أن يكون الانسان صالحاً ، لا يعني أن تكون مشاعره نهراً متدفقاً من المشاعر الطيبة ، دون وجود شوائب من المشاعر السلبية..
فهو في النهاية إنسان يصارع بين الخير والشر ..
ويظل طول عمره في محاولة لإصلاح نفسه وتهذيبها..
وهذا جهاد النفس ، والمجاهد من جاهد نفسه في الله..
قد تأتيه ضربات تصعق نياته الطيبة ، وتخنق ميله للتسامح والعفو..
يؤلمه النفاق والإستغلال والجحود ، فينتفض قلبه المحب ليمتلأ بالغضب والإستنكار والرفض..
ولكنه يبقى صالحاً لأنه يعرف كيف يضبط مشاعره..
ولأن حب الله يملأ كيانه ، فهو يسعى جاهداً لتطهير قلبه من النيات السيئة والمشاعر الخبيثة..
هو اختار ألا يحيد عن طريق الحق مهما تعرض للضغوط..
وصلاح قلبه يجعله قادر على التمييز بين عزة صاحب الحق الذي يرفض الظلم والإستغلال ، وذل الضعيف المتخاذل الذي يتقبل الإهانات بحجة التسامح..
هو يميز بين هفوة الكريم التي يجب أن يعفو عنها ، وبين إساءة اللئيم التي يجب أن يضع لها حداً..
هو محب وعطوف ومتسامح بقوته ، بعزة نفسه ، باحترامه لذاته ، ويعلم أن قلبه المحب هذا لا مكان فيه لأي لئيم المتعجرف..
فقلب الكريم لا يتسع سوى لأمثاله..
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيمَ كفر بنعمتك ولم يشكر إحسانك ، وظن أنك أكرمته خوفاً منه فتمرّد عند الإحسان ..