:: جمع جمال الكون ونثر بعينيك ( سوريه ) حياكي طلبك (آخر رد :همس الشوق)       :: قصيدة حوار مع النفس (آخر رد :همس الشوق)       :: قصيدةنرسم لك قاف المحبة (آخر رد :همس الشوق)       :: تهنئه للمصممه حنين بوصولها للالفيه 3000 الف مبروك (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: يعيش الورد في حلو ابتسامتك ( سورية حره ) حياكي طلبك (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدة هل أدركنا الحب (آخر رد :عيونها لك)       :: أول حياة الفتى تدريب ودراسة (آخر رد :عيونها لك)       :: يامعالج الجرح صبري واصلا ً ماده (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: يامتعب الأقدام ماشي على وين (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: شاهدو معجزة التى حدثت عندما اراد رجل مشرك ان يلقي بالمسلم بالنار (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: اجور عظيمه (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: النابلسي في أول خطبة جمعة له عقب العودة إلى سوريا بعد غياب استمر 14 عاما (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: رحيق الصباح (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قران كريم بصوت جميل جدا قبل النوم (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: بذور ماخاب ساقيها (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: السوشي الياباني اي شخص قادر يعمله في البيت (آخر رد :عيونها لك)       :: قصة اغتصاب سارة والله تحزن الله يرحمها (آخر رد :عيونها لك)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا جمال الدين (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: المعركة التي دمرت عروش فارس (آخر رد :سورية)       :: سيرة التابعي الجليل/ابراهيم بن ادهم (آخر رد :سورية)       :: قصص من التراث العراقي/الف ليلة وليلة/الصياد والجني/ج1 (آخر رد :سورية)       :: سيرة الصحابي الجليل/19/العلاء بن عبدالله (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: سيرة الصحابية الجليلة/16/ليلى بنت ابي حثمة (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: تفسير ايات سورتي الجن والمزمل (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: سلسلة الاخلاق الاسلامية/15/بر الوالدين (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: الأطفال ومواقع التواصل الإجتماعي للنقاش (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: محاضرة عن الصبر (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: نهايات (آخر رد :الــســاهر)       :: كم جميل لو بقينا (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قسوة أصدقاء ولكن من باب المزاح (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: وقع خيالك (آخر رد :عاشق الكتابة)       :: قصيدةتحت السحب (آخر رد :حمدفهد)       :: لبذرة الامنيات حكاية (آخر رد :عيونها لك)       :: نصائح قبل حجز الدومين (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدة سلام يامنى الروح وين ما روح (آخر رد :حمدفهد)       :: روائع الشعر العراقي/اديب كمال الدين/كان يجلس في الغرفة المجاورة (آخر رد :عيونها لك)       :: روائع الشعر العراقي/بدر شاكر السياب/اهواء (آخر رد :عيونها لك)       :: روائع الشعر العراقي/عبدالرزاق عبدالواحد/منذ خمسون عاما (آخر رد :عيونها لك)       :: سكان المدن أكثر عرضة للعزلة الاجتماعية من سكان القرى (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: حبيبي ذهب موزون (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدة العاقل ما يعد الخمسة (آخر رد :حمدفهد)       :: قصيدة يا زين من هي (آخر رد :حمدفهد)       :: ملحمة القلب (آخر رد :الــســاهر)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا اوراق الورد (آخر رد :الــســاهر)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا سولي سولي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روائع الشعر العراقي/خليل الشبرمي التميمي/عاد عيد العنود (آخر رد :عيونها لك)       :: روائع الشعر العراقي/بلند الحيدري/لاشي هنا (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روائع الشعر العراقي/جميل صدقي الزهاوي/ما الروض بعد البلبل المترنم (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قصيدة ايش أوصف مجارة بين شاعرين (آخر رد :حمدفهد)       :: تاريخ العراق القديم/الجيش الاشوري واسره للنساء والاطفال (آخر رد :تووفه الحربي)       :: ترى الوقت نفس الوقت والناس غير الناس (آخر رد :عيونها لك)       :: تذكرين أيامنا واحنا صغار (آخر رد :عيونها لك)       :: تزعل بدون أسباب من غير تبرير (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: اصوت لبنتين وبيدي بنتين نوره مضاوي عايشه مي يارا (آخر رد :عيونها لك)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا فاييز (آخر رد :الــســاهر)       :: غطي الخبز بالخس والخيار (آخر رد :تووفه الحربي)       :: ترش جوزة الطيب على الوجه ويخبز (آخر رد :تووفه الحربي)       :: يرش الملح ومزيج بهارات (آخر رد :تووفه الحربي)       :: بسكويتات اللوز والزبيب (آخر رد :تووفه الحربي)       :: ضعي ماسالا الدجاج (آخر رد :تووفه الحربي)       :: لوبتكلم غزير الشوق قاطعني (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: لوحات روعه (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: ابتسمي ياجميله (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: كوني راقيه (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: احذيه جنان (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدةدنيا الغفلة (آخر رد :حمدفهد)       :: تهنئه للاخت حنين بوصولها للالفيه 1000 الف مبروك (آخر رد :همسة الشوق)       :: أنت فقط من يلفت انتباهي ( سورية وافتخر ) حياكي هنا (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: اطلب وتدلل مع حنين (آخر رد :تووفه الحربي)       :: المغنيسيوم يحسّن قدرات العقل (آخر رد :تووفه الحربي)       :: وتسمع صوت كل مظلوم فتواسيه (آخر رد :عيونها لك)       :: سفراء النبي صلى الله عليه وسلم/6/عمرو بن العاص (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: سلسلة احداث السيرة النبوية/الحلقة السابعة (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: الاديب والشاعر اللبناني ميخائيل نعمة (آخر رد :تووفه الحربي)       :: علماء وعباقرة العرب ابو الجراحة ابو القاسم الزهراوي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تاملومعي حجم الجنين (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قصيدة رماك الهوى وما رماها (آخر رد :حمدفهد)       :: والجاهل احذر لاتجادله يبلاك (آخر رد :تووفه الحربي)       :: شرح التسجيل و التعامل مع المنتديات وكتابة موضوع فى المنتدى (آخر رد :عيونها لك)       :: التأثر بالديانات الاخرى للنقاش (آخر رد :همس الشوق)       :: قصة تحويل القبلة الى الكعبة (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: شرح تركيب هاك للمنتدى هاك الصندوق الماسي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: كيف تكسب الاعضاء في المنتدى (آخر رد :عيونها لك)       :: ما معنى وعاشروهن بالمعروف (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قصيدة رضا من الله يالشهيدة رثاء (آخر رد :حمدفهد)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا سورية (آخر رد :تووفه الحربي)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا سورية حرة (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قرار اداري بمنح بطاقات شكر وتقدير 2025 (آخر رد :الخالدي)       :: قصيدةالدرة المدرارة (آخر رد :حمدفهد)       :: قصيدةفيه ناس ما تستاهل رشة عطر (آخر رد :حمدفهد)       :: بقايا عطر (آخر رد :عاشق الكتابة)       :: تاريخ العراق القديم المعتقدات الدينية في العراق القديم (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قصيدةماتواطنها نفوس الأشرار (آخر رد :حمدفهد)       :: فرامل اللسان (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: بذور الكتان قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: لعلاج الأفضل للصحة وسر أسرار الجمال (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: هاك الشكر والاعجاب وعدم الاعجاب مرتبطة بالتقييم والتنبيهات ومعرب (آخر رد :عيونها لك)       :: ترتيب الاقسام الفرعية بجانب بعضها (آخر رد :عيونها لك)       :: فصل المواضيع المثبتة عن العادية للنسخة الرابعة (آخر رد :عيونها لك)       :: كود توسيط المشاركات للجيل الخامس (آخر رد :ناطق العبيدي)      

 

 
   
{ اعلانات شبكة همس الشوق ) ~
 
 
 
   
فَعاليِات شبَكة همَس الشُوقِ
 
 
 غير مسجل  : بصفتك أحد ركائز المنتدى وأعضائه الفاعلين ، يسر الإدارة أن تتقدم لك بالشكر الجزيل على جهودك الرائعه .. وتأمل منك فضلاً لا أمراً المشاركة في أغلب الأقسام وتشجيع كافة الأعضاء بالردود عليهم والتفاعل معهم بقدر المستطاع . ( بكم نرتقي . غير مسجل  . وبكم نتطور ) همس الشوق

اخي الزائر لديك رسالة خاصة من شبكة همس الشوق للقراءة ! اضغط هنا !


همس للخيمة الرمضانية


إنشاء موضوع جديد  إضافة رد

بحث حول الموضوع انشر علي FaceBook انشر علي twitter
العوده للصفحه الرئيسيه للمنتدى انشاء موضوع جديد ردود اليوم ممنوع دخول الفضوليين مدونة القران الكريم
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 9 - 2014, 05:06 PM   #81



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهذه ليلة الاثنين الموافق 23/10/1414هـ وعنوان هذا اللقاء (الأخفياء).
فقد كنت تأملت، ونظرت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الزهد قوله:
(إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي).
ولقد تأملت قوله صلى الله عليه وسلم (الخفي) فمازالت تلك الهواجس والأفكار والأسئلة تدور في الخاطر المكدود؛
من هو هذا العبد الخفي ؟
من الخفي الذي أحبه الله سبحانه وتعالى؟
من هم الأخفياء ؟
قلت ربما هم الذين عرفوا ربهم وعرفهم فأحبوه وأحبهم وحرسوا أن يكون بينهم وبينه أسرار وأسرار، والله سبحانه وتعالى يعلم إسرارهم فكان خيرا لهم.
وقلت ولربما هم الأنقياء الأتقياء، فما اجتهدوا في إخفاء أعمالهم إلا لخوفهم من ربهم، وخوفهم من فساد أعمالهم بالعجب والغرور وهجمات الرياء، وطلب الثناء والمحمدة من الناس.
وقلت ربما هم الجنود المجهولون الناصحون العاملون، الذين قامت على سواعدهم هذه الصحوة المباركة، فكم من ناصح ، وكم من مرب وكم من داع للحق لا يعرف، وكم من رسالة وكم من شريط طار في كل مطار، وسارت به الركبان، كان خلفه أخفياء وأخفياء فهنيئا لهم.
وقلت أيضا ربما هم الساجدون الراكعون في الخلوات، فكم من دعوة في ظلمة الليل شقت عنان السماء،وكم من دمعة بللت الأرض، فبهذه الدمعات وبهذه السجدات حفظنا وحفظ أمننا، ورزقنا وسقينا ربنا.
وقلت فلربما أن الأخفياء هم اللذين يسعون في ظلمة الليل ليتحسسوا أحوال الضعفاء والمساكين والأرامل والأيتام، لإطعام الطعام، وبذل المال ليفكوا كربة مكروه، وليفرجوا هم أرملة ضعيفة، شديدة الحال، كثير العيال.
وقلت فلربما أن الأخفياء هم أولئك اللذين لا يعرفهم الناس أو اللذين لا يعرفوا أعمالهم الناس، ولكن الله سبحانه وتعال يعرفهم، وكفا بالله شهيد، فهنيئا لهم .
ثم قلت وما الذي يمنع أن يكون أولئك جميعا؟
وما الذي يمنع أن تكون هذه الصفات كلها صفات لأولئك الأخفياء؟
ولذلك ترددت كثيرا في الحديث عن هذا الموضوع، فما كان لمثلي أن يتحدث عن مثلهم، وأستغفر الله جل وعلا.
ونحن أعرف بأنفسنا من جرأتنا مع قصورنا وتقصيرنا، وقد قالها عبد الله بن المبارك.
لا تعرضن بذكرنا في ذكرهم........ليس صحيح إذا مشى كا المقعد
رحمك الله يا بن المبارك، عندما قلت هذا لبيت، تعني به نفسك.
فماذا نقول إذا نحن عن أنفسنا؟
ورحم الله القائل :
أحب الصالحين ولست منهم.......لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي..........ولو كنا سواء في البضاعة

لماذا الحديث عن الأخفياء؟
كان الحديث عن الأخفياء لأني ولربما لأنك أيضا نظرت الحال أولئك الرجال الذين نسمع قصصهم ونرى أثارهم ومصنفاتها ونرى أنهم أحياء، أحياء بذكرهم وبعلمهم وبنفعهم وإن كانوا في بطن الأرض أمواتا بتلك الأجساد الطيبة الطاهرة.
فأسأل وتتساءل معي، ما هو السر في حياة أولئك الرجال؟
السر هو توجه القلب كل القلب لله جل وعلا، توجهت قلوب أولئك الرجال فنالوا ما نالوا ووصل سمعهم إلى عصرنا الحاضر.
فكان القلب علمه وعمله لله سبحانه وتعالى.
وكان حبه وبغضه لله.
وقوله وفعله لله.
حركاته وسكناته لله.
دقه وجله لله.
سره وعلانيته لله.
يوم أن كانت الآيات هي الشعارات التي ترفع، وهي الكلمات التي تتردد بالقلب قبل اللسان، وفي كل مكان:
 قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين .
هكذا كانت الآيات ترفع فامتلأت بها القلوب.
أما اليوم، فتعال وأنظر لحالنا يا أخي الكريم، أنظر لحالنا كأفراد؛
فقلوبنا شذر مذر.
ونفوسنا عجب وكبر.
وأفعالنا تزين وإظهار.
وأقوالنا لربما كانت طلب للاشتهار.
وهمومنا في الملذات.
وحديثنا في الشهوات.
وصدق صلى الله عليه وسلم في قوله:
( إن الله كره لكم ثلاثة؛ قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال).
وانظر حالنا كأمة؛
ذل ومهانة وهوان واحتقار.
ولا داعي لأن أواصل هذا الكلام عن حال هذه الأمة في هذا العصر، ولكني أسوق لك دليلا قريبا، في شهر رمضان ثلاثة مذابح للمسلمين:
مذبحة السوق في ساراييفو.
ومذبحة الإبراهيمي في فلسطين.
ومذبحة في السودان.
أكان ذلك يكون لو كانت القلوب متوجهة إلى الله بصدق؟ لا والله.
أقولها ثقة بالله سبحانه وتعالى، لا والله لا يكون هذا الذل وهذا الاحتقار لهذه الأمة، لو توجهت قلوب أصحابها، وتوجهت قلوب المسلمين جميعا إلى الله جل وعلا.
رب ومعتصماه انطلقت......ملء أفواه الصبايا اليتم
لا مست أسماعهم لكنها......لم نلامس نخوة المعتصم
إذا فالسر في حياة أولئك التوحيد، التوحيد لله، ليس التوحيد قولا، فكلنا نقول لا إله إلا الله ولكنه التوحيد القلبي، يوم أن تكون الأفعال والأقوال محركات القلب وسكناته كلها لله سبحانه وتعالى عرف هذا السر أولئك الأخفياء، فكانت الدنيا لهم، والآخرة دارهم.

ثم أيضا سبب آخر ومهم جدا للحديث عن الأخفياء.
فيا أخي الحبيب ويا أختي المسلمة:
إن فقدت الأعمال والأقوال – أيا كان نوعها – إن فقدت خلوص النية لله جل وعلا، انطلقت من أفضل الطاعات إلى أحط المخالفات والعياذ بالله.
ألم تسمع لذلك الحديث المفزع للقلوب الذي كما أراد أبو هريرة – رضي الله عنه وأرضاه –أن يرويه لنا، أو يرويه لأصحابه، وقع مغشيا عليه.
يفعل ذلك ثلاثة مرات أو أربع، لهول ذلك الحديث المفزع.
حديث أول ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة:
(قارئ القرآن والمجاهد، والمتصدق بماله).
أفضل الطاعات، وأفضل القربات إلى الله جل وعلا، يوم صرفت لغير الله أصبحت أحد المخالفات، بل أصبحت هي التي تقود أصحابها إلى النار والعياذ بالله.
وهذا الحديث لما سمعه معاوية رضي الله عنه وأرضاه قال:
(قد فعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بعدهم؟، أو فكيف بمن بقي من الناس؟)
ثم بكى معاوية. رضي الله عنه وأرضاه بكاءً شديداً.ة يقول الراوي حتى ضننا أنه هالك.
انظروا صحابة رسول الله، يخشون على أنفسهم عندما يسمعون الحديث.
فماذا نقول نحن عن أنفسنا؟
يقول الراوي: حتى ضننا أنه هالك، ثم أفاق معاوية،.ومسح وجهه ودمعه بيده. رضي الله تعالى عنه، وقال صدق الله ورسوله:
 من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون.
لأنهم فعلوا ذلك ليقال قارئ، وليقال متصدق، وليقال جريء.
ولا شيء يحطم الأعمال مثل الرياء ومثل التسميع، بأن يقول فلان:
سمعت وعلمت وفعلت وجئت وذهبت، مسمعا للناس بأفعاله عياذا بالله.
التزام التخلص من كل الشوائب التي تشوب هذه النية، كحب الظهور أو التفوق على الأقران، أو الوصول لأغراض وأغراض من جاه أو مال أو سمعة أو طلب لمحمدة وثناء الناس، فإن هذه وأمثالها قاسمة للظهر متى شابت النية.
ولذلك كان النظر لحياة الأخفياء ولأحوالهم ومدارسة أمورهم من أعظم الأسباب لوصول إلى طريق المخلصين، جعلني الله وإياك منهم .





ثم سبب ثالث: لأهمية الإخلاص، ولخطر الرياء.
ولرجوع الناس إلى الله جل وعلا ، ولكثرة أعمال البر والخير والدعوة إلى الله من الرجال والنساء بحد سواء ، ولإقبال الناس عموما على العبادات، وحرصهم على الخيرات- والحمد لله-، مما نراه من الناس في هذه الفترة المتأخرة، كان لا بد من طرح هذا الموضوع لئلا تذهب هذه الأعمال وهذه العيادات عليهم سدى من حيث لا يشعرون.
كان لازما أن نتحدث في مثل هذا الموضوع، وقد كان أهل العلم يحبون أن يتخصص أناس للحديث عن النية وبيانها للناس ولذلك تكلمنا عن هذا الموضوع، تذكيرا وتنبيها وتحذيراً، لشدة الحاجة إليه .

الخفاء في الكتاب والسنة
والخفاء منهج شرعي، ولذلك اسمع أيها المحب لقول الحق جل وعلا:
 وإن تخفوها وتأتوها الفقراء فهو خير لكم.
هذه الآية الكريمة – كما يقول الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى:
ظاهرة في تفضيل صدقة السر وإخفائها.
ويقول سبحان :
 ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين .
ويقول المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال:
(ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه).
أنظر لدقة الخفاء في هذه الصدقة، وقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.
وقال أيضا الحافظ ابن حجر:
( وهو من أقوى الأدلة على أفضلية إخفاء الصدقة ).
وفي الحديث نفسه صورة أخرى يذكرها صلى الله عليه وآله وسلم:
( ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ).
ثم حديث الرجل الذي تصدق ليلا على سارق وعلى زانية وعلى غني وهو لا يعلم بحالهم، والحديث أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.
ووجه الدلالة في هذا الحديث على أن الخفاء منهج شرعي.
إن الصدقة المذكورة وقعت في الليل، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث:
( فأصبحوا يتحدثون). بل وقعت رواية أو لفظا صريحا كما في مسلم، يقول صلى الله عليه وآله وسلم على لسان الرجل: (لأتصدقن الليلة).
فدل ذلك على أن صدقته كانت سرا في الليل، إذا لو كانت هذه الصدقة بالجهر نهارا لما خفى عنه حال الغني، بخلاف حال الزانية وحال السارق فالغني ظاهرة حاله، فلذلك كانت الصدقة سرا في الليل .
وأيضا حديث النافلة، صلاة النافلة في البيوت.
فمن حديث زيد بن ثابت – رضي الله عنه وأرضاه – أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).
وروى الطبراني من حديث صهيب بن النعمان قالَ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس، كفضل المكتوبة على النافلة).
أنظر الشاهد حيث يراه الناس إذا فالاختفاء عن الناس في صلاة النافلة لا شك أنه أفضل.
ومن حديث جندب بن عبد الله رضي الله تعالى عنه ، كما اخرج البخاري ومسلم، قال : قال النبي صلة الله عليه وآله وسلم :
(من سّمع سمّع الله به ، ومن يرائي يرائي الله به).
ومن حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( من سمع الناس بعلمه سمع الله به مسامع خلقه ، وصغره وحقره ).
أخرجه احمد في مسنده ، والطبراني ، والبيهقي ، وإسناده صحيح.
وذكر الذهبي في السير في ترجمة عبد الله بن داود الخريبي، أنه رضي الله عنه قال:
(كان يستحبون ( أي السلف الصالح) أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا تعلم به زوجته ولا غيرها).
وذكر وقيع بن الجراح في كتابه الزهد، والإمام هناد ابن السري في كتاب الزهد، أن الزبير بن العوام قال: (من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل ).
وسنذكر بإذن الله صور عديدة لحياة كثير من السلف ، تدل على أن هذا الأمر كان منهاجا لهم ،وكان يحرصون عليه ويتمسكون به.

متى يكون الخفاء ؟
قد يقول قائل بعد سماع ما تقدم :
وهل نخفي أعمالنا دائما فلا نظهر منها شيء أبد إذا ؟
الإجابة على السؤال يتفضل بها شيخ الإسلام ابن القيم –رحمه الله تعالى- في كتابه مدارج السالكين عندما قال :
(ولا مشاهدا لأحد فيكون متزينا بالمراءاة)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
(هذا فيه تفصيل أيضا وهو أن المشاهدة في العمل لغير الله نوعان) (انتبه جيدا):
(أولا مشاهدة تبعث عليه أو تقوي باعثه ، تبعث على العمل أو تقوي هذا العمل، فهذه مراآة خالصة أو مشوبة ، كما أن المشاهد القاطعة عنه أيضا من الآفات والحجب.)
أي كما أن المشاهدة التي تجعلك تقطع العمل بتاتا أيضا هي من الآفات والحجب.
ثم يقول: ( ثم يقول ومشاهدة – أي أخرى – لا تبعث عليه ولا تعين الباحث ، بل لا فرق عنده -أي عند صاحبها- بين وجودها وعدمها ، لا يهمه يراه الناس أو لا يرونه ، ولا تدخله في التزيين والمراءات ، ولا سيما عند المصلحة الراجحة في المشاهدة إذا كان هناك مصلحة راجحة).
ما هي المصلحة ؟ يقول ابن القيم :
(إما حفظا ورعاية ، كمشاهدة مريض أو مشرف على هلكة يخاف وقوعه فيها ، أو مشاهدة عدو يخاف هجومه ، كصرة الخوف عند المواجهة أو مشاهدة ناظر إليك يريد أن يتعلم منك فتكون محسنا إليه بالتعليم وإلى نفسك بالإخلاص، أو قصدا منك للإقتداء وتعريف الجاهل . يقول ابن القيم : فهذا رياء محمود والله عند نية القلب وقصده).
ثم يقول – رحمه الله تعالى - :
(فالرياء المذموم ، أن يكون الباعث قاصد التعظيم والمدح والرغبة فيما عنده من ثرائه ، أو الرهبة منه ، وأما ما ذكرنا من قصد رعايته أو تعليمه أو إظهار السنة.
وملاحظة هجوم العدو ونحو ذلك ، فليس في هذه المشاهد رياء بل قد يتصدق العبد رياء وتكون صدقته فوق صدقة صاحب السر، مثل ذلك ، يقول ابن القيم :
رجل مضرور سأل قوما ما هو محتاج إليه، فعلم رجل منه انه إن أعطاه سرا حيث لا يراه أحد لم يقتدي به أحد ولم يحصل له سوى العطية ، وانه إن أعطاه جهرا يقتدي به ويتبع ، وأنف الحاضرون من تفرده عنهم بالعطية ، فجهر له بالعطاء.
فكان الباعث له على الجهر إرادة سعة العطاء عليه من الحاضرين، فهذه مراءاة محمودة، حيث لم يكن الباعث عليها قصده التعظيم والثناء ، وصاحبها جدير بأن يحصل له مثل أجور أولئك المعطين). .انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
وينقل لنا الحافظ ابن حجر أيضا في فتح الباري لما تكلم عن صدقة الفرض وصدقة النفل، وهل الأفضل إعلانهما أو إخفائهما ؟ قال رحمه الله تعالى ينقل عن الزين بن المنير قال:
(لو قيل إن ذلك (أي الإخفاء أو الإظهار) يختلف باختلاف الأحوال لما كانت بعيدا ، فإذا كان الإمام مثلا جائرا ومال من وجبت عليه ( أي الزكاة أو الصدقة الفرض ) مخفيا فالإسرار أولى وإن كان المتطوع ممن يقتدي به ويتبع ، وتنبعث الهمم على التطوع بالإنفاق، وسلم قصده فالإظهار أولى) انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
ومن هنا نعلم أيها الأحبة أنه ليس دائما نخفي العمال، بل قد يظهر الإنسان أعماله لمصلحة راجحة كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى .

أخفياء ولكن !!
ولكن يكثر في هذا الزمن الأخفياء ولكنهم أخفياء من نوع آخر.
أخفياء يختفون عن أعين الناس، ويحرصون كل الحرص ألا يطلع أحد من الناس على أعمالهم.
هؤلاء الأخفياء هم الذين أخبر عنهم النبي صلى اله عليه وآله وسلم في قوله:
(لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا)، أعوذ بالله.
يقول راوي الحديث ثوبان- رضي الله عنه - : يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا ، أن نكون منهم ونحن لا نعلم.
اسمع! ثوبان الصحابي الجليل هو الذي يقول : أن نكون منهم ونحن لا نعلم ، فرحمك الله يا ثوبان ، ورضي الله عنك ، قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم-:
( أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ). أخرجه ابن ماجة من حديث ثوبان بسند صحيح .
وأخفياء من نوع آخر.
وهم المقصرون الفاترون أهل الخمول والكسل، فلو أنك نصحت أحدهم وصارحته بحاله وسألته عن أعماله فقلت له مثلا ماذا حفظت من القرآن ؟
وهل تحرص على صيام النوافل أم لا ؟
وتقول له : ماذا قدمت للإسلام ؟
وهل تنكر المنكرات ؟
وهل وهل …وغيرها من الأسئلة التي تبين حقيقته أمام نفسه.
أنت تريد الخير بنصيحته وتريد مكاشفته بحاله ، حتى يرى حاله على حقيقتها ، فتسأله هذه الأسئلة ، فيجيب هو على نفسه. لأجابك هذا الشخص بقوله:
هذا بيني وبين الله ، وهل كل عمل أعمله لا بد أن أطلعك عليه؟
أنظر هو الآن ماذا يخفي هو يظهر لنا الإخلاص ، لكنه يخفي الحقيقة، ما هي الحقيقة؟
أنه مقصر في أعماله ، وانه قد لا يكون عنده شيء.
وقد لا يكون حفظ من القرآن شيء وإن حفظ فالقليل.
وقد لا يكون قدم للإسلام شيئا وإن قدم فالقليل القليل.
وهو يستحي أن يصارح الآخرين بهذه الأعمال التي هي لا شيء حقيقة.
فبالتالي لا يملك حتى يبريء ساحته في هذه اللحظة إلا أن يقول لك هذا بيني وبين الله ، وهل كل عمل أعمله لا بد أن تطلع عليه ؟.
فانظر كيف وقع هذا المسكين ، أظهر لنا الإخلاص وأخفى حقيقة النفس وتقصيرها ، فوقع في الرياء من حيث لا يشعر.
وما أكثر أولئك للأسف وهذا لا شك خداع للنفس وتشبع بما لا يعطى.
وهكذا التصنع والتزين والتظاهر ، أما الحقيقة التي أخفاها اليوم فإنه لا يستطيع أبد أن يخفيها:
 يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية .
فنعوذ بالله من حالهم، ونستغفر الله لحالنا .
يقول عمر رضي الله عنه، اسمع لكلام المحدث الملهم رضي الله عنه وأرضاه يقول:
(فمن حسنت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وما بين الناس ومن تزين بما ليس فيه شانه الله ). ذكر ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين .

عقبات في طريق الأخفياء
انتبه لهذه العقبات، والعقبات في طريق الأخفياء – يا أخي الحبي وأختي المسلمة- كثيرة جداً، فالحديث عن الرياء والعجب وغيرهما مما ينافي الإخلاص طويل جداً، ولكن أسوق هنا عقبتين من هذه العقبات للاختصار:
العقبة الأولى.
هو ما ذكره أبو حامد الغزالي في كتابه الإحياء –رحمه الله تعالى – حيث قال أثناء ذكره للرياء الخفي قال:
(وأخفى من ذلك أن يختفي العامل بطاعته بحيث لا يريد الاطلاع عليه ولا يسر بظهور طاعته، ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدؤوه بالسلام.
ويقابلوه بالبشاشة والتوقير.
وأن يثنوا عليه وأن ينشطوا في قضاء حوائجه.
وأن يسامحوه في البيع والشراء، وأن يوسعوا له في المكان.
فإن قصر مقصر ثقل ذلك على قلبه، ووجد في ذلك استبعادا في نفسه كأنه يتقاضى الاحترام والطاعة التي أخفاها، كأنه يريد ثمن هذا السر الذي بينه وبين الله احترام الناس، وهو لم يظهر العمل، والعمل الخفي بينه ويبن ربه، ولكنه ( ما دام أنه عمل ) نظر لنفسه.
فيريد أن يكسب هذه الأمور من الناس ، فإن قصر الناس في هذه الأمور، إذا استبعد نفسه ونظر لحله ، ولو لم يكن قد سبق منه تلك الطاعة لما كان يستبعد تقصير الناس في حقه).
إلى آخر كلامه .
هذه الصورة ، وصورة أخرى من العقبات في طريق الأخفياء.
وهي ما أشار إليها ابن رجب عندما قال – رحمه الله تعالى - :
(وهنا نكتة دقيقة ، وهي الإنسان قد يذم نفسه بين الناس، يريد بذلك أن يرى الناس أنه متواضع عند نفسه ، فيرتفع بذلك عندهم ، ويمدحونه به، وهذا من دقائق أبواب الرياء ، وقد نبه عليه السلف الصالح، قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: (كفى بالنفس إطراء أن تذمها على الملأ، وكأنك تريد بذمها زينتها ، وذلك عند الله سفه).
ما المعيار في الإخلاص والرياء ؟
ما هو المعيار في الإخلاص ؟ والمعيار في الرياء ؟
ولا بد أن ننتبه لهذا الأمر ولعلكم تتساءلون ، إذا فالقضية حساسة والقضية تصيب النفس بالخواطر والهواجس.
وقد ينشغل الإنسان بملاحظة نفسه في هذا الباب.
إذا ما هو المعيار والميزان والضابط في أن أعرف أني مخلص أو غير مخلص؟
ذكر ذلك أهل العلم فبينوا:
أن الضابط في الإخلاص هو استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن.
أن تستوي أعمالك في ظاهرك وباطنك، هذا معيار الإخلاص.
وأن الضابط في الرياء أن يكون ظاهرك خير من باطنك.
أما الصدق والإخلاص أن يكون الباطن خير من الظاهر.
ليست القضية أن يستوي الظاهر والباطن، هذا هو الإخلاص، أما صدق الإخلاص، أن يكون الباطن أفضل من الظاهر، وهذا تنبيها هاما جدا.
لابد أن ننتبه له عند الحديث أو الكلام عن الإخلاص أو الرياء كما ذكرت، لأنه مسلك شائك، ولا ينبغي للإنسان أن يترك كثير من أعمال الخير بحجة الخوف من الرياء.
أنتبه يا أخي الحبيب! انتبهي أيتها الأخت المسلمة!
لا ينبغي لك ولا ينبغي لكي، أن تترك كثير من الأعمال بحجة الخوف من الرياء، أو حتى أن تفتح على نفسك باب الهواجس والوساوس، فيقع الإنسان فريسة لهذا الأمر.
فيدخل الشيطان على القلب، فيصبح الإنسان دائما في وسواس وهواجس حول هذا الباب، ولذلك اسمع الإمام النووي رحمه الله وهو يقول كلاما جميلا جدا حول هذا الأمر المهم، في كتاب الأذكار، يقول في الصفحة الـ 8-9:
(الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعا، فإن اقتصر على إحداهما فالقلب أفضل.
ثم لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوف من أن يضن به الرياء بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن الفضيل رحمه الله:
أن ترك العمل لأجل الناس رياء).
اسمع لهذه الكلمات واحفظها جيدا، احفظ هذه الكلمات كما تحفظ اسمك، حتى تنجو من قضية الوساوس والهواجس في الإخلاص والرياء، يقول الفضيل رحمه الله: ( ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس ، والاحتراس من ظنونهم الباطلة لأنسد عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئا عظيما من مهمات الدين وليس هذه طريقة العارفين).
انتهى كلامه رحمه الله تعالى وهو كلام نفيس جدا .
واسمع لكلام ابن تيمية – رحمه الله – في الفتاوى عندما يقول:
(ومن كان له ورد مشروع من صلاة الضحى ، أو قيام الليل، أو غير ذلك.
فإنه يصليه حيث كان، ولا ينبغي له أن يضع ورده المشروع لأجل كونه يسن الناس، إذا علم الله من قلبه أنه يفعله سرا لله ، مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص).
اسمع بعض الناس يدخل على بعض الناس من هذا الباب، فينهاه عن أمر لا يفعله أمام الناس، لماذا؟ يقول : خشيه الرياء.
يقول ابن تيمية –رحمه الله تعالى- عن ذلك:
(ومن نهى عن أمر مشروع بمجرد زعمه أن ذلك رياء فنهيه مردود عليه من وجوه:
الأول: أن الأعمال المشروعة لا ينهى عنها خوف من الرياء، بل يؤمر بها والإخلاص فيها، فالفساد في ترك إظهار المشروع أعظم من الفساد في إظهاره رياء.
ثانيهما: لأن الإنكار إنما يقع على ما أنكرته الشريعة، وقد قال رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم- (إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أن أشق قلوبهم)..
الثالث: إن تسويغ مثل هذا يقضي إلى أن أهل الشرك والفساد يمكرون على أهل الخير والدين، إذا رأوا من يظهر أمر مشروعا قالوا : هذا مراء فيترك أهل الصدق إظهار الأمور المشروعة حذرا من المزعوم، فتعطل الخير. هذه كلمات جميلة جدا من ابن تيمية رحمه الله.
الرابع: إن مثل هذا يعني إنكار الناس عمل مشروعا بحجة أنه رياء، يقول : إن مثل هذا من شعائر المنافقين ، وهو الطعن على من يظهر الأعمال المشروعة، قال تعالى:
الذين يلمزن المطوعين من المؤمنين في الصدقات، والذين لا يجدون إلاّ جهدهم فسيخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم. انتهى كلامه مختصر من الفتاوى .

