مدحنا زين وذمنا شين
" السلآم عليكم ورحمة الله وبركآته "
كذب الشاعر عندما قال في مخلوق :
وإن مديح الناس حق وباطل = ومدحك حق ليس فيه كِذاب
فما من مخلوق إلا وفي مدحه حق وباطل
حتى في حق سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام عندما يتجاوز المادح فيه حقه يدخل في مسالك الغلوّ
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله . رواه البخاري .
ومعنى هذا النهي عن المبالغة في مدحه عليه الصلاة والسلام حتى تُضاف له وتُضفى عليه بعض صفات الله كما فعلت النصارى بنبيِّها
وقد وقع هذا الذي نهى عنه عليه الصلاة والسلام كما في قول المادح :
يا أكرَمَ الرُّسْلِ مالي مَنْ أَلُوذُ به = سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بي = إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَضَرَّتها = ومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ
وهذا غلوّ وإطراء لا يرضاه صاحب الشريعة الغرّاء .
فإن الذي يُلاذ ويُعاذ به هو الله تبارك وتعالى
والدنيا والآخرة وعلم اللوح والقلم ليست من جوده عليه الصلاة والسلام
وهو عليه الصلاة والسلام لما قيل له : أنت سيدنا . قال : السيد الله تبارك وتعالى . قيل : وأفضلنا فضلا ، وأعظمنا طولا . فقال : قولوا بقولكم ، أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
ولما قالت جارية : وفينا نبيٌّ يعلم ما في غد . قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا ، وقولي ما كنت تقولين . رواه البخاري .
فكل هذا نهي عن إضفاء شيء من صفات الله عز وجل على البشر .
وأما الذي مدحه ليس فيه كِذاب فهو الله تبارك وتعالى
هو الذي مدحه زين وذمّه شين
أولئك الذين نادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات فقالوا : يا محمد أخرج إلينا فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد إن مدحنا زين ، وإن شتمنا شين ، نحن أكرم العرب ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبتم بل مدحة الله الزين ، وشتمه الشين .
وفي رواية أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فناداه من وراء الحجرة ، فقال : يا محمد إن مدحي زين ، وإن شتمي شين . فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ويلك ذاك الله ، ويلك ذلك الله . كما في تاريخ دمشق .
ذاك هو الله الذي مدحه زين ليس فيه كِذاب
وذاك هو الله الذي ذمّه شين وعيب
وذاك هو الله الذي إن مدح سـرّ مدحه
وإن ذمّ شان المخلوق ذمّـه
فإذا أردت المدحة في الملأ الأعلى فعليك بأمور :
الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
حضور مجالس الذِّكر وحلق العلم
ذكر الله عز وجل في نفسك أو في ملأ من الناس
( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )