بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اسم الله الاعظم المتكبر
ان المتكبر هو الذى يرى كل شئ حقيرا بالاضافه الى ذاته و لا يرى الكبرياء الا لذاته فنظره لغيره نظر الملوك الى العبيد و لا يكون ذلك الا لله
و كل من راى الكبرياء لنفسه كان جاهلا و المتكبر المطلق هو الله تعالى
و ذلك انه لما خلق السموات العلى و الارضين السفلى قبل ايجاد الموجودات و اظهر عجائب المصنوعات قبل ظهور التقدير و ترتيب التدبير ابرز من انواره نور كبريائه فى الايجاد الاول فخافت فرقا ثم انزعجت قلقا وهامت فيضا و وفوقا ،فبعد ذلك بسط عليها من انوار الرحمه ما ثبت له فى عالم التوحيد وشاهدت به حقائق الاعمال فكل ذره ما الزمها من القهر بذل العبوديه حتى عرفت ذلك بهذا فى اليوم و هذه الصفه ظاهره فى الدارين ،بارزه فى الكونين ، و ليست صفه تبطن فى عالم و تظهر فى اخرواذا اراد الله بعبد خيرا بصره بهيبة كبريائه ثم يمده بعين الرحمه فيعقب بسط فيعظم فرحا بما انعم الله عليه و يجب ان تعلم ان الذى لم يقع فى حق الله الا من استكبر فى الارض بغير الحق وهم اللذين يحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ،وهم اهل الشهوات الذين يتبعون اهوائهم ومن شاهد كبرياء الله و كان صاحب تمكين رزقه الله التصريف فى وجوده
و قال الدكتور محمد بكر اسماعيل
المتكبر هو اسم جامع لكل معانى العزه و الجبروت و العظمه و المنعه و الملك و السلطان هو صاحب الكبرياء الذى لا يزول سلطانه ، و لا يجرى فى ملكه الا مايريد هو المتعالى على عرشه ، خضعت الجن و الانس لجبروته ، وسبح كل شئ بحمده ، و هو القاهر فوق عباده وهو المتكبر عن ظلم عباده ، المتعالى بعظمته عن اوصاف خلقه هو الذى ليس لملكه زوال ، ولا لعظمته انتقال والكبرياء من خصائص ذاته ، هى له مدح و ثناء ، ولغيره ذلة و شقاء
روى مسلم فى صحيحه عن ابى هريره رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلميقول الله عزوجل الكبرياء ردائى و العظمة ازارى ،
فمن نازعنى فى واحدمنهما قصمته ثم قذفته فى النار و ان المتكبر من الناس ليس هومحق فى ذلك ، فالكبرياء ليست له بل هومتكلف للكبرياء
يريد ان يتعاطها من الناس ، فاذا مدحوه وعظموه ظن انه ذو كبرياء
و هو فى الحقيقه احقر شئ على وجه الارض لان الله عز وجل مقت المتكبرين و لعنهم و اعد لهم عذابا عظيما و فضحهم بين الناس فى الدنيا
فلا يعظمه احد الا نفاقا و تملقا بحيث اذا ولى وجهه عنه لعنه بقلبه و لسانه ،و استخف به و استصغره و حكم عليه بالكذب و الفجور و التزوير فى الهويه و الشخصيه و من اعجب برايه ضل و من تكبر على الناس ذل
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يدخل الجنه من كان فى قلبه ذرة من كبر صدق رسول الله
و من كتاب الاسنى لشرح الاسماء للامام القرطبى
ان اسم الله المتكبر يدل على علو قدر الله سبحانه المستحق له و كماله علوا و كمالا لا يتناهى لان هذا المعنى يختص بالله تعالى وحده ، و هى فى حق غيره تكلف ،و تكسب مالا يمكن كسبه فاذا دل هذا الاسم على استحقاق العلو من غير تكلف ،فهو يتضمن صفات الكمال و الجلال التى تنال مع بعد الغايه وعدم النهايه
قال الخطابى
المتكبر هو المتعالى عن صفات الخلق ، و يقال هو الذى يتكبر على خلقه اذا نازعوه العظمه ، فيقصمهم قصماو فى التكبر تاء التفرد والتخصيص بالكبر لا تاء التعاطى و التكلف و الكبر لا يليق باحد من المخلوقين و انما سمة العبيد الخشوع و التذلل فيجب على كل مكلف ان يعتقدالعظمه والكبرياء لله وحده ، و انه لا حظ له من هذا الاسم و انما حظه الذله و الاستصغار و الذل و الافتقار للمتكبر الجبارو كل ذنب يمكن التستر به و اخفاؤه الا التكبر فانه شئ يلزمه الاعفان و هو اصل العصيان كله فلا تردن حقا عن صاحب ، و لا تنظر الى احد بعين استصغار ،اياك و مشية الخبلاء و هى جر فضل الثياب و هو الاعطاف بها فان اهل الجاهليه كانوا يسحبون ازرهم اذا مشوا كبرا و يجرونها فكان يفعل ذلك منهم المتكبر و المتجبر ، فيكون ذلك علامه لكبره و تجبره
و قال الامام الغزالى رحمة الله عليه
المتكبر هو الذى يرى الكل حقيرا ، بالاضافه الى ذاته و لا يرى العظمه و الكبرياء الا لنفسه فينظر الى غيره نظر الملوك الى العبيد ، فان كانت هذه الرؤيه صادقه كان التكبر حقاو كان صاحبها متكبرا حقا و لا يتصور ذلك على الاطلاق لله تعالى فان كان ذلك التكبر و الاستعظام و لم يكن مايراه من التفرد بالعظمه كما يراه كان التكبر باطلا و مذموماو كل من راى العظمه و الكبرياء لنفسه على الخصوص دون غيره كانت رؤيته كاذبه و نظره باطلا الا الله تعالى و ان المتكبر من العباد هو الزاهد العارف و معنى العارف ان يتنزه عما يشغل سره من الخلق و يتكبر على كل شئ
سوى الحق تعالى فيكون مستحقر للدنيا و الاخره جميعا ، مترفعا عن ان يشغله كلاهما عن الحق تعالى و زهد غير العارف معامله و معاوضه انما يشترى بمتاع الدنيا متاع الاخره فيترك الشئ عاجلا طمعا فى اضعافه اجلا و انما هو سلم و مبايعه و من استعبدته شهوة المطعم و المنكح فهو حقير و ان كان ذلك دائما و انما المتكبر من يستحقر كل شهوه و حظ يتصور ان يساهمه البهائم فيها
ونختم باقوال الرسول الكريم
روى البزار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
الا اخبركم بوصية نوح ابنه قالوا بلى قال اوصى نوح ابنه فقال يابنى اوصيك باثنين اوصيك بقول لا اله الا الله فانها لو وضعت فى كفه و وضعت السموات و الارض فى كفه لرجحت بهن و لوكانت حلقه لقصمتهن حتى تخلص الى الله و بقول سبحان الله و بحمده فانها عبادة الخلق و بها تنقطع ارزاقهم و انهاك عن اثنين عن الشرك و الكبر فانهما الحجابان عن الله عز و جل فقيل يارسول الله امن الكبر ان يتخذ الرجل الطعام فيجمع عليه الجماعه او يلبس القميص النظيف
قال رسول الله
ليس ذلك يعنى بالكبر انما الكبر ان تسفه الحق و تغمط الناس
مراجعة وتنسيق ناطق ابراهيم العبيدي