صور من حياة الأخفياء
نأتي الآن وبعد هذا المشوار للب هذا الدرس، وهو صور من حياة الأخفياء وأسوق إليكم أيها الأحبة هذه الكوكبة، وهذه مواقف، وهذه الأحداث، من حياة أولئك الأخفياء.
وهي مليئة بالدروس والعبر لمن تفكر ونظر وتدبر.
فسير الصالحين المخلصين مدرسة تخرج الرجال والأجيال.
ولعلي أكتفي بسرد هذه الصور ، أولا طلبا للاختصار، وثانيا حتى لا أقطع عليك لذة المواقف، والعيش معها برفعة إيمان، وسمو الروح، ورقة في القلب.
فاسمع لهذه القصص، واسمع لهذه الأحداث:
الأخفياء والصدقة، والقيام على الفقراء والمساكين.
خرج عمر بن الخطاب يوما في سواد الليل واحدا، حتى لا يراه أحد، ودخل بيت، ثم دخل بيت آخر، ورآه رجل، لم يعلم عمر أن هذا الرجل رآه.
رآه طلحة –رضي الله عليه وأرضاه- فضن أن في الأمر شيء أوجس طلحة في نفسه، لماذا دخل عمر لهذا البيت؟ ولماذا وحده؟ ولماذا في الليل؟ ولماذا يتسلل؟ ولماذا لا يريد أن يراه أحد؟ ارتاب طلحة في الأمر، والأمر عند طلحة يدع إلى الريبة.
ولما كان الصباح ذهب طلحة فدخل ذلك البيت فلم يجد إلا عجوز عمياء مقعدة، فسألها:
ما بال هذا الرجل يأتيك؟ وكانت لا تعرف أن الرجل الذي يأتيها هو عمر بن الخطاب –رضي الله عنه وأرضاه- قالت العجوز العمياء المقعدة:
إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا بما يصلحني، ويخرج الأذى عن بيتي. أي يكنس بيتها ويقوم بحالها، ويرعاها عمر –رضي الله عنه وأرضاه-.
ولن نعجب أن رئيس الدولة وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يفعل ذلك، فكم من المرات فعل ذلك عمر بن الخطاب –رضي الله عنه وأرضاه-، فهذه الموقف ليست عجبا في حياة عمر. ولكن نعجب من شدة إخفاء عمر لهذا العمل حتى لا يراه أحد، وفي الليل، وفي سواد الليل، ويمشي لواذا خشية أن يراه أحد فيفسد عليه عمله الذي هو سر بينه وبين الله .
ومثل ذلك سار عليه أيضا زين العابدين –رضي الله عنه وأرضاه-، علي بن الحسين ، فقد ذكر الذهبي في السير وابن الجوزي في صفة الصفوة:
أن علي ابن الحسين كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به، ويقول:
(إن الصدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل).
وهذا الحديث مرفوع إلى النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- من طرق كثيرة لا تخلوا أسانيدها من مقال، ولكنها بمجموع الطرق صحيحة، وقد صحح ذلك الألباني في الصحيحة.
وأن عمر بن ثابت قال:
لما مات علي بن الحسين فغسلوه، جعلوا ينظرون إلى أثار السواد في ظهره فقالوا ما هذا؟
فقالوا كان يحمل جرب الدقيق (أكياس الدقيق) ليلا على ظهره، يعطيه فقراء المدينة.
وذكر ابن عائشة قال: قال أبي:
(سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين).
رضي الله عنه وأرضاه.
وعن محمد بن عيسى قال: كان عبد الله بن المبارك كثير الاختلاف إلى (طرسوس).
وكان ينزل الرقة في خان (يعني فندق)، فكان شاب يختلف إليه، ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، قال فقدم عبد الله الرقة مرة فلم يرى ذلك الشاب، وكان مستعجلا( أي عبد الله بن المبارك)، فخرج في النفير (أي إلى الجهاد).
فلما قفل من غزوته، ورجع إلى الرقة، سأل عن الشاب.
فقالوا إنه محبوس لدين ركبه.
فقال عبد الله وكم مبلغ دينه ؟
فقالوا عشرة آلاف درهم.
فلم يزل يستقصي حتى دل على صاحب المال، فدعا به ليلا ووزن له عشرة آلاف درهم،وحلفه ألا يخبر أحد مادام عبد الله حيا، وقال إذا أصبحت فأخرج الرجل من الحبس.
وأدلج عبد الله (أي سار في آخر الليل).
وأخرج الفتى من الحبس وقيل له عبد الله بن المبارك كان هاهنا وكان يذكرك، وقد خرج.
فخرج الفتى في أثره، فلاحقه على مرحلتين أو ثلاثة من الرقة.
فقال يا فتى ( عبد الله بن المبارك يقول للفتى ) أين كنت؟.
أنظر عبد الله يتصانع –رضي الله عنه وأرضاه- أنه ما علم عن حال الفتى فقال عبد الله المبارك : يا فتى أين كنت؟ لم أرك في الخان.
نعم يا أبا عبد الرحمن كنت محبوسا بدين.
وكيف كان سبب خلاصك؟
قال : جاء رجل وقضى ديني ولم أعلم به حتى أخرجت من الحبس فقال له عبد الله: يا فتى احمد الله على ما وفق لك من قضاء دينك.
فلم يخبر ذلك أحد إلا بعد موت عبد الله .

الأخفياء والعبادة.
في الصلاة مثلا قالت امرأة حسن بن سنان:
كان يجيء – أي حسان- فيدخل معي في فراشي ثم يخادعني كما تخادع المرأة صبيها فإذا علم أني نمت سل نفسه فخرج، ثم يقوم فيصلي.
قالت فقلت له يا أبا عبد الله، كم تعذب نفسك، أرفق بنفسك.
فقال اسكتي ويحك ، فيوشك أن أرقد رقدة لا أقوم منها زمانا.
وعن بكر بن ماعز قال: ما رئي الربيع متطوعاً في مسجد قومه قط إلا مرة واحدة.
وفي الصيام:
فمن أعجب المواقف ما ذكره الذهبي في السير، قال الفلاس، سمعت ابن أبي علي يقول: (صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله، كان خزازاً يحمل معه غذائه فيتصدق به في الطريق.)، وكان بعضهم إذا أصبح صائما أدهن، ومسح شفتيه من دهنه حتى ينظر إليه الناظر فلا يري أنه صائم.
وفي قراءة القرآن ، ذكر اين الجوزي في صفوة الصفوة. عن سفيان قال :
أخبرتني مرية الربيع بن هيثم قالت: (كان عمل الربيع كله سرا، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف، فيغطيه بثوبه). أي إذا قدم الرجل على الربيع قام الربيع فغطى المصحف بثوبه حتى لا يرى الرجل أنه يقرأ القرآن.
الأخفياء والبكاء.
أما الأخفياء والبكاء، فقال محمد بن واسع:
(لقد أدركت رجالا كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بل ما تحت خده من دموعه لا تشعر امرأته).
يقول رحمه الله تعالى:
(إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته لا تعلم، ولقد أدركت رجال يقوم أحدهم في الصف، فتسيل دموعه على خده ولا يشعر به الذي إلى جنبه).
وذكر الذهبي في السير عن محمد بن زيد – رضي الله عنه ورحمه- قال:
(كان أيوب السختياني في مجلس، فجاءته عبرة، فجعل يمتخط ويقول ما أشد الزكام).
يظهر-رحمه الله تعالى- أنه مزكوم لإخفاء البكاء.
هكذا حرصهم على هذه الصفة الخفاء في الأعمال تلك الصفة التي عشقوها رحمهم الله تعالى، فإذا فشل أحدهم في إخفاء دمعاته أو بكائه أو اصطناع المرض لإخفاء هذه الدمعة.
كان يقوم من مجلسه مباشرة خشية أن يكشف أمره، وذكر ذلك الإمام أحمد في كتاب الزهد يوم قال:(إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها، فإذا خشي أن تسبقه قام).
خفاء شديد.
واسمع إلى هذه القصة العجيبة الغريبة، و والله لقد أدهشتني هذه القصة.
واسمع لها يا أخي الحبيب، فهي قصة طويلة، فسر مع أحداثها وفصولها.
واسمع عن محمد ابن المنكدر، وقد ذكر هذه القصة ابن الجوزي في صفة الصفوة وذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء، عن محمد بن المنكدر ، وفي ترجمته قال:
(كانت لي سارية في مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أجلس أصلي إليها الليل.
فقحط أهل المدينة سنة فخرجوا يستسقون فلم يسقوا.
فلما كان من الليل صليت عشاء الآخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئت فتساندت إلى ساريتي.
فجاء رجل أسود، تعلوه صفرة، متزر بكساء، وعلى رقبته كساء أصغر منه.
فتقدم إلى السارية التي بين يدي وقمت خلفه.
فقام فصلى ركعتين ثم جلس فقال:
أي رب أي رب، خرج أهل حرم نبيك يستسقون فلم تسقيهم، فأنا أقسم عليك لما سقيتهم.
يقول ابن المنكثر: فقلت مجنون.
قال فما وضع يده حتى سمعت الرعد ثم جاءت السماء بشيء من المطر أهمني الرجوع إلى أهلي .يعني من كثرة المطر.
فلم سمع المطر حمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها قط، ثم قال:
ومن أنا وما أنا حيث استجبت لي ولكني عذت بحمدك، وعذت بطولك.
ثم قال فتوشح بكسائه الذي كان متزرا به، وألقى الكساء الآخر الذي كان على ظهره في رجليه ثم قام، فلم يزل قائما يصلي حتى إذا أحس الصبح سجد وأوتر وصلى ركعتي الصبح ثم أقمت صلاة الصبح فدخل في الصلاة مع الناس.
ودخلت معه فلما سلم الإمام قام فخرج وخرجت خلفه حتى انتهى إلى الباب.
فلما كانت الليلة الثانية صليت العشاء في مسجد رسول الله ثم جئت إلى ساريتي فتوسطت إليها وجاء فقام فتوشح بكسائه، وألقى الكساء الآخر الذي كان على ظهره في رجليه وقام يصلي، فلم يزل قائما حتى إذا خشي الصبح سجد، ثم أوتر ثم صلى ركعتي الفجر.
وأقيمت الصلاة فدخل مع الناس في الصلاة ودخلت معهم.
ثم إذا سلم الإمام خرج من المسجد وخرجت خلفه، فجعل يمشي واتبعه حتى دخل دار عرفتها من دور المدينة.
ورجعت إلى المسجد فلما طلعت الشمس وصليت خرجت حتى أتيت الدار فإذا أنا به قاعدا يخرز وإذا هو إسكافي.
فلما رآني عرفني، وقال: أبا عبد الله مرحبا ألك حاجة، تريد أن أعمل لك خفا ؟
فجلست فقلت ألست صاحبي بارحة الأولى؟
فاسود وجهه، وصاح بي، وقال: ابن المنكدر ما أنت وذلك.
قال وغضب، قال ففرقت والله منه أي (خفت والله من غضبه).
وقلت: أخرج من عنده الآن، فلم كانت الليلة الثالثة صليت العشاء في مسجد رسول الله ثم جئت إلى ساريتي فتوسطت إليها، فلم يجئ فقلت: أن لله ما صنعت! إنا لله ما صنعت!.
فلما أصبحت جلس في المسجد حتى طلعت الشمس ، ثم خرجت حتى أتيت الدار التي كان فيها فإذا باب البيت مفتوح وإذا ليس في البيت شيء.
فقال لي أهل الدار: يا أبا عبد الله ما كان بينك وبين هذا أمس؟
قلت ماله ؟ قالوا لما خرجت من عنده أمس بسط كسائه في وسط البيت ثم لم يدع في بيته جلدا ولا قالبا إلا وضعه في كسائه، ثم حمله ثم خرج، فلم ندر أين ذهب.
يقول ابن المنكدر:
فلم يبقى في المدينة دارا أعلمها إلا طلبته فيها، فلم أجده.
-رحمه الله- خشية أن يفتضح عمله ولأجل أنه عُرف خرج من المدينة كلها، وهو يريد أن يكون السر بينه وبين الله.
يا أختي الحبيب يا أختي المسلمة.
أترك لكم هذه القصة العجيبة ، أتركها لكم لتعيش معها، ولتقفوا معها، انظروا إليها وانظروا إلى أنفسكم، لنرى من أنفسنا عجبا.
ذكر الذهبي في السير بإسناده إلى جبير بن نفير، أنه سمع أبا الدرداء وهو في آخر صلاته ، وقد فرغ من التشهد، يتعوذ بالله من النفاق، فأكثر التعوذ منه، فقال له جبير:
(ومالك يا أبا الدرداء أنت والنفاق؟
فقال دعنا عنك، دعنا عنك، فوالله إن الرجل يقلب عن دينه في الساعة الواحدة، فيخلع منه). وقال الذهبي في إسناده الصحيح..
الأخفياء والجهاد.
أما الأخفياء والجهاد ، فقد ذكر الذهبي عن أبي حاتم الرازي، قال:
(حدثنا عبدة بن سليمان المروزي، قال كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو قلما التقى الصفان خرج رجل من العدو، فدعا إلى البراز.
فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم آخر فقتله.
ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل من المسلمين فطارده سعد فطعنه فقتله.
( أي الرجل من المسلمين قتل وطعن الرجل من العدو).
فازدحم إليه الناس ، فنظرت فإذا هو عبد الله بن المبارك، وإذا هو يكتم وجهه بكمه ، فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو هو، فقال (أي عبد الله أبن المبارك لعبدة بن سلمان) وأنت يا أبا عمر ممن يشنع علينا،) يعني (يفضحنا).
وعن عبيدة الله بن عبد الخالق قال:
(سبى الروم نساء مسلمات، فبلغ الخبر الرق وبها هارون الرشيد أمير المؤمنين.
فقيل لمنصور بن عمار أحد العلماء :
لو اتخذت مجلسا بالقرب من أمير المؤمنين، فحرضت الناس عل الغزو.
ففعل منصور بن عمار، وبينما هو يذكر الناس ويحرضهم يقول:
إذا نحن بخرقة مسرورة مختومة قد طرحت إلى منصور بن عمار، وإذا بكتاب مضمون إلى الصرة، ففك الكتاب ، فقرأه فإذا فيه:
إني امرأة من أهل البيوتات من العرب بلغني ما فعل الروم بالمسلمات وسمعت تحريضك الناس على الغزو وترغيبك في ذلك.
فعمدت إلى أكرم شيء من بدني وهما ذؤابتي (يعني جديلتي) فقطعتهما وصررتهما في الخرقة المختومة فأناشدك بالله العظيم لما جعلتهما قيد فرس غاز في سبيل الله.
فلعل الله العظيم أن ينظر إلي على تلك الحال، فينظر إلى نظرة فيرحمني بها.
قال: فبكى منصور بن عمار وأبكء الناس.
وأمر هارون الرشيد أن نيادي بالنفير، فغزا بنفسه فأنكى بالروم، وفتح الله عليه).
وقد كان عبد الله بن المبارك يردد هذه الأبيات دائما يقول:
كيف القرار وكيف يهدأ المسلم........والمسلمات مع العدو المعتدي
الضاربات خدودهن برنة..............الداعيات نبيهن محمد
القائلات إذا خشين فضيحة...........جهد المقالة ليتنا لم نولد
ما نستطيع وما لها من حيلة...........إلا التستر من أخيها باليد.
أسوق هذا الموقف لنسائنا الصالحات، لينظرن إلى المرأة المسلمة إذا أخلصت إلى الله وكان همها العمل لله، فإنها دائما تبحث عن العمل.
أيا كان هذا العمل لا يقف آمالها ذلك السؤال ماذا أعمل؟
وماذا أفعل وماذا بيدي أن أصنع ؟
فإن من اهتم لأمر عمل وفكر بالعمل، ووجد ماذا يعمل.
هذه المرأة عملت وسمعت واهتمت واحترق قلبها فما كان منها إلا أن قدمت جديلتيها، أكرم شيء في بدنها حتى يصنعوا من هاتين الجدلتين قيد فرس غازي في سبيل الله.
وقل ماذا قدمتي أيها المسلمة للمسلمات وأنت تسمعين الروم كيف يفعلن بهن ؟
ومذا قدمت يا أخي الحبيب؟ وماذا فعلنا؟
وماذا فعلتي للمسلمين في كل مكان؟
والروم وغيرهم ترون وتسمعون، بل وعلى مسامع العالم كله ماذا يفعل بالمسلمات .

الأخفياء والعلم.
جاء في ترجمة الإمام الماوردي – رحمه الله- كما ذكر ذلك ابن خلكان في كتابه ((وفيات الأعيان)) ، قال:
إن الماوردي لم يظهر شيء من تصانيفه في حياته وإنما جمعها كلها في موضع، فلما دنت وفاته قال لشخص يثق إليه:
(الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي، فإن عاينت الموت ووقعت في النزاع فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها فأعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فاعمد إلى الكتب فألقها في نهر دجلة ليلا، وإن بسطت يدي ولم أقبض على يديك فأعلم أنها قبلت ، وأني قد ظفرت بما كنت أرجوه من النية الخالصة.
قال ذلك الشخص:
فلما قارب الموت ووضعت يدي في يده، فبسطها ولم يقبض على يدي ، فعلمت أنها علامة القبول فأظهرت كتبه بعده).
وقبله كان الإمام الشافعي- رحمه الله- يقول:
(وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا ينسب إلي شيء منه أبداً، فأوجر عليه ولا يحمدوني).
فالإمام الشافعي –رحمه الله- يظن أن حمد الناس به منقصة للأجر، ونقص من صفة الخفاء، تلك الصفة التي عشقت منهم –رحمهم الله تعالى- .
وينقل الذهبي أيضا في السير قول هشام الدستوائي، -واسمع لهذا القول- يقول هشام:
(والله ما أستطيع أن أقول إني ذهبت يوما قط أطلب الحديث، أريد به وجه الله عز وجل).
سبحان الله!! القائل هشام الدستوائي!
يقول الذهبي معلقا على هذا الكلام:
(والله ولا أنا، فقد كان السلف يطلبون العلم لله، وحصلوه ثم استفاقوا وحاسبوا أنفسهم، فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق).
إلى آخر كلامه الجميل في السير، في ج7ص52، لمن أراد أن يرجع إليه.
فإذا كان هذا كلام هشام، وكلام الذهبي – رحمهما الله تعالى ورضي عنهما – فماذا يقول إذا طلاب العلم اليوم؟
بل ماذا يقول المتعلمون أمثالنا في مثل هذه المواقف منهم رحمهم الله تعالى؟
ويصل الخفاء منتهاه عند أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري – رحمه الله تعالى ورضي عنه- قال محمد بن منصور:
كنا في مجلس أبي عبد الله البخاري.
رفع إنسان قذاة من لحيته، وطرحها إلى الأرض، أي في المسجد.
فرأيت البخاري، (أنظر إلى حركة البخاري) ينظر إليها أي القذاة من الأرض، فأدخلها في كمه، فلما خرج من المسجد رأيته أحرجها وطرحها إلى الأرض.
سبحان الله! حتى القذاة وإخراجها من المسجد كانوا يريدون إخفائها بدقة.
رحمهم الله تعالى ورضى الله عنهم.
هذا الموقف وهذه الصور من حياة أولئك العلام، وحياة أولئك الأخفياء الذين حرصوا أن يكون لهم خبيئة من العمل.
الذين حرصوا أن يكون بينهم وبين الله أسرار وأسرار.
وتلك العمال هي المنجية يوم أن تقدم على الله جل وعلا وتكشف الصحف.
فإذا الصحف مليئة بتلك العمال، وتلك الأسرار بينك وبين الله عز وجل .
والقصص وهذه الصور ليست لمجرد القصص أيها الأخ الصالح، وليست لمجرد الحديث.
بل هي للعبرة والعضة.
يا أخي الحبيب، أنت تجلس في المجالس، وتتحدث مع الآخرين.
ما بال مجالسنا في هموم الدنيا وملذاتها ؟
أو في الغيبة والنميمة و الكلام عن فلان وعلان!
يا أختي المسلمة، لنعلم مثل هذه المواقف ولنحفظ شيء منها وإن كان قليلا.
ولنملأ مجالسنا بذكرها، حتى يعلم الناس حقيقة هذه الأمور، ويرتبط الناس وترتبط قلوبهم بقلوب أولئك الرجال، فيخرج الأجيال من مدارسهم -رحمهم الله تعالى- بالنظر إلى سيرهم وأحوالهم..

الأخفياء في كلمات
قال ابن المبارك –رحمه الله تعالى- :
ما رأيت أحد أرتفع مثل ذلك، ليس له كثير صلاة ولا صيام، إلا أن تكون له سريرة.
إذن فالقضية ليست قضية كثرة الصيام ولا الصلاة وإنما بالإخلاص والإخفاء لهذه الأعمال.
وقال ابن وهب: ما رأيت أحدا أشد استخفاء بعمله من حيوة بن شريح، وكان يعرف بالإجابة (أي بإجابة الدعاء).
وقال يوسف بن الحسين: أعز شيء في الدنيا الإخلاص، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي، فكأنه ينبت على لون آخر.
واسمع لقوله -رحمه الله تعالى (وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي).
فالاجتهاد في البعد عن الرياء والتسميع وطلب محمدة الناس وثنائهم أمر كانوا يعانون منه -رحمهم الله تعالى- وقال بان القيم:
أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص، وعن نفسك بشهود المنة، فلا ترى في نفسك ولا ترى الخلق.
وقال الأخفياء –رحمهم الله تعالى-، وصاحوا بملء أفواههم لمن لا يخلص نيته، ولمن غفل عن هذا الأمر، صاحوا بقولهم، -كما مالك بن دينار:
قولوا لمن لم يكن صادقا لا يتعب.
فقولوا أيها الأحبة لمن لم يكن صادقا بعمله لله جل وعلا، ومخلصا بعمله لله سبحانه وتعالى:
لا يتعبن، لا يتعب نفسه.
فقد رأيتم وسمعتم أولئك الثلاثة وتلك الطاعات العظيمة، التي أصبحت وابلا على أصحابها، فكانوا أول ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة والعياذ بالله.
فقولوا ورددوا وصيحوا بأعلى أصواتكم لمن لم يكن صادقا في عمله، وفي دعوته، وفي أفعاله كلها: لا يتعبن، لا يتعب نفسه .

وأخيرا كيف تكون من الأخفياء
ما هو الطريق للوصول إلى حياة الأخفياء؟
ما هو العلاج والوصول لطريق الأخفياء رحمهم الله تعالى؟
ألخصه بالنقاط السريعة التالية :
أولا: الدعاء والإلحاح فيه، ومواصلة هذا الدعاء، وتحري ساعة الإجابة.
وأهمية الاستمرار في الدعاء، والإلحاح، والاستمرار، لاتكل ولا تمل، ولذلك قال –صلى الله عليه وآله وسلم- وعلمنا بذلك الحديث الذي يذهب عنا كبار الشرك وصغاره، عندما قال:
(الشرك أخفى من دبيب النمل، وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره، تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم).
أحفظ هذا الدعاء، وكرره كثير وأسأل الله بصدق أن يرزقك الصدق والإخلاص في الأقوال والأفعال .
ثانيا: الإكثار من مصاحبة المخلصين الناصحين الصادقين.
إن وجدتهم في هذا الزمن فعض عليهم بالنواجد، وإن لم تجد فالجأ لحياة الأخفياء والجأ لمصاحبة المخلصين من السلف الصالح، رضوان الله عليهم، بقراءة أقوالهم والنظر في الكتب والتراجم للاطلاع على تلك الأحوال، ولا شك أن القلب فيه حياة بالنظر لحياة أولئك .
ثالثا: معرفة عظمة الله تعالى، معرفة الله من خلال أسمائه وصفاته.
أعرف من تعبد وأعرف لمن تعمل، واعرف عظمة الله جل وعلا، واملأ قلبك بتوحيد الأسماء والصفات تطبيقا علميا، حتى تعظم الله، وقديما قالوا:
من كان بالله أعرف كان لله أخوف، ومن عظم الناس خاف من الناس، وعمل للناس، وسمع للناس وطلب ثناء الناس ومحمدة الناس، ولكن الله هو الذي سيجازي وهو الذي سيحاسب .
رابعا: أحرص أن يكون لك خبء من عمل.
احرص دائما أن يكون لك سر بينك وبيم الله جل وعلا ، لا يعلمه أحد من الناس إن استطعت حتى ولا زوجتك.
إن استطعت أن تعمل عمل بينك وبين الله لا يعلم عنه أقرب الأقربين إليك، فلا شك أن هذه الأعمال هي منجية يوم تسود وجوه وتبيض وجوه.
خامسا: دائما كن خائفا من الله، دائما كن خائفا على عملك، أن لا يقبل.
دائما كن خائفا أن يخالط هذا العمل رياء أو سمعه، مع الانتباه لذلك التنبيه المهم، الذي أشرنا إليه أثناء الموضوع، وقد تقدم الكلام عن ذلك، وأخشى أن تقدم على الله جل وعلا بتلك الأعمال المثيرة، والقوال الكثيرة، فتكون ممن قال الله عز وجل فيهم:
وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا
وقانا الله وإياك من حال أولئك.
سادسا: وأخير تذكر ثمرات الإخلاص.
تذكر هذه الثمرات، تذكر حلاوة القلب.
تذكر حب أهل السماء للمخلص.
تذكر وضع القبول له في الأرض.
وتذكر محبة الناس له، وطمأنينة القلب، وحسن الخاتمة، واستجابة دعائه، والنعيم له في القبر وفي الآخرة.
نسأل الله جل وعلا نعيم جناة الفردوس.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا إخلاصا يخلصنا يوم أن نقف أمامه سبحانه وتعالى.
ونستغفر الله ونتوب لله من أحوالنا ومن تقصيرنا.
( اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيء ونحن نعلمه ونستغفرك مما لا نعلمه).
وسبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد ألا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

………………………………
تم بحمد الله وتوفيقه.
(تم تفريغ الشريط من قبل المكتب التعاوني لدعوة الجاليات في المجمعة، وقام بطباعتهالأخ الكريم أبو سنان وفقه الله لمرضاته وجزاهم جميعا كل خير).
أخي الحبيب – رعاك الله
لا نقصد من نشر هذه المادة القراءة فقط أو حفظها في جهاز الحاسب،
بل نأمل منك تفاعلا أكثر من خلال:
- إبلاغنا عن الخطأ الإملائي أو الهجائي كي يتم التعديل.
- نشر هذه المادة في مواقع أخرى قدر المستطاع على الشبكة.
- مراجعتها ومن ثم طباعتها وتغليفها بطريقة جذابة كهدية للأحباب والأصحاب.
أخي الحبيب لا تحرمنا من دعوة صالحة في ظهر الغيب.
من خلال اقتراحاتك وتوجيهاتك لأخيك يمكن أن تساهم في هذا العمل الجليل.


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 14 - 9 - 2014, 05:07 PM   #82



