:: جمع جمال الكون ونثر بعينيك ( سوريه ) حياكي طلبك (آخر رد :همس الشوق)       :: قصيدة حوار مع النفس (آخر رد :همس الشوق)       :: قصيدةنرسم لك قاف المحبة (آخر رد :همس الشوق)       :: تهنئه للمصممه حنين بوصولها للالفيه 3000 الف مبروك (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: يعيش الورد في حلو ابتسامتك ( سورية حره ) حياكي طلبك (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدة هل أدركنا الحب (آخر رد :عيونها لك)       :: أول حياة الفتى تدريب ودراسة (آخر رد :عيونها لك)       :: يامعالج الجرح صبري واصلا ً ماده (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: يامتعب الأقدام ماشي على وين (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: شاهدو معجزة التى حدثت عندما اراد رجل مشرك ان يلقي بالمسلم بالنار (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: اجور عظيمه (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: النابلسي في أول خطبة جمعة له عقب العودة إلى سوريا بعد غياب استمر 14 عاما (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: رحيق الصباح (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قران كريم بصوت جميل جدا قبل النوم (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: بذور ماخاب ساقيها (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: السوشي الياباني اي شخص قادر يعمله في البيت (آخر رد :عيونها لك)       :: قصة اغتصاب سارة والله تحزن الله يرحمها (آخر رد :عيونها لك)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا جمال الدين (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: المعركة التي دمرت عروش فارس (آخر رد :سورية)       :: سيرة التابعي الجليل/ابراهيم بن ادهم (آخر رد :سورية)       :: قصص من التراث العراقي/الف ليلة وليلة/الصياد والجني/ج1 (آخر رد :سورية)       :: سيرة الصحابي الجليل/19/العلاء بن عبدالله (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: سيرة الصحابية الجليلة/16/ليلى بنت ابي حثمة (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: تفسير ايات سورتي الجن والمزمل (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: سلسلة الاخلاق الاسلامية/15/بر الوالدين (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: الأطفال ومواقع التواصل الإجتماعي للنقاش (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: محاضرة عن الصبر (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: نهايات (آخر رد :الــســاهر)       :: كم جميل لو بقينا (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قسوة أصدقاء ولكن من باب المزاح (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: وقع خيالك (آخر رد :عاشق الكتابة)       :: قصيدةتحت السحب (آخر رد :حمدفهد)       :: لبذرة الامنيات حكاية (آخر رد :عيونها لك)       :: نصائح قبل حجز الدومين (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدة سلام يامنى الروح وين ما روح (آخر رد :حمدفهد)       :: روائع الشعر العراقي/اديب كمال الدين/كان يجلس في الغرفة المجاورة (آخر رد :عيونها لك)       :: روائع الشعر العراقي/بدر شاكر السياب/اهواء (آخر رد :عيونها لك)       :: روائع الشعر العراقي/عبدالرزاق عبدالواحد/منذ خمسون عاما (آخر رد :عيونها لك)       :: سكان المدن أكثر عرضة للعزلة الاجتماعية من سكان القرى (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: حبيبي ذهب موزون (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدة العاقل ما يعد الخمسة (آخر رد :حمدفهد)       :: قصيدة يا زين من هي (آخر رد :حمدفهد)       :: ملحمة القلب (آخر رد :الــســاهر)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا اوراق الورد (آخر رد :الــســاهر)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا سولي سولي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روائع الشعر العراقي/خليل الشبرمي التميمي/عاد عيد العنود (آخر رد :عيونها لك)       :: روائع الشعر العراقي/بلند الحيدري/لاشي هنا (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روائع الشعر العراقي/جميل صدقي الزهاوي/ما الروض بعد البلبل المترنم (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قصيدة ايش أوصف مجارة بين شاعرين (آخر رد :حمدفهد)       :: تاريخ العراق القديم/الجيش الاشوري واسره للنساء والاطفال (آخر رد :تووفه الحربي)       :: ترى الوقت نفس الوقت والناس غير الناس (آخر رد :عيونها لك)       :: تذكرين أيامنا واحنا صغار (آخر رد :عيونها لك)       :: تزعل بدون أسباب من غير تبرير (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: اصوت لبنتين وبيدي بنتين نوره مضاوي عايشه مي يارا (آخر رد :عيونها لك)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا فاييز (آخر رد :الــســاهر)       :: غطي الخبز بالخس والخيار (آخر رد :تووفه الحربي)       :: ترش جوزة الطيب على الوجه ويخبز (آخر رد :تووفه الحربي)       :: يرش الملح ومزيج بهارات (آخر رد :تووفه الحربي)       :: بسكويتات اللوز والزبيب (آخر رد :تووفه الحربي)       :: ضعي ماسالا الدجاج (آخر رد :تووفه الحربي)       :: لوبتكلم غزير الشوق قاطعني (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: لوحات روعه (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: ابتسمي ياجميله (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: كوني راقيه (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: احذيه جنان (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدةدنيا الغفلة (آخر رد :حمدفهد)       :: تهنئه للاخت حنين بوصولها للالفيه 1000 الف مبروك (آخر رد :همسة الشوق)       :: أنت فقط من يلفت انتباهي ( سورية وافتخر ) حياكي هنا (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: اطلب وتدلل مع حنين (آخر رد :تووفه الحربي)       :: المغنيسيوم يحسّن قدرات العقل (آخر رد :تووفه الحربي)       :: وتسمع صوت كل مظلوم فتواسيه (آخر رد :عيونها لك)       :: سفراء النبي صلى الله عليه وسلم/6/عمرو بن العاص (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: سلسلة احداث السيرة النبوية/الحلقة السابعة (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: الاديب والشاعر اللبناني ميخائيل نعمة (آخر رد :تووفه الحربي)       :: علماء وعباقرة العرب ابو الجراحة ابو القاسم الزهراوي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تاملومعي حجم الجنين (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قصيدة رماك الهوى وما رماها (آخر رد :حمدفهد)       :: والجاهل احذر لاتجادله يبلاك (آخر رد :تووفه الحربي)       :: شرح التسجيل و التعامل مع المنتديات وكتابة موضوع فى المنتدى (آخر رد :عيونها لك)       :: التأثر بالديانات الاخرى للنقاش (آخر رد :همس الشوق)       :: قصة تحويل القبلة الى الكعبة (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: شرح تركيب هاك للمنتدى هاك الصندوق الماسي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: كيف تكسب الاعضاء في المنتدى (آخر رد :عيونها لك)       :: ما معنى وعاشروهن بالمعروف (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قصيدة رضا من الله يالشهيدة رثاء (آخر رد :حمدفهد)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا سورية (آخر رد :تووفه الحربي)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا سورية حرة (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قرار اداري بمنح بطاقات شكر وتقدير 2025 (آخر رد :الخالدي)       :: قصيدةالدرة المدرارة (آخر رد :حمدفهد)       :: قصيدةفيه ناس ما تستاهل رشة عطر (آخر رد :حمدفهد)       :: بقايا عطر (آخر رد :عاشق الكتابة)       :: تاريخ العراق القديم المعتقدات الدينية في العراق القديم (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قصيدةماتواطنها نفوس الأشرار (آخر رد :حمدفهد)       :: فرامل اللسان (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: بذور الكتان قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: لعلاج الأفضل للصحة وسر أسرار الجمال (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: هاك الشكر والاعجاب وعدم الاعجاب مرتبطة بالتقييم والتنبيهات ومعرب (آخر رد :عيونها لك)       :: ترتيب الاقسام الفرعية بجانب بعضها (آخر رد :عيونها لك)       :: فصل المواضيع المثبتة عن العادية للنسخة الرابعة (آخر رد :عيونها لك)       :: كود توسيط المشاركات للجيل الخامس (آخر رد :ناطق العبيدي)      

 

 
   
{ اعلانات شبكة همس الشوق ) ~
 
 
 
   
فَعاليِات شبَكة همَس الشُوقِ
 
 
 غير مسجل  : بصفتك أحد ركائز المنتدى وأعضائه الفاعلين ، يسر الإدارة أن تتقدم لك بالشكر الجزيل على جهودك الرائعه .. وتأمل منك فضلاً لا أمراً المشاركة في أغلب الأقسام وتشجيع كافة الأعضاء بالردود عليهم والتفاعل معهم بقدر المستطاع . ( بكم نرتقي . غير مسجل  . وبكم نتطور ) همس الشوق

اخي الزائر لديك رسالة خاصة من شبكة همس الشوق للقراءة ! اضغط هنا !


همس للخيمة الرمضانية


إنشاء موضوع جديد  إضافة رد

بحث حول الموضوع انشر علي FaceBook انشر علي twitter
العوده للصفحه الرئيسيه للمنتدى انشاء موضوع جديد ردود اليوم ممنوع دخول الفضوليين مدونة القران الكريم
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 7 - 9 - 2014, 11:18 PM   #61



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الخطبة الأولى



أما بعد: الحج أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام ودعائمه الخمس، وفرض من فروضه دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، وهو فرض عين على المكلف المستطيع مرة واحدة في العمر، ومن أنكر ذلك فقد كفر إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام أو نشأ في بادية بعيدة عن العلم وأهله.
الأدلة من الكتاب:
1- قال تعالى: إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ ٱللَّهِ فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة:158].
2- وقال تعالى: وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ [البقرة:196].
3- وقال تعالى: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:97].
4- وقال تعالى: وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلاْنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَائِسَ ٱلْفَقِيرَ [الحج:27، 28].
فهذه الآيات صريحة في إيجاب الحج حيث قال تعالى: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ وكلمة عَلَى إيجاب، وقال تعالى: وَمَن كَفَرَ أي ومن كفر بوجوب الحج، وقال تعالى: وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ أي ادعهم ونادهم إلى حج البيت وقيل أعلمهم أن الله فرض عليهم الحج بدليل قوله تعالى: يَأْتُوكَ.
قال ابن العربي بعد سياقه للآية: "وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ [آل البيت:97]. قال علماؤنا: هذا من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب إذ قال العربي لفلان: عليّ كذا، فقد وكده وأوجبه، قال علماؤنا: فذكر الله الحج بأبلغ ألفاظ الوجوب تأكيداً لحقه وتعظيماً لحرمته وتقوية لفرضه ...".
الأدلة من السنة:
1- ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبيلا)).
2- ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا))، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو قلت: نعم، لوجبت ولما استطعتم))، ثم قال: ((ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)) مسلم.
فهذه النصوص من السنة تدل دلالة قاطعة على وجوب الحج مرة واحدة في العمر، وأنه ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام التي لا يتم إسلام امرئ إلا به متى تحققت فيه شروط الوجوب وانتفت عنه موانع الأداء، فحري بالمسلم أن يبادر لإبراء ذمته وأداء ما عليه قبل أن تقول نفس: يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله، وقبل أن يندم، ولات ساعة مندم.
ولقد أفاض القرآن والسنة في فضل الحج ووردت فيه النصوص الكثيرة التي ذكرنا طرفاً منها فيما سبق ونذكر هنا ما لم نذكره هناك مما يختص في فضل الحج فنقول:
1- الحج يهدم ما قبله:
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (.. فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إبسط يمينك لأبايعك فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال: مالك يا عمرو؟ قال: قلت أردت أن أشترط، قال: تشترط بماذا؟ قلت: أن يغفر لي، قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله ...).
2- الحاج يعود بعد حجه كيوم ولدته أمه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)).
3- الحج أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: ((إيمان بالله ورسوله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((ثم جهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((ثم حج مبرور)) البخاري.
4- الحج أفضل الجهاد:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ قال: ((لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور)) البخاري.
5- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)).
ومن فضائل الحج أن الحجاج والعمار وفد الله إن سألوه أعطاهم، وإن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم، ونفقتهم في سبيل الله، وهي مخلوفة عليهم، وهم معانون في أداء النسك.
وأخيراً فإن الله يباهي بالحجاج ملائكته في صعيد عرفات ويتجلى لهم ويقول: انصرفوا مغفوراً لكم، إنه لفضل عظيم ونعمة كبرى أن ينصرف الحاج من هذا الموقف العظيم مغفوراً له وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء اللهم إنا نسألك من فضلك.
الحج هجرة إلى الله تعالى، استجابة لدعوته، وموسم دوري يلتقي فيه المسلمون كل عام على أصفى العلاقات وأتقاها، ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله.
وعبادات الإسلام وشعائره تهدف كلها إلى خير المسلمين في الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الحج عبادة يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم، فتصفو نفوسهم ويلتقون على المودة يربط بينهم الإيمان رغم تباعد الأقطار واختلاف الديار.
والمتأمل في نصوص الكتاب والسنة الخاصة بالحج إذا جمع معها ما يلمسه في الواقع المشاهد خلال أداء فريضة الحج تتجلى له الأهداف التالية:
1- الحج امتثال لأوامر الله واستجابة لندائه:
الحج امتثال لأوامر الله واستجابة لتعاليمه تتجلى فيه الطاعة الخالصة والإسلام الحق وصدق الله العظيم: وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ [لقمان:22].
2- الحج فيه تأسٍ بأبينا إبراهيم عليه السلام:
لقد أمر الله أبانا إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج وكتب الله لمن شاء من عباده أن يلبوا هذا النداء رجالاً أو ركباناً، ففي الحج اقتداء بالصالحين وتأسي بمن أمرنا الله أن نتأسى بهم ونجعلهم قدوة حسنة لنا، يقول تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ [الممتحنة:4]، إلى قوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ.. [الممتحنة:6].
3- الحج فيه ارتباط بمهبط الوحي:
الحج رحلة إلى الديار المقدسة مهبط الوحي ومتنزل التشريع، وكلما ارتبط المسلم بهذه البقاع الطاهرة كلما كان أقرب إلى الاقتداء بالرعيل الأول، الذين جاهدوا في سبيل الله وبلغوا شرعه إلى أنحاء المعمورة، وشتان بين مسلم يرتبط قلبه بمهابط الوحي ومنازل التشريع ومسلم يتعلق قلبه هنا أو هناك خلف عرض زائل أو قزم يتطاول، فكما أن الفرق شاسع بين الوسيلتين فكذلك في النتيجة.
4- في الحج إعلان عملي لمبدأ المساواة بين الناس:
تتجلى المساواة بأسمى صورها الواقعية في الحج، وذلك في صعيد عرفات حينما يقف الناس موقفاً واحداً لا تفاضل بينهم في أي عرض من أعراض الدنيا الزائلة بل التفاضل والفوز والفلاح بالتقى، يقول الحق تبارك وتعالى مؤكداً هذا المنهج السامي في الإسلام إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ [الحجرات:13]، ويقول تعالى: سَوَاء ٱلْعَـٰكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ [الحج:25].
5- في الحج تذكرة بيوم لقاء الله:
الحج يذكر المسلم بيوم لقاء الله وذلك إذا تجرد الحاج من ثيابه ولبى محرماً ووقف بصعيد عرفات، ورأى كثرة الناس ولباسهم واحد ويشبه الأكفان، فهنا تجول بالخاطر مواقف سيتعرض لها المسلم بعد وفاته فيدعوه ذلك للاستعداد لها وأخذ الزاد قبل لقاء الله.
6- في الحج توثيق لمبدأ التعارف والتعاون:
يقول الحق تبارك وتعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ويتجلى تحقيق هذا المبدأ السامي في الحج حيث تتوثق الصلات ويقوى التعارف ويتم التشاور ويحصل تبادل الآراء، والتجارب والخبرات للسعي قدماً في النهوض بالأمة ورسم الطريق الأمثل لها لتتبوأ مكانتها القيادية على مر العصور والأجيال.
7- في الحج جمع للناس على مبدأ التوحيد:
في الحج تتجلى صورة التوحيد لدى المسلمين، فهم أولاء يتوافدون على الديار المقدسة ويجتمعون في أماكن محددة ويناجون رباً واحداً ملبين للنداء مذعنين للأمر منضوين تحت اللواء، يرفعون كلمة التوحيد ويعتصمون بالحبل المتين وصدق الله العظيم: إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ [الأنبياء:92].
8- الحج مؤتمر سنوي للمسلمين:
وأخيراً فالحج مؤتمر سنوي عام للمسلمين يتدارسون فيه شئونهم وتجتمع فيه كلمتهم ويحنو فيه غنيهم على فقيرهم وتظهر فيه الوحدة الكبرى للمسلمين.
والذي أدى فريضة الحج في السنوات الأخيرة يلمس هذه الأهداف ماثلة للعيان فكم من أموال بذلت في سبيل الله وكم من تجارب تمت الاستفادة منها وكم من لقاءات جانبية تداول فيها المجتمعون ما يهم المسلمين في حاضرهم ومستقبلهم، وإذا كان هذا تحقق فعلاً بفضل من الله فإننا نأمل المزيد وندعو المسلمين لاستثمار هذا المؤتمر السنوي ليحصل الخير الوفير لأمة الإسلام في جميع ديار المسلمين.
فرض الله سبحانه وتعالى العبادات على عباده امتحاناً لطاعتهم وإظهاراً لعبوديتهم وشكرهم وتحقيقاً لمصالحهم في الدنيا والآخرة وقد أشار سبحانه وتعالى في محكم كتابه إلى طرف من هذه المصالح والمنافع، فعند ذكر الحج مثلاً أشار إلى منافعه العظيمة التي يشهدها الحجاج يقول تعالى: لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلاْنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَائِسَ ٱلْفَقِيرَ [الحج:28].
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: (منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارات ...).
ولكي تتضح الصورة لنا حول آثار الحج سنتحدث عنه من جانبين:
أحدهما: آثار الحج في حياة الأمة الإسلامية.
الثاني: آثار الحج فيمن أدى فريضته.
آثار الحج في حياة الأمة الإسلامية:
للحج آثار عظيمة على المجتمع المسلم في عقيدته ووحدته واقتصاده وجميع شئون حياته ومن أبرز آثاره في حياة الأمة الإسلامية ما يأتي:
1- وصل حاضر الأمة بماضيها:
من آثار الحج الظاهرة أنه يصل حاضر الأمة الإسلامية بماضيها ويربط الجيل الحاضر بالجيل الأول، وتاريخ البيت العتيق ضارب في أعماق الزمن منذ أن دعا أبونا إبراهيم عليه السلام وأرسل نداءه الخالد على مر الزمن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ.
2- سقوط الشعارات الزائفة:
من آثار الحج سقوط الشعارات الزائفة التي تجعل التفاضل بين الناس حسب أجناسهم وألوانهم ومكانتهم في الدنيا. ففي الحج تذوب تلك الفوارق، بل تسقط فتتحقق المساواة بين المسلمين رغم اختلاف أجناسهم وألوانهم وتباين ألسنتهم وتباعد بلادهم، الجميع من آدم وآدم من تراب إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ [الحجرات:13].
3- توحيد كلمة المسلمين:
من آثار الحج في حياة أمة الإسلام توحيد كلمة المسلمين وجمع شملهم تحت راية التوحيد، شعارهم المعلن هو التلبية ـ لبيك اللهم لبيك ـ وما ذاقت الأمة ما ذاقت من ويلات وحروب واستعمار وتخلف إلا بسبب تفرقها وتمزقها، والحج فرصة، وأيما فرصة للم الشمل وتوحيد الصف والوقوف بوجه العدو تحقيقاً لأمر الله وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [آل عمران:103].
4- تبادل المنافع التجارية والتجارب الاقتصادية:
من آثار الحج في حياة الأمة الإسلامية تبادل التجارب والخبرات في المجال الاقتصادي وتنويع المنتوجات حسب العرض والطلب في السوق المالية في ديار الإسلام.
ولا شك أن هذا التجمع الكبير فرصة لبحث أوجه النقص لدى بعض البلاد الإسلامية ليتم التكامل مع بعض البلاد الأخرى، وهذا من المنافع التي أمرنا الله أن نشهدها في الحج، وقد أشار خير الأمة وترجمان القرآن إلى هذا المعنى في تفسيره للمنافع في الآية.
آثار الحج فيمن أدى فريضته:
1- تجديد ذكر الله:
من آثار الحج في حياة المسلم الذي يؤدي فريضته أنه يقوي صلة المحبة بينه وبين خالقه، وذلك عن طريق شعار الحج المعلن ـ لبيك اللهم لبيك ـ، فيها يجدد المسلم ذكر الله في مواقع ومواقف متعددة، يصحب ذلك خشوع وخضوع للخالق البارئ سبحانه وتعالى، والمسلم بهذه التلبية يطرح كل شواغل الحياة وصوارفها التي تمنعه من القرب من خالقه طاعة وامتثالاً وخشوعاً وخضوعاً وتذللاً وإجلالاً ـ لبيك اللهم، لبيك لا شريك لك لبيك ـ.
2- في أداء مناسك الحج يذكر المسلم اليوم الآخر:
الحج مظهر مصغر ليوم الحشر والعرض على الله. ولذا تفيض في نفس الحاج بواعث الشوق للقاء الله ويدفعه للعمل الصالح وينشط في مجالات الخير وتنهزم بواعث المعصية في نفسه ويبقى ذكر الموت وما بعده بين عينيه، وفي هذا من الآثار العظيمة على السلوك والأخلاق ما يلمسه كل حاج مع نفسه ومع الآخرين.
3- نيل رضوان الله ومغفرته:
من آثار الحج في حياة المسلم الحاج أنه يرجع إلى بلده بإذن الله نقياً من الذنوب؛ لأنه تعرض لمغفرة الله ورضوانه ووقف مع من وقف في بابه يدعو ويرجو راغباً راهباً، وقد وعد الله من حج ولم يرفث ولم يفسق بالمغفرة والرضوان جاء ذلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)).
4- يتعلم الحاج دروس التضحية والبذل:
من آثار الحج على المسلم الذي يؤدي هذه الفريضة أنه يتعلم دروساً في البذل والتضحية، ولذا كان الحج باباً من أبواب الجهاد، أليس الحاج يترك وطنه وأهله وأحبابه؟ أليس الحاج يبذل المال قربة لله؟ أليس الحاج يجهد نفسه ويخلع ثيابه ويتجرد من كل شيء طاعة لله وامتثالاً لأمره، وهذا لون من ألوان الجهاد بالمال والجهد والوقت.
5- الحج تدريب عملي للحاج على الصبر والطاعة:
من آثار الحج في حياة المسلم الذي يؤدي هذه الفريضة أنه يتدرب عملياً على الصبر بكل أنواعه: الصبر على مشقة الطاعة والصبر عما حرم الله والصبر على ما يصيب الحاج من المشقة والجهد والعنت وفقد المال وبعد الأهل والأحباب، وبهذا يتهيأ المسلم لمنازلة الأعداء وهو قوي الجانب ثابت الجنان لا يدخل الخوف إلى قلبه ولا يتسرب الهلع إلى نفسه لأن الإخلاص ملأ عليه سمعه وبصره فلا يصدر عنه إلا السمع والطاعة.
6- الحج نقطة تحول في حياة الحاج:
يزداد به خيراً وتقوى وصلاحاً، ولذا أشار القرآن الكريم إلى أنه ينبغي للحاج ألا ينسى مواقفه الضارعة في الحج وأن يستمر في تعلقه بربه وإنابته له. بقوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا...[البقرة:200].
والحاج الذي يبقى أثر الحج في نفسه ويعود منه وقد تحسن حاله واستقام أمره وأقبل على طاعة ربه، هو الذي يرجى أن يقبل حجه، فالله لا يقبل العمل إلا من المتقين إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ [المائدة:27].
أيها المسلمون، الذين لم يعزموا على الحج هذا العام سواء ممن حج أو لم يحج سأقرأ عليكم حديثاً واحداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عسى أن يحرك الهمم، والذي تردد لعله يعزم.
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة ويمحو عنك بها سيئة، وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول: هؤلاء عبادي جاؤوني شعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني، فلو كان عليك مثل رمل عالج أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك، وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك، وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة. فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك)).


