بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين
طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة
من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض " وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة حديث شريف
طلحة بن عبيـد اللـه بن عثمان التيمـي القرشي المكي المدني ، أبو محمـد
لقد كان في تجارة له بأرض بصرى ، حين لقي راهبا من خياررهبانها ، وأنبأه أن النبي الذي سيخرج من أرض الحرم ، قد أهل عصره ، ونصحه
باتباعه وعاد الى مكـة ليسمع نبأ الوحي الذييأتي الصادق الأميـن ،والرسالة التي يحملها، فسارع الى أبي بكرفوجـده الى جانب محمد مؤمنا ، فتيقن أن الاثنان لن يجتمعا الا علـى الحق ، فصحبه أبـو بكر الىالرسـول -صلى الله عليه وسلم-حيث أسلم وكان من المسلمين الأوائل
ايمانه
لقد كان طلحة -رضي الله عنه- من أثرياء قومه ومع هذا نال حظه من اضطهاد المشركين ، وهاجر الى المدينة وشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الا غزوة بدر ، فقد ندبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه سعيد بن زيد الى خارج المدينة ، وعند عودتهما عاد المسلمون من بدر ،فحزنا الا يكونا مع المسلمين ، فطمأنهما النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن لهماأجرالمقاتلين تماما ، وقسم لهما من غنائم بدر كمن شهدها وقد سماه الرسول الكريم يوم أحُد ( طلحة الخير ) وفي غزوة العشيرة ( طلحة الفياض ) ويوم حنين ( طلحة الجود (
بطولته يوم أحد
في أحد أبصر طلحة -رضي الله عنه- جانب المعركة الذي يقف
فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلقيه هدفا للمشركين فسارع وسط زحام السيوف والرماح الىرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرآه والدم يسيل من وجنتيه ،فجن جنونه وقفز أمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- يضرب المشركين بيمينه ويساره ، وسند الرسول -صلى الله عليه وسلم وحمله بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه ، ويقول أبو بكررضي الله عنه- عندما يذكر أحدا ذلك كله كان يوم طلحة ،كنت أول من جاء الى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ليالرسول ولأبي عبيدة بن الجراح :"دونكم أخاكم" ونظرنا ،واذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية ، واذاأصبعهمقطوعة ، فأصلحنا من شأنه ) وقد نزل قوله تعالى :" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللهعليه فمنهم من قضىنحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا " تلا رسول الله -صلىالله عليه وسلم- هذه الآية أمام الصحابةالكرام ، ثم أشارالى طلحة قائلا من سره أن ينظر الى رجليمشي على الأرض ،وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة ) ما
أجملها من بشرى لطلحة -رضي الله عنه- ، فقد علم أن اللهسيحميه من الفتنة طوال حياته وسيدخله الجنة فما أجمله منثوابعطائه وجودهوهكذا عاش طلحة -رضي الله عنه- وسط المسلمين مرسيالقواعد الدين ، مؤديا لحقوقه ، واذا أدى حق ربه اتجه لتجارتهينميها ، فقد كان من أثرى المسلمين ، وثروته كانت دوما فيخدمة الدين ، فكلما أخرج منها الشيء الكثير ،أعاده الله اليهمضاعفا ، تقول زوجته سعدى بنت عوف دخلت على طلحةيوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟ فقال : المال الذيعندي ، قد كثر حتى أهمني وأكربني وقلت له : ماعليك ، اقسمهفقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما ) وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأىا لمال أمامهفاضت عيناه من الدمع وقال ان رجلا تبيت هذه الأموال فيبيته لا يدري مايطرق من أمر ، لمغرور بالله ) فدعابعضأصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعهاحتى أسحر وما عنده منها درهماوكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكانيعولهم جميعا ، لقد قيل كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلاالاكفاه مئونته ، ومئونة عياله )( وكان يزوج أياماهم ، ويخدمعائلهم ، ويقضي دين غارمهم ) ويقول السائب بن زيدصحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدتأحدا، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة(
طلحة والفتنة
عندما نشبت الفتنة في زمن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أيد طلحة حجة المعارضين لعثمان ، وزكى معظمهم في ماينشدونمن اصلاح ، ولكن أن يصل الأمر الى قتل عثمان -رضي الله عنه-،لا لكان قاوم الفتنة ، وما أيدها بأي صورة ، ولكن ماكان كان،أتم المبايعة هو والزبير لعلي -رضي الله عنهم جميعا- وخرجواالى مكة معتمرين ، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمانوكانت ( وقعةالجمل ) عام 36 هجري طلحة والزبير في فريقوعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع علي -رضي الله عنه-عندما رأى أم المؤمنين ( عائشة ) في هودجها بأرض المعركة، وصاح بطلحة ياطلحة ، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها ،وخبأت عرسك في البيت ؟) ثم قال للزبير يا زبير : نشدتك الله أتذكر يوم مر بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحنبمكان كذا ، فقال لك : يا زبير ، الا تحب عليا ؟؟ فقلت : ألا أحبابن خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟ فقال لك : يا زبير، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم ) فقال الزبير نعم أذكر الآن، وكنت قد نسيته ،والله لا أقاتلك ) الشهادةوأقلع طلحـة و الزبيـر -رضي الله عنهما- عن الاشتراك في هذهالحرب ، ولكن دفعـا حياتهما ثمنا لانسحابهما ، ولكن لقياربهما قريرة أعينهما بما قررا ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمروبن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ، وطلحة رماه مروان بن
الحكم بسهم أودى بحياتهوبعد أن انتهى علي -رضي الله عنه- من دفنهما ودعهما بكلماتأنهاها قائلا اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـةوالزبيـر وعثمـانمن الذين قال الله فيهم ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا
على سرر متقابلين ) ثم نظر الى قبريهما وقال سمعت أذنايهاتان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول طلحة و الزبير،جاراي في الجنة ) قبر طلحةلمّاقُتِلَ طلحة دُفِنَ الى جانب الفرات ، فرآه حلماً بعض أهلهفقال ألاّ تُريحوني من هذا الماء فإني قد غرقت ) قالها ثلاثاً،فأخبر من رآه ابن عباس ، فاستخرجوه بعد بضعة وثلاثين سنة ،فإذا هو أخضر كأنه السِّلْق ، ولم يتغير منه إلا عُقْصته ،فاشتروا له داراً بعشرة آلاف ودفنوه فيها ، وقبره معروفبالبصرة ، وكان عمره يوم قُتِلَ ستين سنة وقيل أكثر من ذلك
مراجعة وتنسيق ناطق ابراهيم العبيدي