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد
عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
أما بعد :
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته شكر الله لكم حضوركم ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم في هذا المجلس العلم النافع
والعمل الصالح وشكر الله لأخواني في جمعية تحفيظ القرآن الكريم في محافظة عنيزة هذا المنشط المبارك هذا الملتقى الذي هو الملتقى الثاني للقرآن الكريم
وهكذا دائما كتاب ربنا جل وعلى بركات تلوى بركات وخيرات تلوى خيرات نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن وممن يتدبر القرآن ويعمل به
أيها الأخوة والأخوات ( أفلا يتدبرون القرآن ..) إنه القرآن كلام الرحمن
أنت الذي يا رب قلت حروفه....... ووصفته بالوعظ والتبيان
ونظمته ببلاغة أزليـــة .......تكييفها يخفى على الأذهان
وكتبت في اللوح الحفيظ حروفه .......من قبل خلق الخلق في أزمان
أشرح به صدري لمعرفة الهدى....... وأعصم به قلب من الشيطان
يسر به أمري وقض مآربي....... وأجر به جسدي من النيران
واحطط به وزري واخلص نيتي .......واشدد به أزري وأصلح شأني
امزجه يارب بلحمي مع دمي .......واغسل به قلبي من الأضغان
هكذا معاشر المؤمنين هكذا أيها المسلم هكذا يا عبد الله بقلبك قبل اللسان إقراء القرآن لتجد عذوبة ترويك من ماء البيان ورقة تستروح منها نسيم الجنان
(ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ))
القرآن هو الذي يحقق السعادة للإنسان ..القرآن ينشر الأمن والاطمئنان عز وفخر ورفاهية وأمان كل هذا يحققه تطبيق القرآن وسنة خير الأنام عليه
الصلاة والسلام ((لقد تركت فيكم أمرين ما أن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي كتاب الله
وسنتي )) يتساءل الناس عن المخرج في زمن الفتن والشبهات والشهوات في زمن المغريات كيف نحافظ على إيماننا في الغربة ؟ كيف نحافظ على
إيماننا في غربة الشهوات وغربة الشبهات في زمن العولمة والانفتاح والتقنيات ؟ كيف نربي أبنائنا وبناتنا في مثل هذه الأوقات ؟ لماذا انصرفت
القلوب عن علام الغيوب ؟ لماذا تكالب الناس على الدنيا حتى ربما ظن البعض أنا لا نموت ؟ يشكو الناس من قسوة القلوب ومن كثرة الذنوب ..يشكو
الناس من الخواء خواء الروح والفراغ الإيماني ..وأقول الطريق أن يتعرف الناس على الله حق المعرفة أن تملئ القلوب بمحبة الله عز وجل
أشار القلب نحوك والضمير....... وسر السر أنت به خبير
وإني إن نطقت بكم أنادي .......وفي وقت السكوت لكم أشير
من لم يعرف الله حق المعرفة فهو جاهل ومسكين وهو معدم وفقير وأعظم طريق لمعرفة الله هو معرفة كتاب الله جل وعلا من عرف الله من كلامه
وآياته فإنه يعرف رب قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال منزه عن المثال برئ من النقائص والعيوب له كل اسم حسن وكل وصف
كمال ..فعال لما يريد ..أكبر من كل شيء ..وأجمل من كل شيء ..أرحم الرحمين .. وأقدر القادرين .. وأحكم الحاكمين .. القرآن أنزل للتعريف للتعريف
به جل جلاله لتعريف عباده به وبصراطه الوصل إليه وبحال السالكين بعد الوصول إليه فآيات الله القرآنية تنطق بالتعريف بالله تعالى كما أن آيات الله
الكونية تنطق بعظمة الله التفكر ..التدبر .. طريق لمعرفة الله سبحانه وتعالى معرفة الله طريق لمحبة الله محبة الله طريق السعادة والراحة والاطمئنان ..
فأين الباحثون عن السعادة ؟ أين القلوب التي تعلقت بغير الله تعالى ؟ أين هي عن الله ؟ نعم أين هي عن الله ؟ فالله محسن يحب المحسنين ..شكور يحب
الشاكرين .. جميل يحب الجمال .. طيب يحب كل طيب .. كريم يحب الكرم.. تواب يحب التائبين .. حيي يحب أهل الحياء .. يستحي من عبده إذا مد
يديه إليه أن يردهما صفرا عفو يحب العفو عن عباده .. غفور يغفر لهم إذا استغفروه .. تكثر الذنوب تعظم العيوب تقسو القلوب ويخشى الإنسان من
الخسران ويخاف من الحرمان فيناديه الرحيم الرحمن ((قل يا عبادي الذين أسرف على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه
هو الغفور الرحيم )) ينادي عبده نداء المتلطف به ..من الذي يناديك ؟ إنه ملك الملوك جل وعلا .. إنه الغني عن العالمين .. من الذي يناديك أيها العبد
الفقير ؟ إنه اللطيف الخبير ينادي عبده نداء المتلطف به يدعوه دعاء المشفق عليه (( يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك
ولا أبالي , يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي , يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني
لاتشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة , ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا , ومن تقرب إلي ذرعا تقربت إليه باعا , وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت
إليه أهرول )) هكذا هو ربنا جل وعلا الباب مفتوح ولكن من يلج ؟ المجال مفسوح ولكن من
يقبل ؟ الحبل ممدود ولكن من يتشبث به ؟ الخير مبذول ولكن من يتعرض له ؟ أين من يملئ قلبه هيبة من الله ؟ أين من يملئ قلبه خشية من الله ؟ أين
من يعظم الله ؟ فالله عظيم .. الله عظيم والعظمة صفة من صفاته وآية من آياته وتعظيم الله يعني تعظيم حرماته (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى
القلوب )) من كان بالله أعرف ..من كان بالله أعرف كان لله أخوف .. تأملوا تأملوا آية عظيمة في كتاب الله تعظم الله آية جليلة القدر عظيمة الشأن
رفيعة المنزلة بعيدة المكانة لها حلاوة وعليها طلاوة تنزل على القلب برد وسلام يسعد بها الفؤاد تأنس لها النفوس تستروح بها الروح حبيبه إلى الرحمن
حافظة للإنسان طاردة للشيطان حفظها أمن وأمان وقراءتها روح وريحان الترنم بها نعيم وسلوان هي أعظم أجل و آية في القرآن سأل النبي صلى الله
عليه وسلم أبي ابن كعب (( أي آية في كتاب الله أعظم )) فقال أبي : الله ورسوله أعلم فرددها عليه الحبيب صلى الله عليه وسلم ثم قال أبي : آية
الكرسي يا رسول الله . فقال عليه الصلاة والسلام : ((ليهنك العلم أبا المنذر , والذي نفسي بيده إن لها لسان وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش ))
كما عند أحمد . أيها المسلم يا عبد الله يا أمة الله أيها الحبيب هل فكرت في معانيها وأنت ترددها ؟ هل سألت نفسك لماذا سميت بآية الكرسي ؟ وما
المقصود بالكرسي ؟ ولماذا هي أعظم آية ؟ ولماذا نقرأها في الصباح والمساء وعند النوم وربما في أدبار الصلوات ؟ هل تدبرتها ؟ هل وقفت مع
معانيها ؟ أليس الله تعالى يقول ( أفلا يتدبرون القرآن ) ألست تقرأها في اليوم مرات ؟ آية الكرسي بعيدة أسرارها .. عظيمة أخبارها حتى الشياطين
عرفت مقدارها ((الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه وسع كرسيه
السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم )) إذا أويت إلى فرشاك فإقراء آية الكرسي فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولايقربنك
شيطان حتى تصبح هكذا علمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ((الله لا إله إلا هو الحي القيوم...)) يكفي هذه الآية العظمة عظمة استفتاحها بلفظ الجلالة
الله .. العلم الخاص بذات الله عز وجل لا يطلق على غيره سبحانه وتعالى (( هل تعلم له سميا )) لقد ورد هذا الاسم الله ورد في القرآن أكثر من ألف
وسبع مئة مرة وهو التعريف الذي عرف الله جل وعلا به نفسه (( أنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ))
الله يا أعذب الألفاظ في لغتي....... ويا اجل حروف في معانيها
الله يا أمتع الأسماء كم سعدت نفسي .......وفاض سروري حين أرويها
الله كلمة جميلة وعظيمة قريبة من النفس ساكنة في الوجدان ,,الله محفورة في الضمير ممتزجة بالدم واللحم والعصب .. الله تطمئن بها القلوب تأنس بها
النفوس تسكن بها الآلام والهموم .. الله تعلقت بها القلوب عظمتها النفوس لهجت بها الألسن ..الله ..الله .. الله .. ما أعذب الكلمة ما أحسن الاسم ما أجل
المسمى
فاستمع يا زمان هذا محب .......سوف يتلو أنشودة للرواة
يا خلايا الفؤاد يا كل نبض....... هات ما عندكم من الحب هات
تاه لبي وذاب قلبي لربي...... فهو حبي وسلوتي وحياتي
وله كل ذرة في كياني .....ومماتي ومنسكي وصلاتي
يقصر اللفظ عن بيان الحب .....ومعان في مهجتي مضمرات
الله لا إله إلا هو .. بداية مشرقة جاءت فيها أول هذه الآية آية الكرسي جاءت كالتاج على الرأس ثم أتى بعدها مباشرة بالصفة الأسما بالقضية العظمى
جاءت كلمة التقوى عنوان الدين أساس الملة الكلمة التي من أجلها أنزلت الكتب من أجلها أرسلت الرسل أقيم سوق الجنة والنار .. لا إله إلا الله .. فلا
يستحق العبودية إلا الله هو المتفرد بالإلهية على جميع الخلائق ..لا إله إلا هو ..جملة فيها النفي والإثبات تفيد الحصر بأقوى صيغة بأن لا إله إلا الله
الحي القيوم .. الحي في نفسه الذي لا يموت أبدا فحياته كاملة لم تسبق بعدد ولا يلحقها زوال (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال
والإكرام )) يقول الحق عز وجل (( توكل على الحي الذي لا يموت )) ويقول (( كل شيء هالك إلا وجهه )) سبحانه وتعالى -القيوم- أي القائم بنفسه
القائم على غيره . قيامه بنفسه يستلزم استغنائه عن كل شيء والله غني حميد . لا يحتاج إلى أكل ولا إلى شرب وهو يطعم ولا يطعم وهو يجير ولا
يجار عليه .. لا يحتاج إلى معين ولا ناصر فهو سبحانه قائم بنفسه أما غيره فمحتاج إليه الكل محتاج إلى الله عز وجل في إيجاده في إمداده فجميع
الموجودات مفتقرة إلى الله
من يعيد الرواء للأرض لما....... يطمس الجدب أوجه ضاحكات
من يعافي المريض من بعد سقم .......وقنوط من طب المستشفيات
من يبث السرور في كل بيت ......بالبنين والأطهار أو البنات
من يسلي النفوس بالصبر لما....... تبتلى بالنوازل القاصمات
من يغيث القلوب مما دهاها .......من هموم بئيسة جاثمات
إنه الله .. إنه الله الحي القيوم فيا الله .. يا لله برحمتك نستغيث فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ..لا إله لنا غيرك فنرجوه ولا رب لنا سواك فندعوه (( يا
ءايها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشاء يذهبكم ويأتي بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز )) (( وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا
مسكم الضر فإليه تجأرون )) إنه الحي القيوم ..الحي القيوم هما اسمان لله اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وقد ذكر في القرآن في ثلاثة مواضع
هذا أحدها والثاني في بداية سورة آل عمران (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) والثالث في سورة طه (( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل
ظلما )) وإنما كان اسم الله الأعظم في اجتماع هاذين الاسمين الحي القيوم لأنه فيهما الكمال الذاتي والكمال السلطاني فالذاتي في قوله .. الحي ..
والسلطاني في قوله .. القيوم .. فهما جامعان لكمال الأوصاف والأفعال
قابض باسط معز مذل .......لم يزل مرغما أنوف الطغاة
شافع واسع حكيم عليم....... بالنوايا والغيب والخاطرات
خافض رافع بصير سميع ......لدبيب النمل فوق الحصاة
ظاهر باطن حسيب رقيب....... ليس يخفى عليه مثل القذاة
أول آخر علي غني .......كيف نحصي آلائه الوافرات
باعث وارث كفيل وكيل....... وأمان للأنفس الخائفات
إنه الله ...إنه الله لا تأخذه سنة ولا نوم ..لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه بل هو قائم على كل نفس بما كسبت شهيد على كل شيء لا
يغيب عنه شيء لا تخفى عليه خافية .. ومن تمام القيومية أنه لا يعتليه سنة ولا نوم .. والسنة هي النعاس والوسن ولهذا قال .. ولا نوم ..لأنه أقوى من
السنة .. والنوم صفة نقص فلكمال حياته جل جلاله وكمال قيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قام فينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال : (( إن الله عز وجل لا ينام , ولا ينبغي له أن ينام )) إنه الله .. إنه الله .. ((له ما في السموات وما
في الأرض)) إخبار بأن الجميع عبيده وفي ملكه وله أن يتصرف فينا كما يشاء لأننا وما نملك ملكه أفلا يخض العبد الفقير منا لمالكه وسيده أفلا يصبر
لقضائه وقدره .. عجبا والله .. عجبا كيف يصر العبد على معصية سيده كيف يتكبر ..كيف يطغى ويتنكر (( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي
الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا))
كل ما في السموات السبع والأراضين السبع وما بينهما له وحده لا شريك له ..هو الذي له الملك والتصرف ..هو الذي له السلطان والكبرياء .((قل كل
من عند الله )) إنه الله ..إنه الله .. ((له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه .. استفهام
وتحدي ..وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه عز وجل ..أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع عنده إلا أن يؤذن له بالشفاعة .. وهل هناك أعظم جاه ومكانه
من حبيبنا وأسوتنا وقدوتنا رسولنا عليه الصلاة والسلام ؟؟ ومع ذلك لا يشفع إلا بإذن الله .. لكمال سلطان الله وهيبته جل وعلا كما في حديث
الشفاعة يقول عليه الصلاة والسلام ((فآتي تحت العرش فأخر ساجدا , فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع يا محمد وقل يسمع وسل تعطى
واشفع تشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة )) الله أكبر .. أين الوجهاء ..أين الشفعاء .. أين الكبراء أين العظماء كلهم عبيد لله جل جلاله ((وكلهم آتيه يوم
القيامة فردا )) كلهم عبيد له مماليك لا يقدمون على شفاعة حتى يؤذن لهم ولابد من رضا الله عز وجل عن الشافع والمشفوع له
يا منى خاطري وسلى فؤادي....... ليس إلا أإلى رضاك التفاتي
من حولي وقوتي و أتكالي .......يا نصيري فلا تكلني لذاتي
يا غياث الملهوف من كل كرب ......يا معين للمرء في المعضلات
اهدي قلبي يا خالقي وارض عني....... فالرضا منك منتهى الأمنيات
إنه الله.. إنه الله .. اللهم ارض عنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض .. اللهم إنا نسألك رضاك والجنة
((يعلم مابين أيديهم وما خلفهم )) دليل على إحاطة علمه .. فهو يعلم مابين أيدينا من حاضر ومن مستقبل ويعلم ما خلفنا من الماضي ((يعلم ما يلج في
الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير )) يا لها من معاني تأخذ بالألباب يا لها من
كلمات تهز النفوس يا لها من كلمات تزرع العظمة والهيبة في القلوب سبحان الله لا تغيب عنه ذرة خلجات النفوس خواطر القلوب التفاتات العيون لا
تخفى عليه خافية ((يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) يعلم ماضيها وحاضرها ومستقبلها .. يعلم مابين أيدينا وما خلفنا ومابين ذلك(( وما كان
ربك نسيا )) فأين المفر ..أين المفر أخوة الإيمان ؟ أين الملجأ أين الملاذ ؟ سبحان الله إذا خفت من المخلوق فررت منه وإذا خفت من الخالق فررت
إليه .. انكسرت بين يديه تناجيه تدعوه تستغفر من ذنبك ترجوه ليس لكم إلا الله ففروا إليه انطرحوا بين يديه قفوا ببابه انكسروا لجنابه .. حقيقة
العبودية التي يحبها من عبده إنه الانكسار والخضوع لملك الملوك جل وعلا يوم يجد العبد لذة الانكسار والخضوع ويمرغ الجبين للرب جل جلاله
لا رب أرجوه سواك إذ...... لم يخب سعي من رجاك
أنت الذي لم تزل خفيا .......لم تبلغ الأوهام منتهاك
إن أنت لم تهدنا ظللنا .......يا رب إن الهدى هداك
أحط علما بنا جميعا....... أنت ترانا ولا نراك
إن الله يراك .. إن الله يراك ...إن الله مطلع عليك ..أتستطيع أن تختفي عن عين الله ؟ افعل ما شئت قل ماشيت تكلم بما شئت حدث بما شئت لكن أعلم
أن الله يراك يسمع كلامك مطلع على أفعالك
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل..... خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة....... ولا أن ما تخفي عليه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت...... ذنوب على آثارهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى .......ويأذن في توباتنا فنتوب
الخلق كلهم .. الخلق كلهم لا يعلمون عنه شيئا إلا ما أطلعهم عليه (( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )) لايطلع أحد على شيء من علم الله إلا
بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه .. ولا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم الله عليه كما قال (( يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ولا
يحيطون به علما )) فالخلق مهما أتوا من علم مهما أتوا من قدره ..مهما بلغت التقنيات مهما وصلوا للمخترعات لا يحيط أحد بشيء من علم الله ولاعن
صفات وذات الله إلا بما شاء الله وقد قال أعلم الخلق به وهم الرسل والملائكة ((سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا )) إنه الله .. إنه الله ((وسع كرسيه
السموات والأرض )) سبحان الله .. سبحان الله .. عجبا وسع كرسيه السموات والأرض هل وقفتم هنا ؟ هل فهمتم المعنى ؟ هل تدبرتم الم تتساءلوا في
يوم من الأيام في أحد الأيام وأنت يا عبد الله تقراء هذه الآية ربما كل يوم مرتين أو أكثر هل سألت نفسك ..أي كرسي هذا الذي يسع السموات السبع
والأرضين السبع ؟ ما الفرق بين الكرسي والعرش ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما :الكرسي موضع قدمي الله عز وجل .. سبحان الله .. الكرسي
موضع قدمي الله عز وجل .. فإذا كان موضع قدمي الرحمن بهذه العظمة يسع السموات السبع والآراضين السبع فكيف إذا بالعرش الذي يستوي عليه
الرحمن ؟ ماصفته ؟ ما هيئته ؟ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((أن السموات السبع والآراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة
من الأرض , وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة )) فلا إله إلا الله (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم
القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)) سبحان الله السموات السبع والآراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة
ونسبة الكرسي إلى العرش كحلقة ألقيت في فلاة .. فكيف إذا بمن يستوي على العرش .... إنه الله ..إنه العظيم جل جلاله فتفكر أخي فالله تفكر في آلاء الله
و لا تفكر في الله املئوا قلوبكم بالهيبة والإجلال والتعظيم والخشية ولكن لا تتصورا الكيفية ولا تمثلوه بالمخلوقين
حاشا الإله بأن تكيف ذاته....... فالكيف والتمثيل منتفيان
والأصل أن الله ليس كمثله شيء...... تعالى الرب ذي الإحسان
فالله على كل شيء قدير (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) إنه الله .. إنه الله العظيم يطوي عز وجل السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيمينه ثم
يقول (( أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الآراضين بشماله ويقول أنا الملك أبن الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟)) كما في صحيح
مسلم . وعند مسلم أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال ((يأخذ الله عز وجل سماواته وأراضيه بيديه فيقول أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها
ويقول أنا الملك يقول ابن عمر: حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأني لأقول : أساقط هو برسول الله
صلى الله عليه وسلم . وروي عن ابن عباس قال : ما السموات السبع والأراضون السبع في كف الرحمن إلا كخردله في يد أحدكم .... إنه الله .. إنه
الله ..(( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))
فهو رب من يضاهيه.... في صفات وذات
ما أتى من صفاته فهو حق ......وكمال برغم أنف النفاة
إنه الواحد الذي لا يضاها .....في معاني اسمائه والصفات
إذن في آية الكرسي أعظم آية يخبر الله عن عظمته وجلاله أن كرسيه شمل وأحاط السموات والأرض وهذا يدل على عظم هذه المخلوقات وعظم
المخلوق يدل على عظم الخالق فالله تعالى عظيم ..الله تعالى عظيم فملئوا القلوب بعظمته ((ولا يئوده حفظهما )) لا يثقله ولا يشق عليه حفظ السموات
والأرض ومن فيها ومن بينهما بل ذلك سهل عليه يسير جل جلاله عليه فهو الفعال لما يريد الذي (( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون )) إنه الله .. لا إله
غيره ولا رب سواه وهو- العلي – ذو العلو المطلق .. علي بذاته على جميع مخلوقاته وهو العلي بعظمة صفاته وكمالها ولله المثل الأعلى فصفاته كلها
عليا ليس فيه نقص بوجه من الوجوه هو العلي الذي قهر المخلوقات ودانت له الموجودات وخضت له الصعاب وذلت له الرقاب .. إنه الله .. إنه الله
العظيم ..العظيم .. العظمة الجامع لجميع صفات العظمة والكبرياء ... العظيم الجامع لجميع صفات المجد والبهاء فمالكم لا تملئون القلوب بمحبته ..مالكم
لا تملئون النفوس بعظمته ..مالكم لا تملئون الأرواح بهيبته وخشيته ((ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ))
إنه الله جل جلاله .. إنه الله العظيم ..إن آية الكرسي تملئ القلب مهابة من الله وجلاله وكماله فهل وقفنا معها ؟ أفلا يتدبرون القرآن هذه آية وحدة في
كتاب الله كم فيها من المعاني كم فيها من العظمة ؟ كم فيها من الإيمان ؟ كم فيها من علو الإيمان وعلو الروح ؟ لمن تدبر حقا القرآن . السنا نرددها
صباح مساء ؟ أليس البعض منا ربما رددها في أدبار الصلوات ؟ فأين نحن من التدبر فيها وفي معانيها ؟أين نحن ونحن نتلوها ؟ ونرددها من أثرها
في قلوبنا وخشية الله تعالى وتعظيمه من أراد تعظيم الله حقا فليقرءا بتدبر آية الكرسي .من أراد حفظ الله له فليقرءا بتدبر آية الكرسي من أراد أن يعتمد
في كل شئونه على الخالق لا المخلوق فليردد آية الكرسي فحق لآية الكرسي أن تكون أعظم آيات القرآن لما احتوته من المعاني وحق لمن قرأها متدبرا
متفهما أن يمتلئ قلبه من اليقين ومن العرفان والأيمان وحق لمن قراء آية الكرسي بتدبر أن يكون محفوظا بها من شرور الشيطان .. فلنحفظ هذه الآية
نحفظها في صدورنا ولتعظم في قلوبنا ولتهز وجداننا ولتسر في عروقنا ودمائنا ولنربي عليها أنفسنا وأهلنا وأزواجنا ولنحفظها بناتنا وأولادنا
ولترتوي عليها نفوسنا وأرواحنا هكذا آيات القرآن هكذا هو كتاب الله عز وجل
إنني أسمو بروحي حين أتلو .......آية الكرسي والسبع المثاني
اللهم أجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء همومنا وأحزاننا اللهم أجعلنا من أهل القرآن وممن يتدبر القرآن وممن يعيش مع القرآن وآيات
القرآن اللهم أرفعنا بالقرآن اللهم عظم قلوبنا بالإيمان وبهيبتك وجلالك يا رحمن السموات والأرض
سبحانك الهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 14 - 9 - 2014, 05:09 PM   #83



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه،صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .أما بعد أيها المسلمون: أقف متأملاً متعجباً مع قول الحق عز وجل:"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا" ،كيف قرن حق الوالدين بحقه جلا وعلا ،فعطف الإحسان على الوالدين ،بأعظم غاية خلق الناس من أجلها وهي عبادته وتوحيده ،فيا الله ما أشد غفلتنا عن هذه العبادة العظيمة فليس شيء أعظم بعد التوحيد من القيام بحق الوالدين، إنها وصية الله تعالى للأبناء:"ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها" وقال سبحانه:"ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن" أي جهداً على جهد:في الحمل ثم الولادة،ثم العناية والرضاعة،ثم التربية والرعاية،"أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير" قال ابن عباس:لا يقبل الله الأولى حتى يعمل بقرينتها،فمن شكر الله ولم يشكر والديه لم يقبل منه،أسمعتم معاشر الأبناء: من شكر الله ولم يشكر والديه لم يقبل منه ؟! بل إن الله لا يرضى على العبد حتى يرضى والداه عليه،وقد أكد هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم فقال:"رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد"رواه البخاري في الأدب المفرد. ولم العجب أيها الأبناء! إنه دين الإحسان،وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان،أبوان ضعيفان ، شقيا لتسعد،وسهرا لتنام، وجاعا لتشبع ،وتجرعا الآلام ، أبوك يكدح في الليل والنهار، ويُفني السنين والأعمار ،عليك يغار ويدفع عنك الأخطار،وأما أمك فليس حقها واحد بل أمك وأمك وأمك ،حملتك كرهاً على كره ،ووهناً على وهن ،تسعة أشهر تسكن في أحشائها،وتتغذى من دمها وآلامها،ولذا فقد حكم الله وأمر وألزم الأبناء،باللين والرفق والإحسان للأباء،بكل ما تحمله هذه المباني،من مقاصد ومعاني،فجاء الحكم الرباني،والأمر القرآني:"وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما،واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً " سبحان الله آية في غاية الرقة والاستعطاف،"فلا تقل لهما أف" ،"واخفض لهما جناح الذل"،وهل للذل جناح ،وهل هناك كلمة أقل من (أف)،فأف ثم تف لأولئك العاقين الذين نسمع عن مواقفهم مع آبائهم ،وكلماتهم لأمهاتهم !! تصور أن للذل جناح وقد خفضته وفرشته على الأرض ليطئه الأبوان ،ذل لهما وخضوع مهما بدرا منهما، ومهما أخطأا أو فعلا ،ومهما ضربا أو غضبا، وإن كان عاصيين أو فاسقين ،بل حتى أو كافرين ،فإن أمراكا بمعصية الله فلا تطعهما ولكن لا تُغضبهما بل صاحبهما في الدنيا معروفاً "وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً"سبحان الله إنها عظمة القرآن ،وآداب دين الإسلام،قال ابن عباس:لا تنفض ثوبك فيصيبهما الغبار. (الطبري15/48 ).وقال مجاهد في قوله تعالى:"ولا تقل لهما أف": إن بلغا عندك من الكبر فيبولان ويخريان فلا تتقززهما،ولا تقل لهما: أف،وأمط عنهما الخراء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيراً ولا يتأففان.فأف وأف وأف لمواقف نسمعها ،وأخبار نقرأها،غريبة على مسامعنا،دخيلة على مجتمعنا،تنكرها قلوبنا،وتتألم لها نفوسنا،تحرق أكبادنا ،وتُدمع عيوننا،تحقيقات كثيرة تلك التي وقفت عليها في عدد من الصحف والمجلات ،يبث فيها الأباء والأمهات همومهم وأحزانهم ،لا أدري كيف أبدأ ،ولا ماذا أختار منها ؟ففي الصفحة الواحد عشرات الآهات،فكيف بالصفحات،بل كيف بالوقائع والأحداث التي نعرفها ونقف عليها:ففي الخط العريض نقلت إحدى الصحف صرخات أم تطلب بر ابنها قبل أن توافيها المنية،وشبهته بالريح الهوجاء وحذرته من عقوق أبنائه ،ومما قالت:"..إن دموع جميع الأمهات تشاركني الآلام والعذاب الذي سببته لي في حياتي يا آلمي،ولن أقول :أملي ..،لقد تفننت معي في أنواع العذاب،سهري أثناء وجودك، قلقي أثناء سفرك،واستعطافي ورجائي لك وأنت أمامي وبقربي،طحنت حبيبات قلبي بعنادك وكبريائك،واستنفدت دموع عينيَ حتى بدأ يخبو نورهما،فأصبحت لا أكاد أحتمل،مزقت مشاعري وأحاسيسي فأصبحت تائهة الفكر لا أكاد أجمع أمري ،ماذا أبقيت لي ؟أطفأت شمعة شبابي،وسرقت الضحكة والبسمة من شفتي ،فتساوت الأفراح والأحزان عندي..إلى أن قالت: ابني حبيبي فلذة كبدي إلى متى أنت تركض وأنا ألهث خلفك ؟وأنت تُحطم وأنا ألملم ما بعثرته ..وختمت بقولها: أخوف ما أخاف عليك أن تُرزق بأبناء يُسقونك الكأس نفسها التي سقيتني منها مضافاً إليها ألمك وحزنك وحسرتك عليَ حين تطلب الصفح فلا تجدني أمامك ..". ووقعتها بكلمة (أمك). وأم أخرى في الستين تقول: أعيش حياة قاسية في رعاية أولادي فكل واحد منهم لا يتحمل وجودي معه في المنزل أكثر من أسبوع ليستقر الحال بي عند أكبرهم الذي خصص لي الملحق الخارجي للسكن،وتتابع والدموع في عينيها:الطعام يقدم إلي في أطباق من ورق وكأنني مصابة بمرض خطير،ما زلت أعاني من هذا السجن ،ولكن أشكر جارتي التي مازالت تقوم علي رعايتي ونظافتي الشخصية فأنا لا أقوى على الحركة.(الرياض 25/4/1423هـ عدد 12430) .وتقول إحدى الأخوات : بعد أن وضعت أمها ذي الخمسة والستين سنة في دار العجزة : لقد عاشت والدتي حياتها بما فيه الكفاية والآن أصبح الدور لأبنائي فقط ؟! آهٍ على البر والأخلاق، إنه العقوق ، ولكن كما قال (ص) :"لتؤدَّن الحقوق يوم القيامة .." ؟! إنها الأم كلمة يخفق لها الوجدان ،الطريق إلى رضا الرحمن ،وإلى الجنة دار الرضوان، وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما:"إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.(الأدب المفرد للبخاري)، فما الذي أستطيع أن أفعله يا أماه لأرضيك ؟وما الذي أستطيع أن أقدمه لأواسيك وأسليك ،فمهما صنعت وربي فلن أستطيع أن أُوفيك أو أجزيك ؟
يا مقلةً سهرتْ ..يادمعةً سُكبتْ يا أنةً جَمُدَتْ من حرِّها النار
أفديك أماه يا نبضَ الهوى بدمي إن كنت لؤلؤةً فالقلب محّار
رباه لا تحرمَنِّي حسنَ طلعتها مالي إذا فُقدت عيناي إبصار
أماه يا بسمةَ الدنيا وزينتَها مشاعري من شموخ الحب تنهار
أنت المليك لكم عرشٌ ومملكةٌ بساح قلبي وتيجانٌ وأسوارُ
أنت السواد بعيني أنت دفء دمي أنت الهوى لقِفَارِ القلب أمطار
أنا الجَحود نسيت الجود من يدكم إني بفضلك يا أماه كفَّار
رضاك عني مُنَى نفسي وغايتها واللهُ ـ إن تغفري يا أم ـ غفار
عباد الله :أما الأباء فيقول أحد هم وقد بلغ ستين عاماً: أولادي عاملوني كالطفل ثم طردوني فأصر عليَ سائقي الهندي أن أقيم معه في عزبته ، واهتم بي كثيراً حتى تمنيت أنه ابناً لي؟! (الرياض عدد12430) .
()وآخر يقول : أخبرني الطبيب بالحقيقة المرة وهي: أن أبنائي رفضوا الحضور لإخراجي من المستشفى وطالبوا بتحويلي لدار المسنين ،فأصر جاري على إخراجي والبقاء معهم ؟!
()وثالث يقول: من المضحك والغريب في نفس الوقت عندما يكون لديك أبناء متعلمون وذو مراكز مرموقة في المجتمع ويتعاملون مع أبيهم بهذا الشكل..يقول:وعلى الرغم من كثرة الخدم في المنزل إلا أن زوجة ابني قد خصصت لي السور لتنظيفه يومياً..؟! إنه العقوق في زمن العلم
والتحضر ؟! ولقد أوكل الكثير منا البر بالأباء والأمهات،للخدم والخادمات، لقد كبرنا وانشغلنا،وأصبحنا وكنا،حتى غاب الاحتساب والتعبد في خدمتهم والقيام عليهم عندما احتاجوا لنا،فعفوك اللهم عنا ؟!
()ورجل في السبعين من عمره يتوكأ على عصاه ،ويجر خطاه حتى وقف على باب السجن فسأل: متى يخرج ابني من السجن ؟فبشره المسئول فقال:في النصف الأول من رمضان !! فرأى الحزن قد بدا على وجه ذلك الأب،فأراد أن يُهون عليه فقال:وقد يشمله العفو فيخرج قبل ذلك ؟ فيفاجأه الرجل الكبير بقوله:الحق أنني لا أريد أن يخرج ابني من السجن ! أتمنى أن يبقى فيه أطول مدة ممكنة،فها أنا كما ترى وأمه كذلك ،وقد أتعبنا كثيراً،وأتلف أعصابنا وأصابنا بالأمراض والأسقام،وفي بقائه في السجن رحمة لنا،فعلى الأقل نعلم أنه في أيدٍ أمينة ،ثم إن خروجه في رمضان سيحرمنا من لذة هذا الشهر الكريم ومن لذة التفرغ للعبادة لكثرة مشاكله.انتهى كلامه.(الجزيرة 24/8/1421هـ /عدد 10280بتصرف من مقال حينما يأتي الشقاء من فلذة الكبد لعلي بن زيد القرون )، وأقرأ أيضاً بالخط العريض: السجن تسعة أعوام وثلاث آلاف جلدة لشاب ضرب والده، الابن دخل السجن أربع عشرة مرة ،والأب أصيب بجلطتين ؟! ويقول الخبر : شاب يبلغ ثمانية وعشرين عاماً ضرب والده عدة مرات وهدد بقتله ..وكان قد أُخذ عليه عدد من التعهدات ألا يتعرض لوالده بأي شر،وإلزامه بالسكن بعيداً عن والده .. وأشار الخبر إلى أن الوالد يعيش دوماً في رعب وخوف واكتئاب نفسي نتيجة المشاكل المتتالية من ابنه العاق .. (الاقتصادية عدد 3282) ،
أما الشيء الذي لا يصدق ولا يعقل ،ولا يمكن أن يكون إلا من مجنون أن تمتد يد العقوق لتستل سكين الخسة والفجور،واللؤم والانحدار،لتطعن الوفاء وتقتل الأباء: أقرأ بلا شعور ، عنواناً يقول:( ابن يقتل أباه أمام محراب المسجد طعناً بالسكين)،فبينما كان المصلين في الجمعة يستمعون للخطيب جلس شاب يبلغ اثنين وأربعين عاماً بجوار والده الذي كان في المحراب كعادته ،فإذا بالولد يُخرج سكيناً ويحتضن أباه،ويطعنه ثلاث طعنات،ليسقط الوالد ميتاً على يد ولده ..؟ ( الجزيرة 29/7/1423هـ /عدد 10965). وآخر يقتل أمه المسنة ،ويحملها في كيس النفيات ليدفنها في خربة بمدينة أخرى ،لكن الله له بالمرصاد فافتضح أمره،فإنا لله وإنا إليه راجعون،
قالوا بعينكَ عبرةٌ قلتُ: الأسى دمعٌ ودمْ
قالوا بقلبك حرقةٌ قلتُ: المواجع تضطرمْ
قالوا حروفُكَ لوعةٌ قلت: الصبابةُ والألـمْ
لا تسألوني فالجوا بُ يزيدُ في قلبي الألـمْ
ولكم وضعتُ يدي على عيني وكسَّرت القلم
ونذرت أن أدع الأسى وعقدتُ نذري بالقسم
لكنني دوماً أعــودُ فأكتب الشكوى بـدمْ
إي وربي فلا أدري أأسكب الدمع أو الدم ؟! أيعقل أيها المسلمون أن يكون هذا بيننا،وفي مجتمعنا،أين آيات القرآن ألا تهز تلك القلوب؟! أين أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ألا تُحرك تلك النفوس ؟! أين تقاليدنا وعاداتنا النبيلة ؟ أين العرفان بالجميل؟! أين الشهامة والرجولة ؟! أين الرأفة والرحمة،أيمكن أن يحملَ هؤلاء كلمة: إنسان ،أم هم كما قال بعض السلف:لا تجد أحداً عاقاً لوالديه إلا وجدته جباراً شقياً.اللهم إنا نبرأ إليك مما يفعل هؤلاء، ونسألك اللهم براً بالأمهات والأباء،واغفر لنا التقصير ببرهم والغفلة عن حقهم.أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب،فاستغفروا إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،وعلى آله وأصحابه ومن والاه ،أما بعد :عباد الله : إننا لا نشك أبدأ أن هناك الكثير والكثير من الصور العجيبة للبر والإحسان بالوالدين، بل هي الأصل في مثل هذا المجتمع المحافظ ،ولكن شهوات الدنيا سودت بعض القلوب ،فكثر عندها العقوق والذنوب،وهي والله نذير شؤم،وناقوس خطر ،"فكل الذنوب يؤخر الله فيها ما يشاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يعجل لصاحبه في الحياة قبل الممات "(البخاري في الأدب المفرد،والطبراني والحاكم )،ومهما كانت الدوافع والأسباب فلا يمكن أن تصل لهذه النهايات البشعة لو كان في تلك النفوس حبة خردل من إيمان،ألم يسمع هؤلاء أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم ، فكيف بمن شتمها وضربها،بل وقتلها نعوذ بالله من الخذلان والخسران، فالوالدان بابان للجنة مفتوحان ،أما سمعتم عن إياس بن معاوية وقد بكى عند موت أمه ؟ فلما سئل عن ذلك ،قال:ولم لا أبكي وقد أغلق عني باب من أبواب الجنة ؟! فرَغِمَ أَنْفُهُ ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ،ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ! قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ:"مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ "،فمن أراد الجنة،و"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"(أحمد بسند صحيح من حديث أَنَس بْن مَالِك ) ،وفي حديث الثلاثة أصحاب الغار ،قصة عجيبة لابن بار ، اسمعوه يقول:" اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا،وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ قبلهما ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَجَ اللَّهُ فَرَأَوْا السَّمَاءَ..".إنه الإحسان للأباء،فأين الأبناء ؟ أين من يريد إجابة الدعاء ؟ لقد كانت حفصة تترحم على هذيل-ابنها-فقد كان يعمد إلى القصب فيقشره ويجففه في الصيف لئلا يكون له دخان،فيؤذيها عندما يوقد لها لتدفأ. سبحان الله يخاف أن يؤذيها الدخان ،إنه الإيمان ،يوم يتحرك في قلب الإنسان!.(البر والصلة لابن الجوزي53،ففيهما فجاهد40).وقال أنس بن النضر: استقت أم ابن مسعود ماءاً في بعض الليالي،فذهب فجاءها بشربة،فوجدها قد ذهب بها النوم،فوقف بالشربة عند رأسها حتى أصبح،مخافة أن تنتبه تريد الماء وهو نائم.(ابن الجوزي ص54).وقال أبو بكر ابن عياش:ربما كنت مع منصور بن المعتمر في منزله جالسا فكان تصيح به أمه وكانت فظة غليظة:فتقول: يا منصور، يريدك ابن هبيرة (الوزير)على القضاء فتأبى،وهو واضع لحيته على صدره ما يرفع طرفه إليها أدباً.(ابن الجوزي ص85.ففيهما فجاهد ص 40). وكان حيوة بن شريح يقعد في حلقته يعلم الناس،فتقول له أمه :قم يا حيوة فألق الشعير للدجاج فيقوم ويقطع حلقة التعليم طاعة لها،ويخشى أن يؤخر ذلك قليلا فيكتب عاقا لها.وابن عوف نادته أمه فأجابها ولكن بصوت مرتفع فندم وأعتق رقبتين ؟! الله أكبر ما أعظم برهم ،وما أرق قلوبهم ،وما أشد خوفهم !!
تاقت إلى الحور والفردوس أنفسُهم فذلّلوا دربهم للخلد تذليلا
تُذيقنا المرَّ دنيانيا وقد وجــدوا طعم السعادة بالإيمان معسولاً
قد أُدخلوا جنة الدنيا فوالهفــي ممن يُقاسي لظى الحرمان مغلولا
معاشر المسلمين: اعلموا أن عبادة الطائعين وإن عظمت،وزهادة الزاهدين وإن كثرت لا توازي يسير العقوق، فإن الله لم يتجاوز للعابد جريج احتجابه عن أمه عندما نادته،وقد كان من أعبد بني إسرائيل وأفضل أهل زمانه،خرقت له العادة وكوشف بالكرامة فقال للمولود:من أبوك ؟ قال: الراعي. ثم عوقب مع ذلك لأنه لم يجب نداء أمه فما الظن بمن كان دونه في الفضل وفوقه في العقوق ؟(الطرطوشي في كتابه بر الوالدين ص 138).وصور عقوق الوالدين تتفاوت،وربما يجهل بعض الناس كثيراً منها:كرفع الصوت عليهما،وحدة النظر إليهما،وإدخال المنكرات في بيتهما،أو التخلي عنهما، وإحزانهما بتأجيل طلبهما أو تأخير قضاء حوائجهما،أو ترك السلام عليهما،أو هجر الحديث معهما،أو هجر الأكل والشرب معهما،أو الانشغال بالقراءة عند لقائهما،أو قلة زيارتهما،أو تقديم رضا الزوجة والأولاد على إرضائهما،بل احرص على كل ما يرضيهما واجتنب كل ما يسخطهما،وأطعهما وأكثر الجلوس معهما أو على الأقل أكثر الاتصال بهما،وقبّل رأسيهما،احرص على قضاء حوائجهما ،لا تعتذر عند طلبهما، بادر بالهدية لهما،لا تسافر إلا بإذنهما،وتفصيل هذا يطول ولكن إن أردت معياراً للهروب من العقوق "فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما،واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً " ،وعند ابن حبان أن جبريل عليه السلام قال:"يا محمد! من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار،فأبعده الله قل آمين، فقلت آمين .فيا معاشر الأولاد والبنات: اتقوا الله في الأباء والأمهات ،فإن برهم يكفر الذنوب والسيئات فعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قَالَ لَا قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَبِرَّهَا "(رواه الترمذي واحمد وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه)،وقال الإمام أحمد رحمه الله :"بر الوالدين كفارة الكبائر" ، ويا معاشر المعلمين والمعلمات ذكّروا الأبناء والبنات بحقوق الأباء والأمهات،ويا من تحملون أمانة الإعلام: أين البرامج والحملات من أجل حقوق الأباء والأمهات ؟! وأنتم معاشر الأباء الله الله بتربية الأبناء على الإيمان والقرآن،وادعوا لهم بالصلاح فدعوة الوالد لولده لا ترد ، وكونوا قدوةً لهم بالصلاح كما قال تعالى :" وكان أبوهما صالحاً" ، وعاملوهم باللين والرفق ،ولا تفرقوا بينهم في العطية أو تُفضلوا بعضهم على بعض،وأحسنوا إلى أبنائكم يُحسن لكم أبناؤكم .وأنتم أيها الأبناء: قوموا اليوم بالذي عليكم،يأتيكم غداً الذي لكم،والجزاء من جنس العمل ؟! اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا،و بارك لهما فيما رزقتهما،وارحمهما وأطل عمرهما،وأصلح عملهما،وآتهما الصحة والعافية، اللهم ارزقنا برهما ،والإحسان إليهما،اللهم اجمعنا بهما في الجنان،برحمتك يارحيم يا رحمن، اللهم وفقنا إلى ما فيه صلاحنا وسعادتنا ونجاحنا في الدنيا والآخرة ،اللهم احفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، واحفظنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ،اللهم انصر المسلمين المستضعفين،وكن عوناً لهم برحمتك يا أرحم الراحمين،وانتقم لهم من الظالمين ،اللهم إن اخواننا في فلسطين محاصرين ومهددين ،اللهم ففك الحصار عنهم ،واجعل لهم من كل ضيق مخرجا،اللهم ثبتهم وانصرهم على عدوك وعدوهم ، اللهم سدد رميهم ،واجعل لهم منفذاً، اللهم لا تجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا ، اللهم عليك باليهود فرق صفهم ، وشتت شملهم ،واملأ قلوبهم رعباً وخوفاً ، وخالف بين قلوبهم ،واضربهم ببعضهم ،وأخرج المسلمين من بين أيديهم سالمين غانمين،إنك على كل شيء قدير،اللهم انصر جندك وكتابك وسنة نبيك ،وأعلي كلمة الحق في كل مكان يارب العالمين،اللهم أصلح ولاة أمورنا،ووفقهم لما تحبه وترضاه وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، واجعلهم نصرة للإسلام والمسلمين، واجمع بهم كلمة المسلمين على التوحيد يارب العالمين.اللهم اشف مرضانا وجميع مرضى المسلمين،وارفع عنهم البلاء برحمتك يا أرحم الراحمين، وصل اللهم على النبي الأمين،وآله وصحبه أجمعين،وخلفائه الراشدين، والحمد الله رب العالمين .


