماءين خاصة في حالة التدفقات النهرية الضعيفة, وتزداد عمليات الخلط بين ماء النهر وماء البحر كلما توغلنا في داخل البحر حتي يتحول الماء إلي الطبيعة البحرية الكاملة تاركا وراءه مراحل من الماء القليل الملوحة تعمل كفاصل بين الماءين.
كذلك تساعد عمليات المد والجزر علي تجميع الرسوبيات التي يلقي بها النهر علي هيئة حواجز رسوبية علي مسافات من مصب النهر, ومتصلة بفم النهر بواسطة حواجز طولية موازية لاتجاه تدفق النهر تحول دون امتزاج مائه بماء البحر.. وفي الحالات التي يسود فيها دور عمليات المد والجزر سيادة واضحة يلاحظ أن مجري النهر يتسع عند مصبه اتساعا كبيرا علي هيئة الدلتا التي تعترضها تلال من رسوبيات النهر تعمل كذلك علي عزل مائه عن ماء البحر..
وهذه الحواجز الرسوبية الطولية والهلالية الشكل المعترضة لمجري النهر, وكذلك الشرف النهرية الموازية لمجراه والمندفعة من فم النهر إلي داخل البحر تساعد كلها علي عزل ماء النهر العذب عن ماء البحر المحيط لأطول فترة ممكنة, ثم يتكون بينهما نطاق من الماء قليل الملوحة يزيد من عملية الفصل تلك. وكل من الماء العذب والماء المالح له من صفاته الطبيعية والكيميائية ما يمكنه من البقاء منفصلا انفصالا كاملا عن الآخر علي الرغم من التقاء حدودهما عند مصب النهر, وذلك بتكوين برزخ من الرسوبيات أمام فوهة النهر ومن حوله, ويؤدي ذلك إلي تفرع الماء العذب إلي فرعين أو فروع من حوله, يتدفق منهما أو منها الماء العذب مكونا طبقة رقيقة طافية فوق الماء الملح, وتختلط به عند حوافها مكونة حزاما من الماء قليل الملوحة وذلك بفعل تيارات المد والجزر, والتيارات والأمواج البحرية المختلفة, ويعمل هذا الحزام من الماء القليل الملوحة علي مزيد من الفصل بين المائين العذب والملح, ولكل بيئة من هذه البيئات الثلاث( الماء العذب, والماء قليل الملوحة والماء الملح) أنواع خاصة من أنواع الأحياء المائية المحدودة بحدود بيئتها, وأنواع خاصة من الرسوبيات التي تترسب منها, وبذلك تكون أنواع الحياة في الماء القليل الملوحة مقصورة علي تلك البيئة, ومحجورة فيها, أي لا تستطيع الخروج منها وإلا هلكت, كما أن كل مجموعة من أنواع الحياة في البيئتين الأخريين لاتستطيع دخول الماء القليل الملوحة وإلا هلكت, فيما عدا أعداد قليلة جدا منها تستطيع العبور فيها دون بقاء طويل, ومن هنا كان هذا الماء القليل الملوحة حجرا علي الحياة الخاصة به, ومحجورا علي الحياة في البيئتين الأخريين من حوله.
وهذه حقائق لم يدركها الإنسان إلا في العقـود المتأخرة من القرن العشرين, وورودها في كتاب الله الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة, مما يقطع بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, ويجزم بنبوة هذا النبي الخاتم( صلي الله عليه وسلم).. فسبحان الذي أنزل قوله الحق: وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا[ الفرقان:53]..
وقال: وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها..... وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
| | |
6 - 8 - 2014, 05:39 PM
|
#10 | مدونة القران الكريم
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
| لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع |
تعليمات المشاركة
| لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة لا تستطيع الرد على المواضيع لا تستطيع إرفاق ملفات لا تستطيع تعديل مشاركاتك كود HTML معطلة | | | الساعة الآن 07:11 AM
| | | | | | | | | |