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 7 - 9 - 2014, 11:19 PM   #62



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الخطبة الأولى





أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون حق التقوى، فالأعمار تطوى، والآجال تفنى.

قبل أيام ودعنا عامًا هجريًا وبدأنا عامًا آخر، انقضت صفحة من صفحات حياتنا، ولا ندري عما طويناها، هل سودناها بسوء أعمالنا، أم بيضناها بصالح قرباتنا.

المسلم الصالح يا عباد الله، تكون له وقفات دائمة مع نفسه ليحاسبها ويصحح مسيرته ويتدارك خطأه، لاسيما عند انقضاء مرحلة من مراحل عمره.

إن النفس سريعة التقلب، ميالة في كثير من الأحيان إلى الشر، كما قال الله تعالى عنها: إِنَّ ٱلنَّفْسَ لامَّارَةٌ بِٱلسُّوء إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى [يوسف:53].

ومـن هنــا كـان لزاماً على كل عبدٍ يرجو لقاء ربّه أن يطيل محاسبته لنفسه، وأن يجلس معها جلسات طـِــوالاً؛ فينظر في كل صفحة من عمره مضت: ماذا أودع فيها.

قال أبو حامد الغزالي: "اعلم أن العبد كما (ينبغي أن) يكون له وقت في أوّل النهار يشارط فيه نفسه على سبيل التوصية بالحق، فينبغي أن يكون له في آخر النهار ساعة يطالب فيها النفس ويحاسبها على جميع حركاتها وسكناتها، كما يفعل التجار في الدنيا مع الشركاء في آخر كلّ سنة أو شهر أو يوم، حرصاً منهم على الدنيا، وخوفاً من أن يفوتهم منها ما لو فاتهم لكانت الخيـرة لهم في فواته... فكيف لا يحاسب العاقل نفسه فيما يتعلق به خطر الشقاوة والسعادة أبد الآباد؟! ما هذه المساهلة إلا عن الغفلة والخذلان وقلة التوفيق نعوذ بالله من ذلك"[1].

أولاً: معنى المحاسبة:

المحاسبة ياعباد الله كما قال الماوردي: "أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضـاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن، وانتهى عن مثله في الـمستقبل"[2] يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "المحاسبة أن يميز العبد بين ماله وما عليه فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه؛ لأنه مسافرٌ سَفَرَ من لا يعود"[3].

وأما الحارث المحاسبي فقد عرّفها بقوله: "هي التثبّت في جميع الأحوال قبل الفعل والترك من العقد بالضمير، أو الفـعــل بالجارحة؛ حتى يتبيّن له ما يفعل وما يترك، فإن تبيّن له ما كره الله ـ عز وجل ـ جانبه بعقد ضمير قلبه، وكفّ جوارحه عمّا كرهه الله ـ عز وجل ـ ومَنَع نفسه من الإمساك عن ترك الفرض، وسارع إلى أدائه"[4].



ثانياً: أهمية محاسبة النفس:

أيها الإخوة المؤمنون: لمحاسبة النفس فوائد كثيرة متعدّدة:

1- فمنها أن غيابها نذير غرق الأمة في لجج من بحار الفساد والتيه المنتهية بنار وقودها الناس والحجارة، وأن الفساد في الدنيا إنما يكون ظاهراً جلياً حينما لا يتوقع المجتمع أو الفرد حساباً، لا يتوقع حساباً من رب قاهر أو من ولي حاكم أو من مجتمع محكوم أو من نفس لوامة، وحينما لا يتوقع المجتمع و الفرد حساباً على تصرفاتهم فإنهم ينطلقون في حركاتهم كما يحبون ويموجون كما يشتهون وكما تهوى أنفسهم فيتقلبون على الحياة ودروبها بلا زمام ولا خطام فيتشبهون بأهل النار من حيث يشعرون أو لا يشعرون إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا كِذَّاباً [النبأ:27-28].

2- ومنها –يا عباد الله- الاطلاع على عيوب النفس ونقائصها ومثالبها، ومن اطلع على عيوب نفسه، أنزل نفسه المنزلة الحقيقة لا سيما إن جنحت إلى الكبر والتغطـرس.وما من شك أنّ معرفـة العبد قدر نفسه يورثه تذلّلاً لله وعبودية عظيمة لله عز وجل، فلا يمنّ بعمله مهمـا عظم، ولا يحتقر ذنبه مهما صغر. قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (لا يفقه الرجل كلّ الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشدَّ مقتاً)[5].

3-ومنها أيها الإخوة - أن يتعرّف على حق الله ـ تعالى ـ عليه وعظيم فضله ومنّه؛ وذلك عندما يقارن نعمة الله عليه وتفريطه في جنب الله، فيكـون ذلك رادعاً له عـن فعل كل مشين وقبيح؛ وعنـد ذلك يعلـم أن النجـاة لا تحصل إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته، ويتيقّن أنه من حقّه ـ سبحانه ـ أن يطاع فلا يعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر.

4-من فوائد المحاسبة كذلك أنها تزكي النفس وتطهرها وتلزمها أمْر الله ـ تعالى ـ. قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـٰهَا [الشمس:9-10]. وقال مالك بن دينار: "رحم الله عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ألستِ صاحبة كذا؟ ثم ذمّها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله ـ عز وجل ـ فكان لها قائداً"[6].

5-أيها المؤمنون: المحاسبة تربّي عند الإنسان الضمير الحي داخل النفس، وتنمّي في الذات الشعور بالمسؤولية ووزن الأعمال والتصرّفات بميزان دقيق هـو ميزان الـشرع)[7].

6-أيها المسلمون: استمعوا إلى ابـن الـقـيـم ـ رحمـه الله ـ وهو يحذر من إهمال محاسبة النفس فيقول: "أضرّ ما على المكلّف الإهمال وترك المحاسبة، والاسـتـرسال، وتسهيل الأمور وتمشيتُها؛ فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذا حال أهل الغرور: يغمض عينيه عن العواقب، ويمشّي الحال، ويتكل على العفو، فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأنسَ بها وعسر عليه فطامها"[8].

والنفس كالطفل إن تهمله ش،ب على حب الرضـاع وإن تفطمه ينفطـم

فاحـذر هواها وحـاذر أن توليـه إن إلهـوى ما تولى يعم أو يصـم

وراعها وهي في الأعمـال سائمة وإن هي استحلت المرعى فلا تسم

كـم حسـنت لـذة للمـرء قاتلـة من حيث لم يدر أن السم في الدسم

وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضـاك النصـح فاتهم

أيها الإخوة: إذا كان أرباب الأعمال وأرباب الدنيا يجعلون المحاسبة والتدقيق والمراجعة من أهم مراحل العملية الإدارية، فبدون هذه المراحل تكون المنشأة عرضة لفشل محقق، فما بالكم بهذا الإنسان المسكين الضعيف الذي يقطع مراحل حياته ليلقى ربه، فإما فوز ونجاة، وإما خسارة وعذاب.

عباد الله: يا من تعيشون في هذه الديار التي علا فيها صوت الشيطان، وأجلب على أهلها بخيله ورجله، نحن في حاجة أكبر لمحاسبة النفس، المعاصي تغزونا حتى في دورنا وبين أهلينا، والغفلة رانت على قلوبنا، وطاعة الله بعيدة عنا.



ثالثاً: فضل المحاسبة والآثار الواردة في ذلك:

أيها المؤمنون: يقول الله تبارك وتعالى ـ: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18]. قال صاحب الظّلال: "وهو تعبير كذلك ذو ظلال وإيحاءات أوسع من ألفاظه، ومجرّد خطوره على القلب يفتح أمامه صفحة أعماله بل صفحة حياته، ويمدّ ببصره في سطورها كلّها يتأمّلها، وينظر رصيد حسابه بمفرداته وتفصيلاته لينظر ماذا قدّم لغـده في هذه الصفحة. وهذا التأمّل كفيل بأن يوقظه إلى مواضع ضعف ومواضع نقص ومواضع تقصير مهما يكنْ قد أسلف من خير وبذل من جهد؛ فكيف إذا كان رصيده من الخير قـلـيـلاً ورصيده من البرّ ضئيلاً؟! إنها لمسةٌ لا ينام بعدها القلب أبداً، ولا يكفّ عن النظر والتقليب"[9].

قال الحسن البصري في تفسير قول الله عز وجل: وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ [القيامة:2]. "لا يُلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردتُ بكلمتي؟ ماذا أردتُ بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والفاجر يمضي قُدُماً لا يعاتب نفسه"[10].

ويقول الله ـ عزّ وجلّ ـ في وصف المؤمنين الذين يحاسبون أنفسهم عند الزلّة والتقصير ويرجعون عمّا كانوا عليه: إنَّ الَذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُم مُّبْصِرُونَ [الأعراف:201].

قال الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزيّنوا للعرض الأكبر يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيةٌ [الحاقة:18])[11].

ويصف الحسن البصري المؤمن بقوله: "المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله، وإنّما خفّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنّما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة"[12]. ويقول ميمون بن مهران: "إنه لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة شريكه"[13].



رابعاً: كيفية المحاسبة:

فإن قال قائل يا عباد الله: كيف تكون محاسبة النفس؟

فالجواب: محاسبة النفس لها طرائق متعددة، كل يجتهد في الطريقة الأنسب،وهنا نشير إشارات مختصرة.

بين بعض العلماء[14]أن المحاسبة تكون على نوعين:

النوع الأول: محاسبة قبل العمل، وهي: أن يقف عند أوّل همّه وإرادته، ولا يبادر بالعمل حتى يتبيّن له رجحانه على تركه.

قال الحسن: "كان أحدهم إذا أراد أن يتصدّق بصدقة تثبّت؛ فإن كانت لله أمضاها، وإن كانت لغيره توقّف"[15]. قيل لنافع بن جبير: ألا تشهد الجنازة؟ فقال: "كما أنت حتى أنوي، ففكر هنيهة، ثم قال: امض"[16].

النوع الثاني من أنواع المحاسبة يا عباد الله: المحاسبة بعد العمل، وهي على أقسام ثلاثة:

أ- محاسبتُها على التقصير في الطاعات في حق الله ـ تعالى ـ وذلك يكون بأن يديم سؤال نفسه: هل أديتُ هذه الفريضة على الوجه الأكمل مخلصاً فيها لله ووفق ما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فإن كان مقصّراً ـ وأيّنا يسلم من ذلك؟ ـ فليسدّ الخلل بالنوافل فإنها تُرقّع النقص في الفريضة وتربي لدى العبد جانب العبادة، وبالمجاهدة وكثرة اللّوم يخفّ التقصير في الطاعات إلى درجة كبيرة.

ب – القسم الثاني من المحاسبة بعد العمل محاسبة النفس على معصية ارتكبتها: قال ابن القيم في ذلك: "وبداية المحاسبة أن تقايس بين نعمته - عز وجل - وجنايتك؛ فحينئذٍ يظهـر لك التفاوت، وتعلم أنه ليس إلا عفوه ورحمتُه أو الهلاكُ والعطب.

وبهذه المقايسة تعلم أنّ الرّب ربّ والعبدَ عبد، ويتبيّن لك حقيقةُ النفس وصفاتُها وعظمةُ جلال الربوبّية وتفرّدُ الربّ بالكمال والإفضال، وأنّ كل نعمة منه فضل وكلّ نقمة منه عدل... فإذا قايست ظهر لك أنها منبع كلّ شرّ وأساس كلّ نقص وأنّ حدّها: [أنها] الجاهلةُ الظالمةُ، وأنّه لولا فضل الله ورحمتُه بتزكيته لها ما زكت أبداً. ولولا إرشاده وتوفيقه لما كان لها وصولٌ إلى خير البتة؛ فهناك تقول حقاً: أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي"[17].

وبعد أن يحاسب نفسه هذه المحاسبة ويجـلــس معها هذه الجلسة المطوّلة فإنه ينتقل إلى الثمرة والنتيجة ألا وهي العمل على تكفير تـلـك المعصية، فيتدارك نفسه بالتوبة النصوح وبالاستغفار والحسنات الماحيةِ والمذهبة للسيئات. قال ـ سبحانه ـ: إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ [هود: 114].

فالبدارَ البدارَ يا عبد الله قبل أن يُختم لك بخاتمة سوء وأنت مُصِرّ على تلك المعصية ولم تتبْ منها. وتذكّر الحشرَ والنّشر وهوْلَ جهنّم وما أعدّه الله للعصاة والفسقة من الأغلال والحديد والزقوم والصديد في نارٍ قال فيها رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((إن أهون أهل النار عذاباً رجل انتعل نعلين يغلي منهما دماغه)).

فبذلك السبيل وأشباهه من المحاسبة يكون المرء صادقاً في محاسبته نفسه على ارتكاب المعصية والذنب ـ ومن منّا يسلم من معاقرة الذنوب والخطايا؟! نسأل الله اللطف والتخفيف.

ج - محاسبتها على أمرٍ كان تركُه خيراً من فعله، أو على أمرٍ مباح، ما سبب فعلِه له؟ فيُوجّه لنفسه أسئلة متكرّرة: لِمَ فعلتُ هذا الأمر؟ أليس الخير في تركه؟ وما الفائدة التي جنيتها منه؟ هل هذا العمل يزيد من حسناتي؟ ونحو ذلك من الأسئلة التي عـلــى هذه الشاكلة.

وأمّا المباح فينظر: هل أردت به وجه الله والدار الآخرة فيكون ذلك ربحاً لي؟ أو فعلتُه عادةً وتقليداً بلا نيّةٍ صالحة ولا قصدٍ في المثوبة؛ فيكون فعلي له مضيعة للوقت على حساب ما هو أنفع وأنجح؟ ثم ينظر لنفسه بعد عمله لذلك المباح، فيلاحظ أثره على الطاعات الأخرى من تقليلها أو إضعاف روحها، أو كان له أثرٌ في قسوة القلب وزيادة الغفلة؛ فكلّ هذه الأسئلة غايةٌ في الأهمية حتى يسير العبد في طريقه إلى الله على بصيرة ونور.

أورد أبو نعيم بسنده عن الحسن قوله: "إنّ المؤمن يفجؤه الشيء ويعجبُه فيقول: واللهِ إنّي لأشتهيك، وإنّك لمن حاجتي؛ ولكن ـ واللهِ ـ ما من صلةٍ إليك، هيهات!! حيل بيني وبينك. ويفرط منه الشيء (يقع في الخطأ) فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردتُ إلى هذا، وما لي ولهذا؟ ما أردتُ إلى هذا، وما لي ولهذا؟ واللهِ ما لي عذرٌ بها، وواللهِ لا أعود لهذا أبداً ـ إن شاء الله ـ.

إن المؤمنين قومٌ أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله ـ عز وجل ـ يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره وفي لسانه وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كلّه"[18].

وبالجملة؛ فلا بُدّ للمسلم من دوام محاسبة النفـس، ومعاتبتهـا وتذكيرهـا كلّما وقعت منها زلّة أو جنحت إلى حطام الدنيا الفاني.

خامساً: نماذج من محاسبة السلف لأنفسهم:

أيها المؤمنون: سلفنا الصالح ضربوا أروع الأمثلة في محاسبة النفس، مما لو حاولنا أن نستقصيه لطال بنا المقام، ولعجزنا عن ذلك، لأن أولئك القوم ارتبطت قلوبهم بالله؛ فكانوا أجساداً في الأرض وقلوباً في السماء، وما إن يحصل من أحدهم تقصير أو زلّة إلا ويسارع في معالجة خطئه، ومعاقبة نفسه على ذلك؛ حتى لا تكاد تأمره نفسه إلا بخير.

عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعتُ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يوماً وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعتُه يقول ـ وبيني وبينه جدار ـ: (عمر!! أمير المؤمنين!! بخٍ بخٍ، واللهِ بُنَيّ الخطاب لتتقينّ الله أو ليعذبنّك) [19].