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:05 AM   #84



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً * " أما بعد .. فإن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار عباد الله ، الأمراض التي تصيب الإنسان على نوعين : أمراضٌ تصيب الأبدان ، ومنها نَفِرُّ إلى الطبيب ، فينظر الطبيب في الحال ، وينظر في الأعراض ، ويصف الدواء ، وعلى المريض الأخذ بالأسباب ، ومداومة أخذ العلاج حتى يبرأ بإذن الله ، النوع الثاني : أمراضٌ تصيب القلوب ، وهي أشد فتكاً ، وأشد خطراً من الأمراض التي تصيب الأبدان ، لأنها تؤدي إلى خسارة الدنيا وخسارة الآخرة ، لأنها لا تكتشف إلا عند ساعات الرحيل ، وساعات الاحتضار ، فأمراض القلوب من أشد الأمراض فتكاً بهذه الأمة ، وتشخيص علاج الأمة اليوم ، وتشخيص ومعرفة مرضها قد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم منذ مئات السنين ، حين قال : (( تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، قلنا : أومن قلةٍ نحن يومئذٍ يا رسول الله ؟ قال : بل أنتم كثير ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل ، وليوشكن الله أن ينزع من صدور أعداءكم المهابة ، ويقذف في قلوبكم الوهن _ هذا هو المرض _ ، قلنا : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت )) من الأمراض التي ابتليت بها الأمة في أقصى الأرض ، وفي أدناها اليوم ، مرضٌ يقال له : طول الأمل ، ومن أطال الأمل أساء العمل الله يقول : " ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ " هذا من أشد الأمراض فتكاً بالأمة اليوم ، كانوا يتواصون فيما بينهم البين سابقاً (( احرص على الموت توهب لك الحياة )) ، واليوم الناس لا تُبالي أي حياةٍ تحياها ، المهم أنها تحيا بأي حالٍ من الأحوال ، يصبح المسلم ويمسي وهمه الدنيا وحطامها ، يغدو ويروح من أجل دنياه ، وهذا واضحٌ في صلاة الفجر عند المسلمين ، انظر بارك الله فيك إذا أذن المؤذن ونادى المُنادي ، خرجت فئة قليلة تبتغي ما عند الله ، وآلافٌ مؤلفة تغط في سباتٍ عميق يا غافلاً عن العمل .. وغره طول الأمل الموت يأتي بغتةً .. والقبر صندوق العمل ولكل مرضٍ أعراض تظهر على هذا المريض ، لطول الأمل أعراضٌ منها : حب الدنيا والجهل ، فإن المسكين إذا تعلق بالدنيا ، تعلق بشهواتها ، أصبح من الصعب عليه أن يفارقها ، إذا تعلق بالحطام ، وتعلق بما في الدنيا ، أصبح من الصعب عليه أن يفارقها ، وإذا ذُكِرَ الموت عنده كَرِهَ ذلك ، لأنه يقطع عليه شهواته ، ويقطع عليه لذاته ، ويقطع عليه الاتصال بدنياه علمنا قرآننا ، وعلمنا نبينا صلى الله عليه وسلم كيف يكون التعامل مع الدنيا ، قال الله مشبهاً هذه الدنيا ، ولعلك قرأت سورة الكهف في جلوسك قبل الصلاة ، حين قال الله مصححاً مفاهيم الناس ، مصححاً معتقدات الناس : " وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا " ، هذه هي الحياة ، شُبهت بالماء ، لأن الماء لا يستقر على حالٍ واحدة ، والماء لا يستقر في مكانٍ واحد ، ومن خاض في الماء أصابه البلل لماذا سورة الكهف ؟ ولماذا من الجمعة إلى الجمعة ؟ لأنها تصحح المفاهيم ، تصحح المعتقدات ، تربط الناس برب الأرض والسماوات ، أما قال الله في أوائل السورة : " إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً " ، أما قرأت هذا ؟ أما قرأت هذه الآيات ؟ " إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا " الحياة الحقيقية التي لابد أن نحياها " الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا " يا عجباً للناس لو فكروا .. وحاسبوا أنفسهم أبصروا وعبروا الدنيا إلى غيرها .. إنما الدنيا لهم معبر لا فخر إلا فخر أهل التقى .. غداً إذا ضمهم المحشر ليعلمن الناس أن التقى .. والبر كانا خير ما يدخر قال الله جل في علاه : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ " فالتعلق بالدنيا هو من أسباب طول الأمل ، إذا أنِسَ إلى الدنيا ، وأنِسَ إلى لذاتها تعلق بها وبما فيها ، وإذا ذُكِر الموت كان ذكر الموت من أصعب الأشياء عليه ، لأنه يقطع عليه لذاته وشهواته علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكون التعامل مع الدنيا ، فقال بأبي هو وأمي : (( مالي وللدنيا ، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سافر في يوم صائف ، فاستظل تحت شجرة ساعةً ، ثم راح وتركها )) ، ثم علمنا كيف نتعامل مع الدنيا فقال : يا ابن عمر ، (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) من هو الغريب أحبتي ؟ الغريب ، الذي لا مال له ، ولا وطن له ، ولا أهل له ، يشتاق دائماً إلى لقاء أهله ، والعودة إلى دياره وأوطانه ، هكذا حال الغريب قال ابن القيم رحمه الله : وقد زعموا أنَّ الغريب إذا نأى .. وشطت به أوطانه فهو مغرمُ وأي اغترابٍ فوق غربتنا الَّتي .. أضحت لها الأعداء فينا تحكم الغريب ، من لا أهل له ، ولا وطن له ، يشتاق دائماً للرجوع إلى أهله فحي إلى جنات عدنٍ فإنها .. منازلنا الأولى وفيها المخيم ولكننا سبي العدو فهل ترى .. إلى أوطاننا نعود ونسلم من صفات الغريب ، أنه لا يتطاول في البنيان ، متاعه قليل ، زاده قليل ، أخذه من الدنيا قليل ، لأنه على سفر ، انظر في حالنا ، انظر في تطاول الناس في البنيان قال أبو حامد الغزالي رحمه الله : والمقصد من البنيان جدرانٌ أربعة ، تضم الصغير والكبير، تحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء ، ومن أعين الناس هذا هو المقصد من الجدران ، انظر بارك الله فيك ، تُنفق الأموال تلو الأموال ، تلو الأموال في تزيين الجدران ، وتزيين الأسقف ، سبحان الله قال الله : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " ، وهو الذي حيزت له الدنيا بما فيها يقول الحسن البصري : دخلت بيوت النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بحين ، دخلتها لم تتغير هي على ما هي عليه ، رفعت يدي لامست سقف المكان ، نظرت في جدرانها ، نظرت في أثاثها ، فإذا بجدرانها من الطين والجريد ، نظرتها طولاً وعرضاً ، فإذا هي لا تتعدى أمتار قليلة وهو الذي حيزت له الدنيا بما فيها ، (( يدخل عليه عمر رضي الله عنه وأرضاه ، وقد أثر الحصير على جنبه ، فيبكي عمر متأثراً ، فيقل : بأبي أنت وأمي ، أنت أحب البشر إلى الله ، وملوك فارس والروم تنعم بالوثير والحرير ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم _ مصححاً لعمر _ : يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ )) كيف تعامل مع الدنيا بأبي هو وأمي ؟ تقول عائشة : (( يمر الهلال ، ثم الهلال ، ثم الهلال ، لا توقد نار في بيوت النبوة ، قلت يا خالة ما طعامكم ؟ قالت : الأسودان التمر والماء )) ، ما شبع آل محمدٍ من خبز الشعير ثلاثة أيام متتالية ، تخبز فاطمة خبيزاً في مرة من المرات ، فتأتي إلى أبيها بكسرة خبزٍ فيأكلها ويقول : (( والله يا فاطمة أيامٌ ثلاثة لم يدخل في بطن أبيك طعام )) ، هكذا عاش الغريب بارك الله فيه ، هكذا عاش من يريد ما عند الله تبارك وتعالى ، خيره الله بين الملك والرسالة ، وبين العبودية والرسالة ، فجاءه جبريل قال : (( معي ملك الجبال يحول لك جبال مكة ذهباً وفضة ، إن شئت يا محمد جعلك الله ملكاً رسولاً ، وإن شئت جعلك عبداً رسولاً )) ، فاختار العبودية مع حمل الرسالة ، قال : (( بل عبداً رسولاً ، أشبع يوماً فأحمد الله ، وأجوع يوماً فأحمد الله )) ، فماذا غير في الأمة وبدلت من بعده ؟ يقول سعيد بن المسيب رحمه الله : لما هُدمت بيوت النبوة ، ما رأيت باكياً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كما رأيت في ذلك اليوم ، ليتهم أبقوها حتى تأتي الأمة من مشارق الأرض ومغاربها وترى كيف كانت حياة نبيها صلى الله عليه وسلم ، هو الذي علمنا وأمرنا بالاغتراب في هذه الحياة من أعظم أسباب طول الأمل : حب الدنيا ، وهو المرض العضال الذي أعيا الأولين وأعيا الآخرين ، من أسباب طول الأمل بارك الله فيك : الجهل بحقيقة هذه الحياة ، الحقيقة التي لابد أن يعيها كل واحدٍ منا ، أننا في هذه الدنيا ضيوف ، وأننا على وشك الرحيل ، طال الزمان أو قصر كم هي مدة الضيافة ؟ الله بها عليم " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ " فالجهل من أعظم أسباب طول الأمل ، فإن الشاب بجهله يُعَوِّلُ على شبابه ، وعلى قوته ، تناسى المسكين أن أكثر من يموت هم الشباب أرسلت إلي رسالة منذ أيام ، يقول كاتبها : خرجت في عصر هذا اليوم أهنيء جيراناً لي في مولودٍ جديد ، وأعزي الآخرين في وفاة ابنٍ من أبناءهم ، قلت : هكذا سنة الحياة ، أناسٌ تحيا ، وأناسٌ تموت ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ، ولن تجد لسنة الله تغييرا سبحان الله ، ندفن الموتى ، ونودع الموتى ، ولا نعتبر ، نظن أن الموت قد كتب على الآخرين ولم يكتب علينا يقول ثابت البناني : كنا إذا صرنا في جنازة ، لا نرى إلا باكياً متقنعاً ، وكنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين انظر في جنائزنا اليوم ، ترى الضاحكين والمبتسمين يمنةً ويسرة ، انظر في جنائزنا اليوم حتى ترى عجب العجاب ، إن لم يكن الموت يغير في طباعنا ، ويغير في سلوكنا ، ويجعلنا نستعد للقاء الله تبارك وتعالى ، فأي واعظٍ يعظنا ؟ فأي واعظٍ يعظنا إن لم يكن الموت هو الذي يغير في حياتنا ؟ فالشاب يُعَوِّلُ على شبابه ، تناسى المسكين أن أكثر من يموت هم الشباب ، حتى يموت شيخٌ واحد ، على مدى عمر هذا الشيخ ، كم يموت من الشباب والأطفال والصغار والكبار ؟ والشيخ الكبير يُعَوِّلُ على قوته ، يُعَوِّلُ على صحته ، غداً أستقيم ، غداً أرتبط بالمساجد ، إذا انتهيت من هذه السفرة ، إذا انتهيت من بناء هذا البيت ، ولا يزال المسكين يمني نفسه ، ويسوف ويؤخر حتى يأتيه الموت على حين غرة اتفق أهل العلم قاطبة على أن الموت ليس له مكانٌ معين ، ولا زمنٌ معين ، ولا عمرٌ معين ، ولا سببٌ معين ، يأتيكم بغتة وأنتم لا تشعرون هو الموت ما منه ملاذٌ ومهرب .. متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب نشاهد ذا عين اليقين حقيقةً .. وكأننا بما علمنا يقيناً نكذب إلى الله نشكو قسوةً في قلوبنا .. وواعظ الموت فينا كل يومٍ يندب نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها .. وعل الردى مما نرتجيه أقرب جلس ثلاثةٌ يتدارسون طول الأمل ، فقال أولهم : أما أنا فأملي قصير ، قالوا : وما أَمَلُكَ أنت ؟ قال : والله ما رأيت الهلال إلا قلت : لا أدرك الهلال الذي بعده ، فقال صاحباه : تؤمل أن تعيش شهراً ؟ والله إنه لأملٌ طويل ، فقيل للثاني : وما أَمَلُكَ أنت ؟ قال : والله ما أدركت جمعة إلا قلت : لا أدرك الجمعة التي بعدها ، فقال صاحبه : تؤمل أن تعيش أسبوعاً كاملاً ؟ والله إنه لأملٌ طويل (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) فكان ابن عمر يحقق هذا واقعاً ملموساً في حياته ، فيقول : (( فإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وخذ من حياتك لموتك ، ومن صحتك لمرضك ، فإنك يا عبد الله لا تدري ماذا يكون اسمك غداً )) هذا يؤمل شهراً ، وهذا يؤمل أسبوعاً ، فقال الثالث : إن أملكم طويل ، قالوا : وما أَمَلُكَ أنت ؟ قال : والله ما أخذت نفساً إلا ظننت أني لا أرده . قال علي رضي الله عنه : أخوف ما أخاف عليكم اثنتين : طول الأمل واتباع الهوى ، أما طول الأمل فينسي الآخرة ، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق (( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا )) كان حبيب الحارثي يقول لأهله : إذا مت اليوم ، فاذهبوا إلى فلان يغسلني ، اذهبوا إلى فلان يكفنني ، اصنعوا كذا ، اصنعوا كذا ، فقيل لها : رؤيا رآها ؟ قالت : لا ، في كل يومٍ يقول مثل هذا الكلام وكان صفوان بن سليم كان رحمه الله لا يكاد يفارق المسجد أبداً ، وإذا أراد الخروج من المسجد بكى ، فقيل له : مالذي يبكيك ؟ قال : أخاف أن لا أرجع إليه مرةً ثانية وكان آخر يقول : والله ما نمت نومةً إلا ظننت أني لا أستيقظ بعدها أبداً قال سلمان الفارسي : عجبت من ثلاثة ، ضاحكٌ مؤملٌ للدنيا والموت يطلبه ، وضاحكٌ ملء فيه لا يدري ربه راضٍ عنه أو ساخطٌ عليه مر شيخ الإسلام على مجموعةٍ من الرجال والصبيان ، يضحكون ويغنون ومعهم معازف وطرب ، فقال لهم : إن كان هذا طريق الجنة فأين هو طريق النار ؟ تظهر علامات قصر الأمل في المبادرة إلى الأعمال ، في المسارعة إلى الخيرات ، يظهر قصر الأمل ، وكثيرٌ يدعي أنه قصير الأمل ، لكن الأفعال لا تصدق الأقوال ، اصدقني بالله العظيم إن كنت صادقاً أنك قصير الأمل ، أين صليت الفجر اليوم ؟ إن كنت صادقاً ، وتدعي أنك على استعداد ، وأنك تريد النجاة ، وتأخذ بالأسباب ، أين صليت الفجر اليوم ؟ في صفوف النائمين ، أم كنت في ذمة رب العالمين ؟ كثيرٌ يدعي أنه قصير الأمل ، ولكن الأفعال لا تصدق الأقوال نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم الحمد لله على إحسانه ، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، الداعي إلى رضوانه ، صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وصحبه وإخوانه ، أما بعد أحبتي .. فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ، اتقوا الله عباد الله " وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ " اتصل أحد أقاربي على أهله ظهراً ، في الساعة الواحدة تماماً ، وقال لهم : إني قد استأذنت من العمل مبكراً ، فما هي طلباتكم ؟ ما هي حاجياتكم ؟ فأملوا عليه الطلبات ، نريد كذا ، ونريد كذا ، ونريد كذا ، قال : ساعةً واحدة وأكون عندكم ، مرت الساعة ، والساعة الثانية ، والثالثة ، ثلاث ساعات متتالية ، ثم الرابعة ، ولم يظهر له أثر ، قبيل المغرب بقليل ، اتصل متصلٌ من المستشفى ، يقول لأهله : عظم الله أجركم في فلان _ والله أعرفه تمام المعرفة ، وأعرف قصة هذه المكالمة _ سأصل إليكم بعد ساعةٍ واحدة ، فمرت الساعات ، ولم يظهر له أثر ، قبيل المغرب بقليل اتصل متصلٌ ، يقول لهم : عظم الله أجركم في فلان ، في ساعة خروجه من مكان عمله ارتطمت سيارته بسيارةٍ أخرى ، وفارق الحياة السؤال الذي أسالك إياه : هل كان يظن حين رفع سماعة الهاتف أنها آخر مكالمة بينه وبينهم ؟ أسألكم بالله العظيم ، هل كانوا يظنون وهم يملون عليه الطلبات أن الطلبات لن تصل ؟ بل الذي يحمل الطلبات لن يصل ؟ هل خاطبت نفسك يوماً ، وأنت تخرج في الصباح ، وقلت : لعلي لا أرجع إلى البيت مرةً ثانية ؟ هل خاطبت نفسك ليلاً ، وأنت تقول : لعلها تكون آخر ليلة في الحياة ؟ إلى متى ؟ إلام تسهو وتني .. ومعظم العمر فني فيما يضر المقتني .. ولست بالمرتدع أما ترى الشيب وخط .. وخطّ في الراس خطط ومن يلح وخط الشمط .. بفوده فقد نعي ويحك يا نفس احرصي .. على ارتياد المخلص وطاوعي وأخلصي .. واستمعي النصح وعي واعتبري بمن مضى .. من القرون وانقضى واخشي مفاجأة القضا .. وحاذري أن تخدعي وانتهجي سبل الهدى .. وادكري وشك الردى وأن مثواك غداً .. في قعر لحد بلقعِ من منا إذا أصبح حدث نفسه أنه لن يمسي ؟ ومن منا إذا أمسى حدث نفسه أنه لن يصبح ؟ نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها .. وعل الردى مما نرتجيه أقرب جلس زيد بن عبد الرحمن مع نفرٌ من أصحابه ، من بينهم غافلٌ لا يعلم بغفلته إلا الله ، فقال : يا أبا فلان ، _ والله الذي لا اله إلا هو كأنه يخاطبنا _ ، قال : يا أبا فلان ، الحال التي أنت عليها ، ترضاها للموت ؟ قال : لا ، قال : هل نويت أن تغير هذه الحال إلى حالٍ ترضاها للموت ؟ قال : ما اشتاقت نفسي بعد ، قال : وهل تضمن أن لا يأتيك ملك الموت على هذه الحال ؟ قال : لا ، قال : وهل بعد هذه الدار ، دارٌ فيها معتمد ؟ قال : لا ، قال : والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال أليس هذا هو حال الكثير اليوم ؟ تخلفٌ عن الصلوات ، واقترافٌ للمناهي والمحرمات ، أعمارهم تنقضي أمام شاشات وقنوات متى نعرف قيمة الأعمار ، وقيمة الأوقات ؟ " حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ " لا نعرف قيمة الأعمار ، إلا إذا انتهت الآجال ، وانقضت الأعمار ، ينادون بأعلى الصوت ، رباه ارجعون ، فلا يستجاب لهم ، حيل بينهم وبين ما يشتهون ، أنت يا ابن آدم ابن لحظاتٍ ثلاث ، لحظةٌ مضت بكل ما فيها ، كتب عليك ما كتب فيها ، إما لك وإما عليك ، ولحظةٌ قادمة ، لا تدري تدركها أو لا تدركها ، فأنت لست من أهلها ، ولحظةٌ تحياها ، أنت ابن تلك اللحظة ، اللحظة التي ذهبت سطرت بكل ما فيها ، واللحظة القادمة أنت لا تدري تكن من أهلها أو لا تكون ، أنت ابن الآن ، أنت ابن اللحظة التي تحياها الآن فمتى ستتوب ؟ متى سنتتظم في صفوف المصلين ؟ متى ستكون من أهل القران ؟ متى ستتعود على الصيام والقيام ؟ يقول الحسن البصري : إن أقواماً غرتهم الحياة الدنيا ، فخرجوا منها بلا رصيد ، خرجوا منها بلا رصيدٍ من الحسنات ، يقولون : إننا نحسن الظن بالله ، قال : كذبوا ، كذبوا ، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل ، لكن ، " ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ " فإذا علمنا أن السبب هو الجهل ندفعه بالعلم ، العلم بالآخرة ، " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ " ، " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ " ، الجهل يدفع بالعلم ، في مجالس الصالحين وفي مجالس الذكر يدفع الجهل والغفلة التي يحياها كثيرٌ من الناس عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، ودخل أهل النار النار ، جيء بالموت على صورة كبشٍ أقرنٍ أملح بين الجنة والنار ، فيقال : يا أهل الجنة تعرفون هذا ؟ فيشرئبون فينظرون يقولون : نعرفه ، هذا هو الموت ، ثم ينادى بأهل النار ، يا أهل النار تعرفون هذا ؟ فيشرئبون فينظرون يقولون : نعم نعرفه ، هذا الموت ، فيؤمر به فيذبح بين الجنة والنار _ حتى الموت سوف يموت _ فيؤمر به فيذبح ، ثم ينادى بأهل الجنة ، يا أهل الجنة خلودٌ فلا موت ، وينادى بأهل النار ، يا أهل النار خلودٌ فلا موت )) ثم قرأ صلى الله عليه وسلم : " وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ " فالجهل يدفع بالعلم ، والشيء يدفع بضده ، أما حب الدنيا فهو المرض العضال ، الذي أعيا الأولين وأعيا الآخرين ، ولا علاج له إلا الإيمان بالله وباليوم الآخر ، ولا علاج لإخراج هذا المرض العضال إلا الإيمان بالله وباليوم الآخر ، ألا إني نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها ، فإنها تذكركم بالآخرة يقول الناظم عن الدنيا : وإن هدمت فزدها أنت هدماً .. وحصن أمر دينك ما استطعتا ولا تحزن على ما فات منها .. إذا ما أنت في أخراك فزتا أراك تحب الدنيا وهى ذات غدرٍ .. أبَتّ طَلاقَها العقلاء بتّا وتطعمك الطعام وعما قليلٍ .. سَتَطعم منك ما منها طعمتا تفر من الهجير وتتقيه .. فهلا من جهنم قد فررتا فإنك لا تطيق أهونها عذاباً .. ولو كنت الحديد بها لذبتا اتقوا الله عباد الله ، الذي يحدث في بلاد المسلمين يمنةً ويسرة ، لابد له من وقفة ومراجعة حسابات يرضيك الذي يحدث لإخواننا في فلسطين ؟ يرضيك ما يحدث هناك ؟ تهدم بيوتهم ، أنا وأنت نصبح على طعامٍ وشراب ، وبين أهلينا وصغارنا ، وهم يصبحون ويمسون على أصوات المدافع والدبابات ! يرضيك ؟ ليس العجب ما يحدث هناك ، والله ليس عجب ما يحدث هناك ، ما يحدث هناك بفعل اليهود ولا عجب ، لكن الذي يحدث الصمت المطبق على العالم ، بلا استنكار وبلا تشجيب ، العجب غفلتنا عما يحدث لهم هناك ، العجب تفكك البنيان الذي كان في يومٍ من الأيام جسداً واحداً القدس بصوت الحزن تنادي : أيا عرب أأنتم قولٌ والعمل صعب المنال ؟ أين عمر ؟ أين صلاح الدين ؟ أين هؤلاء الأبطال ؟ أين من يحمي أغصان شجرة الزيتون من أفعالٍ نجستها أسوأ الأفعال ؟ أين من يحمي أطفالاً في حضون أمهاتهم ، ربما كانوا في الغد من سادة الأجيال ؟ هل تفكك بنيانٌ يشد بعضه بعضاً ؟ أين أنتم يا عرب القول ؟ أين أنتم ، أم أنتم شعبٌ تخافون القتال ؟ هل تفكك بنيانٌ يشد بعضه بعضاً ، أم سقط النسر من أعالي الجبال ؟ لا عجب ما يحدث هناك ، لكن العجب من أحوال المسلمين ، لا تتغير ولا تتبدل ، أفيقوا ، أفيقوا ، أفيقوا يا رقود ، قبل أن ننادي بأعلى الصوت فلا يستجاب لنا ، إن السكوت عن مآسيهم إثمٌ آخر تتحمله الأمة من أدناها إلى أقصاها ، إن السكوت وعدم التعاطف مع ما يحدث هناك إثمٌ يتحمله الجميع بدون استثناء ، أليس ما يحدث هناك بسبب تقصيرنا نحن ؟ إن كنا نظن أننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، لكنها الغفلة وطول الأمل " وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا " أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يردنا إليه رداً جميلاً ، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، اللهم حبب إلينا الإيمان ، وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا يا ربنا من الراشدين ، اللهم ارفع عن إخواننا في العراق وفي فلسطين ، وفي الشيشان وكشمير ، وفي الفلبين وأفغانستان ، اللهم رحماك بالشيوخ الركع ، والأطفال الرضع ، والبهائم الرتع ، اللهم كن لهم عوناً وظهيراً ، ومؤيداً ونصيراً ، اللهم قل الناصر وقل المعين ، اللهم آثرهم ولا تؤثر عليهم ، اللهم زدهم ولا تنقصهم ، أكرمهم ولا تهنهم يا رب العالمين ، اللهم انصر من نصرهم ، واخذل من خذلهم يا رب العالمين ، اللهم عليك باليهود الغاصبين ، والنصارى الحاقدين ، والوثنيين وأعداء الملة والدين ، ندرأ بك في نحورهم ، ونعوذ بك اللهم من شرورهم ، اللهم اشدد وطأتك عليهم ، إنهم لا يعجزونك يا قوي يا عزيز ، اللهم رد الشباب والشيب إليك رداً جميلاً يا رب العالمين ، طهر بيوتنا من الشاشات والقنوات ، وأسواقنا من الفواحش والمنكرات ، واملأ مساجدنا وبيوتك يا رب العالمين بالمصلين والمصليات عباد الله ، " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، " وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ "


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:06 AM   #85



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه ..
عباد الله .. أوصيكم ونفسي بتقوى الله وتعاهد كتاب الله جل في علاه وادعوا الله صباح مساء أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وجلاء أحزاننا وهمومنا ..
عباد الله .. أجمع العلماء على أن من أهان القرآن الكريم فإن كان من المسلمين فهو كافر مرتد يجب أن يقام عليه الحد ، وإن كان من الكفار فهو محاربٌ يجب قتاله ويلحق بهذا الحكم من رضي بهذا الأمر أو صدر منه ما يدل على الفرح به أو تأييده أو الدفاع عن فاعله وهذا أمرٌ عظيم ..
عباد الله : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " فتكفل الله وتعهد بحفظه فلم يستطع أحدٌ أن يغير فيه أو يبدل ، وكلما حاول أعداء الله أن يكيدوا لهذا القرآن بالتحريف أو التبديل فضحهم الله وبين كيدهم ومكرهم وهذا الذي جعلهم يتطاولون على قرآننا حقداً وحسداً وغيظا ، ووالله إن ما نقلته وسائل إعلامهم عن تطاولهم على القرآن لجانبٌ من حفظ الله لكتابه ففضحوا بعضهم بعضاً وأظهر الله وكشف جريمتهم وإن انتقامه منهم لقريبٌ شديد ومهما فعلوا سيظل قرآننا قوياً وحجةً على المكذبين والمعاندين وسيظل صامداً أمام حقدهم ومؤامراتهم رغم ضعف أمتنا وتكالب الأعداء عليها من كل حدبٍ وصوب ، ورغم نفاق المنافقين ورغم أنف الحاقدين ورغم خيانة الإعلاميين من فاسقاتٍ وفاسقين لازال إسلامنا بقيادة قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم هو المؤثر الأول على البشر .
ولك هذا الخبر فالإحصائيات تقول : من بعد أحداث سبتمبر إلى يومنا هذا زادت الطلبات على القرآن المترجم والكتب التي تتحدث عن الإسلام ويتوقعون أن يصل عدد المسلمين في أمريكا خلال سنواتٍ قليلة أكثر من عشرين مليون .. هذا الذي أغضبهم فلم يستطيعوا أن يخفوا حقدهم وصدق الله حين قال لنا عنهم : " وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ "
كلما ظنوا أنهم تمكنوا من الإسلام وأهله هزمهم حملة القرآن وأذاقوهم الذل والهوان وألبسوهم ثياب الخزي والعار فلم يجدوا إلا أن يصوبوا حقدهم على قرآننا لأنهم يعلمون أنه أغلى من أعمارنا فلم يجدوا إلا أن يصبوا حقدهم وجام غضبهم على قرآننا لأنهم يعلمون أنه أغلى من أعمارنا ، إنها عظمة القرآن التي ذلت لها الرقاب وأزالت صمم الأذان وفتحت آياته أقفال القلوب ، إنها آيات القرآن التي لو تنزلت على الأرض أو على الجبال لصدعتها وقطعتها .. قال الله : " وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ "
لقد تحداهم الله منذ أن نزلت أول الآيات فقال لهم اجمعوا جنكم وإنسكم وأولكم وآخركم وأتوا بمثله أو بعشر سورٍ مثله أو بسورةٍ مثله فعجزوا ولا زالوا عاجزين ولا زال التحدي قائماً إلى يوم الدين .. قال الله : " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا "
وقال أيضاً : " أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "
وقال الله : " وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَٰفِرِينَ "
كَفَى وحَسْبُكَ بالقُرْآنِ مُعْجِزَةً * * * دامَتْ لَدَيْنَا دوامًا غيْرَ مُنْصَرِمِ
مُهَيْمِنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ * * * مُصَدِّقًا جاءَ فِي التَّنْزِيلِ فِي القِدَمِ
فيهِ التفاصِيلُ للأحْكامِ مَعْ نَبَأٍ * * * عمَّا سَيأتِي وعنْ ماضٍ مِن الأمَمِ
فانْظُرْ قَوارِعَ آياتِ الْمَعادِ بِهِ * * * وانْظُرْ لِما قَصَّ عَنْ عادٍ وعنْ إرَمِ
وانْظُرْ بهِ شَرْحَ أحْكامِ الشَّريعَةِ هلْ * * * تَرى بِها مِن عَويصٍ غَيرِ مُنْفَصِمِ
اللهُ أكْبَرُ ما قدْ حازَ مِن عِبَرٍ * * * ومِـن بَيانٍ وإعْجازٍ ومِن حِكَمِ
واللهُ أكْبَرُ إذْ أعْيَتْ بلاغَتُهُ * * * وحُسْنُ تَرْكِيبِهِ للعُرْبِ والعَجَمِ
أحبتي .. كيف أسلم ذلك القس ؟ رواها لنا باختصار قائلاً : تخرجت من الفاتيكان معقل التنصير في العالم ، وبدأت أتنقل من بلدٍ إلى بلد لتنصير المسلمين وكانت أكثر زياراتنا لمصر فإنها مصدرٌ من مصادر قوة المسلمين ، ثم جلست يوماً مع مجموعة من القساوسة والمبشرين فقلت لهم : لقد طفنا أكثر بلاد الأرض ولم يبقى إلا جزيرة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لم تصل إليها دعوة المسيح ، ولا بد من اقتحامها فهي معقل الإسلام العنيد فخططت ودبرت للوصول والحصول على طريقة أدخل بها إلى تلك البلاد ( يعني إلى بلادنا المباركة ) فنجحت في ذلك ، فلما وصلت بدأت أبحث عمن يعطيني نسخةً مترجمةً للقرآن لأكتشف أسرار الإسلام وأتعرف على أخطاء القرآن فتكون هي طريقي لتنصير المسلمين ومحاججتهم ، سألت هذا وطلبت ذاك ولكنهم تأخروا علي .. ( مما يدل أحبتي على تقصيرنا في دعوة الآخرين ) ، يقول : وأنا على أحر من الجمر فأنا في مهمةٍ من أجل دين المسيح ابن الله ولا زلت أطلب القرآن المترجم حتى وصلت النسخة ، فأخذتها وأغلقت الأبواب وجلست ولا أحدٌ يراني إلا الله ، بدأت أقرأ وفي نيتي تتبع واستخراج الأخطاء فإذا بسورة الفاتحة تحيرني وتأخذني إلى عالمٍ آخر ، ثم أول صفحة من سورة البقرة تتحداني وتخبرني أن هذا الكتاب خالٍ من الأخطاء .. تتحداني أوائل سورة البقرة قائلةً لي أن هذا الكتاب خالٍ من الأخطاء مما زاد في حرصي على القراءة والتدبر وبدأت أقفال الكفر تنحل وتنفتح وبدأ ظلام الشرك ينجلي ، وبدأت أمطار الهداية بالنزول ، وبدأ القرآن يجاوبني على كل الأسئلة والاستفسارات ، وبدأت أقول لنفسي : من هذا الذي يتحداني ؟ ومن هذا الذي عنده كل هذه القدرة وكل هذه الصلاحيات حتى يتكلم في ملكوت الأرض والسماوات ؟ فجاءني الجواب من أعماق قلبي .. إنه الله جل جلاله .. إنه الله الذي قال : بسم الله الرحمن الرحيم : " تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً * لَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً "
إنه القرآن الذي حير الأفهام والعقول وكسر القيود والأغلال .. اسمع وقل معي ما أجمل هذا الكلام : بسم الله الرحمن الرحيم : " الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد ِ* اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ "
سألته الذي كان قساً في يومٍ من الأيام : كم استغرق إسلامك ؟ قال : فقط أيام ، قلت أنا يا الله .. ما أقوى الحق ، كما قال الله : " بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ " يقول : كلما خطر على بالي سؤال ولبس علي الشيطان وجدت الجواب في القرآن ، يقول وجدت أجوبةً كثيرةً في قوله تعالى في أول سورة البقرة :" وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ "
وانطلق الذي كان قسيساً أحبتي في يومٍ الأيام انطلق منذ أن أعلن إسلامه داعياً إلى الله وباذلاً كل قواه للدعوة على الإسلام ونصرة القرآن .. فاسمع الإنجازات في سنوات :
أسلم على يديه عشرات الآلاف من النصارى والأمريكان في كل مكان ، واسمع الذي أغاض عباد الصليب الأمريكان وجعلهم يتطاولون على القرآن ، يقول : أقسم بالله لما جاءت قواتهم إلى جزيرتنا منذ سنوات لم يرجعوا إلا وقد أسلم منهم أكثر من سبعة وعشرين ألفاً ولا زلنا نمدهم بعشرات الآلاف من المصاحف والكتيبات ولا زلت أستلم عشرات الرسائل يومياً والاستفسارات ..
فدعهم يعضوا على الحَصَى كمداً *** من مات من الغيظ منهم له كفن
إنه القرآن الذي صنع خير أمةٍ أخرجت للناس يوم أن كان القرآن أخلاقها بالنهار وكان القرآن ألحانها بالليل .. كما قال الله واصفاً عباد الرحمن في سورة الفرقان :" وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا " .. هذا بالنهار ، أما بالليل : " وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا " ما هو دعاؤهم وما هو سؤالهم ؟ يقولون ويتضرعون : " رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً " ثم يبين الله شيئاً من أخلاقهم وبعضاً من أعمالهم فيقول : " وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا " ثم زاد الله في وصف أخلاقهم وأعمالهم فقال :" وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا " ومن أعظم صفاتهم كما قال الله : " وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " فهل ضيع الله دعاءهم ؟ حاشا وكلا وتعالى الله ، بل كان عند حسن ظنهم فأجاب دعاءهم وقبل توبتهم وأمن خوفهم وأعطاهم سؤلهم فقال : " أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا "
هذا حالهم مع القرآن ، فكيف هو حالنا ؟
إِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ حُبِّي فَلِمْ هَجَرْتَ كِتَابِي
أَمَا تَأَمَّلْتَ مَا فِيه مِنْ لَذِيذِ خِطَابِي
قال الفضيل : ما ثم معصيةٌ ومصيبةٌ أعظم من مصيبتنا يتلو أحدنا القرآن ليلاً ونهاراً ولا يعمل به ، وكله رسائلٌ من ربنا إلينا ..
قلت آهٍ ثم آهٍ ثم آه لو رأى حالنا ونداءات ربنا تنادينا في كل مكان .. كانوا إذا سمعوا يا أيها الناس ، قالوا : نحن الناس ، كانوا إذا سمعوا الله يناديهم يا أيها الناس ، قالوا : نحن الناس ، فماذا تريد منا يا ربنا ؟
إنه القرآن نور الليل وهدى النهار .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا "
وقال صلى الله عليه وسلم : ( اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة )
ادعموا القرآن ، ادعموا حلقات القرآن وجمعيات القرآن ، وربوا أبناءكم على أخلاق القرآن ، وعلى حب القرآن ، وعلى حب آيات القرآن ، وعلى العمل بالقرآن .. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:07 AM   #86



