سبق الأمثال الشعبية لفرويد فى نظرية الأحلام نتاج الرغبات اليومية
من الأمور الغريبة فى حياتنا العلمية أن النقلة عن الغرب نقلوا لنا كتبا كثيرا فى علم النفس والتربية عن كبار علماء الغرب وهم يظنون أنهم أتوا بأشياء جديدة ليست عندنا سواء كانت خاطئة أو صحيحة ولكن الحقيقة :
أن كل ما قاله البشر فى العصر الحالى سبق وأن قالوه فى عصور سابقة ومن ثم فأقوال البشر متشابهة عبر العصور وهو ما أسماه الله تشابه القلوب حيث قال :
" كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون "
فالكل يقلد من سبقه فى نفس الكلام فاليهود قلدوا المشركين فى ادعاء وجود ولد لله وهو عزيرا (ص)وقلد النصارى اليهود فى وجود ولد لله هو المسيح (ص) تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
وفى هذا قال سبحانه :
"وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل"
وفى كتاب الحلم وتأويله اعتبر سيجموند فرويد أن وجهة النظر اليقينية عند البشر وهى كون الأحلام تعبير عن المستقبل كذب ووهم حيث قال :
"ويتشبث الحس الشعبى أخيرا بمعتقده القديم.. أن للحلم فى نظره معنى وهذا المعنى ينطوى على نبوءة وحتى نستخلص هذه النبوءة من مضمون الحلم الذى غالبا ما يكون مبهما ملغزا فلابد من اللجوء إلى بعض الطرائق فى التفسير وهذه الطرائق لا تعدو أن تكون بوجه عام استبدالا لمضمون الحلم كما انطبع فى الذاكرة بمضمون أخر ومن الممكن ان يتم هذا استبدال تفصيلا بواسطة مفتاح لا يجوز أن يتبدل ومن الممكن استبدال الموضوع الأساسى للحلم دفعة واحدة بموضوع أخر لا يعدو الأول أن يكون رمزا له وأهل الجد يبتسمون لهذه الصبيانيات ولسان حالهم جميعا التعبير الشائع إنها أضغاث أحلام"ص7
وهو يدعى أنه جاء بشىء جديد لم يعرفه البشر من قبل وهو أن الأحلام عبارة عن تعبير عن الضغوط والرغبات اليومية فما تريده في نهارك تحلم به في ليلك وهو قوله حيث قال :
"إلى ثلاث فئات فلدينا أولا الحلم الذى يمثل بلا تنكر رغبة غير مكبوتة ...ولدينا ثانيا الحلم الذى يمثل رغبة مكبوتة فى إهاب تنكرى وغالبية أحلامنا تنتمى لهذا النمط ويأتى ثالثا وأخيرا الحلم الذى يعبر عن رغبة مكبوتة ولكن من دون أن ينكرها أو لا ينكرها إلى بأدنى الحدود وهذا الحلم الأخير يرافقه دوما إحساس بالحصر يرغمه على التوقف ص59
وقال أيضا:
"وعندما نستنتج فى هذا الحال بالتحليل نتبين أن جميع الأحلام بلا استثناء يكمن جذرها فى انطباع تم تلاقيه فى العشية أو بالأحرى أثناء النهار السابق للحلم هذا الانطباع الذى يمكن أن يسمى بالمحرض على الحلم يكون احيانا قويا.. وفى هذه الحال نقول بصواب أن حلم الليل إن هو إلا استمرار لمشاغل النهار ص34
وكرر نفس المعنى حيث قال :
"إن الأشياء التى لا تثير الاهتمام أثناء النهار لا تصبح مثيرة للإهتمام بالنسبة إلى الحلم وأن الترهات التى لا تؤثر فينا فى حالة اليقظة يستحيل أن تلاحقنا أثناء رقادنا"ص35
وكرره حيث قال :
"وبذلك يسعنا أن نقول أن جميع المواقف تقريبا التى تعرضها علينا أحلامنا ليست شيئا أخر سوى نسخ مزيدة ومعاد فيها النظر على نطاق واسع عن بعض من تلك الذكريات المؤثرة فى النفس" ص39
قطعا ما قاله فرويد من وجهة نظر مغلوطة ليس شيئا جديد ومن يراجع أمثال الشعوب عندنا سيجد أن الناس صاغوها فى أمثال شعبية وأحيانا حكايات ولكن ما يهمنا هو أن فى تراثنا الشعبى وحتى فى تراثنا غير الشعبى نجد وجهة النظر الخاطئة فى الأمثال التالية:
الفرخة الجعانة تحلم بسوق الحب
الجعان يحلم بسوق العيش
حلم الجعان عيش
اللى في باله أم الخير تحلم به بالليل
إيش غرض الأعمى قال قفة عيون
حلم القطط كله فيران
اللى أنت خايف منه هلبت عنه( أي لابد منه)
اللى يخاف من العفريت يطلع له
اللى يخاف من العقربه تطلع له أم أربعة وأربعين
وكلها أمثال تبين أن الأحلام ما هى إلا نتاج رغبات غير مشبعة أو مخاوف من أشياء
وهذه الأمثال التى سبق قولها نظرية فرويد بقرون طويلة كلها تكذب كلام الله فالأحلام ليست تعبير عن رغبات مكبوتة أو مخاوف أو مطالب يومية وإنما هى تعبير عن أحداث تحدث فى اليوم التالى أو فى الأيام بعده أو حتى بعد سنوات طويلة
خذ أى حلم فى القرآن ستجده حدث فيما بعده:
حلم دخول مكة حدث بعد ذلك كما قال سبحانه
"لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين"
حلم ذبح إبراهيم (ص)لابنه إسماعيل(ص) تحقق فيما بعد عندا رضا الابن أن يذبحه أبوه فأرقده واستعد لذبحه كما قال سبحانه
"رب هب لى من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم "
حلم الملك عن البقرات والسنبلات السمان والعجاف تحقق فيما بعد كما قال سبحانه :
"وقال الملك إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتونى فى رءياى إن كنتم للرؤيا تعبرون"
وقال فى تفسيره:
"قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتى من بعد عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون"
حلم ساقى الملك وحلم خباز الملك تحقق بقتل أحدهما واطلاق سراح الأخر كما قال سبحانه :
ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنى أرانى أعصر خمرا وقال الآخر إنى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين"
وقال فى تفسيره :
يا صاحبى السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذى فيه تستفيان"
حلم يوسف(ص) عن سجود الشمس والقمر والكواكب له تحقق فيما بعد كما قال سبحانه :
"إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنى رأيت أحد عشرا كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين"
وقال فى تحققه :
"ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم"
بالطبع الأمثال الشعبية وغير الشعبية عبرت عن كل ما يقوله البشر من حقائق أو أباطيل في عصرنا وما سيأتى في المستقبل ولكن النقلة جعلوا أباطيل الغرب كتب قيمة تدرس في مدارسنا وجامعاتنا وأصبحت بلفظ بعضهم تابو أي مقدس لا مفر من تدريسه
والأمر من هذا هو أن دولنا تنفق على نشر هذه الكتب وكأن أباطيل الخواجه أحسن من أباطيلنا مع أنها هي هي
بالطبع المفروض هو البحث عن الحقيقة ونشرها بدلا من نشر تلك الأباطيل أو نقد تلك ألأباطيل وبيان معارضتها لكتاب الله