إن هذه الحياة امتحان خطير لابد لنا أن ننجح فيه ..
فإن الحياة محطة كبيرة جعلها الله لنتهيأ فيها للسفر الطويل والاستقرار في عالمنا الأبدي الذي خلقنا من أجله .
محطة ينبغي على المرء فيها أن يحزم أمتعته ويهيئ نفسه ويكون دائما على أهبة الاستعداد للطيران نحو عالمه الأبدي.
والذكي في هذه الحياة هو الذي يعرف حقيقة
الدنيا ،
ويدرك سرها ومغزاها،
ويعمل فيها بما أمر الله سبحانه ..
فيزرع ويسقي لكي يحصد هناك في الآخرة ..
أما الغافل والعاصي وسيّء الحظ ،
فهو الذي لا يدري أن الحياة محطة ومجاز وقنطرة إلى الآخرة .. أو يدري ولكنه ينسى أو يتناسى ..
فنراه ينشغل بالدنيا ويهتم بها ويلهث خلفها وكأنها دار بقاء . فينغمس بشهواته ولذاته ..
وينساق خلف غرائزه ونزواته..
ويحسد ويحقد ويرتكب أنواع الظلم والموبقات ،
وكل ذلك نتيجة تعلقه الشديد بالدنيا ..
ونتيجة الحجاب المضروب على عينيه والذي منعه من ان يرى في الحياة معاني أسمى وأهدافاً أنبل وأعلى ...
فظل يدور ويتخبط ويرتع ويتزود ..
ويزداد نهمه وجوعه وعطشه ..
طلبا للمزيد المزيد ..
ولكنه لا يشبع ولا يرتوي ...
حتى إذا داهمه الموت الذي لابد منه ،
وإذا به يتذكر حياته السالفة ولياليه الماضية ومعاصيه وموبقاته ..
ويكتشف انه كان يسير خلال تلك الفترة الطويلة من عمره في دهليز مظلم أوصله إلى نهايته المؤلمة..
فيندم اشدّ الندم ، ويتمنى لو ان العمر يعود به من جديد إلى البداية ..
فيعيش حياة هادفة غير التي عاشها راكضا خلف سراب اللذة .