/ ما الذي تفعله موجة الحر بأجسادنا؟
تشهد الكثير من دول العالم موجة حر هي الأقسى منذ أكثر من قرن، تتنقل ما بين قارة وأخرى، إذ ضربت العديد من الدول الأوروبية والإفريقية والآسيوية، في حين يحذر المسؤولون والأطباء من أنّ هذا الارتفاع قد يؤثر على صحة الناس.
ما الذي تفعله موجة الحر بأجسادنا، وما أعلى درجة يمكن للإنسان أن يتحملها، وما الفئات الأكثر ضرراً من الحرارة؟
ما الذي تفعله موجة الحر بأجسادنا؟
يؤدي ارتفاع درجة حرارة الجو إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، مما يفتح الأوعية الدموية، وهذا يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم ويجعل القلب يعمل بجهد أكبر لدفع الدم في جميع أنحاء الجسم، وفقاً لما ذكرته شبكة BBC البريطانية.
يمكن أن يسبب هذا أعراضاً خفيفة مثل الطفح الجلدي الناتج عن الحرارة أو تورم القدمين؛ حيث تصبح الأوعية الدموية متوسعة.
في الوقت نفسه، يؤدي التعرق إلى فقدان السوائل والأملاح، والأهم من ذلك، أن التوازن بينهما في الجسم يتغير، ويمكن أن يؤدي هذا، إلى جانب انخفاض ضغط الدم، إلى الإنهاك الحراري، والذي تشمل أعراضه ما يلي:
دوخة
غثيان
إغماء
تشنجات العضلات
صداع
تعرق شديد
تعب
جلد بارد وشاحب ورطب
أما إذا انخفض ضغط الدم بشكل كبير، فإن خطر الإصابة بالنوبات القلبية يرتفع.
إذا كانت لديك هذه الأعراض، يجب أن تنتقل إلى مكان بارد، أو ترخي ملابسك، أو تضع قطعة قماش مبللة باردة على جسمك أو تأخذ حماماً بارداً واشرب الماء.
اطلب الرعاية الطبية إذا بدأت في التقيؤ، أو إذا تفاقم مرضك أو استمر لأكثر من ساعة.
أما سبب حدوث ذلك في أجسادنا، فهو طبيعة الجسم التي تسعى للحفاظ على درجة الحرارة التي تطورت أجسامنا للعمل بها وهي 37 مئوية، سواء كنا في عاصفة ثلجية أو موجة حر.
وعندما ترتفع درجة الحرارة يسعى الجسم بجهد للحفاظ على انخفاض درجة حرارته الأساسية، مما يجعله يفتح المزيد من الأوعية الدموية بالقرب من الجلد لفقدان الحرارة من محيطنا ويبدأ التعرق.
وعندما يتبخر العرق، فإنه يزيد بشكل كبير من الحرارة المفقودة من الجلد.
ما أعلى درجة يمكن للإنسان أن يتحملها؟
يعتمد الأمر بشكل كبير على نسبة الرطوبة، فأعلى درجة حرارة يمكن أن يتحملها جسم الإنسان هي ما بين (34) إلى (36.5) درجة مئوية على مؤشر ميزان الحرارة الرطب (wet-bulb)، وهذه الحرارة تختلف عن درجة الحرارة المسجلة والمُعلن عنها.
وتُقاس هذه الدرجة باستخدام مقياس حرارة مغطى بقطعة قماش مبللة بالماء، وتأخذ في الاعتبار الحرارة والرطوبة والرياح، فمؤشر الرطوبة مهم؛ لأنه مع وجود المزيد من الماء في الهواء، يصعب تبخر العرق وتضعف قدرة الجسم على تبريد نفسه، وفقاً لما أكده موقع "طقس العرب".
وقالت كولين ريموند، باحثة ما بعد الدكتوراه في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا والتي تدرس الحرارة الشديدة: "إذا كانت الرطوبة منخفضة، ولكن درجة الحرارة مرتفعة، أو العكس، فمن المحتمل ألا تقترب درجة حرارة بصيلة الترمومتر الرطبة من نقطة تحول جسم الإنسان، ولكن، عندما تكون كل من الرطوبة ودرجة الحرارة عاليتين جداً، يمكن أن تتسلل درجة حرارة بصيلة الترمومتر المبللة نحو مستويات خطيرة".