وجاء رجل يشكو إلى عمر وهو مشغول فقال له: أَتَتْركون الخليفة حين يكون فارغاً حتى إذا شُغِل بأمر المسلمين أتيتموه؟ وضربه بالدرّة، فانصرف الرجل حزيناً، فتذكّر عمر أنه ظلمه، فدعا به وأعطاه الدرّة، وقال له: (اضربني كما ضربتُك) فأبى الرجل وقال: تركت حقي لله ولك. فقال عمر: (إما أن تتركه لله فقط، وإما أن تأخذ حقّك) فقال الرجل: تركته لله. فانصرف عمر إلى منزله فصلّى ركعتين ثم جلس يقول لنفسه: (يا بن الخطاب: كنتَ وضيعاً فرفعك الله، وضالاً فهداك الله، وضعيفاً فأعزّك الله، وجعلك خليفةً فأتى رجلٌ يستعين بك على دفع الظلم فظلمتَه؟!! ما تقول لربّك غداً إذا أتيتَه؟ وظلّ يحاسب نفسَه حتى أشفق الناس عليه)[20].

وقال إبراهيم التيمي: "مثّلتُ نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها، ثم مثّلتُ نفسي في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: يا نفس أيّ شيء تريدين؟ فقالت: أريد أن أُردّ إلى الدنيا فأعمل صالحاً! قلتُ: فأنتِ في الأمنية فاعملي"[21].

وحكى صاحب للأحنف بن قيس قال: كنتُ أصحبُه فكان عامةُ صلاته بالليل، وكان يجيء إلى المصباح فيضع إصبعه فيه حتى يحسّ بالنّار ثم يقول لنفسه: (يا حنيف! ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعتَ يومَ كذا؟)[22].

ونُقِل عن توبة بن الصّمة: (أنه جلس يوماً ليحاسب نفسَه فعدّ عمره فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيّامها فإذا هي واحدٌ وعشرون ألفاً وخمسمائة يوم؛ فصرخ وقال: يا ويلتى! ألقى الملك بواحدٍ وعشرين ألف ذنب! فكيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب؟!!)[23].

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم.




الخطبة الثانية



الحمد لله الواصل الحمد بالنعم، والنعم بالشكر، نحمده على آلائه كما نحمده على بلائه، ونستعين به على نفوسنا الأمارة بالسوء، ونستغفره مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه علم غير قاصر وكتاب غير مغادر، خلق الإنسان وبصّره بما في الحياة من خير وشر إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان:3].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق كل شيء فقدره تقديرا ً. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَىْء عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2].

الأمر جد خطير، أيها المؤمنون، استمعوا إلى هذا الحديث: عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّه،ِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَد))[1].

أيها المؤمنون إلى متى نسبح في بحار الغفلة، ونسير مع رياح الهوى، أليس وراءنا حساباً، أليس وراء الحساب عذاب؟

وباختصار نقول يا عباد الله، ليعاهد كل منا نفسه أن يكون له في كل يوم قبل نومه لحظة حساب، فإن لم يكن ففي شهره، فإن لم يكن ففي سنته، وليس وراء ذلك خوف ولا خير.

ثم هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم تذكرنا بأمر هام إلا وهو التأريخ الهجري، هل تعلمون يا عباد الله أن كثيراً من المسلمين لا يعلمون في أي سنة هجرية نحن، بل إن كثيراً منهم لا يعرفون في أي شهر عربي إسلامي نحن؟

إن لكل أمة تأريخاً يعتزون به، اليهود يعتزون بدينهم، والصينيون لهم تاريخ، والأقباط لهم تاريخ، كل يعتز بتاريخه ويحافظ عليه، إلا أمة الإسلام، تهاونت في تاريخها، وما ذلك إلا مظهر من مظاهر انسلاخها من دينها وتاريخها، وهو نتاج طبيعي للهزيمة النفسية التي سيطرت على المسلمين أفراد وجماعات.

إن اعتماد التاريخ الهجري والعمل به التزام من هذه الأمة بدينها، وربط لأجيال الأمة بتاريخها المجيد، وإحياء لشعيرة التميز الذي ميزت به هذه الأمة كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]. ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)).

إن نسيان هذا التاريخ يعني ذوبان هوية هذه الأمة، وطغيان الهوية الغربية النصرانية عليها، إنه تشبه بالضالين، ولذا نص العلماء على منعه.

إننا وإن ابتلينا بهذا التاريخ النصراني، وارتبطت به كثير من مصالحهم، فلا أقل من أن نلتزم بذكر هذا التاريخ في حياتنا اليومية، وأن نبدأ به مراسلاتنا ومواعيدنا، وأن نعلمه أبناءنا وبناتنا ونذكر به زوجاتنا، بل نتذاكر به جميعاً.

أيها الإخوة: التاريخ الهجري هو تاريخ المسلمين المعتمد الذي انعقد الإجماع على العمل به، وهو من شعائر أهل الإسلام، والرغبة عنه إلى غيره من تواريخ الشرق أو الغرب خروج عن الإجماع، وإظهار شعار من شعائر الكفار واستغناء به ومشاركة في طمس الهوية الإسلامية. ولا يمكن أن تستقيم عبادات هذه الأمة التي أمرها بها خالقها إلا بالتاريخ الهجري. فعبادات هذه الأمة مرتبطة بهذا التاريخ وغيره لا يصلح لنا.

أيها المؤمنون: إننا ندعو الدول الإسلامية والهيئات الإسلامية والأفراد جميعاً - إن كانوا صادقين في تشرفهم بهذا الدين - أن يلتزموا التاريخ الهجري تاريخاً أصلياً، ولا مانع من ذكر الموافق له من التاريخ النصراني الذي ابتلينا به لتسيير أمورنا، حتى يأتي الله بفتح من عنده.

أيها المؤمنون: من اللطائف أيضاً أن نذكر التاريخ الهجري دون تعقيب بقولنا للهجرة النبوية، لأنه الأصل فلا داعي للتعريف به، وإذا ذكرنا التاريخ الميلادي نقيده بقولنا للميلاد أو نحوها لأنه أمر طارئ يحتاج إلى بيان.

عباد الله: نعم نحن هذه الأيام نستقبل عاماً جديداً إسلامياً هجرياً، ليس من السنّة أن نحدث عيداً لدخوله أو نعتاد التهاني ببلوغه، أو أن نحتفل به، أو نحتفل بمهاجر النبي صلى الله عليه وسلم زاعمين حبه، فليس الغبطة بكثرة السنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته وشر الناس من طال عمره وساء عمله.

هــا قد أهلّ على الوجودِ (مُحَرّمُ) فالكـونُ يزهــو والحيـاةُ تبسـّمُ

ترنو إلى ركـبِ النبي وقـد مضى تَبْكيــه مكـةُ والمَقَـامُ وزمـزمُ

عوّدتُ نفسي الاحتفالَ بهجـرةِ الْـ هـادي الْبشـيرِ، وعطرَها أتنسـّمُ

لكنْ علـى الوجـهِ الـذي أبصرتُه عن حـبِ خير المرسلين يُترجِـمُ

فاختــرتُ مـن شـعرِ المديـحِ قصيدةً أنشـدتُها ووجدتُنـي أترنّمُ

وحَسِبتُ أنـي قـد بلغْتُ ذرا التقى بل ليـس مثلـي في المحبة مسلمُ!!

وإذا بـأعماقـي دويّ صــارخٌ يـا غـافـلاً حتّى متـى تتَوهّمُ!!

حتـى متـى والقـولُ قد زخرفْتَهُ والفعلُ يفضـحُ مـا تقـولُ وتزعُمُ

لمـّا عَجـزْتَ عن اتباعِ (محمدٍ) أَقنعْـتَ نفـسَكَ بالكلامِ، ودُمْـتمو!

مـاذا اقترفـتُ لكي تراني واهماً أَلأَنّنِــي بهـوى النّبـيِ مُتيّـمُ؟!

إنـي أرى حـبّ النبـي عبـادةً ينجـو بهـا يومَ الحسابِ المسـلمُ

فأجابنـي: حـبّ النبـِي عبـادةٌ فـرضٌ علـى كل العبـادِ محتّـمُ

لكـنْ إذا سَـلَكَ المحـبّ سـبيلَهُ متأســّيـاً وَلهـدْيـِهِ يَتـَرَسّـمُ

هـل ضـيّعَ الإسـلامَ إلا قائـلٌ أفعالُهُ تنفــي المقـالَ، وَتْـهـدِمُ؟

فالقدسُ ضـاعت من كلامٍ دونمـا فعـلٍ يؤيــد قولهـم، ويُتَرْجـِمُ

والطفلُ مـلّ من الكلامِ؛ وليتهـم يدَعُونه يرمـي اليهـودَ، ويَرْجُـمُ

والعدلُ ملّ من الكـلامِ؛ وقد رأى مَنْ يَدّعـي عـدلاً يجـورُ، ويَظْلِمُ

والطهرُ مـلّ من الكلامِ؛ وطالما زعمَ الطهـارةَ داعـرٌ لا يـرحـمُ

حتـى البطـولةُ أَعْلنتْ إضرابَها لمـا ادّعاها مـن يَخـافُ، ويُحْجمُ

فَصَرخْتُ:كُفّ القولَ؛ قد أَخْجَلْتَنِي وكـلامُك الحـقّ الـذي لا يُكْتـَمُ


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 7 - 9 - 2014, 11:20 PM   #63



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



ها نحن أولاء نودع عامًا هجريًّا بعد انقضائه، ونستقبل عامًا جديدًا..
بل إن هذا العام الخامس في بداية عِقْدٍ جديدٍ من تاريخ المسلمين، بعد أن شارفوا منتصف العقد الثالث (رُبْعَ قَرْنِ) من هذا القرن (الخامس عشر الهجري).
فالمسافر حين يجتاز مرحلة طويلة من الطريق فيحط الرحال، ويقف ليستريح، فيتلفت وراءه ليرى كم قطع؟ وينظر أمامه ليبصر كم بقي؟.
والتاجر تنتهي سنته؛ فيقيم موازينه ويحسب غلته، ليعلم ماذا ربح؟ وماذا خسر؟ ". (1)
أينقضي عام ويدخل عام، وتمر الأيام والأعوام.. دون أن نقف عليها ساعة نستفيق من غفلتنا ونفكر ونعتبر؟
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فما أحرانا أيها الإخوة الكرام أن نكون أشد حرصًا على أعمارنا وأوقاتنا من التجار والصناع وغيرهم . قال الإمام الحسن البصري-رحمه الله-: "أدركت أقوامًا كان أحدُهم أشحَ على عمره منه على درهمه". (2)

وفيما يلي أقف بعض الوقفات في تعاقب الأعوام والسنين :
1ـ التأريخ الهجري نقطة مضيئة في حياة الأمة :
أجمع الصحابة في عهد عمر بن الخطاب على اختيار التاريخ بهجرة النبي، لما في ذلك الحدث العظيم من نصر وتمكين وقيام دولة الإسلام في مدينة رسول الله ، وقد جرى على ذلك سلف الأمة، ولا يصح استعمال التاريخ الميلادي أو ما أشبهه استقلالاً، فالتاريخ الهجري مرتبطة به عبادات عديدة، كما أن له تاريخًا وثيقًا بتاريخ الأمة وهويتها.

2ـ معادلة معكوسة :
ينقضي العام فنظن أننا عشناه وزدنا عامًا، وفي الحقيقة قد فقدناه ونقصنا عامًا من أعمارنا، وربما يعجب من هذا الكلام ! وهو حق، قال الحسن البصري -رحمه الله-: "يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذَهَبَ يوم ذَهَبَ بعضك". (3)
فكل عام يمضي من أعمارنا نقترب به من الموت، ونهاية المطاف أشبه بالموظف الذي يأخذ إجازة ثلاثين يومًا، إذا قضى فيها عشرة أيام، يكون قد خسر منها عشرة أيام فصارت عشرين يومًا، فإذا انقضت الإجازة فكأنها لم تكن. (4)

3-الحذر من التسويف والتأجيل :
من الأمراض الاجتماعية الشائعة في مجتمعاتنا كثرة تأجيل الأعمال والتسويف في أدائها، حتى تمر الأيام والسنون الطويلة ولم نفعل شيئًا، ونحن لا ينقصنا العلم، بل ينقصنا الشروع في العمل بما نعلم .
وما أجمل الحكمة المشهورة : "لا تؤجل عمل اليوم إلى غد" . ومع ذلك كله فكثير من الناس يُسوفون ويُؤجلون، ويقولون سوف نعمل كذا، وسوف نتوب! وجاء عن بعض السلف : (أنذرتكم سوْفَ).
وأضرب لذلك مثالاً؛ تبدأ الدراسة فيقول الطالب : أذاكر غدًا -إن شاء الله-، ثم يأتي الغد فيقول بعد غد.. وهكذا يؤجل من يوم إلى يوم، ومن أسبوع إلى آخر حتى إذا اقترب موعد الامتحان، وأصبح أمامه وهو لم يذاكر؛ ندم أشد الندم على ما فات في تسويفه وتفريطه، ولات حين مناص.
وهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوصي ألا يؤخر عمل اليوم إلى غد، خشية أن تجتمع الأعمال الكثيرة، فتضيع الواجبات. (5)
وكان عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- حريصًا على أداء الواجبات والأعمال وعدم تأجيلها، وذات يوم قال لَهُ أحد أبنائه: لو أخرَّتَ عمل هذا اليوم إلى غد فاسترحت؛ فقال : قد أجهدَنا عمل يوم واحد، فما بالك بعمل يومين مجتمعين .
وقال الشاعر :

إن أنت لم تزرع وأبصرت حاصدًا *** ندمت على التفريط في زمن البذر

4ـ استدراك ما يفوت من العمل واستغلال مواسم الخير :
كثير من الناس يُبذرون في أوقاتِهم، والوقتُ سريعُ الانقضاء، فلا نجدهُ حتى نفقدهُ، ولا يكادُ يبدأُ حتى ينقضي، فلا يعودُ أبدًا.
وإِنْ فات عملُ الخير في النهار؛ فالليلُ خلفة منه قال تعالى : (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا)، وكان من عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا غلبه عن قيام الليل من نوم أو وجع، صَلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعة . بمعنى أنه يُصليها في الضحى، أي يستدرك بالنهار ما فاته من الليل، وفي الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام: "من نَامَ عن حزبِهِ، أو عن شيءٍ منه، فَقَرَأَهُ فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كُتِبَ لَهُ كأنَّمَا قَرَأَهُ من الليل"(6). وقال تعالى : (وجعلنا الليل والنهار آيتين فَمَحَونا آيَةَ الليل وَجَعلنَا آيَةَ النهَار مُبْصِرَةً لِتَبتغوا فَضلاً من ربكم ولتعلموا عَدَدَ السنينَ والحسابَ وَكُلَّ شَيءٍ فصلناه تفصيلاً). وكذلك استغلال مواسم الخيرات: استغلال شهر رمضان بالصيام والقيام، وصيام شهر الله المحرم، لا سيما عاشوراء، وصيام ست من شوال، وعشر ذي الحجة، وكذلك قيام الليل والإنفاق والبر والجود وسائر الطاعات.(7)

5ـ لا يأتي عامٌ إلا والذي يليه شرٌ منه.
بوب البخاري -رحمه الله- باب "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه"، وذكر فيه حديث أنس: "لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشرُّ منه حتى تلقوا ربكم" (8)،(9). قال ابن بطال : "هذا الخبر من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بفساد الأحوال، وذلك من الغيب الذي لا يُعلم بالرأي وإنما يُعلم بالوحي" (10). والمقصود لا يأتي زمان إلا والذي بعده أَشَرُّ، مثل كثرة الفتن وابتعاد الناس عن معين الشريعة وانغماسهم في المعاصي كلما مرت السنون والأعوام، وهذا من حيث الأعم .
ويقول عبد الله بن مسعود معلقًا على حديث "لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة": "لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مالاً يفيده، ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي مضى قبله؛ فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون". ومن طريق مسروق عن الشعبي -رحمهما الله- قال: "وما ذاك بكثرة الأمطار وقلتها، ولكن بذهاب العلماء، ثم يحدث قوم يُفتون في الأمور برأيهم فيثلمون الإسلام ويهدمونه".(11)
ومصداق ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : "إنَّ الله لا يقبضُ العلم انتزاعًا ينتزعُهُ من صدور العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالمًا اتخذ الناسُ رُؤوسًا جُهالاً فسُئلوا؛ فأفْتَوا بغير علم، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا" (12).
ففي الأعوام المنقضية القريبة فقدنا كوكبة من العلماء والفضلاء والدعاة، يتصدرهم : سـماحـة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ علي الطنطاوي، والشيخ مناع القطان، والشيخ عطيـة محمد سالم، والشيخ مصطفى أحمد الزرقاء، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ أبو الحسن الندوي، والشيخ سيد سابق، والشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيرهم..-رحم الله الجميع-، وإن أمة منها هؤلاء لأمة خيرٍ وَهُدى، وفي رحيلهم تبعات ومسؤوليات، وعبر وآيات، وما يعقلها إلا العالمون.

6ـ الحياة قصيرة وإن طالت في نظرنا :
الكل منا يعلم أن الحياةَ الدنيا لها أشكال كثيرة وألوان عديدة، ويريد أن يعب من لذائذها الكثير، ويستمتع بشهواتها، ويحرص على الاستمتاع بلحظاتها، لكن حياتنا الدنيوية متعتها زائلة، وشهواتها رخيصة مهما بذل الإنسان في أثمانها، وساعاتها قصيرة مهما طالت، وكل منا سيلقى حتفه وهلاكه ولو بعد حين .
قال مطرف بن عبد الله -رحمه الله-: "إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا نعيمًا لا موت فيه" (13)، ولا ندري من يعيش يومًا آخر أَوْ عامًا جديدًا؛ بل لو تأملنا أعمارنا على اختلاف فيما بيننا لوجدنا أن عمرنا المنصرم سواءً أكان أربعين سنة أم ثلاثين أم عشرين.. أشبه بدقائق مرت مرور الكرام، وهكذا الحياة الدنيا قصيرة؛ فالحذر من التقصير!، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم-: "ما لي وللدنيا، إنما مَثَلي وَمَثَلُ الدنيا كمثل راكبٍ قَالَ في ظِلِّ شجرةٍ، ثم راحَ وتَرَكَهَا"، وعن ابن عمر-رضي الله عنهما- قال أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بمنكبي، فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابرُ سبيل". وكان ابن عمر يقول : "إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" (رواه البخاري)(14) وخرجه الترمذي، وزاد فيه: "وعُدَّ نَفْسَكَ من أصحاب القبور". (15)
فالحذر الحذر من الاغترار بالدنيا والانغماس في شهواتها، قال أحد السلف: "لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لفسد".(16)
فالإنسان المسلم يُؤمن بما بعد هذه الحياة الدنيا فيُدرك قيمة الزمن، ويُسخر ساعات هذه الحياة للبِرِّ والتقوى، وللعمل بما يُرضى الله تعالى (يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم). (17)

7ـ دور الأمة في تسخير الأوقات :
إن الأمم تحسب أعوامها بمقدار ما تبنيه وتقدمه للبشرية جمعاء، فالسلف الصالح-رضوان الله تعالى عليهم- بنوا الحضارة الإسلامية في أزهى صورها في زمن قصير حتى أفاد من حضارتهم المجيدة الأمم الأخرى في الشرق والغرب، وشهد القاصي والداني بعظمة تلك الحضارة في ذلك الزمن القصير بعد ظهور الإسلام وانتشاره، وبقوة أولئك الأفذاذ المؤمنين بالله ورسوله، وسخروا إمكاناتهم العقلية والجسدية والزمنية لخدمة دينهم الذي ارتضاه الله لهم، فكانت أوقاتهم محسوبة منظمة، فلم يضيعوا فرصة، ولم يهدروا طاقة إلا فيما يبني أمتهم ويعلي مكانتهم بين الأمم والشعوب .
ولذا فالأمة التي لا تحسن الإفادة من الوقت لا تكون في مركز الصدارة والقيادة، وإنَّ مما يؤسف له أن غير المسلمين-في الوقت الحاضر- أشد حرصًا على الانتفاع بالوقت في العمل والبناء والجد والانضباط، أما المسلمون فهم أزهد الناس في الإفادة من أوقاتهم، فكثيرًا ما يمضونها في العبث والقيل والقال، وهم مسؤولون عن تضيع أوقاتهم ومغبونون بها، والناس عموما يعرفون قيمة الوقت، ولكن كثيرين لا يعرفون كيف يستغلونه، وذلك مصداق قول نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس:الصحة والفراغ" (رواه البخاري) (18) ، يقول ابن بطال-رحمه الله-معلقًا على الحديث: (كثيرٌ من الناس) "أي أن الذي يوفق لذلك قليل" (19). وجاء عن عمر بن الخطاب قوله : "إني لأكره أحدَكُم سُبهللاً لا في عمل دنيا ولا في عمل آخره" ومعنى سبهللاً : أي فارغًا.
يقول الوزير ابن هبيرة :

الوقتُ أنفسُ ما عنيت بحفظه *** وأراهُ أسهل ما عليك يضيعُ

مع ملاحظة أن الوقت إذا لم يشغل بالخير شُغِلَ بالباطل، وكما يقال: إن الشيطان يسكن حيث يجد المكان فارغًا.