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



سألت صاحبي ..
أين صليت الفجر اليوم ؟
لم يستطع الإجابة .. توجه خلف السيارة توضأ ثم صلى !
سبحان الله .. سبحان الله
لم يبقى على صلاة الظهر إلا قليل وصاحبي لم يصلي الصبح إلى الآن !
أي حياة هذه ؟ وكيف سيكون حاله لو مات على هذه الحال ؟ وفي ذمة من سيكون ؟
إن صلاة الفجر تشتكي هجراً ومقاطعةً من شباب المسلمين وشيبهم ونساءهم وأطفالهم ..
إنك لتحزن أشد الحزن على حال الأمة وهي تمر في أحلك الظروف وأشد المواقف وإلى الآن لم ترجع إلى ربها ..
إلى الآن لم تراجع حساباتها ..
لي فيك يا ليل آهاتٌ أرددها *** أواه لو أجدت المحزون أواه
أنّا ألتفت إلى الإسلام في بلدٍ *** وجدته كالطير مقصوصاً جناحاه
قال سبحانه : " وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "
وقال سبحانه : " وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ "
وقال سبحانه : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ "
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا *** ارحم يا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا *** لما تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا *** لما وصلنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمنٍ وفي دعةٍ *** وما سقطنا لأن الحافظ الله
أبشر يا من حافظت على صلاة الفجر وباقي الصلوات في جماعة فأنت في ذمة الله ..
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح "
قال أهل العلم : في ذمة الله يعني في حفظ الله ورعايته .. قالوا يعني إذا مات من يومه أو ليلته دخل الجنة ..
قال صلى الله عليه وسلم : " من صلى البردين دخل الجنة "
البردان : الصبح والعصر ..
أبشر يا مصلي الفجر وباقي الصلوات في المسجد بالنور التام يوم القيامة ..
قال صلى الله عليه وسلم : " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " ..
وما أدراك ما يوم القيامة ؟
قال سبحانه : " يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " ..
أبشر يا مصلي الفجر أبشر .. جاء في الحديث المتفق عليه من حديث جرير ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر إلى القمر ليلة - يعني البدر - فقال : إنكم سترون ربكم ، كما ترون هذا القمر ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " .
" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ "
فاتق الله .. فاتق الله يا من تنام عن الصلوات
اتق الله يا من تعاقر الزنا والموبقات
اتق الله يا من تأكل الأموال الربوية
أيها اللاهي بلا أدنى وجل *** اتق الله الذي عز وجل
واستمع قولاً به ضرب المثل *** وقل الفصل وجانب من هزل
قال سبحانه : " أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ "
وقال عز من قائل : " وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ * وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " ..
الكل سيموت .. لكن على أي حال ؟
قدر الله ماضي على الصغير والكبير .. لكن على أي حال ؟
الأعمال بالخواتيم .. والمرء يكتب له على ما عاش عليه .. التقينا هنا وسنفترق ، وكل منا ينتظر منيته ، منا من سيموت في أرض ، ومنا من سيموت في بحر ، ومنا من سيموت في سماء .. ولكن على أي حال ؟ وأين سيكون الملتقى ؟


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:08 AM   #87



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إن الحمد لله نعبده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له فأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد بأن محمداً عبده ورسوله
﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾
﴿ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ﴾ سورة النساء
﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ۝ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ سورة الأحزاب
أما بعد
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر الأمور محدثاتها فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيَاكم الله وبيَاكم وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم , أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في ذلك الدار إخواناً على سرر متقابلين, أسأله سبحانه أن يحفظني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .

المؤمن الفذ من ضمت جوارحه ديناً تأرقه دوماً قضاياه
ومن تطاوله الأيام فهو على ثباته تزرع الأيام يمناه
وإن دعا للجهاد طفل داعية بالروح والمال والأقدام تلقاه
قال ابن القيم :
من منازل قوله تعالى ﴿إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ سورة الفاتحة
منزلة الصادقين
نحن في ليلة بعنوان كونوا مع الصادقين العملة النادرة التي نحتاجها هذا الزمان وكل زمان ...المنزلة التي فرقت بين المسلمين وبين المنافقين
المنزلة التي فرقت بين أهل النار وبين أهل الجنان.
الصدق من صال به لم تُرد صولته ...الصدق من جال به لم تُرد جولته
وهو باب دخول على الرحمة قال تعالى ﴿ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾
فلا ينجو في ذلك اليوم إلا الصادقون أهل الصدق أما أهل الكذب والمنافقين فلقد أُعرض عنهم ويوم القيامة وجوههم مسودة ﴿ أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ﴾مرتبة الصدق مرتبة رفيعة مرتبة الصادقين هي مرتبة الأنبياء كما قال الله تعالى عن أنبياءه ﴿واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا﴾ سورة مريم
وقال عن إدريس علي السلام﴿ واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا ًنبيا﴾ سورة مريم
وعن إسماعيل قال ﴿ إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا﴾ سورة مريم وقال عن يوسف﴿ يوسف أيها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان...﴾ سورة يوسف
فالصدق مرتبة الأنبياء هي أدنى من مرتبة النبوة وأعلى من مرتبة الشهداء قال الله تعالى ﴿ فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾ سورة النساء
اللهم أجعلنا منهم واجعلنا معهم .
الصدق عملة نادرة نفتقدها في هذا الزمن ... في الرخاء يدَعي الكثير بالصدق أما في وقت الشدة فتظهر معادن الناس
قال الله تعالى ﴿ ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم ﴾
قال الله آمراً المسلمين أن يلتحقوا بقافلة محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ﴾ سورة التوبة
إن لم يكن محمد ومن معه فمن يكن ... ليس بالكلام ولكن الأفعال تصدق الأقوال .
في أيام مضت وفي سنين قضت كان النبي صلى الله عليه وسلم يبحث عن أرض يقيم عليها هذا الدين العظيم فبايعه مجموعة من الرجال
﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ۝ ليجزى الله الصادقين بصدقهم وبعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ﴾.سورة الأحزاب
اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بأواسط أيام التشريق عند العقبة جاؤوا وقد عاهدوا وتواعدوا على أن يبذلوا كل غالي ونفيس من أجل هذا الدين ونصرته واجتمعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مباركة ضربوا فيها فنون البيعة .
الصادق منا يحتاج أن يجدد تلك البيعة اليوم ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما﴾ سورة الفتح
فيقولون عن تلك البيعة ( تسللنا من قرشنا كما يتسلل القطر حتى جئنا المكان الموعود ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس ولم يكن اسلم بعد فكان أول المتكلمين العباس رضي الله عنه {يا معشر الأوس والخزرج إن محمد منا كما تعرفون وإنه في عِزة ومنعة في قومه ولكنه أبى إلا اللحاق بكم فإن أنتم وفيتم بما وعدتموه فأنتم وما أزرتم وإلا فدعوه فإنه في عِزة ومنعة من قومه }.
قالوا: انتهيت ؟
قال : نعم
قالوا: فتكلم يا رسول الله وخذ بربك وبنفسك ما أردت.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام قرأ عليهم القرآن الذي لو أنزل على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله فلما قرأ عليهم القرآن علموا أنها البيعة وثمنها الجنة على أن يقدموا في سبيل الله تلك الأنفس والأموال ومن ذلك بنود البيعة من بنودها :
-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في النشر وفي المكره وفي النفقة في العسر واليسر وعلى أن تمنعوني ما تمنعون منهم أسركم
قالوا : يا رسول الله إن بيننا وبين القوم [ اليهود ] عهود ومواثيق إن نحن قطعناها وأظهرك الله ترجع وتتركنا ؟
قال صلى الله عليه وسلم : بل أنا منكم وأنتم مني الدم بالدم والحد بالحد .
قال: مد يمينك نبايعك .
فقام اسعد بن زرارة أصغر القوم يبين للقوم خطورة البيعة قال: يا قومي أتدرون على ماذا تبايعون ؟؟ أنتم تبايعون على عداوة القاصي والداني , تبايعون على ترميل النساء وتيتم الأطفال وضياع الأموال إن وافقتم على البيعة وبنودها فعز الدنيا وعز الآخرة , وإلا خزي الدنيا وخزي الآخرة .
قالوا : انتهيت يا أسعد ؟
قال نعم.
قالوا: يا رسول الله مد يدك نبايعك على أن يكون الثمن الجنة .
ثم يظهر الرجال أنهم صادقون في أموالهم وأفعالهم وقالوا : يا رسول الله نحن أهل حرب ولئن شئت نميل على أهل مِنى غداً بأسيافنا,
قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نُؤمر بعد ).
الله اشترى وهم باعوا على أن يكون الثمن الجنة عبدٌ صادق ووعدٌ صادق ومن أصدق من الله قيلا ﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ۝ ليجزى الله الصادقين بصدقهم وبعذب النافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ﴾.سورة الأحزاب
في الرخاء الكل يدًَعي أنه يفعل ويفعل ويأتي وقت الشدة يبان الصادق من غير ه والخبيث من الطيب .
هم بايعوا على النصرة والبذل... في المدينة يمتحن الله هؤلاء الرجال في بيعتهم...عندما هاجروا المؤمنين من مكة المكرمة خلَفوا ورائهم أموالهم عند قريش واستولت قريش عليها وفي يوم خرجت قريش لقافلة لها تريد بلاد الشام رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه من باب استرداد بعض ما خلفوه في مكة أن يستولوا على القافلة فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم مع رجاله ولم يرد الحرب أرادوا العير وإذ هم يلاقون النقيض ﴿ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون ۝ يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ﴾ سورة الأنفال
خرج 300 رجل خرجوا يريدون العير وإذا الأمور تغيرت وإذا الأوضاع تبدلت مرت القافلة من طريق آخر عندما علم سفيان بالخبر استنفر قريش ومن معها خرجوا بجيش عظيم خرجوا ب1000 مقاتل و700 بعير ينحرون كل يوم 10 من الجزور جيش قوي بالسلاح والعدة والعتاد أما الفريق الآخر قلة قليلة لا تتجاوز 300 رجل يزيدون أو ينقصون معهم من الإبل 70 ومعهم فرس واحد أو فرسان ما معهم وسائل الحرب لأنهم لم يخرجوا للحرب أصلاً فرت القافلة ولجت بمن فيها وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم بالموقف ﴿ وإذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن يقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحي منحي عن بينة وإن الله لسميع عليم ﴾ سورة الأنفال
لما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن الوضع قد تغير شاور أصحابه لأن المبدأ الرباني المشورة قال أشيروا علي أيها الناس فتكلم أبو بكر وأجاد الكلام وتكلم عمر وأجاد الكلام وتكلم المقداد وأحسن بالكلام هؤلاء المهاجرون ما خرجوا إلا للبذل والعطاء مستعدون للقتال والرسول يريد الأنصار فثقل المعركة يقع عليهم هؤلاء المبايعين داخل المدينة والآن خارج المدينة لكن الصادق عنده استعداد على البذل في أي وقت وفي كل مكان طاعة لله ولرسوله ﴿ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا في الشدة وفي الرخاء.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي أيها الناس
فقال سعد بن معاذ: كأنك تعنينا يا رسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وبايعناك ..صل حبل من شئت واقطع حبل من شئت ,عادي من شئت وسالم من شئت ,خذ من أموالنا ما شئت واترك ما شئت فوالله الذي أخذته أحب إلينا مما تركته والله لو أمرتنا أن نرمي بأنفسنا من أعالي الجبال لرميناها ما تخلف منا احد والله لو خضت بنا البحار لخضناها أمامك ما تخلف منا أحد , والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لنبيهم موسى عليه السلام( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ,فلما رأى الله صدقهم قال ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدّكم بألف من الملائكة مردفين۝ وما جعلهم الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم.﴾ سورة الأنفال
﴿إذ ّيوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين ءامنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ۝ ذلك بأنهم شاّقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ﴾ سورة الأنفال
صدقوا مع الله فصدق الله معهم في الشدة والرخاء رجال .
فرضي الله عنهم ورضوا عنه وأنت فيهم آية ثبت مكانتك عند الله ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا﴾ سورة الفتح
إن قلوبهم مليئة بالصدق والحب لله ولرسوله فنزلت الآيات تزكيهم وتبشرهم بما عند الله ﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا ًسجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ...﴾ سورة محمد
وكثير من الآيات التي تزكي هؤلاء الرجال .
في يوم من الأيام تطاول الكفار على المؤمنين وقتلوا رسول النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهم من يعذبهم من المؤمنين أرسل 3000 رجل وحين ما وصلوا أرض المعركة وإذ القوم 100000 رجل, فنظم الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش كما ينبغي فجعل الإمارة لزيد ثم لجعفر ثم لعبد الله بن رواحه وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينقل المعركة مباشرة لمن معه فكان يخبرهم ..حمل الراية زيد ثم قتل ثم حمل الراية جعفر ثم قتل ثم ابن رواحه فقتل ثم سكت ,فقال : ولقد رُفعوا إلى الجنة جميعاً ,ثم رجع إلى أرض المعركة وأخبره بأن ثابت بن أقرط حمل الراية ,
وقال ثابت : يا خالد بن الوليد أحمل الراية
اعتذر خالد وقال له:
أنت أكثر مني خبرة وأكبر مني سناً .
فقال ثابت: لكنك أعلم مني بفنون القتال ,
ثم شاوروا المسلمين أترضون أن يحمل خالد الراية ويكون القائد فرضوا المسلمين فحملها خالد ,
نرجع للمدينة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أما الآن حمل الراية سيف من سيوف الله ولقد حمي الوطيس .
قال خالد بن الوليد :تكسر بيدي تسعة أسياف ولم يبقى معي سوى صحيفة يمانية .
كم صدقوا هؤلاء الرجال في تلك المعركة وأبلوا بلاءً حسناً . ولقد رأى خالد بحنكته وحكمته العسكرية أن الجيش قدّم ما يستطيع ومن الانتصار أن يخرج من تلك المعركة بأقل الخسائر أعاد تنظيم الجيش فجعل الميمنة ميسرة ووضع خطة عسكرية تدرس إلى اليوم , وانسحب الجيش بأقل الخسائر إلى المدينة .
كيف أُستقبل الجيش عندما عاد من ارض المعركة ؟؟
أُستقبلهم أطفال المدينة بالحجارة يقولون لهم :يا فرَار تفرون من الموت في سبيل الله ؟؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس بالفرَار بل الكرَام إن شاء الله
انظروا الفرق بين الأمس واليوم ,بالأمس كانوا صغارنا يستقبلون خالداً بالحجارة تفرون من الموت يا فرَار .
واليوم يستقبلون غانياً ومطرباً ولاعباً في صالة المطار بالورود والأزهار
مختار يا مختار هذا زمان العار من طنجة إلى قندهار
معتقد يعيش حالة احتضار أمتنا ليس لها قرار
ملعوبه باليمين وباليسار نرجو بصلاح الدين
ندور في مأساتنا حتى أصابنا الدوار
لكن لا خيار من موتنا فوق الشجار
حتى يصير الشوك سجناء أهو فنون يا مختار من نهاية المشوار
فإن النصر مع الصبر واضطراب فوق النار
هذا باختصار كلمة اعتذار عن أمة تعداده مليار ليت لها قرار .
الصادق مستعد في كل حال من الأحوال مهما كانت الروابط والضوابط في الشدة والرخاء .
سمع النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يقال له خالد الهذلي يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم ,لم يرسل له كتيبة أو جيش بل أرسل له رجل واحد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله بن حنيف اذهب إلى مكة وآتني برأس خالد الهذلي (قال المهمة صعبة أو أعذرني أو ابحث عن غيري )قال: سمع وطاعة
قال : يا رسول الله ما اعرف الرجل ؟
قال الرسول عليه السلام :من علامات الرجل إذا رأيته تهابه (كان العرب تقول عنه رجل بألف رجل).
قال عبد الله : سمعا وطاعة .
خرج وحيداً وصل إلى مكة المكرمة وقد أقام خالد معسكر في مِنى.
جاء عبد الله إلى خالد وقال له :ضمني معك حتى نقضي على محمد
وكان عبد الله صاحب رأي ومشورة فضمه إليه وقربه منه في اليوم الثاني إذا هما يسيران بعيداً عن الخيام حتى بَعُدا عن الناس قام عبد الله وسل سيفه وقطع رأس خالد وجاء به إلى المدينة وقبل أن يصل عبد الله إلى المدينة أخبر الوحي النبي صلى الله عليه وسلم بأن الجندي أتم المهمة على أكمل وجه فلما وصل عبد الله المدينة أستقبله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (افلح الوجه)خذ عصاي هذه وتوكأ عليها أعرفك بها يوم القيامة شاهد وآية وعلامة وقليل المتوكئون من أمتي ,فلما توفي عبد الله أمر بتلك العصا أن تكفن معه آية وشاهد وعلامة ,أطاع الله وأطاع رسوله.
لسان حالهم يقول :
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاب الردى
إما حياة تسـر الصـديـق وأما ممات يغيض العدى
عسكر المسلمين في يوم تبوك يقول عبد الله بن مسعود بتنا تلك الليلة استيقظت في آخر الليل تحسست فراش الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا هو خالي من صاحبه وتحسست فراش أبو بكر وعمر فإذا هي خالية من صاحبيها نظرت في آخر المعسكر فإذا بنار موقدة انطلقت إليها فلما جئتها فإذا بالرسول عليه الصلاة والسلام وأبو بكر وعمر قد حفروا قبراً قلت: يا رسول الله من هذا ؟قال صلى الله عليه وسلم :هذا أخوك عبد الله بن جادين فر بدينه إلى الله ورسوله وقد عذبوه وضربوه وجردوه من ثيابه ,وعندما أنزله رسول الله في قبره قال: اللهم إني أمسيت عنه راض فأرض عنه ,قال عبد الله بن مسعود:والله ما تمنيت إلا أن أكون صاحب ذلك القبر .
فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
الصادق صادق في دعوته إذا ناجى ربه ناجى بقلب صادق وجوارح متوجهة إلى الله .
يوم أحد يوم صفت الصفوف قال عبد الله بن جحش لسعد بن وقاص :يا سعد أدعُ وأنا أأمن على دعوتك ,
فقال سعد : يا رب إني أسألك فارس شديد البأس شديد الحربة يقاتلني وأقتله وآخذ غنيمته .
قال: عبد الله انتهيت يا سعد
قال :نعم
فقال :أمن يا سعد ,أما أنا فأسألك يا رب فارساً شديد البأس شديد الحربة يقاتلني وأقاتله فيبطر بطني ويجدع أنفي ويقطع أذني ,فإذا سألني ربي لما فعلت هذا ؟فأقول: فعلته فيك .
فيقول سعد :فكانت دعوة عبد الله أحسن من دعوتي .
ويوم كانت المعركة رأيناه بعد المعركة وقد بُطِر بطنه وجُدِع أنفه وقُطِعت أذنه ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ﴾ سورة الأحزاب
المؤمن الصادق يعتز بدينه ويعتز بعقيدته ويعلم أن الأيام دُول وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون .
بأشد الظروف تظهر عزة المؤمنين في المواقف تظهر معادن الرجال .
لما حُصرت المدينة من كل صوب , صور الله ذلك الموقف تصويرا عجيباً قال سبحانه ﴿إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذا بلغت وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ۝ هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزلا شديدا ۝ وإذا يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا﴾ سورة الأحزاب
تقطعت الأسباب الأرضية كلها ولم يبقى إلا الحبل الموصل بالله تعالى
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :ابشروا إن النصر من عند الله ,
ولما رأى السلمون النصر قالوا: هذا ما وعد الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتصديقاً .عندما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن المؤامرة اكتملت من كل جهاتها أراد أن يخفف الحصار على أولئك الرجال الصادقين ,فأتى بقادة خطفان قال لهم:في عرض يرضيهم و يصلح فيما بينهم : ما رأيكم بأن أعطيكم ثلث ثمار المدينة على أن ترجعوا وتفكوا هذا الحصار (4000 من خطفان خرجت من المدينة ليس للثأر من المسلمين وإنما خرجت للغنيمة يريدون أن يجعلوا الصادقين غنيمة لهم ولكن الله يأبى أن يكونوا كذلك , عندما عرض النبي صلى الله عليه وسلم هذا العرض لغطفان طلب منهم أن يستشير قادة المدينة(وأمرهم شورى بينهم)فجاء بالسعدين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فقال لهم :ما رأيكم على أن نعطي غطفان ثلث ثمار المدينة ويرجعوا ويتركوا الحصار؟
فقالوا: أمر من السماء فليس لنا إلا التسليم أم أمر تحبه لنا .
قال: بل أمر أحبه لكم .
قالا: يا رسول الله كنَا مع هؤلاء القوم وكنَا على شرك وكفر فكانوا لا يأكلون ثمارنا ويأخذون أموالنا إلا بيعاً واليوم عندما أعزنا الله والإسلام يأخذون أموالنا والله ليس بيننا وبينهم إلا السيف .
فلما علم الله صدقهم وتوكلهم عليه قال تعالى مصوراً الموقف ﴿يا أيها الذين آمنوا أذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم رياحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصير ﴾ سورة الأحزاب
بصير بما تعملون من الاستعداد فقلب الله الأمر عندما رأى عزة هؤلاء الرجال مستمدة من الله ونبيه وقال لهم ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ۝ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ۝وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ۝ أم حسبتم إن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين آ﴾ سورة آ ل عمران
عزة مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه أما ترى بأننا بأمس الحاجة لمثل هذه العزة وهذا التمسك .
فلست بموت العدو تخشعاً ولا تضرعاً إني إلى الله مرجعي
ولست أبالي حين أقتل على أي جنب في الله كان مصرعي
أليس البيع تمت والثمن !! الجنة أليس الثمن قد دفع ؟؟ أليس الله اشترى وهم باعوا على أن يكون الثمن الجنة ولذلك خاطب الله الذين يقرؤون القرآن الكريم كونوا معهم﴿ياآيها الذين آمنوا أتقو الله وكونوا مع الصادقين﴾ سورة التوبة
كونوا مع محمد وأصحابه .
اسمع تضحياتهم يا رعاك الله ﴿الذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وآذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا ﴾اسمع الثمن ﴿لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب ۝ لا يغرنك الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم ولبئس المهاد ﴾
اسمع تضحيات القوم وقل أين نحن من هؤلاء ؟!﴿للفقراّء المهاجرين الذين أُخرِجوا من ديارِهم وأموالِهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسولَه أولئّك هم الصادقون ﴾ سورة الحشر
هم فقط ؟؟ بل لكل من سار على دربهم ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا ّإنك رءوف رحيم ﴾ سورة الحشر
زار أبو ذر مكة المكرمة بعد انقطاع فرأى أهلها عجبا رآهم قد تطاولوا في البنيان وتوسعوا في المأكل والمشرب فصار يطوف حول الكعبة ويقول ( ياأيها الناس ..أنا جندب بن جنادة صاحب رسول الله فأقبلوا علي فأنا لكم ناصح مشفق أمين .
فأقبلوا عليه وقالوا : ما عندك يا صاحب رسول الله ؟
قال : أرأيتم لو أن رجل أراد السفر ألم يكن يأخذ معه عدة للسفر؟!
قالوا : بلى .
قال : فإن سفر الآخرة أفضل ما تريدون , فخذوا ما يبلغكم .
قالوا : وما يبلغنا ؟
قال : صوموا يوم شديد الحر يبقى ليوم مشهود , وصلوا في ظلمة الليل لظلمة القبور , وحجوا حجة لعظائم القبور , واجعل الدنيا مجلسين مجلس لله وآخر في طلب الأمر وآخر ترده لا يضرك , واجعل الدرهم درهمين درهم أنفقه لك ولعيالك ودرهم تنفقه في سبيل الله وثالث يضرك لا ترده
ما لكم تبنون مالا تسكنون , وتجمعون مالا تأكلون , وتأملون وتطيلون قتلكم حرصا على الدنيا لستم ببالغيه , انقل إلى الله المشتكى
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحوالنا ورأى القصور الشاهقات لا يسكنها إلا اثنين أو ثلاثة .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى البنوك الربوية .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أبنائنا ونسائنا كيف يتمايلون مع المعازف والألحان وساعات أمام الشاشات .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عبّاد البقر يهدمون مساجدنا .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عبّاد الصليب ينتهكون أعراضنا .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحفاد القردة والخنازير يتلاعبون بعقيدتنا .
الصادق عنده قضية يحيا من اجلها ويموت من اجلها .
يوم أحد اجتمع اليهود لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم , قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمن حوله : من يدفع عني الرجال وله الجنة وهو رفيقي في الجنة ؟ فتطايرت الكلمات إلى الشباب ممن سمعها سعد بن الربيع فقال : الثمن الجنة ورفيق الرسول بأبي هو وأمي , فأنطلق يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأبلى بلاء حسنا أمام الرسول حتى قتل ,فلما انتهت المعركة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع ؟ فبدا البحث بين القتلى فوجدوه في آخر رمق من الحياة ,فقالوا له : يا سعد إن رسول الله يقرأك السلام .فرد وقال : اقرأ النبي مني السلام وقل له :جزاك الله خير ما جزا الله نبي عن قومه ,فإني والله لأجد ريح الجنة , واقرأ للأنصار مني السلام وقل لهم : لا عذر لكم أمام الله أن يخلص على رسول الله وفيكم عين ( فلم يوصي بمال أو عيال ) فلما رجعوا إلى رسول الله وأخبروه عنه استقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وهو يقول : اللهم القي سعد بن الربيع وأنت عنه راض, رحمك الله يا سعد كم نحن بحاجة إلى مثل سعد .
انظر إلى المسلمين يمنة ويسرة
ولا تلمني فلا يلام جريح
لا يلوم المظلوم حين يصيح
لا تلمني ولوم خافق بين جنبي لم تحتضنه القروح
وأنا لن ألوم من مات حسدا
وإنما ألوم لمن فيه روح
وأنا لن يضيق باللوم صدري
فإن صدر المحب للمحب فتيح
واعلم أن الطريق محفوف بالمكاره والمصائب والآلام ﴿حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ﴾
﴿ ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريّن من أنصاري إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ﴾. سورة الصف
أما آن النصر كما قالوا أولئك , إذا كانوا قد فعلوا فنحن نقدر أن نفعل فالمنبع واحد والمصدر واحد والطريق واحد والمعبود واحد والذي وعد بالنصر لا يخلف بالوعد .
﴿أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم ﴾ سورة البقرة
﴿اذكروني أذكركم﴾ سورة البقرة
﴿ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ﴾ سورة محمد
اللهم اجعلنا منهم ومعهم اللهم أدخلنا مدخل صدق وأخرجنا مخرج صدق واجعلنا ممن إذا أنعمت عليه شكر وممن إذا ابتلته صبر وإذا أذنب استغفر, اللهم أبلغ بأمتنا يوما رشدا يعز أهل طاعتك ويذل أهل معصيتك ويأمر فيهم بالمعروف وينهى عن المنكر ,اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك وأطاعك واتبع رضاك , نسألك اللهم قادة مصلحين و وعلماء ربانيين ودعاة مخلصين وشباب عاملين وبنات عاملات , اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذله ,اللهم انصر المجاهدين في كل مكان ومن على كلمة الدين واجمع كلمتهم على الحق . اللهم اخسف عدوك وعدوهم إنهم لا يعجزونك , اللهم اشدد وطأتك على القوم الكافرين ,الله عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا قوي يا عزيز , ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير , ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمورنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين يا قوي يا عزيز ,نستغفرك ونتوب إليك وصلي وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:08 AM   #88



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إن الحمد لله نعبده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له فأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد بأن محمداً عبده ورسوله
﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾
﴿ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ﴾ سورة النساء
﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ۝ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ سورة الأحزاب
أما بعد
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر الأمور محدثاتها فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيَاكم الله وبيَاكم وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم , أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في ذلك الدار إخواناً على سرر متقابلين, أسأله سبحانه أن يحفظني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .

المؤمن الفذ من ضمت جوارحه ديناً تأرقه دوماً قضاياه
ومن تطاوله الأيام فهو على ثباته تزرع الأيام يمناه
وإن دعا للجهاد طفل داعية بالروح والمال والأقدام تلقاه
قال ابن القيم :
من منازل قوله تعالى ﴿إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ سورة الفاتحة
منزلة الصادقين
نحن في ليلة بعنوان كونوا مع الصادقين العملة النادرة التي نحتاجها هذا الزمان وكل زمان ...المنزلة التي فرقت بين المسلمين وبين المنافقين
المنزلة التي فرقت بين أهل النار وبين أهل الجنان.
الصدق من صال به لم تُرد صولته ...الصدق من جال به لم تُرد جولته
وهو باب دخول على الرحمة قال تعالى ﴿ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾
فلا ينجو في ذلك اليوم إلا الصادقون أهل الصدق أما أهل الكذب والمنافقين فلقد أُعرض عنهم ويوم القيامة وجوههم مسودة ﴿ أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ﴾مرتبة الصدق مرتبة رفيعة مرتبة الصادقين هي مرتبة الأنبياء كما قال الله تعالى عن أنبياءه ﴿واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا﴾ سورة مريم
وقال عن إدريس علي السلام﴿ واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا ًنبيا﴾ سورة مريم
وعن إسماعيل قال ﴿ إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا﴾ سورة مريم وقال عن يوسف﴿ يوسف أيها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان...﴾ سورة يوسف
فالصدق مرتبة الأنبياء هي أدنى من مرتبة النبوة وأعلى من مرتبة الشهداء قال الله تعالى ﴿ فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾ سورة النساء
اللهم أجعلنا منهم واجعلنا معهم .
الصدق عملة نادرة نفتقدها في هذا الزمن ... في الرخاء يدَعي الكثير بالصدق أما في وقت الشدة فتظهر معادن الناس
قال الله تعالى ﴿ ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم ﴾
قال الله آمراً المسلمين أن يلتحقوا بقافلة محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ﴾ سورة التوبة
إن لم يكن محمد ومن معه فمن يكن ... ليس بالكلام ولكن الأفعال تصدق الأقوال .
في أيام مضت وفي سنين قضت كان النبي صلى الله عليه وسلم يبحث عن أرض يقيم عليها هذا الدين العظيم فبايعه مجموعة من الرجال
﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ۝ ليجزى الله الصادقين بصدقهم وبعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ﴾.سورة الأحزاب
اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بأواسط أيام التشريق عند العقبة جاؤوا وقد عاهدوا وتواعدوا على أن يبذلوا كل غالي ونفيس من أجل هذا الدين ونصرته واجتمعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مباركة ضربوا فيها فنون البيعة .
الصادق منا يحتاج أن يجدد تلك البيعة اليوم ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما﴾ سورة الفتح
فيقولون عن تلك البيعة ( تسللنا من قرشنا كما يتسلل القطر حتى جئنا المكان الموعود ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس ولم يكن اسلم بعد فكان أول المتكلمين العباس رضي الله عنه {يا معشر الأوس والخزرج إن محمد منا كما تعرفون وإنه في عِزة ومنعة في قومه ولكنه أبى إلا اللحاق بكم فإن أنتم وفيتم بما وعدتموه فأنتم وما أزرتم وإلا فدعوه فإنه في عِزة ومنعة من قومه }.
قالوا: انتهيت ؟
قال : نعم
قالوا: فتكلم يا رسول الله وخذ بربك وبنفسك ما أردت.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام قرأ عليهم القرآن الذي لو أنزل على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله فلما قرأ عليهم القرآن علموا أنها البيعة وثمنها الجنة على أن يقدموا في سبيل الله تلك الأنفس والأموال ومن ذلك بنود البيعة من بنودها :
-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في النشر وفي المكره وفي النفقة في العسر واليسر وعلى أن تمنعوني ما تمنعون منهم أسركم
قالوا : يا رسول الله إن بيننا وبين القوم [ اليهود ] عهود ومواثيق إن نحن قطعناها وأظهرك الله ترجع وتتركنا ؟
قال صلى الله عليه وسلم : بل أنا منكم وأنتم مني الدم بالدم والحد بالحد .
قال: مد يمينك نبايعك .
فقام اسعد بن زرارة أصغر القوم يبين للقوم خطورة البيعة قال: يا قومي أتدرون على ماذا تبايعون ؟؟ أنتم تبايعون على عداوة القاصي والداني , تبايعون على ترميل النساء وتيتم الأطفال وضياع الأموال إن وافقتم على البيعة وبنودها فعز الدنيا وعز الآخرة , وإلا خزي الدنيا وخزي الآخرة .
قالوا : انتهيت يا أسعد ؟
قال نعم.
قالوا: يا رسول الله مد يدك نبايعك على أن يكون الثمن الجنة .
ثم يظهر الرجال أنهم صادقون في أموالهم وأفعالهم وقالوا : يا رسول الله نحن أهل حرب ولئن شئت نميل على أهل مِنى غداً بأسيافنا,
قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نُؤمر بعد ).
الله اشترى وهم باعوا على أن يكون الثمن الجنة عبدٌ صادق ووعدٌ صادق ومن أصدق من الله قيلا ﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ۝ ليجزى الله الصادقين بصدقهم وبعذب النافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ﴾.سورة الأحزاب
في الرخاء الكل يدًَعي أنه يفعل ويفعل ويأتي وقت الشدة يبان الصادق من غير ه والخبيث من الطيب .
هم بايعوا على النصرة والبذل... في المدينة يمتحن الله هؤلاء الرجال في بيعتهم...عندما هاجروا المؤمنين من مكة المكرمة خلَفوا ورائهم أموالهم عند قريش واستولت قريش عليها وفي يوم خرجت قريش لقافلة لها تريد بلاد الشام رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه من باب استرداد بعض ما خلفوه في مكة أن يستولوا على القافلة فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم مع رجاله ولم يرد الحرب أرادوا العير وإذ هم يلاقون النقيض ﴿ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون ۝ يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ﴾ سورة الأنفال
خرج 300 رجل خرجوا يريدون العير وإذا الأمور تغيرت وإذا الأوضاع تبدلت مرت القافلة من طريق آخر عندما علم سفيان بالخبر استنفر قريش ومن معها خرجوا بجيش عظيم خرجوا ب1000 مقاتل و700 بعير ينحرون كل يوم 10 من الجزور جيش قوي بالسلاح والعدة والعتاد أما الفريق الآخر قلة قليلة لا تتجاوز 300 رجل يزيدون أو ينقصون معهم من الإبل 70 ومعهم فرس واحد أو فرسان ما معهم وسائل الحرب لأنهم لم يخرجوا للحرب أصلاً فرت القافلة ولجت بمن فيها وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم بالموقف ﴿ وإذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن يقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحي منحي عن بينة وإن الله لسميع عليم ﴾ سورة الأنفال
لما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن الوضع قد تغير شاور أصحابه لأن المبدأ الرباني المشورة قال أشيروا علي أيها الناس فتكلم أبو بكر وأجاد الكلام وتكلم عمر وأجاد الكلام وتكلم المقداد وأحسن بالكلام هؤلاء المهاجرون ما خرجوا إلا للبذل والعطاء مستعدون للقتال والرسول يريد الأنصار فثقل المعركة يقع عليهم هؤلاء المبايعين داخل المدينة والآن خارج المدينة لكن الصادق عنده استعداد على البذل في أي وقت وفي كل مكان طاعة لله ولرسوله ﴿ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا في الشدة وفي الرخاء.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي أيها الناس
فقال سعد بن معاذ: كأنك تعنينا يا رسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وبايعناك ..صل حبل من شئت واقطع حبل من شئت ,عادي من شئت وسالم من شئت ,خذ من أموالنا ما شئت واترك ما شئت فوالله الذي أخذته أحب إلينا مما تركته والله لو أمرتنا أن نرمي بأنفسنا من أعالي الجبال لرميناها ما تخلف منا احد والله لو خضت بنا البحار لخضناها أمامك ما تخلف منا أحد , والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لنبيهم موسى عليه السلام( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ,فلما رأى الله صدقهم قال ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدّكم بألف من الملائكة مردفين۝ وما جعلهم الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم.﴾ سورة الأنفال
﴿إذ ّيوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين ءامنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ۝ ذلك بأنهم شاّقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ﴾ سورة الأنفال
صدقوا مع الله فصدق الله معهم في الشدة والرخاء رجال .
فرضي الله عنهم ورضوا عنه وأنت فيهم آية ثبت مكانتك عند الله ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا﴾ سورة الفتح
إن قلوبهم مليئة بالصدق والحب لله ولرسوله فنزلت الآيات تزكيهم وتبشرهم بما عند الله ﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا ًسجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ...﴾ سورة محمد
وكثير من الآيات التي تزكي هؤلاء الرجال .
في يوم من الأيام تطاول الكفار على المؤمنين وقتلوا رسول النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهم من يعذبهم من المؤمنين أرسل 3000 رجل وحين ما وصلوا أرض المعركة وإذ القوم 100000 رجل, فنظم الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش كما ينبغي فجعل الإمارة لزيد ثم لجعفر ثم لعبد الله بن رواحه وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينقل المعركة مباشرة لمن معه فكان يخبرهم ..حمل الراية زيد ثم قتل ثم حمل الراية جعفر ثم قتل ثم ابن رواحه فقتل ثم سكت ,فقال : ولقد رُفعوا إلى الجنة جميعاً ,ثم رجع إلى أرض المعركة وأخبره بأن ثابت بن أقرط حمل الراية ,
وقال ثابت : يا خالد بن الوليد أحمل الراية
اعتذر خالد وقال له:
أنت أكثر مني خبرة وأكبر مني سناً .
فقال ثابت: لكنك أعلم مني بفنون القتال ,
ثم شاوروا المسلمين أترضون أن يحمل خالد الراية ويكون القائد فرضوا المسلمين فحملها خالد ,
نرجع للمدينة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أما الآن حمل الراية سيف من سيوف الله ولقد حمي الوطيس .
قال خالد بن الوليد :تكسر بيدي تسعة أسياف ولم يبقى معي سوى صحيفة يمانية .
كم صدقوا هؤلاء الرجال في تلك المعركة وأبلوا بلاءً حسناً . ولقد رأى خالد بحنكته وحكمته العسكرية أن الجيش قدّم ما يستطيع ومن الانتصار أن يخرج من تلك المعركة بأقل الخسائر أعاد تنظيم الجيش فجعل الميمنة ميسرة ووضع خطة عسكرية تدرس إلى اليوم , وانسحب الجيش بأقل الخسائر إلى المدينة .
كيف أُستقبل الجيش عندما عاد من ارض المعركة ؟؟
أُستقبلهم أطفال المدينة بالحجارة يقولون لهم :يا فرَار تفرون من الموت في سبيل الله ؟؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس بالفرَار بل الكرَام إن شاء الله
انظروا الفرق بين الأمس واليوم ,بالأمس كانوا صغارنا يستقبلون خالداً بالحجارة تفرون من الموت يا فرَار .
واليوم يستقبلون غانياً ومطرباً ولاعباً في صالة المطار بالورود والأزهار
مختار يا مختار هذا زمان العار من طنجة إلى قندهار
معتقد يعيش حالة احتضار أمتنا ليس لها قرار
ملعوبه باليمين وباليسار نرجو بصلاح الدين
ندور في مأساتنا حتى أصابنا الدوار
لكن لا خيار من موتنا فوق الشجار
حتى يصير الشوك سجناء أهو فنون يا مختار من نهاية المشوار
فإن النصر مع الصبر واضطراب فوق النار
هذا باختصار كلمة اعتذار عن أمة تعداده مليار ليت لها قرار .
الصادق مستعد في كل حال من الأحوال مهما كانت الروابط والضوابط في الشدة والرخاء .
سمع النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يقال له خالد الهذلي يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم ,لم يرسل له كتيبة أو جيش بل أرسل له رجل واحد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله بن حنيف اذهب إلى مكة وآتني برأس خالد الهذلي (قال المهمة صعبة أو أعذرني أو ابحث عن غيري )قال: سمع وطاعة
قال : يا رسول الله ما اعرف الرجل ؟
قال الرسول عليه السلام :من علامات الرجل إذا رأيته تهابه (كان العرب تقول عنه رجل بألف رجل).
قال عبد الله : سمعا وطاعة .
خرج وحيداً وصل إلى مكة المكرمة وقد أقام خالد معسكر في مِنى.
جاء عبد الله إلى خالد وقال له :ضمني معك حتى نقضي على محمد
وكان عبد الله صاحب رأي ومشورة فضمه إليه وقربه منه في اليوم الثاني إذا هما يسيران بعيداً عن الخيام حتى بَعُدا عن الناس قام عبد الله وسل سيفه وقطع رأس خالد وجاء به إلى المدينة وقبل أن يصل عبد الله إلى المدينة أخبر الوحي النبي صلى الله عليه وسلم بأن الجندي أتم المهمة على أكمل وجه فلما وصل عبد الله المدينة أستقبله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (افلح الوجه)خذ عصاي هذه وتوكأ عليها أعرفك بها يوم القيامة شاهد وآية وعلامة وقليل المتوكئون من أمتي ,فلما توفي عبد الله أمر بتلك العصا أن تكفن معه آية وشاهد وعلامة ,أطاع الله وأطاع رسوله.
لسان حالهم يقول :
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاب الردى
إما حياة تسـر الصـديـق وأما ممات يغيض العدى
عسكر المسلمين في يوم تبوك يقول عبد الله بن مسعود بتنا تلك الليلة استيقظت في آخر الليل تحسست فراش الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا هو خالي من صاحبه وتحسست فراش أبو بكر وعمر فإذا هي خالية من صاحبيها نظرت في آخر المعسكر فإذا بنار موقدة انطلقت إليها فلما جئتها فإذا بالرسول عليه الصلاة والسلام وأبو بكر وعمر قد حفروا قبراً قلت: يا رسول الله من هذا ؟قال صلى الله عليه وسلم :هذا أخوك عبد الله بن جادين فر بدينه إلى الله ورسوله وقد عذبوه وضربوه وجردوه من ثيابه ,وعندما أنزله رسول الله في قبره قال: اللهم إني أمسيت عنه راض فأرض عنه ,قال عبد الله بن مسعود:والله ما تمنيت إلا أن أكون صاحب ذلك القبر .
فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
الصادق صادق في دعوته إذا ناجى ربه ناجى بقلب صادق وجوارح متوجهة إلى الله .
يوم أحد يوم صفت الصفوف قال عبد الله بن جحش لسعد بن وقاص :يا سعد أدعُ وأنا أأمن على دعوتك ,
فقال سعد : يا رب إني أسألك فارس شديد البأس شديد الحربة يقاتلني وأقتله وآخذ غنيمته .
قال: عبد الله انتهيت يا سعد
قال :نعم
فقال :أمن يا سعد ,أما أنا فأسألك يا رب فارساً شديد البأس شديد الحربة يقاتلني وأقاتله فيبطر بطني ويجدع أنفي ويقطع أذني ,فإذا سألني ربي لما فعلت هذا ؟فأقول: فعلته فيك .
فيقول سعد :فكانت دعوة عبد الله أحسن من دعوتي .
ويوم كانت المعركة رأيناه بعد المعركة وقد بُطِر بطنه وجُدِع أنفه وقُطِعت أذنه ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ﴾ سورة الأحزاب
المؤمن الصادق يعتز بدينه ويعتز بعقيدته ويعلم أن الأيام دُول وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون .
بأشد الظروف تظهر عزة المؤمنين في المواقف تظهر معادن الرجال .
لما حُصرت المدينة من كل صوب , صور الله ذلك الموقف تصويرا عجيباً قال سبحانه ﴿إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذا بلغت وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ۝ هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزلا شديدا ۝ وإذا يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا﴾ سورة الأحزاب
تقطعت الأسباب الأرضية كلها ولم يبقى إلا الحبل الموصل بالله تعالى
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :ابشروا إن النصر من عند الله ,
ولما رأى السلمون النصر قالوا: هذا ما وعد الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتصديقاً .عندما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن المؤامرة اكتملت من كل جهاتها أراد أن يخفف الحصار على أولئك الرجال الصادقين ,فأتى بقادة خطفان قال لهم:في عرض يرضيهم و يصلح فيما بينهم : ما رأيكم بأن أعطيكم ثلث ثمار المدينة على أن ترجعوا وتفكوا هذا الحصار (4000 من خطفان خرجت من المدينة ليس للثأر من المسلمين وإنما خرجت للغنيمة يريدون أن يجعلوا الصادقين غنيمة لهم ولكن الله يأبى أن يكونوا كذلك , عندما عرض النبي صلى الله عليه وسلم هذا العرض لغطفان طلب منهم أن يستشير قادة المدينة(وأمرهم شورى بينهم)فجاء بالسعدين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فقال لهم :ما رأيكم على أن نعطي غطفان ثلث ثمار المدينة ويرجعوا ويتركوا الحصار؟
فقالوا: أمر من السماء فليس لنا إلا التسليم أم أمر تحبه لنا .
قال: بل أمر أحبه لكم .
قالا: يا رسول الله كنَا مع هؤلاء القوم وكنَا على شرك وكفر فكانوا لا يأكلون ثمارنا ويأخذون أموالنا إلا بيعاً واليوم عندما أعزنا الله والإسلام يأخذون أموالنا والله ليس بيننا وبينهم إلا السيف .
فلما علم الله صدقهم وتوكلهم عليه قال تعالى مصوراً الموقف ﴿يا أيها الذين آمنوا أذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم رياحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصير ﴾ سورة الأحزاب
بصير بما تعملون من الاستعداد فقلب الله الأمر عندما رأى عزة هؤلاء الرجال مستمدة من الله ونبيه وقال لهم ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ۝ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ۝وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ۝ أم حسبتم إن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين آ﴾ سورة آ ل عمران
عزة مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه أما ترى بأننا بأمس الحاجة لمثل هذه العزة وهذا التمسك .
فلست بموت العدو تخشعاً ولا تضرعاً إني إلى الله مرجعي
ولست أبالي حين أقتل على أي جنب في الله كان مصرعي
أليس البيع تمت والثمن !! الجنة أليس الثمن قد دفع ؟؟ أليس الله اشترى وهم باعوا على أن يكون الثمن الجنة ولذلك خاطب الله الذين يقرؤون القرآن الكريم كونوا معهم﴿ياآيها الذين آمنوا أتقو الله وكونوا مع الصادقين﴾ سورة التوبة
كونوا مع محمد وأصحابه .
اسمع تضحياتهم يا رعاك الله ﴿الذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وآذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا ﴾اسمع الثمن ﴿لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب ۝ لا يغرنك الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم ولبئس المهاد ﴾
اسمع تضحيات القوم وقل أين نحن من هؤلاء ؟!﴿للفقراّء المهاجرين الذين أُخرِجوا من ديارِهم وأموالِهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسولَه أولئّك هم الصادقون ﴾ سورة الحشر
هم فقط ؟؟ بل لكل من سار على دربهم ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا ّإنك رءوف رحيم ﴾ سورة الحشر
زار أبو ذر مكة المكرمة بعد انقطاع فرأى أهلها عجبا رآهم قد تطاولوا في البنيان وتوسعوا في المأكل والمشرب فصار يطوف حول الكعبة ويقول ( ياأيها الناس ..أنا جندب بن جنادة صاحب رسول الله فأقبلوا علي فأنا لكم ناصح مشفق أمين .
فأقبلوا عليه وقالوا : ما عندك يا صاحب رسول الله ؟
قال : أرأيتم لو أن رجل أراد السفر ألم يكن يأخذ معه عدة للسفر؟!
قالوا : بلى .
قال : فإن سفر الآخرة أفضل ما تريدون , فخذوا ما يبلغكم .
قالوا : وما يبلغنا ؟
قال : صوموا يوم شديد الحر يبقى ليوم مشهود , وصلوا في ظلمة الليل لظلمة القبور , وحجوا حجة لعظائم القبور , واجعل الدنيا مجلسين مجلس لله وآخر في طلب الأمر وآخر ترده لا يضرك , واجعل الدرهم درهمين درهم أنفقه لك ولعيالك ودرهم تنفقه في سبيل الله وثالث يضرك لا ترده
ما لكم تبنون مالا تسكنون , وتجمعون مالا تأكلون , وتأملون وتطيلون قتلكم حرصا على الدنيا لستم ببالغيه , انقل إلى الله المشتكى
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحوالنا ورأى القصور الشاهقات لا يسكنها إلا اثنين أو ثلاثة .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى البنوك الربوية .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أبنائنا ونسائنا كيف يتمايلون مع المعازف والألحان وساعات أمام الشاشات .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عبّاد البقر يهدمون مساجدنا .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عبّاد الصليب ينتهكون أعراضنا .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحفاد القردة والخنازير يتلاعبون بعقيدتنا .
الصادق عنده قضية يحيا من اجلها ويموت من اجلها .
يوم أحد اجتمع اليهود لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم , قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمن حوله : من يدفع عني الرجال وله الجنة وهو رفيقي في الجنة ؟ فتطايرت الكلمات إلى الشباب ممن سمعها سعد بن الربيع فقال : الثمن الجنة ورفيق الرسول بأبي هو وأمي , فأنطلق يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأبلى بلاء حسنا أمام الرسول حتى قتل ,فلما انتهت المعركة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع ؟ فبدا البحث بين القتلى فوجدوه في آخر رمق من الحياة ,فقالوا له : يا سعد إن رسول الله يقرأك السلام .فرد وقال : اقرأ النبي مني السلام وقل له :جزاك الله خير ما جزا الله نبي عن قومه ,فإني والله لأجد ريح الجنة , واقرأ للأنصار مني السلام وقل لهم : لا عذر لكم أمام الله أن يخلص على رسول الله وفيكم عين ( فلم يوصي بمال أو عيال ) فلما رجعوا إلى رسول الله وأخبروه عنه استقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وهو يقول : اللهم القي سعد بن الربيع وأنت عنه راض, رحمك الله يا سعد كم نحن بحاجة إلى مثل سعد .
انظر إلى المسلمين يمنة ويسرة
ولا تلمني فلا يلام جريح
لا يلوم المظلوم حين يصيح
لا تلمني ولوم خافق بين جنبي لم تحتضنه القروح
وأنا لن ألوم من مات حسدا
وإنما ألوم لمن فيه روح
وأنا لن يضيق باللوم صدري
فإن صدر المحب للمحب فتيح
واعلم أن الطريق محفوف بالمكاره والمصائب والآلام ﴿حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ﴾
﴿ ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريّن من أنصاري إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ﴾. سورة الصف
أما آن النصر كما قالوا أولئك , إذا كانوا قد فعلوا فنحن نقدر أن نفعل فالمنبع واحد والمصدر واحد والطريق واحد والمعبود واحد والذي وعد بالنصر لا يخلف بالوعد .
﴿أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم ﴾ سورة البقرة
﴿اذكروني أذكركم﴾ سورة البقرة
﴿ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ﴾ سورة محمد
اللهم اجعلنا منهم ومعهم اللهم أدخلنا مدخل صدق وأخرجنا مخرج صدق واجعلنا ممن إذا أنعمت عليه شكر وممن إذا ابتلته صبر وإذا أذنب استغفر, اللهم أبلغ بأمتنا يوما رشدا يعز أهل طاعتك ويذل أهل معصيتك ويأمر فيهم بالمعروف وينهى عن المنكر ,اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك وأطاعك واتبع رضاك , نسألك اللهم قادة مصلحين و وعلماء ربانيين ودعاة مخلصين وشباب عاملين وبنات عاملات , اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذله ,اللهم انصر المجاهدين في كل مكان ومن على كلمة الدين واجمع كلمتهم على الحق . اللهم اخسف عدوك وعدوهم إنهم لا يعجزونك , اللهم اشدد وطأتك على القوم الكافرين ,الله عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا قوي يا عزيز , ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير , ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمورنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين يا قوي يا عزيز ,نستغفرك ونتوب إليك وصلي وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:10 AM   #89



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



معاشر الأحبة! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. طبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته إخواناً على سرر متقابلين، وأسأله سبحانه أن يحفظني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين. عنوان هذا اللقاء المبارك: أحوال العابدين. وسيتكون اللقاء من هذه النقاط: أولها: سبب الاختيار للموضوع، ثم أولياء لرب العالمين، ثم سيد العابدين، ثم من أحوال العابدين، ثم أين نحن من هؤلاء، ثم خبر عابد صغير، وأخيراً اغتنم شبابك. وأحب قبل أن أنطلق أن أبين للأخوات أني لم أتطرق في الموضوع إلى أحوال العابدات، والسبب أني سأخص هذا بموضوع منفرد لحاجة النساء إلى مثل هذا. أسأل الله أن ينفع السامع والمتكلم بما نسمع وبما نقول. إن سبب اختيار هذه الأحوال والأخبار ما نراه من قسوة في القلوب وهجر للقرآن، فلا يعرف ختم القرآن إلا من رمضان إلى رمضان. قال الله: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان:30]. ومن الأسباب أيضاً: ما نراه من تفريط بالنوافل، بل بالفرائض، فالصلاة أصبحت مجرد حركات، من قيام وقعود بلا أثر، وكذلك ما نراه من تخلف عن تكبيرة الإحرام ورضا بالصفوف الأخيرة. اعلم أنه من عزم ثابر، ومن أراد إدراك المفاخر لم يرض بالصف الآخر. ومن الأسباب أيضاً: ما نراه من تكاسل عن الجمعة والجماعات، وشح في البذل والصدقات، كأن لم يكن الله قد اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنات. إن حاجتنا للعبادة كحاجة الأرض للمطر، فلا تحيا القلوب إلا بذكر علام الغيوب، فنحن في أمس الحاجة إلى تقوية الصلة بالله؛ حتى نكون من أوليائه الذين قال عنهم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]، وهل تنتصر الأمة إلا بأوليائها والعباد والزهاد الصادقين، قال سبحانه: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:51]. بالصادقين والمخلصين الذين يدعون ويتضرعون تنتصر الأمة، عن علي رضي الله عنه قال: (ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح يناجي ربه ويتضرع: اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصبة لا تعبد بعد اليوم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراة فاكسُهم حتى سقط رداؤه عن ظهره، فقال له أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه: هون عليك يا رسول الله! إن الله منجزك وعده، ثم غفا إغفاءة، ثم قال: أبشر يا أبا بكر هذا أخي جبريل آخذ بعنان فرسه، فأنزل الله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:9-13]). بالعباد الأولياء وبرهبان الليل وفرسان النهار تنتصر الأمة، لذا فإن حاجتنا اليوم لتقوية الصلة بالعبادة أشد من حاجتهم، فأهل العصور الماضية كانوا يعيشون في محيط إسلامي تسوده الفضائل ويسوده التواصي بالحق، أما اليوم فغفلة وقسوة في القلوب، وانشغال بتوافه الأمور. ......

نذكر أخبارهم تحفيزاً للنفوس، وتشجيعاً للسير على طريقهم، فهم أولياء رب العالمين، قال الله عنهم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]، فماذا لهم بإيمانهم وتقواهم؟ قال سبحانه: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [يونس:64]، صدقوا إيمانهم بتقواهم، وذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهي. فكل من كان مؤمناً تقياً كان لله تعالى ولياً؛ لذلك كانت لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، أما في الدنيا فالثناء الحسن، والمودة في القلوب، والرؤية الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به، وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرف سيِّئها عنه، أما في الآخرة فبشارة عند قبض أرواحهم، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30-31]، ثم تثبيت لهم في قبورهم قال سبحانه: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27]، ثم تمام البشرى بدخول جنات النعيم والنجاة من العذاب الأليم. هم أولئك الذين إذا رءوا ذكر الله عز وجل، هم أولئك الذين تنبعث من وجوههم أنوار الطاعة، هم أولئك الذين قال الله عنهم كما في الحديث القدسي: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، هم أولئك الذي يثبت الناس برؤياهم وكلامهم. حكى ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: يعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، وما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاب، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت بنا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه؛ فيذهب ذلك كله عنا، وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة. قال الله: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24]، بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. ......

وإليك طرفاً من أخبار الأولياء والعابدين: قال البخاري : ما اغتبت مسلماً منذ احتلمت. وقال الشافعي : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً، ولو أعلم أن الماء يفسد علي مروءتي ما شربته. وقيل لـمحمد بن واسع : لم لا تتكئ؟ قال: إنما يتكئ الآمن، وأنا لا زلت خائفاً. وقُرئَ على عبد الله بن وهب : وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ [غافر:47]، فسقط مغشياً عليه. وحج مسروق فما نام إلا ساجداً. وعن جعفر بن سليمان قال: بكى ثابت البناني حتى كادت تثقب عيناه؛ فجاء رجل يعالجها فقال الطبيب: أعالجك على أن تطيعني، قال ثابت : على أي شيء أطيعك؟ قال: على ألا تبكي، قال: فما خيرهما إن لم تبكيا؟ أما قال الله: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا [مريم:58]، أما قال عن أوليائه: وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء:109]. سهر العيون لغير وجهك باطل وبكاؤهن لغير فقدك ضائع عن سلام بن مطيع قال: جيء للحسن بكوز من ماء؛ ليفطر عليه وكان صائماً، فلما أدناه إلى فيه بكى، فقيل: ما أبكاك؟ قال: ذكرت أمنية أهل النار في قوله جل في علاه: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ [الأعراف:50]، ثم ذكرت الجواب: قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ [الأعراف:50]. الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [الأعراف:51]. دخلت امرأة على أهل الأوزاعي ، فنظرت فوجدت بللاً في موضع سجود الأوزاعي ، فقالت لزوجته: ثكلتك أمك، أراك غفلت عن الصبيان حتى بالوا في مسجد الشيخ، فقالت زوجة الأوزاعي : ويحك أمة الله، هذا أثر دموعه في مسجده، وليس من بول الصبيان. لله درهم، أما قال الله عنهم: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54]. لسان حالهم: والله ما طلعت شمس ولا غربت إلا وحبك مقرون بأنفاسي ولا جلست إلى قوم أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جلاسي كان يزدجرد ملك الفرس قد أرسل يستنجد بملك الصين، وذكر له المسلمين ومن أوصافهم فقال: لا ينامون بالليل، ولا يأكلون بالنهار، شعث رءوسهم، بالية ثيابهم. فأجابه ملك الصين: إنه يمكنني أن أبعث إليك جيشاً أوله في منابت الزيتون يعني: في الشام، وآخره في الصين. ولكن إن كان هؤلاء القوم كما تقول، فإنه لا يقوم لهم أهل الأرض، فأرى لك أن تصالحهم، وتعيش في ظلهم، وتأمن في عدلهم. ملكنا هذه الدنيا قرونا وأخضعها جدود خالدونا وسطرنا صحائف من ضياء فما نسي الزمان ولا نسينا وكنا حين يأخذنا ولي بطغيان ندوس له الجبينا وما فتئ الزمان يدور حتى مضى بالمجد قوم آخرونا وأصبح لا يرى في الركب قومي وقد عاشوا أئمته سنينا وآلمني وآلم كل حر سؤال الدهر أين المسلمونا قال الحافظ ابن حجر : المراد بولي الله المواظب على طاعته، المخلص في عبادته، ومن أعظم ما يتبين به الولي أن يكون مجاب الدعوة، راضياً عن الله في كل حال، قائماً بالفرائض، مجتهداً بالنوافل، تاركاً للنواهي، له هدف غير أهداف الناس الدنيوية، غير حريص على الدنيا وما فيها، إذا وصل إليه القليل صبر، وإذا وصل إليه الكثير شكر، يستوي عنده المدح والذم، والفقر والغنى، غير معتد بما منَّ الله عليه من خصال الولاية، كلما زاده الله رفعة ازداد تواضعاً وخشوعاً. من صفاته: حسن الأخلاق، كريم الصحبة، كثير الحلم، كثير الصبر والاحتمال، فمن اتصف بهذه الصفات فليس ببعيد أن تظهر على يديه الكرامات؛ لأن الله تعالى قال عنه كما في الحديث القدسي: (ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).......

إليك رعاك الله موجزاً مختصراً عن سيد الأولياء والعابدين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صلوات ربي وسلامه عليه، فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأوابين العابدين المتبتلين، لم تتغلب نفسه على أهداف حياته العظمى قيد شعرة، ولم يخلف موعده مع الله في عبادة ولا جهاد، لله در أمهات المؤمنين حين يصفن علو همته صلى الله عليه وسلم للصحابة، تقول إحداهن: (وأيكم يطيق ما كان يطيق) وتقول الأخرى: (ما لكم وصلاته صلى الله عليه وسلم) همة عالية في كل مقامات الدين. فلقد كان صلى الله عليه وسلم سيد المجاهدين والعابدين والصابرين والصائمين، كان أعلى الناس توكلاً، وأوفر الناس نصيباً من الرضا والحمد والدعاء والشكر والتبتل، وأعلى الناس يقيناً. كان أشجع الناس، وأرحم الناس، وأشد الناس حياء. كان أحسن الناس خلقاً ومروءة وتواضعاً، وأكثر الناس مراقبة لربه، وأعلى الناس خشوعاً، وأشد الناس عبادة، وكان أطول الناس صلاة. عن حذيفة : (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فكان يقول في صلاته: الله أكبر -ثلاثاً- ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم رفع رأسه فكان قيامه نحواً من ركوعه، ثم سجد فكان سجوده نحواً من قيامه، ثم رفع رأسه من السجود فكان يقعد فيما بين السجدتين نحواً من سجوده، في أربع ركعات، قرأ البقرة، والنساء، وآل عمران، والمائدة أو الأنعام)، شك الراوي في ذلك. يقول أبو هالة في وصفه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان دائم الفكر ليست له راحة). وتقول عائشة رضي الله عنها: (قام صلى الله عليه وسلم ليلة بآية يرددها حتى الفجر وهو يبكي: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]) أقول: ردد وكرر هذه الآية، ثم انظر إلى الأثر في قلبك رعاك الله. يقول عبد الله بن الشخير : (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء). قال له ربه: قُمْ فَأَنذِرْ [المدثر:2]، فانطلق يبلغ دعوة الله. وقال له ربه: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل:2]، فقام حتى تفطرت قدماه. قال لـعائشة ليلة: (دعيني أتعبد لربي، تقول: فقام يصلي، وجعل يبكي حتى بل لحيته، ولا يزال يبكي حتى بل الثرى تحته، فجاءه بلال ليعلمه بدخول وقت الصلاة فوجده يبكي، فقال له: تبكي بأبي أنت وأمي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال صلوات ربي وسلامه عليه: كيف لا أبكي يا بلال !.. أفلا أكون عبداً شكوراً؟! لقد تنزلت علي الليلة آيات، ويل لمن قرأها ولم يتدبرها، ثم تلا قوله جل في علاه: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:190-194]). إنها آيات تصور العابدين في ليلهم ونهارهم وفي جميع أحوالهم تصور خوفهم ورجاءهم وتذكرهم ودعاءهم. لما علمت بأن قلبي فارغ مما سواك ملأته بهواكا وملأت كلي منك حتى لم أدع مني مكاناً خالياً لسواكا فالقلب فيك هيامه وغرامه والروح لا تنفك عن ذكراكا والسمع لا يصغي إلى متكلم إلا إذا ما حدثوا بعلاكا والطرف حيث أجي له متلفتاً في كل شيء يشتهي معناكا اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك، وحب عمل يقربنا إلى حبك يا رب العالمين.
كان سيد العابدين صلوات ربي وسلامه عليه حريصاً على صلاة الجماعة حتى في أشد الأحوال وأصعبها، فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً من جهينة فقاتلوا قتالاً شديداً، فلما صلينا الظهر، قال المشركون: لو ملنا عليهم ميلة واحدة لاقتطعناهم، فأخبر جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فذكر ذلك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لقد قالوا: إنهم ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من أولادهم، فلما حضرت صلاة العصر، قال: قمنا صفين، والمشركون بيننا وبين القبلة، قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا، وركع وركعنا، ثم سجد وسجد معه الصف الأول، فلما قاموا سجد الصف الثاني، ثم تأخر الصف الأول، وتقدم الصف الثاني فقاموا مقام الأول فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا، وركع وركعنا، ثم سجد وسجد معه الصف الأول، وقام الثاني، فلما سجد الصف الثاني جلسوا جميعاً، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعاً). الله أكبر! المقام مقام حرب وخوف وقتال شديد، ومع هذا ما تأخر محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما تكاسلوا وما تهاونوا في صلاة الجماعة، ولقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في أيام مختلفة، وعلى أشكال متباينة، كل هذا الحرص؛ ليربي العباد على المحافظة على الصلوات في كل الظروف والأحوال. وروى البخاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه قال: (دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: ألا تحدثيني عن مرض النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: بلى، ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك، قال: ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء -يعني: ليقوم- فسقط فأغمي عليه، ثم أفاق صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! قال: ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: فقعد فاغتسل، ثم ذهب ليقوم فسقط فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! فقال: ضعوا لي ماء في المخضب، فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، والناس عكوف في المسجد ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس). الله أكبر! كم كان صلوات ربي وسلامه عليه حريصاً على صلاة الجماعة، يشتد مرضه فيغتسل، ثم يغمى عليه فيفيق فيغتسل ثم ثانية وثالثة، كل ذلك لعله يكتسب خفة ونشاطاً يمكنه بفضل الله تعالى من حضور صلاة الجماعة، فكيف كانت الخفة؟ وكيف كان خروجه للناس؟ اسمع رعاك الله! روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: (فوجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة، فخرج يهادى بين الرجلين، كأني أنظر إلى رجليه تخطان من الوجع). سبحان الله! لم يكن يتمكن من المشي إلا اعتماداً على رجلين، ولم يكن يقدر على تمكين رجليه على الأرض لشدة ضعفه، ومع هذا خرج لصلاة الجماعة في المسجد؛ ليبين للناس أن العابدين لا يتخلفون عن الصلوات في المساجد، خرج ليبين أن العابدين لا يكونون إلا في المساجد والمحاريب.

