بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لقد كان سعد خير قوم مجاهد
ولكن سعدا قد مضى غير عائد
وكان لجيش الحق في مصر قائدا
فخر وظل الجيش من غير قائد
وكان نصير الحق مذ كان يافعا
برغم الرزايا والرقيب المراصد
ولم يعن سعدا ما عدا مصر مقصد
ومقصد سعد من أجل المقاصد
وأكبر ما في نفس سعد أمانة
إلى النيل منها لم يصل كيد كائد
أصاب من المقدار مصر بطعنة
فأنهرها نجلاء أطول ساعد
وقد كان سعد هلكه هلك أمة
وما كان سعد هلكه هلك واحد
لقد مات سعد خالدا منه ذكره
وما خير ذكر لا يكون بخالد
لقد أغمدت مصر الأسيفة سيفها
وقد أسلمته للثرى والجلامد
لقد مات سعد بل لقد مات موثل
وآمال شعب ناهض ذى مقاصد
وقد فقدت كل العروبة سعدها
وما مصر إلا بعض تلك الفواقد
ولم يبق من سعد لها وحياته
سوى كلم فوق الطروس خوالد
ولم يبق من سعد لها غير ذكره
يلوح كطيف الكوكب المتباعد
ولم يبق من سعد على طول وقدم
سوى جسد بعد الحرارة بارد
وما تلكم الآمال إلا خرافة
وتلك الرجايا غير أحلام هاجد
فديتك من ذي كثرة قبل موته
ومن جسد بعد المنية هامد
على الأرض شاد القوم قبرك ساميا
ولو قدروا شادوه فوق الفراقد
وقد اتخذوا من جوفه لك مرقدا
وليس يبالي ميت بالمراقد
وهل حافل بالقبر من كان سيدا
له ألف قبر من قلوب الأماجد
لرزءك لا شمس النهار جميلة
ولا الليل بسام النجوم لشاهد
وما دون مصر في العراق لك الأسى
وإن دموع الشعر بعض الشواهد
ستبكي على سعد عيون جوارحي
وتبكى على سعد عيون قصائدي
وعصماء منها كل بيت كدمعة
على الراحل المبكى من كل واحد
وإني لأرجو أن تكون كزهرة
على قبره أو درة في القلائد
وقد كان فخما موكب النعش كله
له مشهد ما مثله في المشاهد
وداعا لذاك النعش يوم مشوا به
إلى القبر في جمع من الناس حاشد
وما كنت في سيل الجماهير مبصرا
سوى مطرق أو زائغ الطرف واجد
ولا سامعا إلا شهيقا لمجهش
وإلا زفيرا من حشاشة كامد
ومن ناشج يبكي وآخر جازع
وآخر مغتاظ على الدهر حارد
فلا صبر ما لم ينقض الدهر حكمه
وما لم يكن سعد إليهم بعائد
وللحزن دمع في الماصب كلاهما
إذا كبرت ويلاته غير نافذ
وليست عيون الأقربين إذا طمى
مصاب بأولى من عيون الأباعد
ألا أرني من قد يسد مسده
ودع جرح مصر شاغلا للضوامد
لسعد عظيم في الحياة وبعدها
وفوق الكراسي ثم تحت الجلامد
لقد لف ذاك النعش في يوم سيره
براية مصر وهي أثكل فاقد
وقد حملوه والجماهير خلفه
على مدفع ضخم مكان السواعد
وما كان سعد واحد بين أمة
ولكن سعد أمة بين واحد
لقد بات ذاك الوجه في ذمة الثرى
فعل الثرى إذ ضمه غير هارد
وعلى الثرى يا سعد ان عدل الثرى
يصلون قليلا بعد تلك المحامد
وما هي إلا رقدة الموت إنها
تطول فما منها انتباه لراقد
وسيق الذي قد كان عن مصر ذائداً
إلى حضرة عن نفسه غير ذائد
وقد كان قبلا صاعدا غير نازل
فأمسى بقبر نازلا غير صاعد
فيا قبر سعد إنما أنت حفرة