8ـ التخطيط للمستقبل :
من الأمور المهمة التي ينبغي أن نتوقف عندها في انقضاء الأعوام، مسألة التخطيط للمستقبل، كيف نخطط لمستقبل الأمة الإسلامية مستلهمين الأعوام الماضية، مستشرفين الأعوام القادمة، مقدرين حاجات الأمة وعجزها، ومحاولة سد هذه الثغرات في المستقبل؟ والجواب على ذلك يكمن في وضع الخطط العملية الإيجابية الممكن تحقيقها على مراحل وخطوات؛ فالتخطيط للمستقبل يقوم على الإفادة من أحداث الماضي-قربت أم بعدت- حتى يتكامل البناء الحضاري للأمة الإسلامية، وترجع قيمتها بين الأمم، وهناك دراسات تُعنى بالمستقبل برع فيها الغرب، فما أحرانا -نحن المسلمين- أن نعد العدة لمستقبل الأيام والسنين ونخطط لها ونبتعد عن الأعمال العشوائية والارتجالية في حياتنا.


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 7 - 9 - 2014, 11:21 PM   #64



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الخطبة الأولى





أما بعد:

إن الله تعالى هو الذي خلق السماء والأرض وهو الذي أوجد اليابس والماء وهو الذي يكور الليل على النهار، ومكور النهار على الليل، وهو الذي يأتي بالصيف الحار وبالشتاء البارد ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم. ولنا مع قدوم قليل من البرد هذه الأيام بعض تأملات وذكر بعض الأحكام:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعضاًً فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ. فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ)) رواه البخاري. قال ابن عبدالبر رحمه الله هذه الشكوى بلسان المقال. وقال القاضي عياض رحمه الله: إنه الأظهر. وقال القرطبي رحمه الله: لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته. قال: وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله فحمله على حقيقته أولى. وقال النووي رحمه الله نحو ذلك ثم قال: حمله على حقيقته هو الصواب. وتنفسها على الحقيقة.

والمراد بالزمهرير شدة البرد , ولا إشكال من وجوده في النار ففيها طبقة زمهريرية نسأل الله العافية.

فهذه النار عندما اشتكت إلى خالقها، والشكوى كانت من أنه قد أكل بعضها بعضاً، فكيف بالذي في داخلها؟ وكيف بمن يعذب فيها؟ وكيف بمن حكم الله عليه بالخلود فيها؟ فشفقةً من الله بهذه النار التي خلقها لإحراق الكفار والمنافقين والعصاة ومن يستحق دخولها، أذن لها بنفسين، نفس في كل موسم فأشد ما نجد أيها الأحبة من الحر ما هو إلاّ نفس من أنفاس جهنم، وأشد ما نجد من البرد أيضاً ما هو إلاّ نفس من أنفاس جهنم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشتكت النار إلى ربها وقالت: أكل بعضي بعضا، فجعل لها نفسين: نفسا فى الشتاء، ونفسا فى الصيف، فأما نفسها فى الشتاء فزمهرير، وأما نفسها فى الصيف فسَمُوم)).

لبس الشتاء من الجليـد جلودا فالبس فقد بَرَد الزمان بُرودا

كم مؤمن قرصته أظفار الشتا فغدا لسكان الجحيـم حسودا

وترى طيور الماء في وكناتهـا تختـار حر النار والسّـفّودا

وإذا رميت بفضل كأسك في الهوا عادت عليك من العقيق عقودا

يا صاحب العودين لا تهملهمـا حـرك لنا عوداً وحرّق عودا

وهذا سؤال وجه لفضيلة الشيخ ابن عثيمين حفظه الله: هناك من ينسب شدة البرد أو الحر للعوامل المناخية أو لطبقة الأوزون أو لدوران الكرة الأرضية فهل يصح هذا التأويل؟ فكان الجواب: لاشك أن شدة الحر وشدة البرد لها أسباب طبيعية معلومة، ووجودها بأسبابها من تمام حكمة الله عز وجل، وبيان أنه سبحانه وتعالى خلق الخلق على أكمل نظام، وهناك أسباب مجهولة لا نعلمها نحن، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ)). وهذا سبب غير معلوم، لايُعلم إلا بطريق الوحي ولا حرج على الإنسان أن يضيف الشيء إلى سبب معلوم حساً أو شرعاً لكن بعد ثبوت أنه سبب حقيقي، وإن كان سبباً وهمياً أو كان سبباً مبنياً على نظريات لاأساس لها فإنه لايجوز اعتمادها لأن إثبات الوقائع أو الحوادث إلى أسباب غير معلومة لا عن طريق الشرع ولا عن طريق الحس يدخل في ما نهى الله عنه في قوله: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً .

أيها المسلمون: وقد ينزعج بعض الناس من برودة الشتاء كما يتضايق البعض من حر الصيف، وفي كلٍ منهما وفي تقلب الأحوال عموماً مصالح وحكم. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ثم تأمل بعد ذلك أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول وما فيها من المصالح والحكم، إذ لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه، فلو كان صيفا كله لفاتت منافع ومصالح الشتاء، ولو كان شتاء لفاتت مصالح الصيف، وكذلك لو كان ربيعا كله أو خريفا كله.

ثم بدأ رحمه الله يذكر بعض فوائد البرد ودخول فصل الشتاء فقال: ففي الشتاء تغور الحرارة في الأجواف وبطون الأرض والجبال، فتتولد مواد الثمار وغيرها، وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء، فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرَد الذي به حياة الارض وأهلها واشتداد أبدان الحيوان وقوتها، وتزايد القوى الطبيعية واستخلاف ما حللته حرارة الصيف من الأبدان، وفي الربيع تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء، فيظهر النبات ويتنور الشجر بالزهر، ويتحرك الحيوان للتناسل، وفي الصيف يحتد الهواء ويسخن جدا فتنضج الثمار وتنحل فضلات الأبدان والاخلاط التي انعقدت في الشتاء، وتغور البرودة وتهرب إلى الأجواف، ولهذا تبرد العيون والآبار ولا تهضم المعدة الطعام التي كانت تهضمه في الشتاء من الأطعمة الغليظة لأنها كانت تهضمها بالحرارة التي سكنت في البطون، فلما جاء الصيف خرجت الحرارة إلى ظاهر الجسد وغارت البرودة فيه، فإذا جاء الخريف اعتدل الزمان وصفا الهواء وبرد فانكسر ذلك السموم، وجعله الله بحكمته برزخا بين سموم الصيف وبرد الشتاء. انتهى كلامه رحمه الله.

ولشيخ ابن القيم، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام نفيس كان يتحدث فيه رحمه الله على هروب الشيء من ضده، وأن كثيراً من الأشياء يمكن أن تقاوم بأضدادها، وهذه قاعدة مهمة يحتاجها الجميع عامة والمصلحون خاصة، فمَثّل لقاعدته بكلام يناسب موضوعنا فقال رحمه الله: ويسخن جوف الإنسان في الشتاء، ويبرد في الصيف، لأنه في الشتاء يكون الهواء باردا فيبرد ظاهر البدن فتهرب الحرارة الى باطن البدن، لان الضد يهرب من الضد، والشبيه ينجذب إلى شبيهه، فتظهر البرودة إلى الظاهر، ولهذا يسخن جوف الأرض في الشتاء وجوف الحيوان كله، وتبرد الأجواف في الصيف لسخونة الظواهر فتهرب البرودة الى الاجواف. انتهى كلامه رحمه الله. فإذا عرفت بأن الضد يهرب من الضد، والشبيه ينجذب إلى شبيهه، أدركت وعرفت بأنه لاطريق للتخلص من رقّ المعصية إلاّ بضدها وهي الطاعة، وأنه إذا ارتاحت نفسك بالجلوس مع العصاة، فهذا من انجذاب الشبيه إلى شبيهه، والله المستعان.

أيها المسلمون: لقد جاءت السنة بالإبراد بصلاة الظهر في حر الصيف تخفيفاً على الناس فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ)). رواه البخاري. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اشتد البرد بكّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة. عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر فقال صلى الله عليه وسلم: ((أبرد، ثم أراد أن يؤذن فقال له: أبرد، حتى رأينا فيئ التلول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شده الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)) متفق عليه. وهذا الحكم خاص بصلاة الظهر وأما صلاة الجمعة وإن كانت في وقت الظهر فإنها تصلى في وقتها حتى في الحر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما الجمعة فالسنة أن تصلى في أول وقتها في جميع الأزمنة، لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصليها في أول الوقت شتاء وصيفا، ولم يؤخرها هو و لا أحد من أصحابه، بل ربما كانوا يصلونها قبل الزوال، وذاك لأن الناس يجتمعون لها، إذ السنة التبكير إليها، ففي تأخيرها إضرار بهم.

ونعلم بأن السنة أن يقرأ الإمام في ركعتي الجمعة بسورة الجمعة والمنافقون كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسبح والغاشية ثبت ذلك أيضاً في صحيح مسلم، والسنة أن يقرأ الإمام مرة بهذا ومرة بهذا لئلا تهجر السنة، ولكن كما قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله لو أن الإمام راعى أحوال الناس ففي الشتاء البارد قرأ بسبح والغاشية ولم يقرأ بالجمعة والمنافقون تيسيراً على الناس، ومثله في أيام الحر الشديد، وذلك لأن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً.

أيها المسلمون: بوب الامام الترمذي رحمه الله في سننه فقال: باب ما جاء في الصوم في الشتاء. ثم أخرج بسنده عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ)). حديث صحيح. وكانت غنيمةً باردةً لحصول المؤمن على الثواب بلا تعب كثير، فالصوم في الشتاء البارد لا يحس فيه الصائم بالعطش لبرودة الجو ولا بألم الجوع لقصر النهار، فحقاً إنها لغنيمة باردة، فأين أصحابها؟

أيها المسلمون: لقد عذّب الله أقواماً بالريح الباردة في الشتاء كقوم عاد كما قد ذكر ذلك أهل التفسير وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة وهو السحاب الذى يخال فيه المطر أقبل وأدبر وتغير وجهه فقالت له عائشة إن الناس إذا رأوا مخيلة استبشروا فقال: ((يا عائشة وما يؤمننى، قد رأى قوم عاد العذاب عارضا مستقبل أوديتهم فقالوا هذا عارض ممطرنا قال الله تعالى: بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم )).

أيها المسلمون: ومن عجائب فصل الشتاء أنه وقت لا يناسب نبات الأسنان عند الأطفال ومثله في حر الصيف فإنه ربما سبب للطفل التقيؤ والحمى وسوء المزاج، ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله وقال بأن أفضل وقت لذلك، نباتها في الربيع والخريف، ووقت نباتها لسبعة أشهر وقد تنبت في الخامس، وقد تتأخر إلى العاشر، فينبغي التلطف في تدبيره وقت نباتها.

ومن العجائب: أن من حكم الله تعالى أن نبات وفواكه الشتاء لو أُكل في الصيف أو العكس لربما أضر البدن وسبب له الأذى. قال ابن القيم رحمه الله: فلو كان نبات الصيف إنما يوافي في الشتاء لصادف من الناس كراهية واستثقالا بوروده مع ما كان فيه من المضرة للأبدان والأذى لها، وكذلك لو وافى ما في ربيعها في الخريف أو ما في خريفها في الربيع، لم يقع من النفوس ذلك الموقع ولا استطابته واستلذاذه ذلك الالتذاذ، ولهذا تجد المتأخر منها عن وقته مملولا محلول الطعم، ولا يظن أن هذا لجريان العادة المجردة بذلك، فإن العادة إنما جرت به لأنه وفق الحكمة والمصلحة التي لا يخل بها الحكيم الخبير. انتهى كلامه.

ومن عجائب الحر والبرد والصيف والشتاء: هذا الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه ضمن كرامات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ أَبُو لَيْلَى يَسْمُرُ مَعَ عَلِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فَكَانَ يَلْبَسُ ثِيَابَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَثِيَابَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ فَقُلْنَا لَوْ سَأَلْتَهُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْمَدُ الْعَيْنِ. فَتَفَلَ فِي عَيْنِي ثُمَّ قَالَ: ((اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ)) قَالَ: فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا بَعْدَ يَوْمِئِذٍ .

أيها المسلمون: وللفقراء علينا حقٌ دائم، ويتأكد هذا الحق لهم في الأزمات والملمّات، وفي النكبات والصعوبات، ومن ذلك أن نرحمهم ونعطف عليهم مع برد الشتاء، يقول أحدهم:

أتـدري كيـف قابلنـي الشتاء وكيف تكون فيه القرفصاء

وكيـف البـرد يفعل بالثنايـا إذا اصطكت وجاوبها الفضـاء

وكيف نبيت فيـه على فـراش يجور عليه في الليل الغطــاء

فـإن حل الشـتاء فأدفئونـي فـإن الشـيخ آفتـه الشـتـاء

أتدري كيف جارك يا ابن أمي يهــدده مـن الفقـر العنـاء

وكيـف يـداه ترتجفان بؤساً وتصدمـه المذلـة والشـقـاء

يصب الزمهريـر عليـه ثلجاً فتجمد فـي الشـرايين الدمـاء

خراف الأرض يكسوهن عِهنٌ وتـرفل تحتـه نعـمٌ وشـاء

وللنمل المساكن حيـن يأتـي عليـه البرد أو جـُنّ المسـاء

وهـذا الآدمـي بغـيـر دار فهل يرضيك أن يزعجه الشتاء

يجوب الأرض من حي لحي ولا أرض تـقيـه ولا سمـاء

معاذ الله أن ترضـى بهـذا وطفـل الجيـل يصرعه الشتاء

أتلقاني وبي عـوز وضـيق ولا تحـنو؟ فمنـا هذا الجفـاء

أخي بالله لا تجـرح شعوري ألا يكفيـك مـا جـرح الشـتاء

بارك الله لي ولكم …



الخطبة الثانية





أما بعد:

إن من الأحكام التي تحتاجها الناس والمتعلقة بالشتاء غالباً: مسألة المسح على الجوربين، وهي مسألة عقدية فقهية وقد ذكرها بعض العلماء في كتب العقائد منهم ابن أبى العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية وسبب ذكره لذلك أن هناك بعض الفرق الباطنية والمنحرفة ينكرون سنيّة المسح على الخفين، منهم الرافضة والمعتزلة وغيرهم، وقد تواترت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين يقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ليس في قلبي من المسح على الخفين شي، فيه أربعون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح في الحضر والسفر، ولم ينسخ ذلك حتى توفي ووقّت للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن في عدة أحاديث حسان وصحاح وكان صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر الخفين، ولم يصح عنه مسح أسفلهما، ومسح على الجوربين والنعلين، ومسح على العمامة مقتصرا عليها ومع الناصية، وثبت عنه ذلك فعلاً وأمراً في عدة أحاديث، ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين ولم يلبس الخف ليمسح عليه. انتهى كلامه.

وكيفية المسح أن يبل يديه بالماء ثم يمرّهما على ظهر الخفين من أطرافهما مما يلي الأصابع إلى الساق مرة واحدة، ولو مسح اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، فهذا حسن، ولو مسح كليهما بيده اليمنى فلا حرج في ذلك.

ويبدأ مدة المسح من أول مسحة مسحها وليس الابتداء من الحدث بعد اللبس كما قال به البعض، فإذا لبس الإنسان الجورب لصلاة الفجر ولم يمسح عليهما أول مرة إلا لصلاة الظهر فابتداء المدة من الوقت الذي مسح فيه لصلاة الظهر فيمسح المقيم إلى مثل ذلك الوقت من الغد.

وإذا تمت المدة وهو على طهارة، فطهارته باقية حتى تنتقض، فإذا انتقضت بعد تمام المدة وجب عليه غسل رجليه إذا توضأ، ثم يلبس من جديد.

ومن تمت مدته فنسى ومسح بعد تمام المدة فعليه أن يعيد الصلاة التي صلاها بالمسح الذي بعد تمام المدة.

وأيضاً من المسائل المتعلقة بالشتاء غالباً: مسألة صلاة الاستسقاء وقد نزول المطر، هل نصلي الاستسقاء وقد نزل المطر؟

الجواب: أننا لانصلي ولا نخرج للصلاة وقد نزل المطر. قال ابن قدامة رحمه الله: وإن تأهبوا للخروج فسُقوا قبل خروجهم، لم يخرجوا وشكروا الله على نعمته وسألوه المزيد من فضله.

وقال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله: وإذا سقاهم الله وأنزل المطر قبل أن يخرجوا، فلا حاجة للخروج، ولو خرجوا في هذا الحال لكانوا مبتدعين، لأن صلاة الاستسقاء إنما تشرع لطلب السقيا، فإذا سقوا فلا حاجة لها، ويكون عليهم وظيفة أخرى وهي وظيفة الشكر، فيشكرون الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة بقلوبهم وبألسنتهم وبجوارحهم. انتهى كلامه.


