يحكى أن رجلا تزوج امرأة آية في الجمال فأحبها وأحبته وكانت نعم الزوج لنعم الرجل ومع مرور الأيام اضطر للسفر طلبا للرزق ولكن قبل أن يسافر أراد أن يضع امرأته في أيد أمينة لأنه خاف من جلوسها وحدها في البيت فهي امرأة لاحول لها ولا قوة. فلم يجد غير أخ له من أمه وأبيه فذهب اليه وأوصاه على زوجته وسافر ولم ينتبه لحديث الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم الحمو الموت ومرت الأيام وخان هذا الأخ أخيه فراود الزوجة عن نفسها الا أن الزوجة ابت أن تهتك عرضها وتخون زوجها فهددها أخو الزوج بالفضيحة ان لم تطيعه فقالت له افعل ماشئت فان معي ربي وعندما عاد الرجل من سفره قال له أخوه على الفور أن امرأتك راودتني عن نفسي وأرادت خيانتك الا أنني لم أجبها
فطلقها الزوج من غير أن يتريث ولم يستمع للمرأة وانما صدق أخاه
فانطلقت المرأة لا ملجأ لها ولا مأوى وفي طريقها مرت على بيت رجل عابد زاهدفطرقت عليه الباب وحكت له الحكاية فصدقها وطلب منها أن تعمل عنده على رعاية ابنه الصغير مقابل أجر فوافقت وفي يوم من الأيام خرج هذا العابد من المنزل فأتى الخادم وراودها عن نفسها
الا انها أبت أن تعصي خالقها
وقد نبهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه ماخلى رجل بامرأة الا كان الشيطان ثالثهما
فهددها الخادم بأنه سينال منها اذا لم تجبه الا انها ظلت على صمودها
فقام الخادم بقتل الطفل
وعندما رجع العابد للمنزل قال له الخادم بأن المرأة قتلت ابنه
فغضب العابد غضبا شديدا الا أنه احتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى وعفى عنها وأعطاها دينارين كأجر لها على خدمتها له في هذه المدة وأمرها بأن تخرج من المنزل
قال تعالى: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين
خرجت المرأة من بيت العابد وتوجهت للمدينة فرأت عدد من الرجال يضربون رجلا بينهم فاقتربت منهم وسألت أحدهم لم تضربونه فأجابها بأن هذا الرجل عليه دين فاما أن يؤديه واما أن يكون عبدا عندهم
فسألته وكم دينه فقال لها ان عليه دينارين فقالت اذن أنا سأسدد دينه عنه
فدفعت الدينارين وأعتقت هذا الرجل
فسألها الرجل الذي أعتقته من أنت
فروت له حكايتها
فطلب منها أن يرافقها ويعملا معا ويقتسما الربح بينهما فوافقت
فقال لها اذن فلنركب البحر ونترك هذه القرية السيئة
فوافقت
وعندما وصلا الى السفينة أمرها بأن تركب اولا ثم ذهب لربان السفينة وقال له ان هذه جاريته وهو يريد أن يبيعها فاشتراها الربان وقبض الرجل الثمن وهرب
وتحركت السفينة فبحثت المرأة عن الرجل فلم تجده
ورأت البحارة يتحلقون حولها
ويراودونها عن نفسها
فتعجبت من هذا الفعل فأخبرها الربان بأنه قد اشتراها من سيدها ويجب أن تطيع اوامره الآن
فأبت أن تعصي ربها وتهتك عرضها
وهم على هذا الحال اذ هبت عاصفة قوية أغرقت السفينة فلم ينجو من السفينة الا هذه المرأة الصابرة وغرق كل البحارة
وكان حاكم المدينة في نزهة على شاطىء البحر في ذلك اليوم ورأى هبوب العاصفة مع أن الوقت ليس وقت عواصف ثم رأى المرأة طافية على لوح من بقايا السفينة فأمر الحرس باحضارها
وفي القصر أمر الطبيب بالعتناء بها
وعندما أفاقت سألها عن حكايتها
فأخبرته بالحكاية كاملة منذ خيانة أخو زوجها الى خيانة الرجل الذي اعتقته
فأعجب الحاكم بها وبصبرها وتزوجها وكان يستشيرها في كل أمره
فقد كانت راجحة العقل سديدة الرأي
وذاع صيتها في البلاد
ومرت الأيام وتوفي الحاكم الطيب
واجتمع أعيان البلد لتعيين حاكم بدلا عن الميت
فاستقر رأيهم على هذه الزوجة الفطنة العاقلة
فنصبوها حاكم عليهم
فأمرت بوضع كرسي لها في الساحة العامة في البلد
وأمرت بجمع كل رجال المدينة وعرضهم عليها
وبدأ الرجال يمرون من أمامها
فرأت زوجها فطلبت منه أن يتنحى جانبا
ثم رأت أخو زوجها فطلبت منه أن يقف بجانب أخيه
ثم رأت العابد فطلبت منه الوقوف بجانبهم
ثم رأت الخادم فطلبت منه الوقوف معهم
ثم رأت الرجل الخبيث الذي أعتقته فطلبت منه الوقوف معهم
ثم قالت لزوجها لقد خدعك أخوك فأنت بريء
أما هو فسيجلد لأنه قذفني بالباطل
ثم قالت للعابد انت بريءأما هو فسيقتل لأنه قتل ابنك
ثم قالت للرجل الخبيث أما أنت فستحبس نتيجة
خيانتك وبيعك لأمرأة أنقذته