إن أي استقامة لا تنطلق من المسجد والمحراب لا خير فيها، إن سجود المحراب واستغفار الأسحار ودموع المناجاة هي من أهم صفات العابدين، ولئن ظن أهل الدنيا أن جنتهم في الدينار والنساء والقصر المنيع، فإن جنة العابدين في محرابهم في صلواتهم لربهم، أما سمعت قول الله ليحيى عليه السلام: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ [آل عمران:39]، إن صلوات العباد في المحاريب تربية لهم وتيجان على رءوسهم أغلى من التيجان على رءوس الملوك. أعيد وأكرر: وهل تنتصر الأمة إلا بالعباد والزهاد؟ فهيا معاً نسمع أحوال العابدين الذين جعلوا محمداً صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة لهم، من أحوال العابدين:


العباد الزهاد في الناس كالعملة النادرة، يصدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تجدون الناس كإبل مائة لا يجد الرجل فيها راحلة)، رواه مسلم . ومعنى الحديث: أن المرضي الأحوال من الناس، الكامل الأوصاف، الحسن المنظر، القوي على الأحمال والأسفار، قليل جداً، كقلة الراحلة في الإبل، ولذا عمت المصيبة بفقدهم وعمت الرزية بموتهم. لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد حر يموت بموته بشر كثير فالرجل من أولئك بألف، قال أبو بكر رضي الله عنه: ( صوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل ). ولما طلب عمرو بن العاص رضي الله عنه المدد من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لفتح مصر كتب إليه عمر رضي الله عنه: أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم مقام الألف، الزبير بن العوام و المقداد بن عمرو و عبادة بن الصامت و مسلمة بن مخلد . وهل تنتصر الأمة على أعدائها إلا بأمثال هؤلاء؟! (قال الأصمعي : لما صاف قتيبة بن مسلم الترك -وهذا هو أمرهم- سأل عن محمد بن واسع فقيل: هو معك في الميمنة، جانح على قوسه يبصبص بأصبعه نحو السماء قال: تلك الأصبع أحب إلي من مائة ألف سيف شهير وشاب طرير. أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ومن أهم صفات العابدين: أنهم أهل صلاة وقيام وأهل محافظة على الفرائض، وتقرب إلى الله بالنوافل، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) الحديث. فلما سمع القوم منادي المحب يناديهم؛ انطلقوا خفافاً إليه، وعلموا أن أفضل القربات هي الصلوات، قال صلى الله عليه وسلم: (استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة). كيف لا وهي عماد الدين، وعصام اليقين، ورأس القربات، وهي المعين للعبادة، التي تفتح القلب وتوثق الصلة بالله. ولقد بدأ الله صفات المؤمنين بالصلاة وختمها بالصلاة؛ لعظيم مكانها في بناء الإيمان، وهي أكمل صورة من صور العبادة، قال صلى الله عليه وسلم: (الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر)، حسنه الألباني رحمه الله. وقال سيد العابدين صلوات ربي وسلامه عليه: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)، رواه مسلم . وقال بأبي هو وأمي: (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)، حسنه الألباني رحمه الله. أما يكفيك قوله صلى الله عليه وسلم: (إن أحدكم إذا قام يصلي إنما يناجي ربه، فلينظر كيف يناجيه)، صححه الألباني رحمه الله. علم العباد قدر الصلاة وأنها ميدان سباق، فانطلقوا يتسابقون ولسان حالهم: من فاته منك وقت حظه الندم ومن تكن همه تسمو به الهمم

روى مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف). لله درهم من مرضى، لا والله بل نحن المرضى، مرضى القلوب. وعن عطاء بن السائب قال: (دخلنا على أبي عبد الرحمن السلمي وهو يقضى -يعني: ينازع- في المسجد، فقلنا له: لو تحولت إلى دارك وفراشك فإنه أوفر لك، فقال لهم: حدثني فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، فأنا أريد أن أموت في مسجدي) يا ألله! من السبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق في المساجد. قيل لـنافع : ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا تطيقونه: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما. وعن محمد بن زيد : أن ابن عمر رضي الله عنهما كان له متراس فيه ماء فيصلي فيه ما قدر له، ثم يصير إلى فراشه فيغفي إغفاءة الطائر، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمس. وروى نافع : أن ابن عمر كان يحيي بين الظهر والعصر. فمن منا فعل ذلك؟! عن الربيع بن خثيم قال: أتيت أويساً القرني فوجدته قد صلى الصبح وقعد في مصلاه، فقلت: لا أشغله عن التسبيح، فلما كان وقت الصلاة -يعني: بعد الشروق- قام فصلى إلى الظهر، فلما صلى الظهر قام فصلى إلى العصر، فلما صلى العصر قعد يذكر الله إلى المغرب، فلما صلى المغرب صلى إلى العشاء، فلما صلى إلى العشاء قام فصلى إلى الصبح، فلما صلى الصبح جلس فأخذته عينه ثم انتبه، فسمعته يقول: اللهم إني أعوذ بك من عين نوامة، وبطن لا تشبع. رحم الله أويساً ما أعلى همته، يعاتب نفسه على إغفاءة خاطفة، ولهذا يعده الشاطبي ممن يأخذ بما هو شاق على الدوام، ومع هذا لا يعتبر مخالفاً للسنة، بل إنه من السابقين الأولين، ألم يكن سيد العابدين يقوم الليل حتى تتورم قدماه؟! عن أصبغ بن زيد قال: كان أويس إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع، فيركع حتى يصبح, وكان إذا أمسى قال: هذه ليلة السجود، فيسجد حتى يصبح، كان رحمه الله يقول: لأعبدن الله في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء. أما سيد التابعين في العلم والعمل سعيد بن المسيب فكان كاسمه في الطاعات سعيداً، ومن المعاصي والجهالات بعيداً، عن أبي حرملة عن ابن المسيب قال: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين، وما نظرت في قفا رجل منذ خمسين سنة، وما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد. قال رحمه الله: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة. والله لولا الأسانيد الصحاح والرجال الثقات لقلنا: إن هذه الأخبار ضرباً من الخيال، ولكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن لج ولج، ومن وقف على الباب يوشك أن يفتح له. عن شرحبيل : أن رجلين أتيا أبا مسلم الخولاني فلم يجداه في منزله، فأتيا المسجد فوجداه يركع ويسجد، فانتظراه فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاثمائة ركعة قبل أن ينصرف، فقالا له: يا أبا مسلم كنا قاعدين خلفك ننتظرك، فقال: لو عرفت مكانكما لانصرفت إليكما، وأقسم لكما بالله إن خير ما قدم المرء ليوم القيامة كثرة السجود. عمن أخبرك؟ عن الربيع ، أمْ عن عامر بن قيس ، أم أسمعك من خبر الحسن و الفضيل و ابن المبارك ، أم أتلو عليك خبر مرة الهمداني . قال الذهبي : يقال له مرة الخير لعبادته وخيره وعلمه.. قال الذهبي : بلغنا عنه أنه سجد لله حتى أكل التراب جسده. عن عطاء بن السائب قال: كان مرة يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة، فلما ثقل وبدن صلى أربعمائة ركعة، وكنت أنظر إلى مباركه كأنها مبارك الإبل. ومثل هؤلاء كثير ممن نعرفهم وممن لا نعرفهم، لكن الله يعرفهم. أما مسروق العالم بربه الهائم بحبه، فقال عنه ابن إسحاق : حج مسروق فما بات إلا ساجداً. قال سعيد بن جبير : لقيني مسروق فقال: يا سعيد ! ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفِّر وجوهنا في التراب، وما آسى على شيء إلا على السجود لله تعالى. كانت امرأة مسروق تقول: والله ما كان مسروق يصبح ليلة من الليالي إلا وساقاه منتفختان من طول القيام، وكنت أجلس خلفه فأبكي رحمة له. وكان رحمه الله إذا طال عليه الليل وتعب صلى جالساً، ولا يترك الصلاة، وكان إذا فرغ من صلاته يزحف كما يزحف البعير من الضعف. إن الذي قاد هؤلاء وأوصلهم إلى ما هم عليه تلك الهمم العالية والنفوس الأبية. قال السعدي في أبيات جميلة يصور سيرهم وحالهم: سعد الذين تجنبوا سبل الردى وتيمموا لمنازل الرضوان فهم الذين أخلصوا في مسجد متشرعين بشرعة الإيمان وهم الذين بنوا منازل سيرهم بين الرجا والخوف للديان وهم الذي ملأ الإله قلوبهم بوداده ومحبة الرحمن. أقول: من أراد الوصول فعليه بالأصول، ومن سار على الدرب وصل......
إليك خبر عابد صغير من أهل زماننا، أخبرني أحد الثقات عن ابن أخيه، واسمه مسفر وعمره خمس سنوات. يقول: بدأت قصة مسفر عندما قلت له: إن الذي يصلي يحبه الله، ومنذ تلك اللحظة وهو محافظ على الصلوات جميعها، بل في الصف الأول، بل خلف الإمام أكثر الأحيان وإذا سألته لماذا تصلي؟ يجيب بكل بساطة وعفوية: حتى يحبني الله، يقول: في يوم من الأيام ارتفعت حرارة مسفر واحمرت عيناه من شدة المرض، فلما رأى أباه خارجاً سأله: إلى أين يا أبي؟ فقال: إلى المسجد، إلى صلاة العصر، فقام من حضن أمه وقال لأبيه: سوف أذهب معك إلى المسجد، فقال: ولكن أنت مريض، وحرارتك مرتفعة، فرد مسفر : أذهب إلى المسجد والله سيشفيني؛ لأن الله يحب الذين يصلون. يقول صاحبي: فذهب إلى المسجد وصلى، وخرج من المسجد معافى، كأنه لم يكن به شيء، ولم تنته القصة: ذهب مسفر لزيارة عمته، ولما أراد أبوه أن يرجعه إلى البيت، رفض الرجوع، قال: أريد البقاء مع عمتي، وهي أمي من الآن وأصبح يناديها بأمي. أتدرون ما السبب؟ السبب: أن زوج عمته مؤذن، ويأخذه إلى المسجد مبكراً، وهو يحب التبكير إلى الصلاة كلما اتصلت عليه أمه، قال: اسمعي أماه، الله أكبر، الله أكبر. يردد على مسامعها الأذان، أقول: آن الأوان أن نربي أنفسنا وصغارنا على الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر).......

قبل النهاية أوصي الشباب بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: (اغتنم شبابك قبل هرمك)، الشباب: هو زمن العمل؛ لأنه فترة قوة بين ضعفين: ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة. لذا قال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)، رواه الحاكم وصححه. فالشباب هو وقت القدرة على الطاعة، وهو ضيف سريع الارتحال، فإن لم يغتنمه العاقل تقطعت نفسه حسرات: ألا ليت الشباب يعود يوماً. قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه..) الحديث. والسؤال الذي أسألك إياه أخي الكريم: أليس الشباب قطعة من العمر؟ فلماذا التأكيد والتشديد على مرحلة الشباب، ذكر صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: شاب نشأ في عبادة الله. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما آتى الله عز وجل عبداً علماً إلا شاباً والخير كله في الشباب، ثم تلا قوله جل في علاه: قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ [الأنبياء:60]، وقوله سبحانه: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى [الكهف:13]، وقوله تعالى: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مريم:12]. قالت حفصة بنت سيرين : يا معشر الشباب! اعملوا فإنما العمل في الشباب، وهل كان صحابة محمد صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه إلا شباب؟! شباب ذللوا سبل المعالي وما عرفوا سوى الإسلام دينا تعهدهم فأنبتهم نباتاً كريماً طاب في الدنيا غصونا إذا شهدوا الوغى كانوا كماةً يدكون المعاقل والحصونا وإن جن المساء فلا تراهم من الإشفاق إلا ساجدينا شباب لم تحطمه الليالي ولم يسلم إلى الخصم العرينا ولم تشهدهم الأقداح يوماً وقد ملئوا نواديهم مجونا وما عرفوا الأغاني مائعات ولكن العلا صيغت لحونا وما عرفوا الخلاعة في بنات ولا عرفوا التخنث في بنينا كذلك أخرج الإسلام قومي شباباً مخلصاً حراً أمينا. حكى المسعودي في شرح المقامات: أن المهدي العباسي لما دخل البصرة رأى إياس بن معاوية وهو صبي، وخلفه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة و إياس يتقدمهم، فقال المهدي : أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ ثم إن المهدي التفت إليه وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني أطال الله بقاء الأمير سن أسامة بن زيد لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً فيهم أبو بكر و عمر ، فقال المهدي : تقدم بارك الله فيك. فالشباب هم روح الأمة، وهم حملة الراية، ولن تقوم للأمة قائمة إلا على أكتاف الشباب الذين يريدون ما عند الله والدار الآخرة. لقد هيئوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل. قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً؛ يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة). اعلم رعاك الله أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأن بحسب ركوب الأهوال، واحتمال المشتاق تكون الفرحة واللذة. قيل للربيع بن خثيم : لو أرحت نفسك، قال: راحتها أريد. وقيل للإمام أحمد : متى يجد العبد طعم الراحة؟ فقال: عند أول قدم في الجنة. أحزان قلبي لا تزول حتى أبشر بالقبول وأرى كتابي باليمين وتسر عيني بالرسول عوتب أحدهم لشدة اجتهاده فقال: إن الدنيا كانت ولم أكن فيها، وستكون ولن أكون فيها، ولا أحب أن أغفل أيامي. فالصلاة خير من النوم، والتجلد خير من التبلد، والمنية خير من الدنية، فكن رجلاً رجله في الثراء وقامة همته في الثريا فإن إراقة ماء الحياة دون إراقة ماء المحيا. قال سبحانه: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا [الإسراء:18-19]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرَّتْ بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها). فكم ضاعت ومرت بنا من ساعات؟ عن قتادة أن عامر بن قيس لما حُضِرَ جعل يبكي، فقيل له: ما يبكيك، قال: ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وعلى قيام ليالي الشتاء. قال فضيل رحمه الله: الزم طريق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطريق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين. قيل لـمحمد بن واسع : إنك لترضى بالدون، قال: إنما رضي بالدون من رضي بالدنيا. هب الدنيا تساق إليك عفواً أليس مصير ذاك إلى انتقال فما دنياك إلا مثل ظل أظلك ثم آذن بالزوال اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا. اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين. اللهم أصلح الشباب والشيب واحفظ النساء والأطفال يا رب العالمين. اللهم ردنا إليك رداً جميلاً يا حي يا قيوم. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم لا تؤاخذنا بالتقصير، واعف عنا الكثير، وتقبل منا اليسير إنك يا مولانا نعم المولى ونعم النصير، أستغفر الله العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.......


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:11 AM   #90



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4435يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم
وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً

أنا وإياكم في مكان مبارك .. في ساعة مباركة ..في حضور مبارك.. في ليلة بعنوان
توبة صادقة ..
التوبة بداية حياة ونهاية حياة .. بداية مع الهداية ونهاية مع الغواية ..
التوبة منة وفضل من الله يمن بها على من يشاء من عباده فهو التواب الرحيم .
التوبة امتحان للتائبين ليُعرف الصادقون والكاذبون ..
التوبة ميلاد جديد وانطلاقة إلى عهد مديد .. إنها حياة شعارها الحياة مع الله .. إنها حياة شعارها الحياة مع الله ..
المطلوب هو الصدق مع الله لذا أسميتُ المحاضرة : توبة صادقة.
أحبتي كثير هم الذين يتوبون لكن قليل هم الذين يصدقون في توبتهم ويثبتون .
كتبت المحاضرة على مدى أيام وليالٍ طوال تنقلت فيها من كتاب إلى كتاب ، وسمعت أخباراً وأخبار فاخترت من أخبار الماضي والحاضر طرزتها بالآيات والأحاديث والآثار ، ضمنتها أبياتاً من الأشعار وأقوالاً للصالحين الأخيار .
أردت من طرح الموضوع تثبيت التائبين وتذكير الغافلين .
أردت أن أذكر الجميع أنه ما نزل ذنب إلا ببلاء وما رفع إلا بتوبة .
جعلت الحديث موجهاً للجميع ذكراناً وإناثا..ً نساءً ورجالاً.
فالتوبة وظيفة الجميع .. فهيا معاً .. فهيا معاً نركب قطار المستغفرين إلى ديار التائبين ، وننضم إلى قوافل العائدات والعائدين، ونبدل الحال من حال إلى حال قبل نزول مفرق الجماعات وهادم اللذات ، فلا ندري أين غداً تكون الدار إلى روضة من رياض الجنة أم إلى حفرة من حفر النار ، ومن أشرقت بدايته أشرقت نهايته ..من أشرقت بدايته أشرقت نهايته ..ومن كان مع الله كان الله معه .. إن من صدق مع الله في توبته صدق الله معه ووفقه لحسن خاتمته .
إن التوبة والنجاة بالاستغفار لا بالتمادي والاستهتار .
أنه من بذل الأسباب وصل إلى الأبواب .
عناصر اللقاء :
العنصر الأول : توبة كاذبة .
العنصر الثاني : باختصار مع الذين خُلفوا
العنصر الثالث : من ترك شيئاً لله
العنصر الذي يليه : ليست فاتنة بل ظالمة .
ثم أخيراً : اعتبروا يا أولي الأبصار .


العنصر الأول
توبة كاذبة

قال منصور بن عمار : كان لي صديق مسرف على نفسه ثم تاب ، وكنت أراه كثيراً .. كنت أراه كثيراً من العباد والقوام والصوّام .. أراه كثير العبادة والتهجد ففقدته أياماً فقيل لي : هو مريض . فأتيت إلى داره فخرجت إليّ ابنته .
ف قالت : من تريد .
قلت : قولي لأبيك فلان .. فاستأذنت لي ثم دخلت فوجدته في وسط الدار وهو مضطجع على فراشه وقد اسودّ وجهه ، وأذرفت عيناه ، وغلظت شفتاه .
فقلت له وأنا خائف منه : يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله .. ففتح عينيه فنظر إلي بشدة ثم غشي عليه .
فقلت له ثانياً : يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله.. ثم كررتها عليه ثالثاً , ففتح عينيه فقال : يا أخي منصور هذه كلمة قد حيل بيني وبينها .. هذه كلمة قد حيل بيني وبينها ..
فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
ثم قلت له : يا أخي أين تلك الصلاة والصيام والتهجد والقيام ..
فقال : كان ذلك لغير الله .. كان ذلك لغير الله ..وكانت توبتي كاذبة ، إنما كنت أفعل ذلك ليقال عني وأُذكر به ، وكنت أفعل ذلك رياء للناس ، فإذا خلوت إلى نفسي أغلقت الأبواب وأرخيت الستور وشربت الخمور وبارزت ربي بالمعاصي .. ودمت على ذلك مدة فأصابني المرض وأشرفت على الهلاك ، فقلت لابنتي هذه : ناوليني المصحف ، فقلت بعد أن أخذت المصحف : اللهم بحق كلامك في هذا المصحف العظيم إلا ما شفيتني وفعت عني البلاء ، وأنا أعاهدك أن لا أعود إلى ذنب أبداً .. ففرج الله عني .. ففرج الله عني .. فلما شفيت عدت إلى ما كنت عليه من اللهو واللذات وأنساني الشيطان العهد الذي بيني وبين ربي ، فبقيت على ذلك مدة من الزمن فمرضت مرة ثانية أشرفت حينها على الهلاك والموت فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كعادتي ثم دعوت بالمصحف وقرأت فيه ثم رفعته وقلت : اللهم بحرمة ما في هذا المصحف الكريم من كلامك إلاّ ما فرجت عني ورفعت عني البلاء ، فاستجاب الله مني ورفع عني .. ثم عدت إلى ما كنت عليه من اللهو والضياع ما كأني عاهدت الله أن لا أعود..فوقعت في هذا المرض الذي تراني فيه الآن فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كما تراني ثم دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد منه .. دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد منه ..فعلمت ان الله سبحانه قد غضب علي فرفعت رأسي إلى السماء وقلت : اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض .. اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض ..فسمعت كأن هاتفاً يقول :

تتوب عن الذنوب إذا مرضت
فكم من كربة نجّاك منها
أما تخشى بأن تأتي المنايا
وترجع للذنوب إذا برأت
وكم كشف البلاء إذا بليت
وأنت على الخطايا قد لهوت

قال منصور بن عمار : فوالله ما خرجت من عنده إلا وعيني تسكب العبرات ، فما وصلت الباب إلا وقيل لي إنه قد مات ..
حيل بينهم وبين ما يشتهون ..
نعم أحبتي .. نعم أحبتي.. التوبة ليست نطق باللسان ، إنما هي ندم بالقلب وعزم على عدم العودة إلى الماضي المرير .
ومن شروط صحة التوبة أن تكون قبل معاينة أمور الآخرة فمن باشره العذاب أو عاين الموت فقد فاته موسم القبول ..من عاين الموت وباشر العذاب فقد فاته موسم القبول ..
والله ما صدق صادقٌ فرُدّ عن الأبواب ، ولا أتى الباب مخلصٌ فصُدّ عن رب الأرض والسماء ورب الأرباب .
إنما الشأن في صدق التوبة ، لذلك قال الله :( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )

يا ربي عفوك لا تأخذ بزلتنا
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
ونركب الجو في أمن وفي دعة
وارحم يا ربي ذنباً قد جنيناه
لما تولت بلايانا نسيناه
لما وصلنا الشاطي عصيناه
وما سقطنا لأنَّ الحافظ الله

فأين الشباب اليوم ؟ أين الصادقون ؟ أين الذين يتوبون ثم يستقيمون ويصدقون .
إنَّ لأمة اليوم في أمس الحاجة لشبابها وفتياتها الذين يعتزون بدينهم ويتمسكون بعقيدتهم ويفخرون بماضيهم .. فوالله الذي لا إله إلاَّ هو لا زال في أمتنا خير وفي شبابها خير وفي فتياتها خير بل حتى في أطفالها خير..
مع البداية أهمس لك همسة ..أهمس لك همسة مع البداية ..
كان هناك فتاة عابدة صوّامة قوّامة في عمر الورود والأزهار من بنات هذا الجيل لا من بنات الأجيال الماضية ..تقدم لها شاب فترددت فقيل لها : لماذا التردد ولماذا لا توافقين ، قالت : أحب الصيام والقيام .. قالت :أحب الصيام والقيام ..فقيل لها : إنَّ خدمة الزوج عبادة وقربة إلى الله فأنت في خير وعبادة ، فاستخارت ثم قطعت التردد بالموافقة .. قالت : لكن بشرط .. قالت :لكن بشرط ..وشرط واحد ليس لي شرط سواه ..قالوا : وما هو.. قالت : أن يأذن لي بصيام ثلاثة أيام من كل أسبوع .. أن يأذن لي بصيام ثلاثة أيام من كل أسبوع ..فهي تعلم أنَّ صيام النافلة لا بدَّ أن يكون بإذن زوجها ..فأخبروه ففرح بالشرط ووافق , وفرحت هي بموافقته وزُفََّت إليه وبُني بيت على تقوى من الله ورضوان ..
الله أكبر.. نريد بيوتاً تبنى على مثل هذا .. على صيام بالنهار وقيام بالليل..
من مثل هذه البيوت يتخرج الرجال والأبطال ..
وإليك أنت أيضاً همسه.. أهمسها مع البداية ..
اعلم بارك الله فيك أن كل الأبطال تخرجوا من مدرسة الليل ، ففي الظلام تعلموا الإخلاص والإقدام ..
اعلم أنك لن تكون فارساً مغواراً بالنهار حتى تتعلم الفروسية والرهبانية بالليل ..
أُخبرت عن شاب نحيل الجسم ، كثير الحياء ، قليل الكلام ، همه الإسلام والعمل للدين ..لم يتجاوز السابعة والعشرين لكنه ذو رأي وقول سديد ..موفق والتوفيق بيد الله ..يقول أحد الشباب : رافقته مراراً في رحلات دعوية .. كم أصابنا فيها من التعب والإرهاق والمشقة والعناء , ومع هذا رأيت منه عجب العجاب .. كان صاحب قيام ليل وليس بأي قيام .. بل قيام طويل تتعب منه الأقدام ..
أحبتي كثير هم الذين يقومون لكن أين قيام من قيام .. من وقف دقيقة ليس كمن وقف ساعة ..
يقول الشاب عن صاحب ذلك الجسم النحيل كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن.. كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن وما تخلف عن ذلك ليلة واحدة مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال ..قلت : هكذا هم الصادقون .. قلت : هكذا هم الصادقون .. ( كانوا قليلاً من الليل مايهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) هكذا هم الصادقون .. ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ) ..
إن أمة تمتلك أمثال هؤلاء الفتيات والفتيان أمة لا تقهر ولا تغلب بإذن الله ..ولكنها تمتحن وتبتلى حتى يأتي أمر الله وحينها (يفرح المؤمنون) وحينها (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)


العنصر الثاني
باختصار مع الثلاثة الذين خلفوا ..

إنه خبر توبة زكاها الله في القرآن ثم أمرنا الله أن نكون منهم ومعهم .. قال سبحانه : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التوَّاب الرحيم ) ثم اسمع هذا النداء العظيم : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
جاء خبرهم عند البخاري مفصلاً وأنا أسوقه لكم باختصار ..
أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ليتأهبوا للغزو وكان ذلك في غزوة تبوك ..كان الحر شديداً والسفر بعيداً والعدو كثيراً وعنيداً..
يقول كعب بن مالك راوي الحديث وأحد الثلاثة الذين خلفوا :
والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت في تلك الغزوة .. ولما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه قلت : غداً ألحقهم .. غداً ألحقهم ..ولكن لم يقدر لي ذلك ، ولقد هممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت ، ولكن لم يقدر لي ذلك ليقضي الله أمراً كان مفعولاً..
ولقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عني وهو في القوم بتبوك فقال رجل : يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفه .. فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت ..والله يا رسول الله ما علمت عنه إلا خيراً..
فأين هم الذين يدافعون عن أعراض إخوانهم اليوم ..
يقول كعب : فلما بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه قافلاً ..أي راجعاً ..حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً..
فلما قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حلّ بالمدينة قادماً زاح عني الباطل وعلمت أني لن أخرج منه أبداً بشيء فيه كذب ، فأجمعت على أن أصدقه في الحديث ..
جاء المخلفون وكانوا بضعة وثمانين فطفقوا يعتذرون ويحلفون فقبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم علانيتهم ووكل سرائرهم إلى الله ..
أحبتي ..الله لا ينظر إلى المظاهر ولكن الله سيبتلي السرائر ..
فما جئته تبسم تبسم المغضب ، فلما جلست بين يديه قال لي : ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟! قلت : بلى والله ، لقد علمت لئن حدثتك بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله ..
أحبتي..قد تأخذ ما عند فلان أو فلان بالكذب أو الافتراء ، ولكن والله الذي لا إله إلا هو إنك لن تأخذ ما عند الله إلا إذا صدقت مع الله ..والله لن تأخذ ما عند الله إلا إذا صدقت مع الله .. قد تنصب على فلان وتضحك على فلان وتأخذ ما تشاء ، ولكن لن ينجيك من الله إلا أن تصدق مع الله ..
قال كعب : والله ما كان لي من عذر ، والله ما كنت قط أقوى و لا أيسر مني حين تخلفت عنك .. فقال صلى الله عليه وسلم :" أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك "..
يقول كعب : فقمت فلامني من لامني وقالوا لي يسعك ما وسع غيرك ويكفيك استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لك ، فقلت :هل قال مثل قولي أحد فذكرو لي لي رجلين هما مرارة بن الربيع وهلال بن أمية ، فمضيت حين ذكروهما لي .. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا نحن الثلاثة ، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لنا الأرض فلا هي الأرض التي نعرفها بل حتى تنكرت لنا أنفسنا التي بين جنوبنا فلا هي بالأنفس التي نعرفها .. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة .. أما صاحباي فقعدا في بيوتهما يبكيان .. أما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج لأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد .. كنت آتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه فأسلم عليه بعد صلاته وأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ، ثم أصلي قريباً منه أسارقه النظر ، فلما طال الأمر و اشتدّ ذلك علي تسوّرت جدار حائط ابن قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي.. فسلمت علي فوالله ما ردّ عليّ السلام .. قلت : أنشدك بالله.. أنشدك بالله.. يا أبا قتادة هل تعلمني أحب الله ورسوله فسكت.. فناشدته فسكت .. فناشدته في الثالثة فقال : الله ورسوله أعلم.. ففاضت عيناي ، وخرجت أمشي في سوق المدينة ، فإذا بنبطي من أهل الشام يقول : من يدل على كعب بن مالك .. فأشار الناس إلي .. فجاءني فدفع لي كتاباً من ملك غسان يقول فيه : لقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولن يجعلك الله بدار مضيعة أو هوان إلحق بنا نواسيك .. إلحق بنا نواسيك ..فعلمت أن هذا من زيادة البلاء فتيممت به التنور ورميته به ..
يمتحن العبد على قدر إيمانه .. إن كان في إيمانه شدة شدد عليه في البلاء وإن كان في إيمانه رقة خفف عنه في البلاء ..
يقول كعب : فعلمت أن هذا من زيادة البلاء فتيممت به التنور ورميته فيه .. فلما مضت أربعون من الخمسون ليلة جاءنا الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم أن نعتزل نساءنا ..قلت : أأطلقها أم ماذا ؟ قال : بل اعتزلها فقلت لها- أي لزوجتي- : إلحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر .. ولقد قيل لصاحبيّ مثل ما قيل لي .. أما امرأة هلال بن أمية فجاءت للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه ..فقال : لا..ولكن لا يقربنك .. فقالت : والله الذي لا إله إلا هو ما به حركة إلى شيء ولا زال يبكي من أمره إلى يومه هذا ..
هكذا حال الصادقين .. هكذا حال الصادقين .. دموعهم حارة مدرارة بالليل والنهار ..
قالت : والله الذي لا إله إلا هو ما به حركة إلى شيء ولا زال يبكي منذ أمره إلى يومه هذا ..
يقول كعب رضي الله عنه فلبثت بعد عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا فلما صليت صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا وأنا على تلك الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت إذا بصارخ يصرخ على جبل سلع بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر .. يا كعب بن مالك أبشر.. فخررت ساجداً وعرفت أنه قد جاء الفرج وأنه قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا ..فذهب الناس يبشروني ويبشرون صاحبي هلال ومرارة .. فلما جاء من يبشرني نزعت ثوبي فكسوته إياهما ببشارته ووالله ما أملك غيرهما ,ثم استعرت ثوبين ولبستهما و انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجاً بعد فوج يهنئوني بالتوبة ..يقولون لي : لتهنك توبة الله عليك .. لتهنك توبة الله عليك ..فلما دخلت المسجد قام لي طلحة بن عبيد الله .. قام لي مهرولاً فصحافحني وهنأني ووالله ما أنساها لطلحة .. يقول كعب : فلما سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم قال لي ووجهه يبرق من السرور ، وكان إذا سرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر ..
قال :" أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك ".. "أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك "..
قلت : أمن عندك يا رسول الله أم عند الله .. قلت : أمن عندك يا رسول الله أم عند الله ..
قال : " بل من عند الله " .. فلما جلست بين يديه .. قلت : يا رسول الله : إنما نجاني الله بالصدق وإن من صدق توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت .. ووالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني..
تأمل أيها التائب وتأملي أيتها التائبة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لكعب : " أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك " .. يا الله ما اجمل التوبة ..وما أجمل الرجوع إلى الله .. التوبة ابتلاء وامتحان ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة )..
أحبني.. صدق أقوام في توبتهم فصدق الله معهم فعفا عنهم وزكاهم ..
واسمع واسمعي معي بعضاً من آثار توبة الصادقين والصادقات فمنهم من يحزن على اقتراف المعصية حزناً لا يفارقه حتى الموت ، ومنهم من يهجر الناس ويعتزلهم ويضج بيته بالبكاء ، ومنهم من يتمنى أن يكون تراباً حتى لا يحاسبه الله على ذنبه ومعاصيه ، ومنهم من يمرغ خده بالتراب حتى يذوق طعم الذلة علّ الله أن يرحمه على تلك الحال ، ومنهم من يتعلق بأستال الكعبة مطرقاً خاشعاً يطلب العفو من الله ، ومنهم من يجوب الصحراء هائماً على وجهه يعاهد الله عز وجل ألا يرجع إلى بيته إلا وقد تاب وتاب عليه الله ، ومنهم من يعتكف في بيت من بيوت الله يذكر الله ويتلو القرآن ويركع ويسجد والدموع تتزاحم في عينيه ندماً على ما فرض في جنب الله ، ومنهم من يحس بآلام ورعشة وببكاء واضطراب كالحية يتغشاها الألم ويخر مغشياً عليه حياء من الله ، ومنهم من يشهق شهقة يموت بعدها خوفاً ووجلاً من الله ، ومنهم من بلغ من عبادة ربه أنه يوم مات كأنه جذع محترق من عبادة الله .
أخي .. أخية..لا غرابة فيما ذكرت وقلت .. لا غرابة فيما ذكرت وقلت .. فالخوف من الله أرجف قلوب العصاة وكاد يخلعها من مكانها ..فكم رعدت بروق الخوف.. فكم رعدت بروق الخوف في القلوب القاسية فذهبت عنها سحب الغفلة .. وأمطرت دموع الخشية فصفا سماء القلب واستنار وطلعت عليه شمس النهار ..وسبحان الذي قال عن التائبين : ( يخافون يوماً تتقلب في القلوب والأبصار ) .. ( يخافون يوماً تتقلب في القلوب والأبصار ) ..