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 7 - 9 - 2014, 11:22 PM   #65



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الخطبة الأولى







أما بعد:

فيا عباد الله إن الله عز وجل يري عباده في الآفاق ما من شأنه أن يذكرهم إن كانوا يؤمنون: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط ثم يلفت نظرنا إلى آياته في السماوات وفي الأرض لنتذكر بذلك قرب النهاية فنستعد للرحيل ونترك التسويف ونعلم قصر الدنيا مهما طالت وقرب الآخرة بانتهاء الأجل أو بقيام الساعة وإذا مات الإنسان فقد قامت قيامته حيث لا عمل ولا استدراك إنما هو الحساب في دار البرزخ ثم دار القرار: أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ثم ينعى على من لم يتعظ بالآيات المبثوثة بالآفاق في قوله جل وعلا: من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون وفي السورة الأخرى يقول جل وعلا: قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ثم ينعى على من لم يتعظ بهذه الآيات بقوله: وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ثم يحذر سبحانه من أخذه الشديد بقوله جل وعلا بعدها مباشرة: فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننجِِ المؤمنين فكم لله من حكم في خلق السماوات والأرض ولكن كما قال: حكمة بالغة فما تغن النذر كم نذارة أرسلها الله على ألسنة رسله وكم نذارة بثها سبحانه في الآفاق ولكن كما قال جل وعلا: فما تغن النذر وإن من آخر النذر التي شهدناها جميعا كسوف الشمس أمس الأول فهل خفنا أم هل تبنا أم هل راجعنا حياتنا لنقيمها على ما يرضي ربنا سبحانه أناشدكم الله يا عباد الله هل اختلفت حياتنا قبل الكسوف عنها بعد الكسوف هل حسنا أحوالنا وراجعنا ربنا سبحانه وأقلعنا عن ذنوبنا صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة والدعاء والاستغفار))[1] فهل استجبنا لتخويف ربنا لنا فخفنا ثم أدلجنا وقد صح عنه صلى لله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ((من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا وإن سلعة الله غالية ألا وإن سلعة الله الجنة))[2] أم صح علينا قول الله سبحانه – نعوذ بالله أن نكون كذلك -: فما تغن النذر إن إنسانا من البشر حين يتوعد ويزبد ويرعد ويهدد ويحدد يحسب له الناس ألف حساب ويصبح تهديده وتحديده حديث مجالسهم ومجال شوراهم وميدان اقتراحاتهم ونصائحهم فمن الذي خوفنا بالخسوف العظيم؟ ألا إنه رب العالمين ألا إنه إله الأولين والآخرين إلا إنه من يقول للشيء كن فيكون ومن بيده ملكوت السماوات والأرض وهو يجير ولا يجار عليه لا تخفى عليه منا خافيه يعلم سرنا كما يعلم علانيتنا: وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ألا إنه من يضع السماوات يوم القيامة على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن ويقول: أنا الملك أنا الجبار أين الجبارون أين المتكبرون أين ملوك الأرض؟[3] ألا إنه من عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو: ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يعلم السر وأخفى سنعرض عليه يوم القيامة كما قال: يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية وإن من استجابتنا لتخويف ربنا لنا أن نخاف فنعمل صالحا ونحذر طالحا ونستغفر ونتوب من سائر الذنوب وندعو ونذكر ولا نطغى ونفجر ونتصدق كثيرا ونخشى سعيرا حتى يثبتنا الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة كما قال سبحانه: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء في الحياة الدنيا أي في القبر حين ترد الروح إلى الميت حين ترد روح الميت إلى جسده وإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه مدبرين فيأتيه ملكان شديدا الإنتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له من ربك ما دينك ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ما علمك فأما المؤمن فيقول ربي الله ديني الإسلام نبيي محمد صلى الله عليه وسلم قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك حين يقول الله جل وعلا: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وأما الفاجر فيقول ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك فيقال لا دريت ولا تليت[4] فلنأخذ للأمر أهميته ولنستعد لفتنة القبر بالاستعاذة منها كما أمرنا بذلك صلى الله عليه وسلم حين وقع الكسوف فقال: ((تعوذوا بالله من عذاب القبر))[5]، وعلمنا الاستعاذة منه دبر كل صلاة نقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وعذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال))[6]، وإن من الموبقات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم لما وقع الكسوف الزنا حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً))[7]، فلنحذر الزنا وأسبابه يا عباد الله ولنغلق أبوابه فما من أحد بأغير من الله فلنحذر سخطه ونبتعد عن كل ما يقرب من الزنا امتثالا لأمره سبحانه: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً ونغض أبصارنا عن النظر إلى ما حرم الله كما أدبنا ربنا بذلك في قوله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن متى يتعظ من لم يتعظ بنذر الله ومتى يرعوي عن غيه من غفل قلبه فهو لاه لاه أننتظر الفاجعة: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون صح عنه صلى الله عليه وسلم حين وقع الكسوف أنه قال: ((ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من فتنة الدجال))[8] نعوذ بالله من فتنة القبر نعوذ بالله من فتنة المحيا والممات نعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال لا أحد أحلم من الله وهو القائل: لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد لا أحد أصبر من الله وهو القائل: ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى من بارز الله بالمعاصي فهو الخاسر: ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه))[9].

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.




الخطبة الثانية





الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فيا عباد الله.

ننبه بهذه المناسبة إلى أمور قد تخفى على كثير من الناس فمنها أن الإخبار بزمن الكسوف قبل حدوثه ليس من علم الغيب بل هو من العلوم العادية التي قد يتعلمها البشر قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه: أجرى الله العادة أن الشمس لا تكسف إلا وقت الإستسرار وأن القمر لا يخسف إلا وقت الإبدار ووقت إبداره هي الليالي البيض التي يستحب صيام أيامها ليلة الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فالقمر لا يخسف إلا في هذه الليالي والهلال يستسر آخر الشهر ليلة تسعة وعشرين وليلة ثلاثين والشمس لا تكسف إلا وقت إستسرار الهلال وللشمس والقمر ليالي معتادة من عرفها عرف الكسوف والخسوف وقال رحمه الله عليه: أما العلم بالعادة في الكسوف والخسوف فإنما يعرفه من يعرف حساب جريان الشمس والقمر وليس خبر الحاسب بذلك من علم الغيب بل هو مثل العلم بأوقات الفصول وقال رحمه الله: ولكن إذا تواطأ خبر أهل الحساب على ذلك يعني على الإخبار بزمن الكسوف فلا يكادون يخطئون ومع هذا فلا يترتب على خبرهم علم شرعي فإن صلاة الكسوف والخسوف لا تصلى إلا إذا شاهدنا ذلك وقال: إذا استعد الإنسان ذلك الوقت - يعني الذي أخبر به أهل الحساب - لرؤية ذلك كان ذلك من باب المسارعة إلى طاعة الله تعالى وعبادته الأمر الثاني أن ما شغلتنا به الصحف من الحديث حول هذا الموضوع إنما يدل على إفلاسها من القيم حتى إنها اشتغلت بالأشياء التافهة وتركت الأمر العظيم الذي نبه له صلى الله عليه وسلم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما حصل الكسوف خاف حتى ظن أنها الساعة كما تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها[1] وصحفنا اليوم تسخر من ذلك وكذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخطأ بردائه حتى أخذ بعض درع زوجاته ليذهب ويصلي بالناس به حتى أرسل له ثوبه مع بعض الناس من شدة ذهوله صلى الله عليه وسلم من هذه الآية التي يقول الله جل وعلا: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا [2]، أما صحفنا اليوم وكثير من هذا الغثاء الذي شحنت به الأسواق تتحدث عن عرس فلكي بين الشمس والقمر عرس فلكي وثم يعلمون الناس أحسن طريقة لرؤية هذا الكسوف هذا الحدث الكوني كيف تستمتع برؤية هذا الحدث ثم يبينون للناس صور الأطفال الأوربيين وغيرهم في شتى بقاع الأرض الكافرة يرسمون لهم صورهم وهم يلبسون النظارات السوداء أو غيرها لينظروا إلى الكسوف ما لنا ولهم هؤلاء قوم ممن قال الله عز وجل فيهم: إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون ، هؤلاء شر من الكلب والخنزير وصحفنا بعض صحفنا اليوم تجعلهم كالمثل الأعلى للناس ترسم صورهم وصور كلابهم وهم يلبسونها النظارات وربما تحدثت أيضا بعض الصحف عن سهرة بالنهار تقام في هذا البلد أو ذاك واشغلت الناس بعدد الناس الذين سيتعرضون للعمى أربعة ملايين أو أربعه مليون فاشتغلوا بعمى البصر وتركوا الحديث عن عمى البصائر الذي عليه عامة أهل الأرض اليوم كما قال جل وعلا: وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ، وقال سبحانه: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون فلو اشتغلنا ولو اشتغلت صحفنا بتعليم الناس أمر دينهم وحثهم على التوبة والاستغفار وتبديل أحوالهم إلى أحسن الأحوال لكان خيراً لهم وأقوم


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 10 - 9 - 2014, 08:59 AM   #66



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إخوة الإيمان
! في تقلبات الدنيا وصروفها أجلُّ دروس وعبر وفي أيامها وحوادثها أعظم عظة لمن اتعظ وأعمل الفكر نعم هي الدنيا جَمة المصائب مُرة المشارب لا تمتع صاحبًا بصاحب يزول سريعًا حبورها ولن يدوم مع أحد سرورها من سره فيه زمن ساءته أزمان ولو دامت الحياة لدامت لأعظم إنسانعليه الصلاة والسلام
للهِ موتُ المصطفى إنهُ *** رزءٌ عظيم لا يُضاهي العظام
فموتهُ الخطب الجليل الذي *** حان به رزء الجيادِ الكرام
إخوة الإسلام ~
هذهِ هي دُنيانا وهذهِ هي نهاية كل واحدٍ منا عجباً للموت فكأسهُ مُشرعة مُترعة فمن لم يشرب منها اليوم فسيشرب منها بالتأكيدِ غدا
الموتُ كأسٌ على كلِ الورى جاري
وليس يبقى بلا موت سوى الباري
ولكن العجب العُجاب هو غفلتنا عنه ~ إي والله ~ غفلتنا عن الموت غفلتنا عن الموتِ ياعباد الله غفلتنا عنه مع قربه~ منا
كُل أمرئ مُصبحٌ في أهلهِ
والموتُ أدنى من شراكِ نعله
ومع أننا نراهُ كل يومٍ يتخطانا إلى غيرنا وسيأتي يوم يتخطى غيرنا إلينا
كل إبن أنثى وإن طالت سلامتهُ
يوماً على آلة حدباء محمولُ
فيا الله يااالله ~
لقلوبنا كيف نغفلُ عن الموت كيف نغفلُ عن الموت وهو مُفرقٌ الجماعات وهادمُ اللذات والدٌ بين أولادهِ يٌضاحكهم ويُداعبهم وفجأةً وإذا بالإفراحِ تنقلبُ أحزاناً ويبقى الأولادُ أيتاماً وأمٌ تملاُ البيتَ بحنانها سروراً وحبوراً وفجأةً غااااب الحنااان وذاك الإنسان فلا إله إلا الله ماأجل حكمته وما أعظمَ تدبيره تلك هي الدنيا خداعةٌ غدارة فتانةٌ غرارة تُضحكُ وتُبكي وتجمعُ وتُشتت شدةٌ ورخاء وسراءٌ وضراء والعاقلُ من إتعظَ وإعتبر فالأيات درر تملأُ السور (كلٌ نفسٍ ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاعُ الغرور )
مالأمرُ في ذي الدار إلا منام ~ كل سيدري حين يأتي الحمام
~ يقولُ ياليت وأنى لهُ ~ والموتُ قد أطلق فيهِ السهام ~
يودُ لو أنهُ أمهللهُ لحظةً يتوبُ فيها عن ركوب الحرام أنى لهُ التوبُ وقد حشرجت في الصدر منهُ للإصطلام يااانائمين انتبهوا طالما غرالأولا الماضين طول المقام بينما هم في غفلة اذ اتى ماكفهم عن فعلهم والكلام واسكنوا في حفرة ابت لحومهم تبقي غير العظام كفى بالموت واعظا
اكثروا ذكر هادم اللذات كما يقول حبيبكم كما يقول العالم صلى الله عليه وسلم كما يقول الحبيب الشفيق اكثروا ذكر هادم اللذات فانه لم يذكره احد في ضيق العيش الا وسعه ولا يذكره في سعة الا ضيقها عليه وكان صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال يااخواني لمثل هذا فاعدوا لمثل هذا فاعدوا
يااخواني
لمثل هذا فاعدوا وسال صلى الله عليه وسلم رجل أي المؤمنين اكيسُ يارسول الله فقال عليه الصلاة والسلام اكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم لما بعدهُ إستعداداً أولئك الأكياس أولئك الأكياس ورحم الله عمر ابن عبد العزيز اذ قال لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لفسد ساااعة ياعباد الله
وسئل احد السلف
لماذا نكرهُ الموت لماذا نكرهُ الموت لماذا نكرهُ الموت فقال لانكم عمرتم دنياكم وخربتم اخراكم لانكم عمرتم دنياكم وخربتم اخراكم فانتم تكرهون النقلة من العمران الى الخراب ورغم ذالك كله فاننا كثيرا بنو الانسان مانحاول الهروب من مجرد ذكر الموت نتظاهر بالتغافل والتشاغلِ عنهُ واللهُ يحذرُ ويقول (وجاءت سكرة الموت بالحق ذالك ماكنت منهُ تحيد )
إي والله نحيدُ عن مجرد ذكره حتى وإن بلغنا من العمر عتيا نحيد وحتى إن أنشب المرض مخالبه وعظ علينا بأنيابه ولكنها الحقيقة القرآنية (قل إن الموتَ الذي تفرون منه فإنهُ ملاقيكم )
ولقد لقيتهُ خلالِ الأيام الماضية ~ كنتُ معهُ في غرفةٍ واحدة كنتُ أعلمُ أن الموت حق وأن المؤمن راضٍ بما كتب الله له ~ لكنها بشرية الإنسان فإن كان موت القريبِ لقريبهِ مُصيبة فإن موت الوالدين أو أحدهما من أشد المصائب ~ وأوجع الموااااجع فكيف إذا كان الفقد لذالك القلبِ الحنون أغلى إنسان وأرحمُ إنسان وأحبُ إنسان وأوفى إنسان ~ أمك ثم أمك ثم أمك ~ ياالله ~ عندما يموتُ الحنان ~ ياالله ~ عندما يموتُ الحنان بواابة الجنآن أقرب وأكرمُ وأحبُ إنساانأمهاتٌ نحنُ ثمار قلوبهن أمهاتٌ نحنُ قطعٌ من أفئدتهن أمهاتٌ نُصبحُ ونمسي في أحضانهن أمهاتٌ لن ننعم في الدنيا بوسادة أنعم من صدورهن أمهات لن نلثم أجمل من ثغورهن أمهاتٌ لن نسمع أرق وألطف من كلامهن أمهاتٌ هن وهن وهن فلن نجد لهن مثيلاً ~ حنو وشفقة وعطفاً ورحمة وصبراً وتضحية فلا تلوموه يومَ تتفجرُ الأحزان عندما يبقى الحناان فالرجل طفل مهما تراكمت الاعواام ~ وعندما يموتُ الحناان يشيخُ فجأة ذالك الطفل وكأن شيئاً لم يكون وكأن شيئاً ماكااان رغم ان الموت حقٌ والله المستعااان
شربتُ الحزن كأساً بعد كأسٍ ~~ فما نفذ الشرابُ وما رويتُ
إنها مصيبةُ كل إنسانٍ بأمه ليس لها مثييل بعد المصااب بحبيب الامة صلوات الله وسلامه عليه انها لحظات عصيبة تمر بكل انسان ذكراً كان أو أنثى صغيراً كان أو كبيراً ~ عندما يموتُ الحنان ~ عندما يفقدُ أمه ~ تلقي بظلالها الكئيبة على كل من فقد والده أو أمه ياحسن ماكنا جميعا فمذ ترحلوا عنا اقاام الغرام وكلما مر حديث لهم تضاعف الشوق وزاد الهياام لله هذا الموت لم يبقي ذا تقوى لتقواه ولاذ اجترام ~ نحزن وندمع ونبكي ونتوجع على جناان في الدنيا فقدناها جنانٍ كنا نعيشُ فيها جناان كنا نتفيئوا بظلالها جنان نجني ثمارها صباح مساء فالام جنة الدنيا جنة يد المنية تغتالها مناااااا ~ وتبعدها عناا جنةٌ في الدنيا توصلنا إلى جنةِ الآخرة ~ مااذكرٌ انني لقيتُ أمي إلا وأخرج من عندها وأن والله أشدُ قوةً على فعلِ الخيراات وأكثرُ عزماً على القيامِ بالطاعات والعبادات ~ إنها الأم ورائدة دربنا عنوانُ سعادتنا سببُ نجاحنا رمزُ توفيقنا بعد الله جل علاه ~ إنها الأم ~ أعظمُ كتاابٍ قرأتهُ في حيآتي ~ إنها أم ~ أعلمُ أستاذ تخرجتُ على يديه
وكآنت لي من حياتك عظاتٌ ** وأنتي اليوم أوعظُ منكِ حيا
من منكم سينسى من منكم ينسى كيف كانت توقظهُ للصلوات كيف كانت تلقنهُ الآداب والمُكرماات كيف كانت تسهرُ تنتظرهُ سااعات كيف كانت تتجرعُ المُر ليهنأ في الحياة كيف كنت تؤذيها وتعقها وتصيبها بالضرر فيناديك قلبها الحنون وهو معفر ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر ~ إنهن الأمهاات إنهن الأمهاات
معاشر الشباب والفتيات ~
إنهن الأمهات معشر الشباب والفتيات قلوبهن من روائع وعجاائب المخلوقاات
فكم مرة جااعت وأعطتك قوتها ~حنو وإشاقُ وأنت صغيرُ
فضيعتها لما أسأت جهالةً ~ وطاال عليك الأمر وهو قصيرُ
فأسمعوها ياشباااب
سااارعوا قبل أن تُغلق الأبوااب سااارعوا قبل أن تغلق الأبواب إننا مدينون لأمهاتنا ولن نذوق طعم السعادة في حياتنا إلا حينما نحني لنقبل يديها ونسكب دموع خضوعنا على خديها ونستجدي نظرررات الرضا من عينيها ~ إنها الأم فقط حين نشعرُ بالسعادة والرضى ويكونُ التوفيقُ والنجاح ندخل جنة الفلاح والإرتياح تنجلي همومنا تنفرجُ كروبنا تزولُ أتراحنا فهل بعد هذا أحدٌ يلومنا ؟؟ إذا أسينا أو حزنا على أمهاتنا أي عاقلٌ لا يبكي وقد أغلق عنهُ بابان أي عاقلٌ لا يبكي وقد أغلق عنهُ بابان ؟؟؟ ~ بابٌ من أبواب الجنة وبابٌ من أبواب الجهاد فلما ماتت أم القاضي إيااس بكى فقال مايبكيك ياأبا واثلة ؟؟ قال كان لي بابان مفتوحاان من الجنة فأغلق أحدهما وأما بابُ الجهاد فقد روي عن أنسٍ رضي الله عنهُ قال أتى رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم فقال ؛إني أشتهي الجهاد وإني لا اقدرٌ عليه قال هل بقي أحدٌ من والديك قال أمي قال فأبلي الله عذراً في برها فإنك إذا فعلت ذالك فأنت حاجٌ ومعتمرٌ ومجاهد
إذا رضيت عنك أمك فأتقِ الله في برها
رواه الطبراني وحسنهُ العراقي
فأتقوا الله ياشباب إتقوا الله يافتيات إتقوا الله في أمهاتكم وأبائكم إتقوا الله في أمهاتكم وأبائكم وعجلوا قبل أن تحين لحظاتُ الفراق تمرغوا في سعادة البر والصلةِ لهما والخدمة لهما إنها سعادةُ الدنيا والله إنها بوابة الجنة فلا تفوتكم عباد الله كان مذهبُ إبن عباسٍ رضي اللهُ عنهما أن بر الأم أفضلُ الأعماال وقال إني لا أعلمُ عملاً أقربُ إلى اللهِ عز وجل من بر الوالدة وهو مذهب جماعة من السلف
وقال إبن عمر رضي اللهُ عنهما لرجلٍ عندهُ أمه واللهِ لو ألنت لها الكلام واطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ماإجتنبت الكبائر واللهِ لو ألنت لها الكلام واطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ماإجتنبت الكبائر
وقال الإمامُ أحمد ~
بر الوالدين كفارة الكبائر فآه للموت كيف أغلق وأوصد أبواب الخيرِ هذه ولو أن هذا الموت يقبلُ فدية فديناه أمولاً كراماً وأنفساً إي والله لو كان يقبلُ فديةً لفديتُ أمـــــــــــــــي بنفسي وروحي ~
فآهٍ ماأضعف الإنساان ماأوهن حبله مأشد غفلته عن النعم التي يتقلب فيها إي والله وجودُ الأبوين أو أحدهما نعمةٌ من أعظمِ النعم عند العبد نعمة من أعظمِ النِعمِ ياشباب نعمةٌ من أعظمِ النعم يافتيات نعمة وجود الوالدين نعمة عظيييمة لا يعرف قدرها إلا من فقدها كم من النعم لا ندرك قدرها الا عند فقدها
فأسمعوها ياشباب سااارعوا قبل أن تغلق الأبواب
\إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقولُ إلا مايرضي ربنا
وإنا على الفراق لمحزنون ~ فإنا للهِ وإنا إليه رااجعون
قيثارتي مُلئت بأنآتِ الجوى ** لا بد للمكبوتِ من فيضانِ
صعدت إلى شفتي خواطرُ مُهجتي *** ليبين عنها منطقي ولساني
أنا ماتعديتُ القناعة والرضى *** لكنها هي قصة الأشجان
يشكوا لك اللهُ قلباً لم يعش *** إلا لحمدِ علاك في الأكوان
فالحمدُ للهِ على جنة الرضا الحمدُ لله على نعمة الإيمان الحمدُ لله على نعمة اليقين والصبر الحمد لله على نعمة ِ الإيمان التي تجري بعروقِ الإنسان لتمتص الآلام والأحزان فالحمدُ لله ورضينا بقضاء الله خيرهِ وشره وحلوه ومره فما من عبدٍ تصيبهُ مصيبة فيقولُ إنا للهِ وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وإخلفي خيراً منها إلا آجرهُ اللهُ في مصيبته وأخلف لهُ خيراً منها فاللهم أجرنا اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيراً منها
أبيتُ على الذكرى وأصحوا بمثلها ** وإن نمت لم يبرح خيالكُ زائلِ
أحبك ياأمي على القرب والبعد ** أحبك ياأمي ولو كنت في اللحدِ
أحبكِ حبآ لو مجزتُ رحيقهُ **ببحرٍ لصار البحرُ أحلى من الشهدِ
أحبك حباً لو سقيتُ بمائه ** فيافي نجد أورق الشيح في نجدِ
أحبكِ حباً فاق حب أحبتي ** فليس لحب الام في القلب من ند
سلام على الدنيا تناثر عقدها **وقد كنت يااماااه واسطة العقد
وكيف لا احب امي كيف لا احب ابي كيف لا تحبون امهاتكم ولا ابائكم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول
(رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد)ويقولُ عليه الصلاة والسلام
(رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه قيل من يارسول الله قال من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة
رواه مسم واحمد
نسأل الله الجنة كيف لا احب أمي و أحب ابي كيف لا تحبون أمهاتكم أو أبائكم ونحن نقرأ ويتكررُ على مسامعنا قول الحق عزو جل (وقضى ربك أن لا تعبدوا الا اياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلاتقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما وإخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِ ارحمهما كما ربياني صغيراً )
وأخيراً عباد الله
فالموتُ ليس نهاية البر كم من ولدٍ صالح زااد حبه وتضاعف بره بأبويه بعد الموت وكأنهُ يقول للموت لن تغلق الباب وسأزدادُ من الأجر والثواب فبعد الموت تبدأ قصة أخرى مع البر والصلة للأبوين إي والله بعد الموت تبدأ قصةً أخرى مع البر والصلة للأبوين فقد روي عن إبن أسيد مالك ابن ربيعة قال بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم اذ جاءه رجل من بني سلمة فقال :يارسول الله ابقي من بر ابوي شيء ابرهما به بعد موتهما قال عليه الصلاة والسلام نعم الصلاة عليهما والإستغفار لهما والإفاء بعهودهما من بعد موتهما واكرام صديقيهما وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما
وروى مالكٌ في الموطأ وأخرجه البخاري في الادب المفرد بسندٍ حسنهُ الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :ترفع للميت بعد الموتِ درجته فيقول أي رب أي شيء هذا فيقال ولدك استغفر لك
فاللهم نستغفرك لأبائنا وأمهاتنا اللهم نستغفرك لأبائنا وأمهاتنا اللهم إرزقنا ب آبائنا وأمهاتنا أحياء وأمواتاً اعتذرُ إخوة الإيمان إنها أشجان ودروسٌ الزمان ليتذكر الغافل وينشطٌ اليقظان فيذكرُ من يخشى ويجنبها الأشقى إنها نفثةُ مصدور وآنااات مكرووب فما ارهف العاقل اللبيب ليرهف سمعهُ لهمساتِ المكروبين وآناتِ المحزونين فهي عِبر هي عبـــــــــــــــــــــــــــــر هي عبرٌ وعظاتٌ للباقين
قالوا بعينك عبرةٌ ** قلتُ الآسى دمعٌ ودم
قالوا بقلبك حرقةٌ **قلتُ المواجع تضطرم
قالوا حروفك لوعةٌ **قلتُ الصبابة والألم
لا تسألوني فالجوابُ **يزيد في قلبي الالم
اللهم إرحم آبائنا وأمهاتنا اللهم إرحم آبائنا وأمهاتنا اللهم إرحم آبائنا وأمهاتنا اللهم من كان منهم حيا فأطل بعمره وأصلح عمله وإرزقه الصحة والعافية ومن كان منهم ميتاً فأغفر له وارحمه وتولاه برعايتك وعنايتك أنت مولاهم أنت مولاهم وأنت الرحيم اللهم إغسلهم بالثلج والماء والبرد اللهم إغسلهم بالثلج والماء والبرد
ونقهم من الذنوب والخطايا وارفع درجاتهم في عليين برحمتك ياارحم الراحمين اقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم
ولسائر المسلمين فأستغفره إنه هو الغفور الرحيم


