🔻 صلح الحديبية (6 )
🍃 تم الصلح ، و لكن هناك ظاهرتان عمت لأجلهما المسلمين كآبة وحزن شديد.
الأولي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أخبرهم أنا سنأتي البيت فنطوف به، فما له يرجع ولم يطف به؟
الثانية: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الحق، والله وعد إظهار دينه، فما له قبل ضغط قريش، وأعطي الدَّنِيَّةَ في الصلح؟
🍃 وصارت مشاعر المسلمين لأجلهما جريحة، بحيث غلب الهم والحزن على التفكير في عواقب بنود الصلح ، وظهر الغضب الشديد على عمر بنن الخطاب رضي الله عنه ، فراجع الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك قال:
"فأتيت نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: " بلى "
قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: " بلى "
قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً ؟
قال: " إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري "
قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟
قال: " بلى فأخبرتك أنك تأتيه العام ؟" قال: قلت: لا.
قال: " فإنك آتيه ومطوف به "
البخاري
🍃🌸
🍃لكن عمر رضي الله عنه لم يكتف بذلك بل ذهب غاضبا وأعاد نفس الكلام على أبي بكر رضي الله عنه ، فرد عليه بنفس رد رسول الله صلى الله عليه وسلم، و قال له : "يا عمر إلزم غرزه (تمسك بأمره واترك مخالفته )حيث كان فإني أشهد أنه رسول الله" . قال عمر رضي الله عنه : وأنا أشهد"
🍃 ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الصلح قال: (قوموا فانحروا)، فوالله ما قام منهم أحد حتى قالها ثلاث مرات
فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة رضي الله عنها ، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا رسول الله، أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحداً كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك
🍃فقام فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بُدْنَه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأي الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، وكانوا نحروا البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم جملاً كان لأبي جهل، كان في أنفه بُرَةٌ من فضة، ليغيظ به المشركين، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة وللمقصرين مرة ، وهكذا تحلل المسلمون من عمرتهم وشرع التحلل للمحصر وأنه لا يلزمه القضاء ، وفي هذا السفر أنزل الله فدية الأذي لمن حلق رأسه، بالصيام، أو الصدقة، أو النسك، في شأن كعب بن عُجْرَة رضي الله عنه
🍃🌸
🍃 ثم انصرف رسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عائدين إلى المدينة ، وفي طريق عودتهم نزلت سورة الفتح : {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا...} [سورة الفتح:1]
وقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن عظيم فرحته بنزولها فقال : "أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس" البخاري
قال أصحابه: هنيئاً مريئاً فما لنا ؟ فأنزل الله:
{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (الفتح)
البخاري
🍃و أرسل رسول الله إلى عمر رضي الله عنه فأقرأه إياه. فقال: يا رسول الله، أو فتح هو؟ قال: (نعم). فطابت نفسه
ثم ندم عمر رضي الله عنه على ما فرط منه ندماً شديداً، قال عمر : فعملت لذلك أعمالاً، مازلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ، مخافة كلامي الذي تكلمت به، حتى رجوت أن يكون خيراً.