بذكرك يا مولى الورى نتنعم
إلهي تحملنا ذنوباَ عظيمة
ألست الذي قربت قوماً فوفقوا
لك الحمد عاملنا بما أنت أهله
وقد خاب قوم عن سبيلك قد عمو
أسأنا وقصرنا وجودك أعظم
ووفقتهم حتى أنابوا وأسلموا
سامح وسلمنا فأنت المسلم



العنصر الثالث
من ترك شيئاً لله

هذا مبتلىً بذنوب ومعاصي تركها من أجل الله فجاءه العوض من الله جل في علاه .. كان مولع بالغناء محباً للطرب ، ومما زاد حبه لهذه المعصية ذلك الصوت الجميل الذي وهبه الله له .. صوت شجي خلاب يحرك المشاعر والأحاسيس .. لم يكن يفكر في حرمة الغناء وعواقبه .. كان تفكيره كيف يكون مشهوراً ويظهر أمام الناس .. فسعى إلى شهرة الباطل وأخرج شريطاً غنائياً وأخذ يوزعه بين أهله وأصحابه وأقاربه .. زاره يوما أحد أقاربه من مدينة بعيدة ومعه شاب صالح ، وباتا عنده ، فلما سمع ذلك الشاب الصالح عنه وعن أغانيه وعن صوته الجميل قال له : ليت هذا الصوت الجميل كان يرتفع ويصدح بالقرآن بدل من مزامير الشيطان ..أما سمعت قول الله : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى وقال أأسجد لمن خلقت طينا ، قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ، قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤهم جزاءً موفورا ، واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) فأثرت تلك الكلمات والآيات فيه ووجدت قبولاً في قلبه .. فلما جنَّ الليل ونام النائمون.. استيقظ التائبون .. يقول قريبه الذي كان يزوره بينما نحن نائمون يغطينا ظلام الليل الدامس والسكون يملأ المكان استيقظت على صوت بكاء فإذا بقريبي المغني ساجد لله في صلاته يشهق من البكاء ألماً وندماً على ما فرط في جنب الله .. ففرحت لبكائه ..ففرحت لبكائه وندمه .. ترك الماضي بكل ما فيه وأقبل على الله يرجو ما عنده .. فكان العوض من الله .. عوضه الله خيراً مما ترك .. أصبح يحب القرآن .. يغدو ويروح مع آياته .. يترنم بالآيات بالليل والنهار .. أخذ يتعلم علم القرآن وفن التلاوة حتى صار إماماً وقارئاً يشار إليه بالبنان لجمال صوته وخشوعه في صلاته .. فسبحان مغير الأحوال ..صدق في توبته فصدق الله معه .. وترك من أجل الله فعوضه الله خيراً مما ترك وأي عوض أجمل من القرآن .. أي عوض أجمل من القرآن ..
يا الله ما أجمل التوبة وما أجمل العودة إلى الله ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون )

قل للذي ألف الذنوب وأجرما
لا تيأسن من الجليل فعندنا
يا معشر العاصين جودي واسع
لا تقنطوا فالذنب مغفور لكم
وإني لغفار لمن تاب وآمن
وغدا على زلاته متندما
فضل ينيل التائبين تكرما
توبوا ودونكم المنا والمغنما
إني الجدير بأن أجود وأرحما
وعمل صالحاً ثم اهتدى

اعلم واعلمي.. أن الذنوب الصغيرة تكبر وتعظم بأسباب ..
اعلم واعلمي ..أن الذنوب الصغيرة تكبر وتعظم بأسباب ..منها الإصرار والمواظبة .. لذلك قيل لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ..
قال ابن سيرين محمد رحمه الله : والله لا أبكي على ذنب أذنبته ولكني أبكي على ذنب كنت أحسبه هيناً وهو عند الله عظيم .. وتعظم الذنوب أيضاً باستصغارها ، فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى ، وكلما استصغره العبد كبر عند الله تعالى ..
جاء في الخبر أن المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه وإن المنافق يرى ذنبه كذباب مرَّ إلى أنفه فأطاره بيديه ..
أوحى الله إلى بعض أنبيائه : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى كبريائي و عظمة من عصيت .. لا تنظر إلى صغر الخطيئة لكن انظر إلى كبريائي و عظمة من عصيت ..وتعظم الذنوب إذا فرح بها أصحابها وتبجحوا بها وبذكرها .. يظنون أن التمكن من الذنب نعمة.. ما دروا أنه غفلة وشقاوة .. يا حي يا قيوم برحمة نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .. تعظم الذنوب إذا تهاون أصحابها بستر الله عليهم وحلمه عنهم وإمهاله إياهم .. ما درا أولئك أن الله يمهل ولا يهمل .. ما درا أولئك أن الله يمهل ولا يهمل ..و(أنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) تعظم الذنوب إذا جاهر بها أصحابها فإن في ذلك كشف لستر الله الذي أسدله وتحريك لرغبة الشر في من أسمعه .. ثم والأعظم من ذلك قلة الحياء مع الله ..قال صلى االله عليه وسلم : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، يبيت أحدهم على ذنب قد ستره الله عليه فيصبح فيكشف ستر الله ويتحدث بذنبه ) قال بعضهم : لا تذنب فإن فعلت فلا تُرغب غيرك بالذنب .. لا تذنب فإن فعلت فلا تُرغب غيرك بالذنب فتكون كالمنافقين الذين قال الله فيهم : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف )..الحمد لله الذي عافنا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً..


العنصر الرابع
أسوقها إليك هذه القصة التي هي بعنوان أنا لست فاتنة بل ظالمة

اختصرتها مع طولها ففيها من العبرة الشيء الكثير
اسمها فاتنة وهي كاسمها جريئة متحررة مثقفة في كل شيء إلا في الدين .. الدين عندها أن تكون ذات قلب طيب ولا عليها بعد ذلك.. تخالط من تشاء.. تلبس ما تشاء.. تفعل ما تشاء ..جمعت ليلة صويحباتها في الكلية للاحتفال بعيد ميلادها . عيد ما أنزل الله به من سلطان ورثناه عن الكفار تشبهاً وتقليداً ومن تشبه بقوم ..سأترك البقية لكم .. كانت في أجمل هيئة وأحسن مظهر.. بدأت تدور بين صويحباتها تطلق الضحكات هنا وهناك تسألهن :أتدرين يا بنات ماذا ينقص حفلتنا هذه ..فأجبنها إجابات وهي تقول لا، ثم لا وهي مصرة على سؤالها، ثم قالت مجيبة على سؤالها وهي تضحك: تنقصنا الشيخة علياء ..تنقصنا الشيخة علياء..فانطلقت موجات الضحك من كل مكان ..ثم قالت أحداهن مدافعة: لماذا كل هذا الضحك..لماذا كل هذا الضحك والاستهزاء بعلياء..أليست زميلتنا في الصف! ..أليست صديقتنا في الكلية ! ألم تكن إلى عهد قريب رفيقة لنا في سهراتنا وحفلاتنا وهي الآن في محرابها مع صلواتها وقرآنها ..إنها تبحث عن الآخرة ونحن عن ماذا نبحث ؟! فتجاهلن سؤالها ..قالت أخرى : لقد ذهبنا إليها - أي إلى علياء- لندعوها لعيد الميلاد ولكنها اعتذرت وأعطتنا محاضرة طويلة عريضة في الأخلاق والدين والعادات والاجتماعات.. قالت فاتنة: مسكينة علياء.. لقد كانت عاقلة متحررة قبل أن يصيبها هذا الهوس الديني الذي اختطفها من بيننا ..قلت أنا: سبحان الله أصبح الدين هوساً وجنوناً ..ثم تابعت فاتنة حديثها وهي تقول :فعلاً مسكينة علياء ..لقد انقلبت بسرعة وتسممت أفكارها وتغيرت هيئتها ، لقد أطالت ثيابها فأصبح منظرها ككبيرات السن ..لم تعد تؤمن بأن خير اللباس ما قل ودل ..والأدهى من ذلك شعرها أصبح بضاعة محرمة مغطاة تحت ذلك السواد مسكينة علياء نسيت أن الله يهمه منا القلب وكل ما عدا ذلك شكليات.. الله اكبر أصبح الحجاب والتمسك بالدين شكليات.. قاتل الله الشاشات و القنوات..ثم تابعت فاتنة حديثها عن علياء ..إنها تخوفنا من النار وأن الله سيحرق به أجسادنا المكشوفة ..أنها تنذرنا من شيء اسمه الموت و آخر تسميه الحساب ..بل اسمعوا يا بنات أنها تحملنا مسؤولية إغواء الشباب و إغراء الرجال ..فقالت أحداهن: لقد قتلتها الهواجس والوساوس ونسيت إن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال ..مسكينة علياء أين ستجد فتى أحلامها.. أين ستجد السعادة والأنس.. لقد قتلت نفسها وهي في ريعان الشباب ، ولا بد أن نصنع شيء لإنقاذها..مساكين ما دروا أنهن هن بحاجة إلى الإنقاذ .. فارتفعت الأصوات لا بد من إنقاذها إنها تقتل نفسها بطول العبادة وكثرة الصيام وقراءة القرآن ولزوم البيت فلا أسواق ولا حفلات.. ما هذا الفهم الخاطئ للدين إن الحياة متعة وحرية أما الموت فمالنا وله الآن.. نعم سنموت عندما نشيخ ونهرم إنه الأمل الطويل .. إنه الأمل الطويل ..ووالله ما حال بين الناس وبين الصدق في التوبة إلا طول الأمل ..ومن أطال الأمل أساء العمل ..قال الله تعالى عنهم ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل ) انتهى الاحتفال ودارت سنوات تخرجت فيه فاتنة وتخرجت علياء وثبتت على طريق الاستقامة والالتزام ..
فماذا حدث لفاتنة وماذا حدث لعلياء .. تعالوا أحبتي ..أعطوني المسامع نتابع القصة من مكان أخر..
في إحدى المستشفيات في الدور الرابع في غرفة من الغرف صوت أنين مريضة يملأ الغرفة ..إنها في تلك الغرفة منذ عدة أشهر ، ولقد آيس الأطباء من حالتها وأصبح صوت أنينها معتاداً مألوفاً في المستشفى ولا أحد يستطيع أن يفعل لها شيء ..لقد تعودت الممرضات على سماع أنينها ..أما الطبيبة المناوبة الجديدة في المستشفى فلم تستطع أن تتجاهل ذلك الصوت وذلك الأنين فقلبها مليء بالرحمة وهكذا الإيمان ..
فأخذت بعض العقاقير والمهدئات ,ودخلت لتلك الغرفة.. فتحت الباب فإذا بامرأة على السرير في شبه غيبوبة ..جست نبضها فإذا هو ضعيف على وشك التوقف ..أصغت إلى تنفسها فكان التنفس مضطرباً خافتاً ..جلست بجانبها وأعطتها بعض المنعشات.. فأفاقت بعد قليل واستوت على سريرها.. أدارت عينيها فيما حولها- المريضة- ثم ثبتت نظرها على وجه الطبيبة ثم أخذت تفرك عينيها بيديها الضعيفتين ..ثم زاد اضطرابها ثم قالت للطبيبة : أسألك بالله من أنت ؟!.. أسألك بالله من أنت ؟!.. فقالت: أنا الطبيبة يا أمي ..أنا الطبيبة يا أمي ..فقالت المريضة : أنا لا أسألك عن مهنتك ،أنا أسألك عن اسمك ..أسألك بالله ألست أنت علياء؟.. أسألك بالله ألست أنت علياء؟ فقالت الطبيبة باستغراب : بلى أنا علياء..وفي لحظات إذا بالمريضة تأخذ برأس علياء تطوقه بذراعيها وتضمه إلى صدرها وتقبله وتجهش بالبكاء ..زاد استغراب علياء وصعقت ..من عساها تكون هذه المرأة ؟!وهل بها مس من جنون ؟! كيف عرفتني وأنا لم أقابلها من قبل ولم يسبق لي علاجها بل هذه أول ليلة لي في هذا المستشفى كطبيبة مناوبة ..فرجعت علياء برأسها إلى الوراء وأخذت تنظر إلى المريضة مشدوهة لا تدري ماذا تفعل ،ثم قالت للمريضة من أنت يا خالة ، وكيف عرفتي اسمي ، وهل التقينا من قبل؟! فردت المريضة بصوت تخنقه العبرات: نعم يا علياء لقد التقينا مرات ومرات..إن اسمك وصورتك لم يفارقا خاطري خاصة عندما أصابني المرض قبل ثلاث سنوات.. آه يا علياء ..آه يا علياء ..أنا التي أكلت لحمك واستهزأت بك ..أنا فاتنة يا علياء..أنا فاتنة يا علياء ، ثم انفجرت بالبكاء والنحيب ..صدمت علياء ولم تستطع الكلام ثم قالت وهي لا تصدق ما سمعت: أقسمت عليك بالله أأنت فاتنة !..مستحيل فاتنة كانت كإسمها أصغر وأجمل وأنضر ، فقالت فاتنة بصوت خافت متقطع : نعم أنا التي كان يقال لها ذات يوم فاتنة ..أنا التي كان يقال لها ذات يوم فاتنة ..فأكبت عليها علياء تضمها إلى صدرها وتجهش بالبكاء المرير الأليم عليها .. فلما هدأ البكاء أخذت فاتنة تروي قصة سبع سنين منذ أن افترقتا ،قالت: تخرجت من البكالوريا وحاولت إكمال الدراسة ، فلم أستطع ..كنت لاهية متمردة على كل شيء.. لم أكن أشك بالله.. لم أكن اشك بالله.. ولكني كنت أعتقد بأن كل ما له عليّ أن أكون طيبة القلب وكفى ..تعرفت على كثير شبان وفتيات وفتيان..ثم ارتبط برجل تعرفت عليه في الوظيفة ..أحبني وأحببته.. لكننا كنا نعيش حياة غافلة بعيدة عن الله ثم بعد زواجنا بسنوات رزقنا الله بطفلة صغيرة جميلة رائعة سميتها سوسن على اسم صاحبتي التي تعرفينها ..ثم بدأت أشكو من آلام في بطني فقال الأطباء : إنها قرحة ..فقال الأطباء إنها قرحة ..فأخذت أتعالج دون فائدة ..أخذت آلامي تزيد وهمومي تزيد وبدلاً من أن أهرب إلى الله فررت إلى مزيد من الغفلة والضياع ..وبدلاً أن ألجأ إلى الله وأفر إليه فررت إلى مزيد من الغفلة والضياع .. ثم تدهورت صحتي وجاء التشخيص الجديد ليقول بداية تورم خبيث في المعدة.. وهكذا استحالت القرحة إلى سرطان ثم أخذ السرطان يستفحل ويزيد إلى أن أقعدني هنا أصارع الألم وأنتظر الموت في أية لحظة.. لم أرى ابنتي منذ أربعة أشهر.. عمرها الآن أربع سنوات.. وزوجي لم يأتي لزيارتي منذ أسبوعين، لقد تعب من التردد علي كل يوم ..لعله ملني أو كرهني ..فلما سمعت علياء قصتها لم تتمالك نفسها وانخرطت في بكاء شديد ..ثم تمالكت نفسها وقامت إلى فاتنة تضمها إلى صدرها تواسيها وتخفف عنها.. لا تجزعي يا فاتنة ..لا تجزعي يا فاتنة لقد عرفتك شجاعة قوية ..لا تقنطي من رحمة الله.. لا تستسلمي لليأس قد يكتب الله لك الشفاء وقد يكون هذا ابتلاء فاستسلمي إلى قضاء الله وقدره واصبري..فالصبر جميل والله مع الصابرين ..هدأت فاتنة وغطت وجهها بكفيها و أخذت تقول : عفوك يا الله عفوك ياالله لم يبقَ لي سواك فهل تقبلني .. رحماك يا الله ليته الابتلاء.. ليته الابتلاء ولكنه الانتقام لكم تجاهلت تلك الآيات تقرأ على مسامعي..لكم تجاهلت كلام أمي الصالحة الحنون ..إنه الانتقام للضحايا الذين فتنتهم وأغويتهم.. يا الله كم أغويت من شاب وكم أفسدت من فتاة ..ثم أخذت تردد وتقول: اقترب مني يا موت فلطالما خدعتني أوهامي لقد ظننت أنك لا تأخذ إلا الكبار والشيوخ وتترك الشباب ..لقد خدعتني نفسي وغرني أملي
يا غافلاً عن العمل
الموت يأتي بغتة
وغره طول الأمل
والقبر صندوق العمل

ثم أخذت تسأل علياء: أصحيح يا علياء أن القبر مظلم!..أصحيح أن القبر ضيق!.. فتجيب نفسها: نعم صحيح وعما قليل سأحمل إليه جسداً بارداً هامداً.. هناك لن يكون معي أهل ولا أحباب ، ولن يكون معي مال ولا ثياب ، لن يكون هناك زوج ولا أصحاب.. يا الله كيف سأفارق صغيرتي سوسن ..أنا لا زلت صغيرة ولم أشبع من الحياة ..ثم تلمست عينيها وقالت بكما أرى النور وكم أسقطت بنظراتي من شاب .. أحقاً سيأكلكما الدود وينهشكما التراب.. أخذتها علياء بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها وأخذت تقرأ عليها القرآن وتدعوا لها بالشفاء، وأخذت تقول لها: كفى يا فاتنة لا تيأسي من رحمة الله ولا من شفاء الله.. قالت فاتنة أسألك بالله يا علياء : أيغفر الله لي وقد فعلت ما فعلت وأجرمت ما أجرمت ..فقالت علياء بصوت واثق : وكيف لا يا فاتنة ..أليس الله واسع المغفرة ..أليس الله تواب رحيم ..ألم تسمعي قول الله وهو يخاطب العصاة : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) فقالت فاتنة: بربك يا علياء لا تناديني بعد الآن فاتنة.. ناديني ظالمة ..نعم ظالمة لقد ظلمت نفسي كثيراً وأجرمت في حق نفسي جرماً كبيراً .
.ثم وبقدرة عجيبة استوت فاتنة على سريرها ورفعت يديها إلى السماء وهي ترتجف ضارعة وأخذت تدعو الله برقة وخشوع : اللهم اشهد بأني قد رجعت إليك، وأنبت إليك، فها أنذا طريحة على بابك ..اللهم إن كنت قد كتبت لي الشفاء وهذا ليس صعباً عليك وقد أخفق الأطباء وعجز الحكماء فاشهد يا حكيم.. اشهد يا حكيم بأني لن أعصيك أبداً ما بقيت ..اللهم وإن كنت قد قدّرت علي الموت عاجلاً فاشهد يا رحيم بأني لن أيأس من رحمتك.. اللهم وإن كنت قد قدّرت علي الموت عاجلاً فاشهد بأني لن أيأس من رحمتك ولن أقنط من مغفرتك طالما بقي في صدري نفس يتردد يا رحمن الدنيا والآخرة.. يا الله ظلمت نفسي ظلماً كبيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت إنك أنت الغفور الرحيم..

إلهي: لئن جلت وعظمت خطيئتي
إلهي: لئن أعطيت نفسي سؤلها
إلهي: ترى حالي وفقري وفاقتي
إلهي: فلا تقطع رجائي ولا تزغ
إلهي: أجرني من عذابك إنني
إلهي: أذقني طعم عفوك يوم
فعفوك عن ذنبي أجل وأوسع
فها أنا في روضة الندامة أرتع
وأنت مناجاتي الخفية تسمع
فؤادي فلي في نهر جودك مطمع
أسيرٌ ذليلٌ خائفٌ لك أخضع
لا بنون ولا مالَ هناك ينفع

قال أحد الصالحين : إن ملك الموت عليه السلام إذا ظهر للعبد أعلمه أنه قد بقي لك من عمرك ساعة وأنك لا تسـتأخر عنها .. وأنك لا تسـتأخر عنها طرفة عين فيبدو للعبد من الأسف والحسرة ما الله به عليم فيتمنى على أن يضاف إلى تلك الساعة ساعة أخرى ليتدارك التقصير والتفريط فلا يجد إلى ذلك سبيلا ..وهذا معنى قول الله : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) .. وإلى هذا أشار الله جل في علاه بقوله : ( من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب ) .. قيل الأجل القريب الذي يطلبه أنه يقول لملك الموت : أخرني يوماً .. أخرني يوماً أعتذر فيه لربي وأتوب وأتزود صالحاً لنفسي ، فيقول له : فنيت الأيام فلا يوم .. فنيت الأيام فلا يوم .. فيقول: فأخرني ساعة .. فيقول: فنيت الساعات فلا ساعة .. فيغلق عليه باب التوبة ..فيغلق عليه باب التوبة .. فيا خسارته ويا ندامته حين يموت على تلك الحال .. ( وما ظلمهم الله) ..( وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم كانوا يظلمون ).. قال الله : ( وليست التوبة للذين يعملون السوء حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ) .. إنما التوبة لمن ( للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ) ..اللهم اجعل خير عمرنا آخره وخير عملنا خواتيمه وخير أيامنا يوم نلقاك ..


العنصر الأخير
اعتبروا يا أولي الأبصار

كتب لي أحد التائبين قصة توبته ورجوعه إلى الله بعد ضياع ومعناة استمرت سنوات .. قال في سطوره وفي رسالته : لا أدري كيف أبدأ وكيف أعبر عن قصة الرجوع .. أنا شاب أبلغ اليوم من العمر ستة وعشرين عاماً .. أنا أكبر أخوتي وأسرتي فقيرة جداً .. أما أصحابي فلا يصلون ولا يصومون .. حياتنا بكل صراحة سهر وخمر ومخدرات .. سبع سنوات على هذه الحال حتى مللنا من هذا الضياع فبدأنا بطريق آخر من.. وبدأنا رحلة جديدة من رحلات الغفلة .. اقترح أحدنا أن نسافر لبلاد الكفار بحثاً عن المتعة والتغيير .. ففعلنا وليتنا لم نفعل .. هناك تعلمنا فنون الزنا والخنا والنصب والاحتيال .. كنا نمكث في سفراتنا أشهراً طوال .. فإذا نفذت أموالنا اتصلنا على أهلنا ونحن في سكر شديد نطلب منهم أن يمدوننا بالمال حتى نستطيع الرجوع .. فإذا وصل المال مددنا فترة البقاء .. وهكذا في كل مرة كان أحدنا يتصل على أهله للكذب والاحتيال .. في مرة من المرات استأجرنا سيارة وذهبنا إلى أحد نوادي الضياع حيث الخمر والموسيقا والرقص كالأنعام.. بل حياة الأنعام أفضل من هذه الحياة .. بينما نحن جلوس نتبادل الحديث ونتبادل كؤوس الخمر إذ قال أحد أصحابنا سوف أذهب إلى مكان قريب وأرجع إليكم بسرعة .. فذهب وكان في حالة سكر شديد .. مضت الساعات ولم يرجع فخرجنا نبحث عنه وبعد بحث وجدناه وقد سقط وهوى بسيارته من مكان مرتفع ومات على أشنع حال .. بكينا وحزنا على موته ورجعنا إلى ديارنا محملين بالأحزان .. فما مضى شهران حتى عدنا إلى ما كنا عليه .. ياالله كم هي قاسية قلوبنا .. لم أكن أملك مالاً ولا دخلاً شهرياً بل كنت أنصب واحتال وتحمل أهلي بسبب ذلك ديوناً كثيرة بل كنت أقترض وأتحمل مصاريف السفر مع الأصحاب وأتحملها عنهم مع أنهم كانوا أكثر مني مالاً وأحسن حالاً وكنت أظن أن هذا من الكرم والجود على الأصحاب والخلان .. تراكمت الديون علي وساءت الأحوال وبدأ يتخلى عني الأصحاب .. أي أصحاب هؤلاء .. أصبحوا يسافرون ولا يخبروني بسفرهم وأنا الذي تحملت الديون من أجلهم .. اكتشفت حينها أنهم أصحاب مصلحة وضياع .. قلت أنا : اكتشاف متأخر..اكتشاف متأخر .. فصاحبت غيرهم ولم يكونوا بأحسن حال منهم .. صاحبت غيرهم ولم يكونوا بأحسن منهم حالاً ..جمعت أموالاً وسافرت أنا وإياهم مع ابن عم لي مع مجموعة من الأصحاب إلى بلد آسيوي مشهور بالمجون وفساد الأخلاق .. بعد يومين من وصولنا قال ابن عمي أنه سوف يرجع ، فلما سألته عن السبب قال : لقد رأيت في المنام أن الناس في هذه البلاد يحترقون .. رأيت في المنام أن الناس في هذه البلاد يحترقون وقد اشتعلت بهم النيران وأتاني رجل شديد البياض ... قال ارجع قبل أن تحترق معهم .. ارجع قبل أن تحترق معهم .. فرجع ابن عمي ورجعت معه .. فمكثت في البيت بلا مال وبلا أصحاب وأصابني من الهم والحزن والضيق ما الله به عليم .. في يوم من الأيام حانت ساعة الانتقال .. في يوم من الأيام جاءتني أمي باكية وكلمتني وقالت : لماذا لا تصلي ! لماذا لا ترجع إلى الله ! وأعطتني شريطاً وأقسمت علي أن أسمعه ثم ذهبت وتركتني .. فبدأت أسمع الشريط فأحسست أني أنا المخاطب..كان الشريط يتكلم عن اللذين يغرقون في الذنوب والمعاصي .. كان الشريط يتكلم عن أثر الصحبة في الإستقامة وأثرهم في الضياع ..أخذت أبكي وأبكي وأبكي فقررت التوبة ومراجعة الحسابات .. يقول صاحب الرسالة .. أتعرف يا شيخ من هو صاحب الشريط ..أتعرف يا شيخ من هو صاحب الشريط ..:إنه أنت , وأنا أحبك حباً شديداً ..وأنا أحبك حباً شديداً ..وكان اسم الشريط أحوال الغارقين ، ثم أعطتني أمي شريطاً آخر اسمه قوافل العائدين ..قلت أنا : اللهم اجعلنا خيراً مما يقولون وأحسن مما يظنون واغفر لنا ما لا يعلمون .. يقول : ها أنذا أكتب لك الرسالة وأنا أبكي بكاءً شديداً وأمي جالسة عندي تبكي معي وتدعو لك بالثبات .. وتدعو لك بالثبات حتى الممات وهي فرحة جداً بتوبتي .. يا شيخ إن قصتي أكبر وأعظم من هذا ولكني ذكرتها لك باختصار .. أما من أخباري الجديدة منذ أن بدأت الحياة الجديدة حياة التوبة والإستقامة فأنا انتقل من خير إلى خير، ومن نور إلى نور .. لقد حصلت على وظيفة وأنا الذي كنت عاطلاً لسنوات بل لست أملك شهادة كما يملك الغير ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء وأزيدك خبراً من الأخبار ستفرح لي عندما أخبرك به .. فزيادة على وظيفتي أنا الآن مؤذن في بيت من بيوت الله.. أنا الآن مؤذن في بيت من بيوت الله..أصدح بالأذان وأردد في اليوم مرات ومرات الله أكبر ..ولا إله إلا الله.. فادعو لي في الثبات وإني والله لأدعو لأصحاب الماضي بالهداية والصلاح وأتمنى أن يعتبر بقصتي أولو الأبصار ..
أحبتي ..أخيتي ..إن الذنوب والمعاصي باب كلنا ولجناه..وبحر كلنا سبحنا فيه.. ولا ينجو من ذلك إلا المعصومون ممن اصطفاهم الله واجتباهم من الأنبياء والرسل .. أما أنا وأنت وأنتِ فكلنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " وقال بأبي هو وأمي: " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم " رواه مسلم .. فالوبال والهلاك هو الاستمرار على المعصية التي زينتها النفوس الضعيفة والشياطين الخبيثة .. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : يا أيها الناس من ألمّ بذنب فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال ، وإن الهلاك كل الهلاك في الإصرار عليها ..
أخي .. أخية .. لا بد من الندم والبكاء بسبب المعصية والإقلاع عنها في الحال فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .. ولن تطيب الحياة إلا بالعودة إلى الله والتمسك بالدين .. كثير هم المترددون .. كثير هم الذين يقولون ذنوبنا كثيرة .. معاصينا غزيرة فهل يغفر الله لنا .. أقول نعم وبأعلى الصوت يغفر الله لكم إن تبتم وندمتم ورجعتم .. بل ويفرح سبحانه بتوبتكم وعودتكم .. بل يحب التوابين ويحب المتطهرين .. تأمل وتأملي معي في هذه الآيات وهذه الكلمات النبويات .. قال الله : ( ورحمتي وسعت كل شيء )فالرحمة واسعة ..ونحن لا شيء وهو أرحم الراحمين .. تتدبر وتتبري وتأملي وتأملي في قول الرحمن الرحيم : ( إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) .. نعم..يغفر الذنوب جميعاً ..بل من كرمه ومنه وجوده يبدل السيئات إلى حسنات ..قال سعيد بن المسيب في قوله تعالى : ( فإنه كان للأوابين غفوراً ) قال هو الرجل يذنب الذنب ثم يتوب .. ثم يذنب الذنب ثم يتوب .. فالباب مفتوح .. فالباب مفتوح ..ويداه سبحانه مبسوطتان بالليل والنهار ليتوب مسيء الليل ويتوب مسيء النهار ..
قال الفضيل : قال الله : بشر المذنبين ..بشر المذنبين بأنهم إن تابوا قبلت منهم .. وحذر الصديقين إني إن وضعت عليهم عدلي عذبتهم ..
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الصحيح :" إن الله قال : من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي .. من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له على ما كان منه ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئاً "..
واعلم رعاك الله واعلمي بارك الله فيك ..أن نبي الهدى والرحمة قال : "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" فلنسارع بارك الله في الجميع إلى التوبة والندم والرجوع إلى الله .. سارعوا بارك الله فيكم قبل أن نصيح بأعلى الصوت : رباه ارجعون .. رباه ارجعون .. فلا يستجاب لنا .. لكن الباب مفتوح ورحمة الرحمن واسعة .. بل أبشر أيها التائب وأبشري أيتها التائبة بهذه الآيات العظيمة التي تستغفر الملائكة فيها للتائبين .. قال الله : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا .. فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ..وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم .. وذلك هو الفوز العظيم ) فالبدار البدار والمسارعة المسارعة فإن حياة النفوس في السمو ونجاتها في العلو ..
الله الله بالتوبة والإنابة ..
الله الله في الثبات حتى الممات ..
الله الله في الصدق في التوبة مع الله ..
الله الله في الصدق في التوبة مع الاستقامة ..
واعلم أن باب الاستقامة هو المحراب .. اعلم أن باب الاستقامة هو المحراب .. فالخير كل الخير في ارتياد المساجد .. وزاد المساجد هو خير زاد للإنطلاق ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها في الغدو والآصال رجال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب في فيه القلوب والأبصار ) فما جزاء خوفهم ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب ) ..عمارة المساجد من الإيمان كما قال الله : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) , وقال صلى الله عليه وسلم : " من غدا إلى المسجد أو راح بنى الله له نزلاً في الجنة كلما غدا او راح .. وأحب البقاع إلى الله المساجد وأبغضها إلى الله الأسواق".
قال الحسن بن علي رضي الله عنها : من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب ثماني خصال : آيةً محكمة ، وأخاً مستفاداً، وعلماً مستظرفاً ،ورحمةً منتظرةً ،وكلمةً تدله على هدى ،أو تردعه عن ردى ،وترك الذنوب حياءً ، أو خشيةً ..
ولله در القائل :

لا يصنع الأبطال إلا
في روضة القرآن في
شعب بغير عقيدة
من خان حي على الصلاة
في مساجدنا الفساح
ظل الأحاديث الصحاح
ورق يذريه الرياح
يخون حي على الكفاح

اللهم ارحم عباداً غرهم طول إمهالك، وأطمعهم دوام إفضالك ومدوا أيديهم إلى كرم نوالك وتيقنوا أن لا غنىً لهم عن سؤالك .
قولي وقل ولنردد : اللهم إن يكن الندم توبة إليك فإنا إليك من النادمين ، وإن يكن الترك لمعصيتك إنابة إليك فإنا لك يا رب لك من المنيبين ، وإن يكن الاستغفار حطة للذنوب فإنا لك من المستغفرين اللهم فتقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وثبت حجتنا، واهدي قلوبنا، واسلل سخيمة صدورنا، ولا ترجعنا مرجع الخيبة من رحمتك.. فإنك أنت التواب الرحيم الجواد الكريم .. يا غافر الذنب . يا قابل التوب يا أرحم الراحمين ..

يا من له وجب الكمال بذاته
سبحان من احيا قلوب عباده
من كان يعرف أنك الحق الذي
مولاي جودك لم يدع لي مطلباً
بل كل غاية فوزهم لقياه
بلوائح من فيض نور هداه
بهر العقول فحسبه وكفاه
إلاَّ وتممه إلى أقصاه


اللهم اجعلنا من التوابين ربنا ظلمنا أنفسنا وإلا تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين أستغفر الله العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد  إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مدونة, والخطب, المحاضرات, الاسلامية

جديد منتدى همس للخيمة الرمضانية

مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 

الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه لموضوع: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية لموضوع: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مع الله من اروع المحاضرات محمد العوضي همسة الشوق همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 20 27 - 9 - 2021 11:23 PM
مدونة للصمت فن شمعة حب همس لمدونات الاعضاء 2 2 - 6 - 2020 09:59 PM
من اجمل المحاضرات للشيخ نبيل العوضي بعنوان هموم الشباب (ياسمين) همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 12 25 - 3 - 2019 01:03 AM
قسم طلبات المحاضرات والدروس التائب إلى الله همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 5 4 - 7 - 2017 12:33 AM
روع المحاضرات المغربية - الشيخ كمال فهمي - تارك الصلاة نسائم خير همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 7 29 - 12 - 2015 08:56 PM

Google Pagerank mérés, keresőoptimalizálás

 

{ إلا صلاتي   )
   
||

الساعة الآن 10:13 AM



شبكة همس الشوق ترحب بكل العرب

SEO by vBSEO