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 10 - 9 - 2014, 09:00 AM   #67



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الحمد لله القوي العزيز المتين، وعد عباده بالنصر والتمكين، إن هم أقاموا ونصروا الدين، فقال:( {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7] والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، بعثه الله مبشراً وهادياً إلى الصراط المستقيم.عباد الله أوصيكم بتقوى الله وطاعته، {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18]. معاشر المؤمنين، مازالت أحداث بلاد الشام تترى وكل يوم تجدد، وكل يوم تفاجئنا أروقة السياسة بعجائب وغرائب من مشاهد الخذلان والتماوت لإطالة عمر النظام النصيري الظالم، وصدق الله العظيم: :{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}، والثابت الوحيد في القضية مشاهد القتل والذبح، وسياسة التهجير والإبادة، وأصبح الجميع يتحدثون عن المصير وعن المستقبل وما سيكون عليه شامنا في الأيام المقبلة، فمن ناظر لشامنا من زاوية الأماني السياسية والتعلق بنتائج المفاوضات الفارغة؟ وياليت لكن القرآن أخبرنا أنها حال أهل النفاق الذين غرتهم الأماني وتعلقوا بالأهداب ونسوا أمر ربهم، {غَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}، ومن ناظر نظرة يأس وقنوط، وتخذيل وتثبيط؟ وكفي هؤلاء توجيه القرآن: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف: 87]، ومن ناظر نظرة ثقة وأمل يحدوه تضحية وبذل وعمل، {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، فهم يعملون ويتفاءلون ويتحدثون عن المبشرات ثقة بالله، مع العمل والأخذ بالأسباب، لتحقيق وعد الله سبحانه بالنصر والتمكين. معاشر المؤمنين!، إن طول أمد القضية السورية ينبغي أن لا يكون سبباً لقسوة القلوب، فقد تطول وتطول امتحاناً ولحكم،{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} فلنحذر أن نكون ممن قال الله فيهم: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}، فعلى كل مؤمن صادق واثق أن يُردد ما علمنا إياه القرآن تربية وتوجيهاً {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}، إنه جيل القرآن وتربية القرآن، فكلما طال الأمد صار سبباً في حياة القلوب؛ وتعلقها بعلام الغيوب، والثقة بمبشرات رسول الأنام، عليه الصلاة والسلام، بأحاديث ونصوص بلاد الشام؛ فالحديث عن المبشرات سنة وهدي نبوي شريف حث عليه المصطفى فقال:"بشروا ولا تنفروا"متفق عليه،فالبشارة قبل النذراة، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، بل كان أكثر الناس تفاؤلاً، وكان أكثر تفاؤله حين الشدائد والأزمات، وما مواقفه في غزوة الخندق عنا ببعيد، فرغم كل الظروف، {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا () هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا () وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}، رغم كل هذا الوصف المرعب للحال إلا أنه r بهدوئه وإيمانه لم يتردد أن يزف للمسلمين حينها بشائر النصر والفتوحات، إذا فالحديث عن المبشرات أوقات الأزمات منهج نبوي، وبرنامج عملي حيوي، وله أثر نفسي وإيماني، بل هو ضرورة لا بد منها، لأنها النهايات السعيدة التي أخبرنا عن مالك الملك، مهما تخللها من آلام وأحزان، ومصائب وآلام، بل أعجب من هذا أن جاء التوجيه الرباني القرآني لرسوله بأن لا يتعجل حلول العذاب بالكفار رغم شدة معاناته،فقال:{لَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} فالله تعالى هو من يُعد النهاية لهذا الظالم، فلا تعجلي يا شام على من ظلم، لا تعجلي على من أساء، لا تعجلي يا شام على من قتّل وشرّد ودمّر، فالله بالمرصاد وهو من يُقدر نهاية الظالم متى ؟وكيف؟{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}، فأبشري يا شام بهلاك بشار، ويا شام لا تتعجلي بهلاك النظام، فإن الله يَعد له عداً،"..ولكنكم تستعجلون"، هاهي"شام البشائر" تلوح،فالبشائر تلوح وإن تأخر النصر، تلوح وإن تأخر التمكين، "شام البشائر" رغم أنف الشانئين، رغم الظالمين والمثبطين، شام البشائر تلوح من جهتين: الأولى: من جهة النصوص النبوية. والثانية: من جهة الوقائع والواقع الذي نعيشه ونراه. أيها المسلمون،يا أهلنا ببلاد الشام: لقد جاء الكثير من النصوص النبوية تبين فضل الشام، وتحمل في طياتها البشارة والتمكين مهما طال الزمان، ومهما تآمر الساسة والإعلام، ومن المهم أن نؤكد أن المنهج الصحيح أن لا ننزل هذه النصوص على زمان بعينه أو حادثة ما، فلسنا مطالبين بتحقيق هذه النصوص على الواقع الذي تعيشه الشام الآن، لكن يكفينا أنها بشائر ثابتة ستتحقق مهما طال الزمان، فهي إعجاز نبوي، واطمئنان للمؤمنين، بالنصر والتمكين، وهي دليل وبرهان للمضاء في الطريق وبذل الوسع في أسباب النصر مهما كانت التضحيات، ومن هذه النصوص النبوية التي جاءت بالبشائر: ما جاء في مسند أحمد وجامع الترمذي عن زيد ابن ثابت، قال: بينما نحنُ عِندَ رسولِ الله يوماً حين قال: "طوبَى للشّامِ، طوبَى للشّامِ"قُلت:ما بالُ الشّامِ؟ قال:"الملائكةُ باسِطو أجْنِحَتِها على الشّام"حسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي والمنذري والألباني. وأخرج أحمد وغيره عن عبدِ اللهِ بن حَوَالَة، أنَّ رسولَ اللهِ قال:"سَيَكُونُ جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ"، فَقَالَ رَجُلٌ: فَخِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:"عَلَيْكَ بِالشَّامِ، عَلَيْكَ بِالشَّامِ، عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَلْيَسْقِ مِنْ غُدُرِهِ" أي ليسق كل واحد من غدره المختصة به والغُدُر بضمتين جمع غدير وهو الحوض، وأهل الشام شأنهم أن يتخذ كل رفقة منهم غديراً للشرب وسقي الدواب، فوصاهم بالسقي مما يختص بهم وترك المزاحمة فيما سواه والتغلب لئلا يكون سبيلاً للاختلاف وتهييج الفتنة"(المناوي،فيض القدير) (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ)).صححه الألباني في صحيح الترغيب، قال ربيعة: فسمعت أبا إدريس يُحدّث بهذا الحديث يقول: ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه. فلن تضيعوا وربي يا أهل الشام مهما حاولوا تدويل قضيتكم وتضييعها، فحسبكم أن الله تكفل ببلادكم، فعودوا للإيمان الذي شهد به لكم رسول الأنام عليه الصلاة والسلام، ففي مسند الشاميين للطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله :"ألا إنّ الإيمان إذا وقعتِ الفِتن بالشام"(صححه الألباني في فضائل الشام ودمشق)، ولن يُخذل بلد دعا له النبي للشام بقوله: "اللهم بارك لنا في شامنا". (رواه أحمد وصححه الألباني كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة)،وعن أبي الدرداء أن رسول الله قال: " فُسْطاط المسلمين -أي حصن المسلمين الذي يتحصنون به- يومَ الملحمةِ بالغوطةِ إلى جانب مدينة يُقالُ لها دمشقُ من خيرِ مدائنِ الشّام"(صححه الألباني في فضائل الشام ودمشق)،وعن أبي أمامة قال:قال رسول الله: "صَفْوَةُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَرْضِهِ الشَّامُ وَفِيهَا صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ، وَلَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي ثُلَّةٌ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عِقَابَ"(كما في المعجم الكبير للطبراني،وذكره الألباني في الصحيحة). فهذه النصوص النبوية تؤكد شام البشائر، وكفى بها لتدخل الطمأنينة في قلوب المؤمنين على بلاد الشام مهما كان مكر أعداء الإسلام، فوحي السماء يوقظ القلوب الغافلة؛ بأن الملائكة باسطو أجنحتها على الشام، وأن الله قد تكفل لنبيه بالشام وأهلِه، وأن الإيمان والبركة في الشام، وأنها هي حصن المسلمين الذي يتحصنون به، وأنها هي صفوة الأرض وفيها صفوة الخلق، فأي فضل وأي كرامة وأي بشائر أعظم فأبشري يا شام البشائر،
لا تخف يا شامنا فالنصر آت رابح أنت، ومن عاداك خاسر
أنت شام المجد والتاريخ فارسم بهما في عصرنا أجمل حاضر
أيها الشام على رأسك تاج ورؤوس المستبدين حواسـر
إخوتي في الشام لا تخشو فإني لأرى في ليلكم فجر البشائر
(من قصيدة د.العشماوي)، وربما قيل: أين هذه البشائر من الواقع وما يجري على الأرض من أهوال تشيب لها الوالدان، ومصائب جعلت الحليم حيران، وهو قول له مكان، ولا شك يحتاج لبيان، فنحن في زمن ضعف فيه الإيمان، فأصبح لا بد من برهان يراه العيان،{أمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } وقول الحق: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}، يا الله! ما أعظم تربية القرآن للإنسان، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}، فوالله رغم الآلام إلا أن بشائر الواقع كثيرة، محسوسة ومشهودة تتناغم مع بشائر الأحاديث؛أولها:عودة الإسلام إلى حقيقته بدل الصورة التي كان يعيشها الكثير من المسلمين خاصة في بلاد الشام، فقد تغيرت أحوال ناس وشباب كانوا يترنحون، وفي الارات يتراقصون، فعادوا للطريق بعد غفلة، وكثير منهم للشهادة يطلبون، بل سمعنا الآباء والأمهات يدفعون فلذات أكبادهم للساحة بصبر وثبات عجيب، وإذا استشهدوا سمعناهم للتهاني يتساقون، إنها حقيقة الإيمان، وصناعة القرآن للإنسان.ثان بشائر الواقع:العزيمة والتحدي والإصرار الذي نراه في نفوس الشعب السوري رغم شناعة الأحداث، فلم نسمع شعبا يرقص على ترانيم الموت ويغني أغاني الموت وبصدور عارية؛ أتدرون معنى هذا؟معناه: أن الناس هناك تخلصوا من الوهن الذي وصفه النبي عندما قيل له: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ:"حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".(أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)فالنفوس هناك أصبحت تطلب الموت وتتمناه شهادة، ولا شك أن هذه بداية الحياة للتخلص من تداعي الأمم على هذه الأمة.ثالثاً من بشائر الواقع:عودة حقيقة التوحيد وتجريده في قلوب المسلمين، فأصبح الالتجاء والسؤال لله وحده، أصبحت الاستعانة بالله وحده، "يا لله مالنا غيرك يا الله"، "لن نركع إلا لله"، شعارات لغرس اليقين بأن النصر بيد الله وحده متمثلين قوله تعالى:"وما النصرُ إلا من عند الله العزيز الحكيم"(آل عمران)فنصركم بالله بالرغم من ضعفكم،لا بشدة بأسكم أوقوتكم.رابعاً من بشائر الواقع: فضح المخطط الفارسي علانية لكل أحد، فأبى الله أن يظهر لكل أحد الحلم بعودة دولة فارس، لقدأصبح جلياً أن ما يحدث على أرض الشام حرب عقائدية، وعندها:فسوريا هي خط الدفاع الأول لنا ولأراضينا في الخليج وفي الأردن وفي لبنان وتركيا وسائر بلاد المسلمين، فما يجري على أرض بلاد الشام من ذبح بالسكاكين والسواطير واغتصاب الحرائر تصرخ فينا {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}،{كيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}. خامساً من بشائر الواقع: حياة قلوب الناس،وإحياء الهمّ والهمة، واصطفاء الشهداء، والتمحيص ورفع درجات الجرحى والأسرى؛ فقد أحيت الأحداث القلوب الغافلة، وأصبح الجميع يحمل همَّ الدِّين والأمة، فتأخر النصر ينطوي على خير كثير لا يعلمه إلا الله {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}"عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"(رواه مسلم) فالمؤمن على كل حال يحتسب الأجر على الله حتى حال انتظاره للفرج، فسنة الابتلاء ماضية والدنيا بأسرها ابتلاء وامتحان، {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}. سادساً من بشائر الواقع ومن أهمها:تقارب وتراص المعارضة السورية، فهي من أهم الحِكَم التي نتجت عن تأخر النصر، فالمعارضة في سوريا شذر مذر، تباعد في كل شي، ولوا انتصرت الثورة الشعبية ربما لأهلك بعضهم بعضاً، فمن رحمة الله بهم أن شدة الهول وفظاعته قرّبت القلوب والأفكار، وأصبح الآن أمرهم أفضل بكثير فقد تم تأسيس المجلس الوطني كإطار موحدللمعارضة السورية، وتم عقد عدد من اللقاءات بين أقطاب المعارضة مما قرب الصفوف مهما كانت النتائج، على الأقل اتفقوا على هدف إسقاط النظام الغاشم الظالم، ولعل هذه توطئاتلتقريب وجهات النظر وتأليف القلوب لمصلحة أرض الشام في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى، وفي القرآن معان وإرشادات: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، نسأل الله أن يؤلف بين قلوبهم وأن يجمع رأيهم لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن ينصر دينه وكتابه وسنة نبيهوعباده الصالحين، وأخيراً لا بد أن نتذكر أن وعد الله بالنصر حق، وليس شرطاً أن نراه، فقد نوارى تحت التراب، لكن وعد الله لا يتخلف، وعلى المسلم أن يبذل ما عليه وأمر الغيب بيد الله وحده،{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، ومن هنا لا بد أن نتقن فن التوازن في هذه الأحداث، فن الفرحة مع الحزن، وفن البسمة مع الدمعة، وفن الأمل رغم الألم، فياليت شعري من يُحسن هذا الفن؟ فالنفوس المؤمنة الطيبة هي التي تصنع من الألم أمل، وتصنع من الدمعة بسمة. فاللهم عجل بالفرج لأهل الشام، وعليك بزبانية النظام والأزلام، ومن تآمر معهم واصطف بصفهم، يارب خالف بين صفهم، ورأيهم، وشتت كلمتهم وأضعف قوتهم، وعطل عتادهم، الله اضرب الظالمين بالظالمين، وانصر جندك بجند من عندك، انصرهم بالرعب يا الله مالهم غيرك يا الله، فأنت الناصر والمعين، اللهم اجعل آلام وأحزان أهل الشام برداً وسلاماً عليهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم صلي وسلم على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 10 - 9 - 2014, 09:01 AM   #68



