بنات الصياد
فتاه في كان في قديم الزّمان امرأة تعيش مع
زوجها في مملكةٍ يحكمها ملك عادل،
وكانت هذه المرأة حزينةً طوال الوقت
لأنّها لم تُنجب أطفالاً. وكانت تطلب
من الله دائمًا أن يرزقها مولودًا، ولدًا
كان أم بنتًا، فاستجاب الله دعاءها، ورَزَقها
بنتًا. وكبرت البنتُ وصارت فتاة رائعة الجمال.
وذات يومٍ، بينما كان والدها يصطاد في
الغابة، خرج إليه الأسد القوي الذي يملكه
غول الغابة الضّخم، فرماه الرجل برمحٍ في رأسه فقتله.
وعندما عاد الغول إلى بيته، رأى أسده
مضرّجًا بدمه، وقد مات. فغضب غضبًا
شديدًا، وقال: سوف أعرف مَن قَتل أسدي.
ثم التفت إلى غرابه المُقيم في بيته وسأله:
“مَن قَتل أسَدي الجميل القوي؟”
أجاب الغُراب: “قتله رجلٌ
أستطيع أن أدلّك على بيته”.
فقال الغول: “سأتنكّر على هيئة
هرٍ، وسأحوّلك إلى عجوز تحملني”.
حوّل الغول نفسه إلى هرٍ، وحوّل
الغراب إلى عجوز. ثم ذهبا معا، ودلّه
الغراب على بيت الرجل. فقال الغول
للغراب: “إذهب إلى البيت، حتّى أنتهي
من الإنتقام من هذا الرجل الذي قتل أسَدي”.
دخل الغول البيت، فلم ير الرّجل ولا
امرأته، وكان الإثنان قد ذهبا إلى السوق،
وتركا ابنتهما وحدها. فقال الغول: “سأنتقم
من البنت”. فسَحَرها وحوّلها إلى حجرٍ، وهرب.
وعندما عاد الوالدان، لم يجدا ابنتهما
الجميلة والوحيدة، بل وجدا حجرًا يشبهها.
وعرف الأب والأم ما صنعه الغول، فأخذا يبكيان.
وفي تلك اللحظة، كان الملك وابنه
الأمير يتفقّدان أحوال الرعية، فرأيا
الوالدين يبكيان، فسألهما الملك: “لماذا تبكيان؟”
أجابا: “لقد حوّل الغول الشرير الضخم ابنتنا إلى حجرٍ!”
فقال الأمير: “سوف أنتقم لكما”.
وقال الملك: “لا يا بُنيّ.. إن غول
الغابة كبير، وأنت لا تستطيع قتله!”[/
قال الأمير: “إنّي مُصّر على الذهاب
يا أبي”. وكان الملك لا يردّ رغبة
ولده لأنه كان وحيده. وشَكَرَ الوالدان
الأمير، وتمنّيا له التوفيق في مهمّته.
جهّز ابن الملك متاعه وحاجيّاته التي
تفيد في سفره، وذهب قاطعًا الغابة بحثًا
عن الغول الشّرير. وبينما هو سائر رأى
كهفًا، فقرر أن يستريح فيه وينام.
عندما دخل الكهف رأى فيه امرأةً عجوزًا،
فقال لها: “هل أستطيع المبيت عندك؟”
فأجابته العجوز: “تفضّل…
على الرّحب والسّعة”.
كان الأمير مُتعبًا، فاستلقى على فراشٍ
وَجَدَهُ في ركن الكهف ونام نومًا عميقًا.
وفي الصّباح استيقظ الأمير، فوجد
العجوز ما زالت نائمةً، فأخذ يقطع
الحطب وأشعل النار ليعدّ الفطور.
استيقظت العجوز، فوجدَت كلّ شيءٍ
جاهزًا فشكرته وقالت: “أنتَ شابٌ
طيبٌ. سوف أُلبّي كلّ طلباتك”.
وبعد أن انتهيا من تناول الفطور،
سألته العجوز: “إلى أين أنت ذاهب في هذه الغابة المُوحشة؟”
أجاب الأمير: “جئتُ لأقتل الغول”.
فردّت العجوز: “لن تستطيع”.
قال: “لماذا”؟
أجابت العجوزة: “لأنّك لا تملك
السّيف السحري والحصان الطائر”.
فقال الأمير: “بل أستطيع قتله
بسيفي القوي وحصاني السّريع”.
هزّت العجوز رأسها وقالت:
“إن السّيف السحري قادر على
تقطيع الغول، والحصان الطائر يستطيع أن
يطير على ارتفاع يماثل ارتفاعه”.
فسألها: “وأين أجد الحصان والسيف؟”
أجابته العجوز: “إن السيف والحصان
عند الثعبان القاتل، وعنده أيضًا كنوز
كثيرة. لكنّني أحذّرك، لأنّها تُحوّل كلّ مَن يلمسها إلى حجرٍ”.
فشكرها الأمير وودّعها، بعد
أن دلّته على بيت الثعبان القاتل.
ولمّا دخل الأمير بيت الثعبان القاتل،
هجم عليه الثعبان، والتفّ حول رقبته
وحاول قتله. لكن الأمير كان شجاعًا قويًا،
فسحَب خنجره من غمده وطعن الثعبان.
ثم التفت فرأى الكنوز الثمينة والسيف
والحصان، فلم يلمس الكنوز، وإنّما
أخذ الحصان والسيف وذهب.
وفي الطريق ظهر الغول، فسحب الأمير
السّيف وطار بالحصان عاليًا. ثم انقضّ
على الغول، وطعنه في عينه، ففقأها. وقال
له: “إن لم تُرجِع البنت إلى ما كانت عليه، قتلتك”.
فاضطر الغول للإستجابة إلى طلبه
وأعاد البنت إلى حالتها الأولى. لكنّ
الأمير قتل الغول تخلّصًا من شره. ثم
عاد إلى بلاده مصطحبًا الفتاة الجميلة معه.
استقبله أهله فرحين بنجاته. وفرح
الوالدان برجوع ابنتهما الوحيدة.
ولم يكن لدى الصياد شيء يقدّمه
للأمير أغلى من ابنته زوجةً له.
فرح الأمير بذلك وأقيم حفل زواجهما
في بهجةٍ وفرحٍ، وعاشا حياةً سعيدةً.