وأضافت وفقاً لما ذكره موقع "روسيا اليوم": "عندما تكون درجة حرارة الهواء 115 فهرنهايت (46.1 درجة مئوية) والرطوبة النسبية 30٪، تكون درجة حرارة بصيلة الترمومتر الرطبة حوالي 87 فهرنهايت (30.5 درجة مئوية) فقط، ولكن عندما تكون درجة حرارة الهواء 102 فهرنهايت (38.9 درجة مئوية) والرطوبة النسبية 77٪، تكون درجة حرارة بصيلة الترمومتر الرطبة حوالي 95 فهرنهايت (35 درجة مئوية)".
فئات الناس الأكثر عرضة لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة
لا شك أنّ درجات الحرارة المرتفعة يمكن أن تؤثر على جميع الناس بطريقة سلبية، لكن أيضاً علينا إدراك أنّ هناك فئات من الناس تتأثر بالحرارة أكثر من غيرها، وتشمل المجموعات الأكثر عرضة لخطر الحرارة، وفقاً لما ذكرته الشبكة العالمية لمعلومات الصحة الحرارية:
كبار السن
الأطفال
الحوامل
الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الرئة، وأمراض الكلى، ومرض السكري، السمنة، ومشاكل الصحة العقلية (الاضطرابات النفسية، والاكتئاب).
العمال الذين يعملون في الهواء الطلق خلال الأوقات الحارة من اليوم أو الذين يعملون في أماكن لا يتم التحكم في درجة حرارتها.
الأشخاص الذين يعانون من التشرد.
كيف أحمي نفسي من موجات الحر؟
يقتل الطقس الحار مئات الأشخاص كل عام. تقدر منظمة الصحة العالمية أنه في الفترة من 1998 إلى 2017 مات أكثر من 166000 شخص نتيجة موجات الحر الشديدة. وهذا يشمل أكثر من 70 ألف شخص ماتوا خلال موجة الحر عام 2003 في أوروبا.
ومع ذلك، يمكن الوقاية من الوفيات والأمراض المرتبطة بالحرارة، من خلال بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها للبقاء آمناً خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة، وفقاً لما ذكرته شبكة صوت أمريكا "VOA News".
على سبيل المثال، عندما تكون الرطوبة عالية، فإن عرق الجسم لن يجف بسرعة، وهذا يحد من قدرة الجسم على إطلاق الحرارة، لذا، انتبه ليس فقط لدرجة الحرارة في منطقتك، ولكن أيضاً على مستوى الرطوبة.
لاحظ أيضاً درجات الحرارة أثناء الليل، إذ يقول الخبراء إن موجات الحرارة غالباً ما تصبح خطيرة عندما لا تنخفض درجة الحرارة أثناء الليل كثيراً عن أعلى درجة حرارة أثناء النهار، خصوصاً أنّ أجسادنا تعالج نفسها في الليل عندما ننام، لذا، فإن درجات الحرارة الليلية الحارة تضع ضغطاً كبيراً على جسم الإنسان.
يمكن أن تؤثر بعض الأطعمة والأدوية أيضاً على درجة حرارة الجسم، مثل الكحول والكافيين والسكر، وبالتالي يمكن أن يضعف نظام الجسم لتبريد نفسه.
توضح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها على موقعها الإلكتروني أن بعض الأشخاص معرضون بدرجة عالية لخطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالحرارة، إذ يلعب عمر الشخص ووزنه دوراً في البقاء على قيد الحياة في درجات الحرارة المرتفعة.
كما أنّ الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً وأقل من عامين معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة بالمرض بسبب الحرارة.
فيما يقول الخبراء في مركز السيطرة على الأمراض إنه "يجب على الجميع اتخاذ هذه الخطوات للوقاية من الأمراض والإصابات والوفيات المرتبطة بالحرارة" عندما يكون الطقس شديد الحرارة:
ابقَ بالداخل في مساحات مكيفة قدر الإمكان، اتصل بقسم الصحة المحلي أو ابحث عن ملجأ مكيف في منطقتك، إن أمكن.
اشرب الكثير من الماء حتى لو لم تشعر بالعطش.
ارتدِ ملابس فضفاضة وخفيفة الوزن وذات ألوان فاتحة واستخدم منتجات البشرة التي تحميك من حروق الشمس.
لا تحاول أن تبقى وقتاً طويلاً في الخارج.
حاول الاستحمام متى استطعت بالماء البارد لخفض درجة حرارة جسمك.
لا تترك الأطفال أو الحيوانات الأليفة في السيارات أبداً.
لا تستخدم عناصر التسخين، مثل المواقد الداخلية والأفران لطهي الطعام، هذا سيجعلك أنت ومنزلك أكثر سخونة.