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الحمد لله القوي العزيز المتين، وعد عباده بالنصر والتمكين، إن هم أقاموا ونصروا الدين، فقال:( {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7] والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، بعثه الله مبشراً وهادياً إلى الصراط المستقيم.عباد الله أوصيكم بتقوى الله وطاعته، {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18]. معاشر المؤمنين، مازالت أحداث بلاد الشام تترى وكل يوم تجدد، وكل يوم تفاجئنا أروقة السياسة بعجائب وغرائب من مشاهد الخذلان والتماوت لإطالة عمر النظام النصيري الظالم، وصدق الله العظيم: :{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}، والثابت الوحيد في القضية مشاهد القتل والذبح، وسياسة التهجير والإبادة، وأصبح الجميع يتحدثون عن المصير وعن المستقبل وما سيكون عليه شامنا في الأيام المقبلة، فمن ناظر لشامنا من زاوية الأماني السياسية والتعلق بنتائج المفاوضات الفارغة؟ وياليت لكن القرآن أخبرنا أنها حال أهل النفاق الذين غرتهم الأماني وتعلقوا بالأهداب ونسوا أمر ربهم، {غَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}، ومن ناظر نظرة يأس وقنوط، وتخذيل وتثبيط؟ وكفي هؤلاء توجيه القرآن: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف: 87]، ومن ناظر نظرة ثقة وأمل يحدوه تضحية وبذل وعمل، {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، فهم يعملون ويتفاءلون ويتحدثون عن المبشرات ثقة بالله، مع العمل والأخذ بالأسباب، لتحقيق وعد الله سبحانه بالنصر والتمكين. معاشر المؤمنين!، إن طول أمد القضية السورية ينبغي أن لا يكون سبباً لقسوة القلوب، فقد تطول وتطول امتحاناً ولحكم،{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} فلنحذر أن نكون ممن قال الله فيهم: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}، فعلى كل مؤمن صادق واثق أن يُردد ما علمنا إياه القرآن تربية وتوجيهاً {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}، إنه جيل القرآن وتربية القرآن، فكلما طال الأمد صار سبباً في حياة القلوب؛ وتعلقها بعلام الغيوب، والثقة بمبشرات رسول الأنام، عليه الصلاة والسلام، بأحاديث ونصوص بلاد الشام؛ فالحديث عن المبشرات سنة وهدي نبوي شريف حث عليه المصطفى فقال:"بشروا ولا تنفروا"متفق عليه،فالبشارة قبل النذراة، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، بل كان أكثر الناس تفاؤلاً، وكان أكثر تفاؤله حين الشدائد والأزمات، وما مواقفه في غزوة الخندق عنا ببعيد، فرغم كل الظروف، {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا () هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا () وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}، رغم كل هذا الوصف المرعب للحال إلا أنه r بهدوئه وإيمانه لم يتردد أن يزف للمسلمين حينها بشائر النصر والفتوحات، إذا فالحديث عن المبشرات أوقات الأزمات منهج نبوي، وبرنامج عملي حيوي، وله أثر نفسي وإيماني، بل هو ضرورة لا بد منها، لأنها النهايات السعيدة التي أخبرنا عن مالك الملك، مهما تخللها من آلام وأحزان، ومصائب وآلام، بل أعجب من هذا أن جاء التوجيه الرباني القرآني لرسوله بأن لا يتعجل حلول العذاب بالكفار رغم شدة معاناته،فقال:{لَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} فالله تعالى هو من يُعد النهاية لهذا الظالم، فلا تعجلي يا شام على من ظلم، لا تعجلي على من أساء، لا تعجلي يا شام على من قتّل وشرّد ودمّر، فالله بالمرصاد وهو من يُقدر نهاية الظالم متى ؟وكيف؟{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}، فأبشري يا شام بهلاك بشار، ويا شام لا تتعجلي بهلاك النظام، فإن الله يَعد له عداً،"..ولكنكم تستعجلون"، هاهي"شام البشائر" تلوح،فالبشائر تلوح وإن تأخر النصر، تلوح وإن تأخر التمكين، "شام البشائر" رغم أنف الشانئين، رغم الظالمين والمثبطين، شام البشائر تلوح من جهتين: الأولى: من جهة النصوص النبوية. والثانية: من جهة الوقائع والواقع الذي نعيشه ونراه. أيها المسلمون،يا أهلنا ببلاد الشام: لقد جاء الكثير من النصوص النبوية تبين فضل الشام، وتحمل في طياتها البشارة والتمكين مهما طال الزمان، ومهما تآمر الساسة والإعلام، ومن المهم أن نؤكد أن المنهج الصحيح أن لا ننزل هذه النصوص على زمان بعينه أو حادثة ما، فلسنا مطالبين بتحقيق هذه النصوص على الواقع الذي تعيشه الشام الآن، لكن يكفينا أنها بشائر ثابتة ستتحقق مهما طال الزمان، فهي إعجاز نبوي، واطمئنان للمؤمنين، بالنصر والتمكين، وهي دليل وبرهان للمضاء في الطريق وبذل الوسع في أسباب النصر مهما كانت التضحيات، ومن هذه النصوص النبوية التي جاءت بالبشائر: ما جاء في مسند أحمد وجامع الترمذي عن زيد ابن ثابت، قال: بينما نحنُ عِندَ رسولِ الله يوماً حين قال: "طوبَى للشّامِ، طوبَى للشّامِ"قُلت:ما بالُ الشّامِ؟ قال:"الملائكةُ باسِطو أجْنِحَتِها على الشّام"حسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي والمنذري والألباني. وأخرج أحمد وغيره عن عبدِ اللهِ بن حَوَالَة، أنَّ رسولَ اللهِ قال:"سَيَكُونُ جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ"، فَقَالَ رَجُلٌ: فَخِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:"عَلَيْكَ بِالشَّامِ، عَلَيْكَ بِالشَّامِ، عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَلْيَسْقِ مِنْ غُدُرِهِ" أي ليسق كل واحد من غدره المختصة به والغُدُر بضمتين جمع غدير وهو الحوض، وأهل الشام شأنهم أن يتخذ كل رفقة منهم غديراً للشرب وسقي الدواب، فوصاهم بالسقي مما يختص بهم وترك المزاحمة فيما سواه والتغلب لئلا يكون سبيلاً للاختلاف وتهييج الفتنة"(المناوي،فيض القدير) (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ)).صححه الألباني في صحيح الترغيب، قال ربيعة: فسمعت أبا إدريس يُحدّث بهذا الحديث يقول: ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه. فلن تضيعوا وربي يا أهل الشام مهما حاولوا تدويل قضيتكم وتضييعها، فحسبكم أن الله تكفل ببلادكم، فعودوا للإيمان الذي شهد به لكم رسول الأنام عليه الصلاة والسلام، ففي مسند الشاميين للطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله :"ألا إنّ الإيمان إذا وقعتِ الفِتن بالشام"(صححه الألباني في فضائل الشام ودمشق)، ولن يُخذل بلد دعا له النبي للشام بقوله: "اللهم بارك لنا في شامنا". (رواه أحمد وصححه الألباني كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة)،وعن أبي الدرداء أن رسول الله قال: " فُسْطاط المسلمين -أي حصن المسلمين الذي يتحصنون به- يومَ الملحمةِ بالغوطةِ إلى جانب مدينة يُقالُ لها دمشقُ من خيرِ مدائنِ الشّام"(صححه الألباني في فضائل الشام ودمشق)،وعن أبي أمامة قال:قال رسول الله: "صَفْوَةُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَرْضِهِ الشَّامُ وَفِيهَا صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ، وَلَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي ثُلَّةٌ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عِقَابَ"(كما في المعجم الكبير للطبراني،وذكره الألباني في الصحيحة). فهذه النصوص النبوية تؤكد شام البشائر، وكفى بها لتدخل الطمأنينة في قلوب المؤمنين على بلاد الشام مهما كان مكر أعداء الإسلام، فوحي السماء يوقظ القلوب الغافلة؛ بأن الملائكة باسطو أجنحتها على الشام، وأن الله قد تكفل لنبيه بالشام وأهلِه، وأن الإيمان والبركة في الشام، وأنها هي حصن المسلمين الذي يتحصنون به، وأنها هي صفوة الأرض وفيها صفوة الخلق، فأي فضل وأي كرامة وأي بشائر أعظم فأبشري يا شام البشائر،
لا تخف يا شامنا فالنصر آت رابح أنت، ومن عاداك خاسر
أنت شام المجد والتاريخ فارسم بهما في عصرنا أجمل حاضر
أيها الشام على رأسك تاج ورؤوس المستبدين حواسـر
إخوتي في الشام لا تخشو فإني لأرى في ليلكم فجر البشائر
(من قصيدة د.العشماوي)، وربما قيل: أين هذه البشائر من الواقع وما يجري على الأرض من أهوال تشيب لها الوالدان، ومصائب جعلت الحليم حيران، وهو قول له مكان، ولا شك يحتاج لبيان، فنحن في زمن ضعف فيه الإيمان، فأصبح لا بد من برهان يراه العيان،{أمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } وقول الحق: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}، يا الله! ما أعظم تربية القرآن للإنسان، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}، فوالله رغم الآلام إلا أن بشائر الواقع كثيرة، محسوسة ومشهودة تتناغم مع بشائر الأحاديث؛أولها:عودة الإسلام إلى حقيقته بدل الصورة التي كان يعيشها الكثير من المسلمين خاصة في بلاد الشام، فقد تغيرت أحوال ناس وشباب كانوا يترنحون، وفي الارات يتراقصون، فعادوا للطريق بعد غفلة، وكثير منهم للشهادة يطلبون، بل سمعنا الآباء والأمهات يدفعون فلذات أكبادهم للساحة بصبر وثبات عجيب، وإذا استشهدوا سمعناهم للتهاني يتساقون، إنها حقيقة الإيمان، وصناعة القرآن للإنسان.ثان بشائر الواقع:العزيمة والتحدي والإصرار الذي نراه في نفوس الشعب السوري رغم شناعة الأحداث، فلم نسمع شعبا يرقص على ترانيم الموت ويغني أغاني الموت وبصدور عارية؛ أتدرون معنى هذا؟معناه: أن الناس هناك تخلصوا من الوهن الذي وصفه النبي عندما قيل له: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ:"حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".(أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)فالنفوس هناك أصبحت تطلب الموت وتتمناه شهادة، ولا شك أن هذه بداية الحياة للتخلص من تداعي الأمم على هذه الأمة.ثالثاً من بشائر الواقع:عودة حقيقة التوحيد وتجريده في قلوب المسلمين، فأصبح الالتجاء والسؤال لله وحده، أصبحت الاستعانة بالله وحده، "يا لله مالنا غيرك يا الله"، "لن نركع إلا لله"، شعارات لغرس اليقين بأن النصر بيد الله وحده متمثلين قوله تعالى:"وما النصرُ إلا من عند الله العزيز الحكيم"(آل عمران)فنصركم بالله بالرغم من ضعفكم،لا بشدة بأسكم أوقوتكم.رابعاً من بشائر الواقع: فضح المخطط الفارسي علانية لكل أحد، فأبى الله أن يظهر لكل أحد الحلم بعودة دولة فارس، لقدأصبح جلياً أن ما يحدث على أرض الشام حرب عقائدية، وعندها:فسوريا هي خط الدفاع الأول لنا ولأراضينا في الخليج وفي الأردن وفي لبنان وتركيا وسائر بلاد المسلمين، فما يجري على أرض بلاد الشام من ذبح بالسكاكين والسواطير واغتصاب الحرائر تصرخ فينا {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}،{كيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}. خامساً من بشائر الواقع: حياة قلوب الناس،وإحياء الهمّ والهمة، واصطفاء الشهداء، والتمحيص ورفع درجات الجرحى والأسرى؛ فقد أحيت الأحداث القلوب الغافلة، وأصبح الجميع يحمل همَّ الدِّين والأمة، فتأخر النصر ينطوي على خير كثير لا يعلمه إلا الله {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}"عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"(رواه مسلم) فالمؤمن على كل حال يحتسب الأجر على الله حتى حال انتظاره للفرج، فسنة الابتلاء ماضية والدنيا بأسرها ابتلاء وامتحان، {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}. سادساً من بشائر الواقع ومن أهمها:تقارب وتراص المعارضة السورية، فهي من أهم الحِكَم التي نتجت عن تأخر النصر، فالمعارضة في سوريا شذر مذر، تباعد في كل شي، ولوا انتصرت الثورة الشعبية ربما لأهلك بعضهم بعضاً، فمن رحمة الله بهم أن شدة الهول وفظاعته قرّبت القلوب والأفكار، وأصبح الآن أمرهم أفضل بكثير فقد تم تأسيس المجلس الوطني كإطار موحدللمعارضة السورية، وتم عقد عدد من اللقاءات بين أقطاب المعارضة مما قرب الصفوف مهما كانت النتائج، على الأقل اتفقوا على هدف إسقاط النظام الغاشم الظالم، ولعل هذه توطئاتلتقريب وجهات النظر وتأليف القلوب لمصلحة أرض الشام في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى، وفي القرآن معان وإرشادات: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، نسأل الله أن يؤلف بين قلوبهم وأن يجمع رأيهم لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن ينصر دينه وكتابه وسنة نبيهوعباده الصالحين، وأخيراً لا بد أن نتذكر أن وعد الله بالنصر حق، وليس شرطاً أن نراه، فقد نوارى تحت التراب، لكن وعد الله لا يتخلف، وعلى المسلم أن يبذل ما عليه وأمر الغيب بيد الله وحده،{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، ومن هنا لا بد أن نتقن فن التوازن في هذه الأحداث، فن الفرحة مع الحزن، وفن البسمة مع الدمعة، وفن الأمل رغم الألم، فياليت شعري من يُحسن هذا الفن؟ فالنفوس المؤمنة الطيبة هي التي تصنع من الألم أمل، وتصنع من الدمعة بسمة. فاللهم عجل بالفرج لأهل الشام، وعليك بزبانية النظام والأزلام، ومن تآمر معهم واصطف بصفهم، يارب خالف بين صفهم، ورأيهم، وشتت كلمتهم وأضعف قوتهم، وعطل عتادهم، الله اضرب الظالمين بالظالمين، وانصر جندك بجند من عندك، انصرهم بالرعب يا الله مالهم غيرك يا الله، فأنت الناصر والمعين، اللهم اجعل آلام وأحزان أهل الشام برداً وسلاماً عليهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم صلي وسلم على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 10 - 9 - 2014, 09:01 AM   #69



