كانت هناك امرأة جميلة ، زوجة رجل يدعى ابن خلبوص . تتواتر الأخبار عن جمالها وتناقل الرواة ملاحتها .. فلم يطق الوضيحي أن يصبر دون أن يراها .. فركب راحلته وذهب قاصدا زوجها ، فأكرمه أول ما قدم عليه بحكم الضيافة .. ولما انتهى وقت الضيافة سأله الزوج : ربما تكون لك حاجة نقضيها ؟ .. قال الوضيحي : إنك رجل موفق في غزواتك . وتتمثل فيك مقومات القيادة . فجئت إليك لأصطحبك في غزوك لعل نصيبي معك يبرأ من علته التي هدني فقرها وعوزها . فقال ابن خلبوص : مرحبا بك . . وظل الوضيحي في ضيافته إلى أن غزا فصاحبه ، وفي أثناء الطريق ضرب خف راحلته بمخيط بخصها به .. بحيث لا تقدر المشي مع الصحاح .. فقال بن خلبوص : عد إلى محلنا واجلس به مخدوما محترما حتى نعود . ولك نصيبك من الكسب وكان هذا ما يريده الوضيحي . وما أن استقر به في الضيافة بواجهة البيت حتى أوجست المرأة منه خيفة .. فأخذت حذرها منه ، ثم حين استقر به المقام ،أخذ ينشدها الأبيات التالية :
==1==
ما تنشدن وش عوقن عن طـــريقي ==0==
==0==اللي منعني من مرافق هل العوص
عنق الغزيل عند هاك الفريقــــــــي==0==
==0==كامل وصوف الزين والوسط ممهوص
طرفه علي مع النضايد تويــــــــــقي ==0==
==0==لونه يشادي بيضة له ببرخـــــــــوص
==2==
إلى آخر القصيدة الجميلة التي سمعتها المرأة ولم تبد أيما تأثر بسلب أو إيجاب ولما قدم زوجها وكبر المجلس من رجال الحي في بيته أطلعت زوجها من خلال ستر البيت ، وقالت تعني زوجها : أنشد ضيفك الوضيحي ماذا قال بأهلك وأنت غائب .. هل يعجبك من الضيف أن يقول : وأنشدت الأبيات . تحاول أن تستعدي زوجها أمام هذا الجمع على الوضيحي ، وأيضا لتبعد التهمة عن نفسها لأن الوضيحي معروف عندهم أنه لا يرب بيتا إلا لغرض . فتأثر الزوج جدا ، وقال للوضيحي : أي شيء تقوله هذه عنك .. فاستدار ورفع رأسه ، وقال قلت بها هذا ، ثم أورد الأبيات الثلاثة الماضية ، وأردف قائلا على البديهة :
==1==
حليلة اللي حاجبه ما يضــــــيقـي ==0==
==0== لي هجة القطعان والزمل مرصوص
حليلته ما تلتفت للعشيـــــــــــقي==0==
==0== ماله بغيرك رادة يا بن خـــــــلبوص
==2==
وبذلك تخلص الوضيحي من الورطة التي وقع فيها ونال العشرينات التي عينها له ابن خلبوص من الكسب ..وربما كان عارفا بالحقيقة ولكن نفوسهم أسمى من أن تفتش عن المثالب ، وتبحث عن المصائب .