الحمد لله الذي منَّ علينا بنعمة الإسلام، ولشُكرِ هذه النعمة سوف أتحدَّث عن أسماء الله الحُسنى، فهل تَعرف الله؟
هل تحبه؟ هل تطيعه؟
هل تُحبُّ أن أُحدِّثك عنه؟ إن أردت ذلك فاستمع إليَّ بقلبك لا بأُذنك؛ فإني سأحدثك عن ملك الملوك، عن الرحمن الودود، وحديثي إليك سيكون عن ثلاثة أشياء، فاقرأها بقلبك:
أولاً: غايَتي مِن حديثي معك هو أن نتعرَّف إلى الله بأسمائه وصفاته حتى نحبَّه؛ لأنه لا يعرفه أحد إلا وأحبه، ثم نُطيعه؛ فإن المحبَّ لمَن يُحبُّ مطيعُ.
ثانيًا: أريد أن نَستشعِر معًا معاني هذه الأسماء البالغة كل الحسن، حتى لكأننا نتنفَّسُها في كل لحظة من حياتنا، فإذا شعرنا بالضعف، توجَّهْنا إلى القويِّ العزيز الجبار، وسألناه أن يقوِّينا ويَجبُر كسْر قلوبنا، وإذا كان لنا حاجة في الدنيا أو الآخرة، سألناه باسمه العليم السميع المُجيب؛ فهو - سبحانه - مَن علَّمنا أن نسأله، ومَن طلب إلينا أن ندعوه؛ ï´؟ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ï´¾ [الأعراف: 180].
وثالثًا: فإننا إن عرفناه وأحببْناه لن يسعنا إلا أن نُكلِّم الناس عنه ونحبِّبه إليهم؛ فالمُحِبُّ يُكثر مِن ذكر محبوبه، ويودُّ لو أن كل الناس أحبوه؛ ï´؟ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ï´¾ [البقرة: 165].
فكيف السبيل إلى معرفته؟ ثم ماذا بعد معرفته؟ وماذا بعد محبته؟
أولاً: إن سألتني عن معرفته كيف تكون، سأقول لك: عليك بالقرآن وسنَّة النبي العدنان؛ فإن الله تعرَّف إلينا بأسمائه وصفاته في كتابه الكريم، ودلّنا عليه نبينا - صلى الله عليه وسلم - وعرَّفَنا إياه، بل قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله تسعًا وتسعين اسمًا مَن أحصاها دخل الجنة"[1]، فماذا يعني ذلك؟
تأمَّل معي: إن أول ما تَقرأ في صلاتك تقرأ الفاتحة، فانظر كيف أن أول آية بها قد احتوت على ثلاثة مِن أسماء ربنا - تبارك وتعالى - "الله، الرحمن، الرحيم"، ولكل منها معنى ودلالة؛ فالرحمن ذو الرحمة الواسعة التي يَرحم بها المؤمن والكافر والبَرَّ والفاجر، والرحيم الذي تَصِل رحمته الخاصة إلى عباده المؤمنين، إنك تقرؤها في اليوم والليلة أكثر مِن سبع عشرة مرة، فإن ردَّدتها واستشعرتَ معناها، ووقع في قلبك وعملت بها، فقد أحصيتها.
وأنت عندما تقرأ سورة الإخلاص فتقرأ بها اسم الله "الصمد"، فإذا عرفت أن الصمد هو الذي يَصمد الناس إليه؛ أي: يلجؤون إليه عند حاجاتهم، إذا عرفت ذلك ولجأت إليه عند حاجتك، فقد أحصيتها.
ثانيًا: ماذا بعد معرفته؟
يَبقى التعبُّد لله بأسمائه وصفاته، والعمل بها: والتعبُّد له - سبحانه - بها أن يكون لك مع كل اسم من أسمائه حال وصِلة، فأنت في حال خَوفك مِن شرٍّ أو ضرٍّ تدعوه مِن حيث إنه الحفيظ الوكيل، وإذا أردتَ التوفيق في علم أو فهم فاسأله مِن حيث إنه هو العليم المنان، وتدبَّر كلما قرأت القرآن أو مررتَ بحديث شريف، وسجِّل واكتب بقلمك ماذا تعلمت مِن أسمائه، وابحث عن معناها، وحاوِل العمل بها؛ فإنك إن شغلتَ نفسك بذلك فقد شغلتَ وقتك وقلبك بحبِّ مَن أحببتَ؛ فإن المحب لمن يحب مطيعُ.
ثالثًا: وماذا بعد محبته؟
بقي أن تجد ثمرة ذلك وهو نور تجده في قلبك، ورضًا عن الله تَستشعره في كل أحوالك، خيرًا كانت أم شرًّا، ويسْر في طاعته لم تعهدْه مِن قبل، وحب لقراءة كتابه الكريم، والحديث عنه؛ فهو أرحم الراحمين، وإلى أن نلتقي فمَن سيُسارع لمعرفة أسماء الله الحسنى، سمعًا كان أو قراءة؟! فإن الله -تعالى- يقول: ï´؟ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ï´¾ [المطففين: 26].