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



ن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الَّلهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الَّلهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }نعم عباد الله! إنه القول السديد الذي أمرنا الله به محاطاً بالتقوى ومراقبة الله، وكم من قائل قولاً في مثل هذه الأيام لينال به حظوة أو مكانة، أو لتتجه إليه الأنظار والعدسات، وتُسلط عليه الأضواء والمقالات، فكيف إذا كان هذا القول توقيعاً عن ملك الملوك، وفي حكم من أحكام الشريعة خاصة الأحكام التي وردت فيها النصوص أو تظافرت فيها أقوال العلماء الثقات، وإن من المعلوم عند جمهور المحدثين تعريف الحديث الشاذ بأنه مخالفة الثقة للثقات، أو مخالفة المقبول لمن هو أوثق منه، وبالتالي فهو في حكم المردود والضعيف الذي لا يُنظر له، هكذا هي نظرة العلم الشرعي والتأصيل العلمي في أي قول شاذ حتى ولو كان القائل به مقبولاً أو ثقة، فما بال وسائل الإعلام والصحف والمقالات تطير اليوم بالأقوال الشاذة وتنهض بها وترددها وتحكيها بالبنط العريض وفي أوائل الصفحات، وربما أُفرد لها صفحات كاملة ملونة؟! ما الذي يُراد؟ وما المقصود؟ وهل هناك أجندة خفية تُحاك ضد دين الناس، هذا الدين القويم الذي قامت به وعليه هذه البلاد وحكامها وعلمائها، أم أنها فقط إثارة إعلامية وتسويق تجاري وتسابق صحفي ولو كانت أقوال شاذة مخالفة لأكثر أقوال العلماء الأثبات الثقات، سبحان الله! صلاة الجماعة واجبة بالنصوص الثابتة وتعارف على هذا السلف والخلف، ورغم تهاون الكثير من الناس عن صلاة الجماعة لم نجد صحيفة تولت تذكير الناس وإرشادهم بأهمية الأمر، وبمجرد ظهور قول شاذ تتلقفه الصحف ووسائل الإعلام وتطير به كل مطار؟!!، وقل مثل ذلك في حكم المعازف وليس حكم الغناء الذي هو الشعر المغنى دون معازف والذي يعلم الكل خلاف العلماء فيه وتعدد أقوالهم منذ القدم، لكن حكم المعازف لا نعلم فيه خلاقاً معتبراً، بل يكاد الإجماع يكون الأصل في المسألة، ثم لما قيل قولاً شاذاً في المسألة فإذا الصحف ووسائل الإعلام كالعادة تطير به كل مطار؟!، تبثه وتردده وتحكيه، رغم أنها تعلم حقيقة الغناء والمعازف اليوم، نعم تعلم التعري والمجون والفجور الذي يحصل في الكثير من حفلات الغناء اليوم، حفلات تنقل على الهواء مباشرة وتتناقلها الفضائيات بكل ما فيها من إسفاف وعرض رخيص للأجساد، هي تعلم أسرار وخفايا ما يسمونه فن وغناء والذي تنبعث روائحه العفنة بين الفينة والفينة، ثم يتحدثون عن حكم الغناء؟!! يا الله! ليس الناس بأغبياء، فهم اليوم يشاهدون ويقرأون ويسمعون، ولا تنطلي عليهم الحيل والالتفاف، فكل عاقل مهما كانت ثقافته حتى الأميين يعرفون أن ما هو موجود اليوم في الساحة ويسمى الغناء، ليس هو مجرد غناء، بل هو إسفاف وميوعة، وربما وصل إلى حد الدعارة والمجون، والليالي الحمراء، فقد ضحكوا علينا بتسميته غناء، فليت الأمر وقف عند حد الغناء، حتى يُقال: اختلفوا في حكم سماع الغناء. فالذي يحدث اليوم لا يمكن تسميته غناء مهما كان سوء الغناء، ولا يمت للغناء بصلة، بل هو تعر ومجون، ورقص واختلاط، ومجاهرة بالفسق والمعصية أمام الملأ وباسم الغناء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ)).فآهٍ أيها المسلمون! إننا نعجب من تساهل البعض في سماع هذا الغناء رغم وضوح آثاره وأخطاره على العقل والقلب والبدن، وعلى المجتمع والمراهقين والأعراض، والدلائل واضحات، والشواهد بينات، بالمحاضر والأرقام والإحصاءات، ووالله لو كان الشرع قد أجاز الغناء ثم رأينا حاله اليوم وما وصل إليه من تعر وتخنث ومجون لأمر العقلاء بوضع حد لهؤلاء، فكيف يقول عاقل بجواز الغناء الحاصل اليوم؟! أو حتى مجرد الحديث عن الخلاف فيه على صفحات ووسائل الإعلام؟! أي بصيرة؟! وأي حكمة؟! وأي عقل وتربية؟! إلا إن كانت ممحاكات وأغلوطات، وحب تصدر وظهور، نعوذ بالله من الحور بعد الكور، ونسأل الله الإخلاص والثبات، وإلا فإن كل العقلاء يُدركون تماماً أن ما يحدث اليوم ويسمونه غناء، هو حجاب كثيف عن الرحمن، وهو فسق وخنا، ورقية اللواط والزنا، مساكين ضحاياه، قلوبهم مأسورة، وآذانهم محرومة،"قضوا حياتهم لذة وطربًا، واتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، مزامير الشيطان أحب إليهم من استماع سُوَر القرآن،وكل مفتون مبتلى عاقل يدرك أنه شتان بين أن تعصي الله وأنت معترف بالضعف والتقصير، وفي قلبك ندم وقلق، وبين أن تعصي الله ثم تحاول أن تُحل ما حرم الله بتتبع الأقوال الشاذة، أو تلوي أعناق النصوص وأقوال أهل العلم الثقات لموافقة هواك. فغناء اليوم ليس كغناء الأمس، فهو: اختلاط ومجون، ورقص وجنون، ودعوة للرذيلة والانحلال، ثم هب أخي أن الناس كلهم أفتوك بالجواز والتحليل، بل هب أنه لم يأت فيه النص والدليل؟! ارجع إلى عقلك، إلى الاستنباط، إلى التعليل؟! ألست ترى آثاره باليوم والأمس، أليست أوضح من أشعة الشمس، سبحان الله!! يقولون: اختلف العلماء، في حكم الغناء، ولو ترك هؤلاء، حظوظ النفس والهوى، ونظروا نظرة العقلاء، ماذا يُحدث في النفوس، أليس يُشعلها حرب ضروس، أليس يُشغل قلب من أقبل عليه؟ أليس يفتن قلب من استمع إليه؟ أفلا يكون بعد ذلك كله من الباطل؟! قال رجل لابن عباس رضي الله عنه :"ما تقول في الغناء، أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حراماً إلا ما في كتاب الله، فقال: أفحلالٌ هو؟ فقال: ولا أقول ذلك، لكن أرأيت الحق والباطل، إذا جاء يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس: اذهب فقد أفتيتَ نَفسك"، فيا سامع الغناء! هل حاولت أن تستفت نفسك بكل تجرد؟! لو سألتك بالله العظيم، أين تضع الغناء؟ أجبني بكل صدق ودون هوى أو مراء، أفي صنف الطيب أم في صنف الخبيث؟ أفي كفة الحق أم كفة الباطل؟! ماذا عساك تقول؟! أليس هو ضرب من الباطل وبريد الزنا؟ وقبل أن تُجيب اسمع لربك ولقرآنك فالله تعالى يقول: ]قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(.نعم اتقوا الله معاشر المسلمين حقيقة التقوى، اسمعوا بأذن تقية، ونفس رضية، وجلسة نقية، وهمة عَلية، ولا يغرنكم قول فلان وعلان، فالحلال بينٌ والحرام بينُ، ووالله أن كل عاقل ليدرك في قرارة نفسه أن في ترك سماع الغناء حياةً لقلب المؤمن، وصفائه وأنسه، وراحته وسعادته، وعند جهينة الخبر اليقين، فاسألوا التاركين له عن مشاعرهم وحالهم قبل وبعد، فتعال أخي متجردًا باحثًا عن الحق، بعيدًا عن الهوى ولي أعناق الأدلة والأقوال الشاذة، فقد كثر الخوض والجدال في الموضوع،فاربأ بنفسك عن هذا، فقد قال صلى الله عليه وسلم :"فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة في النار"، وهل بعد هذا الإحداث من الغناء والتعري والمجون من إحداث، فاحذروا الجدال والقول بلا علم، فقد روى الإمام أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال صلى الله عليه وسلم :" أخشى عليكم زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن"،فيا الله! ها نحن نرى زلة طالب العلم ماذا تُحدث؟ فكيف وقد حذرنا حبيبنا منها عليه الصلاة والسلام،كما حذرنا أيضاً من جدال المنافقين وتلونهم، وهاهم قد جعلوا أصحاب مثل هذه الأقوال سادة وعلماء كبار، ألسنا نرى كيف يُضفون عليهم أعلى المقامات والألقاب، وأما من خالفهم فهو المدعو فلان،والواعظ المتخلف الراجع لعصور الظلام، فلنسمع لكلام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولنحذر هؤلاء فقد قال أيضاً عليه الصلاة والسلام:((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ))رواه أحمد والبزار وابن حبان والطبراني عن عمران بن الحصين رضي الله عنه ، وصححه الألباني.فاحذر أيها المسلم هؤلاء، واحذر تتبع الرخص فقد أجمع العلماء أن من أخذ برخصة كل عالم، رق دينه، واجتمع فيه الشر كله، فتأخذ رخصة فلان في الغناء، ورخصة علان في الربا، ورخصة الثالث في الخمر، وهكذا حتى لا يبقى لك من دينك شيء، ويجتمع الشر كله فيك. أيها المسلمون: أرجو أن لا يُفهم من كلامي هذا أنني أضيق ذرعًا بالخلاف وبتعدد الآراء، وبالاجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد، بل الاختلاف بشروطه وشروطه وآدابه سعة ورحمة، ويثري تراث الأمة، ويحرك العقول، وهو في النهاية شيء طبعي، فمدارك الناس مخلتفة، وأفهامهم متفاوتة، فقد اختلف الصحابة وهم خير هذه الأمة في مسائل كثيرة، فكما أن إجماعهم كان حجة قاطعة فكذلك اختلافهم كان رحمة واسعة، والاختلاف لا يفسد للود قضية، ما دام محاطًا بسياج من الآداب، إلا أنه ساءني كثيرًا طريقة عرض الاختلاف في مسألة حكم الغناء وما أثير من كلام وقيل وقال ولغط وجدال حولها، فليس من الحكمة ولا البصيرة التعرض للخلاف في المسألة دون بيان صور الغناء وواقعه اليوم، فهذا أمر مهم جداً فالحكم على شيء فرع عن تصوره، ولا أظن أن من يتحدث عن حكم الغناء اليوم يجهل صوره وواقعه، أغناء الكاسيات العاريات، المائلات المميلات الذي ملأ الأرض والفضاء، وتكرره القنوات أهو مختلف في حكمه؟! ما لكم كيف تحكمون؟ أفلا تعقلون!! فالمستغرب لماذا هذه الجرأة في الفتوى دون بيان محل الخلاف، وأن غناء اليوم ليس هو غناء الأمس الذي قال ابن حزم بجوازه، وأنه شتان بين الشعر المغنى، وغناء المعازف والتعري والمجون، والذي يكفي فيه كل عاقل الحديث الصريح الصحيح المتصل إسناداً عندما حذر صلى الله عليه وسلم من الاستحلال لأمور أربعة باطلة غالباً ما تجتمع سوياً ويجر بعضها لبعض، ألا وهي: الزنا ولبس الحرير للرجال وآلات العزف والخمور، والتي قال عنها صلى الله عليه وسلم وبكل وضوح:"سيكون من أمتي أقواماً يستحلون الحر والحرير والمعازف والخمور ..."، فهل يُفهم من قوله يستحلون إلا التحريم؟ ولست هنا بصدد تفنيد مثل هذه الفتاوى، فقد أشبع العلماء هذا الموضوع بحثًا من قديم الزمان في ردهم على ابن حزم فيما أباحه من غناء، ويكفي الباحث عن الحق أن أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم من سلف الأمة اتفقوا على تحريمه، بل منهم من حكى الإجماع في المسألة، لكن من المهم أن أوصي نفسي وإخواني أن نتحلى بأدب الحوار عند الاختلاف، وأن لا نتعرض للأشخاص بالإزدراء والتهكم بل نحترم الجميع ونقدرهم وإن خالفناه أو اعترضنا على أطروحته ورأيه، وأن نبذل لهم النصح بكل لفظ رقيق وكل حب وشفقة وتقدير، وأن نتذكر ونُذكر دوماً بأن مناقشة المسائل تكون بهدوء ودليل، وفي مجالس علمية،فمثل هذا الخلاف مجاله بين طلاب العلم، وأروقة الجامعات ومجالس ومنتديات العلم، وليس مجاله الفضائيات ممن يجعلون من الحبة قبة، ويكثرون من القيل والمقال، ويفخمون الموضوع إلى درجة أن الحق يضيع بين الكم الهائل من الغثاء، فبيان الحق وإحقاقه يتم بطريقة علمية هادئة رصينة، وأن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن الرجال هم الذين يُعرفون بالحق، ونحن دوماً نربأ بطلاب العلم أو العلماء أن يكون الهدف التصدر أو الشهرة والإثارة، كيف والفتوى تبليغ عن الله، وتوقيع عنه سبحانه وتعالى، وإذا كان لا يصلح لأي أحد أن يتولى منصب التوقيع عن ملوك الأرض ورؤسائه إلا خواص الخواص ممن يُختارون وينتقون بكل دقة وعناية، فكيف إذًا بمنصب التوقيع عن ملك الملوك ورب الأرباب وجبار الأرض والسموات. فحقيق بمن تصدى لهذا الأمر أن يتصف بالحكمة والبصيرة، وبالعلم والصدق، والورع والتقوى، وأن يتفطن لمكر المتربصين والمنافقين، وإلا فأمر الفتيا خطير، ومسؤولياتها عظيمة، وتبعاتها جسيمة، فقد حرم الله القول عليه بغير علم، وجعله من أعظم المحرمات،فقال:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].فالقول على الله أشد تحريمًا من كل ما ذكر في الآية من المحرمات.وقال تعالى:{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}[النحل: 116].وقالe:"ومن أفتى فتيا بغير تثبت فإن إثمها على من أفتاه"، ثم أين نحن من سلفنا الصالح من العلماء الربانيين في الفتيا فقد كان يود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا تعينت عليه الفتوى اهتم لها وبذل جهده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة، وبكل إخلاص وتجرد، وصدق وورع. يقول عبد الرحمن بن أبي ليلى:" أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما منهم رجل يُسأل عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه، ولا يحدث حديثًا إلا ود أخاه كفاه".يا الله! أين الكثير من طلاب العلم المتسابقين على الشاشات وصفحات الجرائد والمجلات فضلاً عن المتعالمين والمتفيقهين عن هذا الورع والأدب في الفتيا، يقول ابن عباس رضي الله عنهما:"إن كل من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه لمجنون". ووالله ثم والله أننا لنفرح في هذه البلاد أن كفانا الله الفتيا للناس بأن خصص ولي الأمر من يقوم بذلك للناس عبر مجاميع ولجان وهيئات، فلماذا يُقحم البعض نفسه ويورطها وقد كفاه الله الأمر، أرجو ألا تكون الفتنة وحب التصدر والظهور هما السبب، بل لعله نفع الناس وبيان دينهم لهم؛فإذا كان هذا ولابد فلنتجنب مسائل النزاع وفقه النوازل والمستجدات ونحيلها للمجامع والمجالس الفقهيه، هذا لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ويريد الحق ويبحث عن الأجر، وإلا فإننا نسأل الله العفو والعافية والنجاة والسلامة لديننا،
ومن كان يهوى أن يُرى متصدرًا * ويكره (لا أدري) أصيبت مقاتله
وأخيراً أيها المسلمون: إن هذا الأمر دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، فكل نفس بما كسبت رهين، فاجتهدوا لصلاح وسلامة دينكم، أقولُ ما تسمعون، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ فاستغفروهُ، إنه هو الغفور الرحيم.


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 10 - 9 - 2014, 09:02 AM   #70



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4436يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



لحمد لله على جزيل نعماه، أحمده سبحانه وأساله التوفيق لما يحبه ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد، عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله،فمن اتقى الله وقاه،ومن توكل عليه كفاه، أيها المسلمون! ولذا كان ذهاب العلماء مصيبة على الناس وعلى الأمة كلها، خاصة في زمن الفتن والشهوات، وكثرة البدع والخرافات، فهم حراس العقيدة والدين، وهم مصابيح الدجى، وعلامات الهدى، وهم شمس الدنيا ونورها؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"متفق عليه.وعن أبي أمامة رضي الله عنه ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ)) قَالُوا: وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَفِينَا كِتَابُ اللَّهِ؟! قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ:"ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ أَوَلَمْ تَكُنِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمْ شَيْئًا؟ إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ، إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ".ولقد كان شيخنا العلامة ابن جبرين رحمه الله من أفذاذ حملة العلم في زماننا، ومن نوادر العلماء العاملين في زماننا، لقد كان الشيخ كما عرفته عن كثب مدرسة قائمة لوحده، فقضى ما يقارب من ثمانية عقود في العلم والتعليم والتربية، والدعوة والفقه والإرشاد، لقد كان بحق نمطًا صعبًا من الرجال، نذر نفسه لله والدعوة، وإحياء السنة وإماتة البدعة، ونشر العلم،
ما زلتُ أذْكُرُ صَوْتَهُ يسري إلى أعماقنا بمودّةٍ وحنانِ
يُفتي وينصح مرشداً وموجّهاً ومعلّماً للناسِ دونَ تَوانِ
ياربّ قد أصغتْ إليكَ قلوبُنا وتعلّقتْ بك يا عظيمَ الشّانِ
"الشيخ مات" عليه أنْدى رحمةٍ وأجلّ مغفرةٍ من الرحمـنِ
لقد تميز الشيخ رحمه الله عن جميع أقرانه من العلماء المعاصرين، بميزة عجيبة نحن معاشر الطلاب والشباب بأمس الحاجة إليها اليوم، فقد تميز: بعزيمة وهمة علية، وبجلد عجيب لا يكاد يُصدق، فلا أبالغ أبداً إذا قلت أنه لا يعرف الكلل والملل، ولا يعرف التعب في العمل، لقد كان يُزينه صبر فولاذي لا يُرى له مثيلاً، وشاهد هذا: كثرة دروسه اليومية، وكثرة رحلاته العلمية والدعوية، فقد كان يجوب الأرض بطولها رغم أن الشيخ في الثمانين، لكنه يفوق بصبره وجلده من هو في الثلاثين، وله في ذلك حكايات وقصص يرويها من صحبه في رحلاته الدعوية والعلمية، وهي غير خافية على من عرف الشيخ، وجلس بين يديه.، وقد أثمرت هذه الرحلات أجيالاً وربت رجالاً، فما من مدينة وقرية وهجرة إلا وله فيها تلامذة وطلاب، منهم الكثير ممن يحمل الدكتوراه لكنهم يعتزون بما تلقوه من الشيخ أكثر من اعتزازهم بالشهادات العليا،حتى صار بعض تلامذة الشيخ وطلابه علماء نجباء كبار في حياته:
فقيدُ العلم في الناس الفقيدُ وحاضرُه المغيـّب والشهيدُ
يموت المرء بينـهم فينُـْسَى ويعقبه التنـكر والجحود
ويُقبض عالم فترى تراثــًا تقلبه القرون وتستعيد
تراث نبوة وتراث علــم وصاحبه هو الرجل الرشيد
هو الجبل الأشم يكون فيهم فَتَتَّزِنُ الحياة فلا تميـد
هو القبس الأتم يضيء فيهم فتنـتظم المسيرة لا تحيد
وهذا هو الأمر الثاني الذي تميز به الشيخ رحمه الله: فقد كان قبساً يضيء بسعة فقهه، والتيسير في الفتوى، وهذا من تمكنه في العلم ورسوخه فيه، وليس المراد بالتيسير هنا تتبع رخص العلماء وزلاتهم، فإن ذلك تلاعب بدين الله، وإنما أعني بالتيسير هنا التيسير الذي هو سمة من سمات الشريعة، وأصل من أصولها الأساسية، كقول الفقهاء:1-المشقة تجلب التيسير.2-إذا ضاق الأمر اتسع.3-الحاجة تنزل منزلة الضرورة، وغير ذلك من القواعد التي تُعبر عن سماحة الشريعة ويسرها،ولها أدلة كثيرة في نصوص الشرع،كقوله تعالى:{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185].وقوله:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحـج:78].وعن عائشة رضي الله عنها قالت:«مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ - وَفِي رِوَايَةٍ:اخْتَارَ- أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ»إنه التيسير الذي دعت إليه الشريعة، ودلت عليه النصوص، رفعًا للحرج عن المكلف ما دام لا يصادم نصاً شرعياً، مراعاة للظرف والحال، والزمان والمكان والوضع الاجتماعي، والسياسي الذي حصلت فيه الواقعة ما دام أن هناك مخرجاً شرعياً يسنده دليل شرعي، ومن تتبع الهدي النبوي وجد ذلك جلياً في هديه.وعليه مشى الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، قال عمر بن إسحاق:"لمَنْ أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لمن سبقني منهم، فما رأيت قوماً أيسر سيرة، ولا أقل تشديداً منهم".وقال سفيان بن عيينة، عن معمر:"إنما العلم أن تسمع بالرخصة من الثقة، فأما التشديد فيحسنه كل واحد".وقال الشعبي:"إذا اختلف عليك الأمران، فإن أيسرهما أقرب إلى الحق"هكذا كان الشيخ رحمه الله في تيسيره فقيه عالم بأحوال الزمان مدرك لظروفه ومستجداته، وهو الراسخ في شتى العلوم، في الفقه، والأصول، والفرائض، والحديث والتفسير، فقد كان رحمه الله موسوعيًّا، وجبلاً في العلم، عجيب استحضاره للأدلة، وعجيب استنباطه للتعليل، فعلا كان عالماً ربانيًّا بشهادة الأمة وأهل العلم والفضل.ومن أهم ما تميز به رحمه:التواضع العجيب،ولين الجانب، والبساطة وعدم التكلف، وملازمة خشية الله، وكل هذا دليل على أن علم الشيخ كان علماً مثمرًا، فهذه الصفات ثمرات للعلم النافع.ومما يتميز به الشيخ أيضا وبرز فيه: الجرأة في كلمة الحق، وعدم الخوف في الله لومة لائم، فقد كان صريحًا كل الصراحة، لا يماري ولا يداهن، فالحق شعاره ودثاره، وهذه صفة العالم الرباني الذي لا يمكن أن يجعل العلم سلًّمًا لأغراض الدُّنيا، ونيل حطامها، من جاه وغنًى وشهرة وظهور وغيرها مما يُكدر صفو النية، وما أكثر ما يتميز به الشيخ رحمه الله،فقد كان مدرسة بحق بسمته وعلمه وحياته، ذكرت تلك المميزات وغيرها كثير للاعتبار والاستفادة، فحياة العلماء وسيرهم من أفضل منابع التربية ومدراس الأخلاق لطلاب العلم، وللشباب، بل ولكل الناس، فإذا كانت حياة هؤلاء الكبار نفعًا للأمة ونورًا لها، فإن في موتهم أيضاً حياةً للكثير، فقد حرك موت الشيخ في النفوس الهمة وشحذ العزيمة، وحرك الساحة العلمية والدعوية إلى بذل المزيد، ومحاولة سد الفراغ الكبير الذي تركه الشيخ في ميدان الدعوة، نسأل الله أن يرحم الشيخ رحمة واسعة، وأن يحشره في زمرة العلماء الربانيين، وهل مات من كان هذا سمته وآثاره وعلمه!
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات
فالحمد لله الحي الذي لا يموت، توحَّدَ بالديمومة والبقاء، وتفرَّدَ بالعزة والكبرياء، وأحسن الله عزاء الجميع، فالمصاب مصاب أمة، فـإِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى"،وإنا لله وإنا إليه راجعون، إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا شيخنا لمحزونون، ولا نقول إلا ما يُرضي ربَّنَا، فرحمك الله يا شيخنا فكل القلوب نارها تتأجج، وكل الألسن لك تلهج، فاللهم أجرنا في مصيبتنا، واخلفنا خيرًا منها، وحسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم ارحم الشيخ برحمتك، وأسكنه فسيح جنتك، واكتبه عندك في المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلفه في أهله في الغابرين، اللهم اشكر حسناته، واغفر سيئاته، وأعذه من عذاب القبر، واجمع له برحمتك الأمن من عذابك،واكفه كل هول دون الجنة، اللهم وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين ،اللهم لا تحرمنا أجره،ولا تفتنا بعده. اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان،إخوة الإيمان: لقد وقف نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم على شفير قبر فبكى حتى بلّ الثرى ثم قَالَ: (( يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا)). وسأله رجلٌ فقال: أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ )). فالكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، نسأل الله أن يحسن لنا الخاتمة أجمعين، وأن يخلف الأمة خيرًا، وأن يصلح أبناءها،وأن يجمع كلمة علمائها ودعاتها، وأن يؤلف بين قلوبهم. أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين، أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، وطهروا قلوبكم فإن الله يطلع على القلوب والضمائر، وأكثروا من الأعمال الصالحة فاليوم عمَل، وغداً أمل، فاعمل ولا تمل، واستبقوا الخيرات، وأحسنوا، ولنملأ قلوبنا بحب الله، ولنتزود من تقوى الله خير زاد على الدوام، جعلني الله وإياكم من المتقين الأبرار، اللابسين لباس التقوى في الليل والنهار، إنه سميع مجيب عزيز غفار، اللهم أصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لما تحبه وترضاه، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم اشف مرضانا، وارحم موتانا، اللهم واقض الدين عن المدينين، وفرج هم المهمومين، وصلي وسلم على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.والحمد لله رب العالمين .


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد  إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مدونة, والخطب, المحاضرات, الاسلامية

جديد منتدى همس للخيمة الرمضانية

مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه لموضوع: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية لموضوع: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مع الله من اروع المحاضرات محمد العوضي همسة الشوق همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 20 27 - 9 - 2021 11:23 PM
مدونة للصمت فن شمعة حب همس لمدونات الاعضاء 2 2 - 6 - 2020 09:59 PM
من اجمل المحاضرات للشيخ نبيل العوضي بعنوان هموم الشباب (ياسمين) همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 12 25 - 3 - 2019 01:03 AM
قسم طلبات المحاضرات والدروس التائب إلى الله همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 5 4 - 7 - 2017 12:33 AM
روع المحاضرات المغربية - الشيخ كمال فهمي - تارك الصلاة نسائم خير همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 7 29 - 12 - 2015 08:56 PM

Google Pagerank mérés, keresőoptimalizálás

 

{ إلا صلاتي   )
   
||

الساعة الآن 12:36 PM



شبكة همس الشوق ترحب بكل العرب

SEO by vBSEO