بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الليلة السادسة عشرة
في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً، أختاه، اروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن أكثر إدهاشًا مما سبق.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن قصة الدرويش الأول أدهشت الجميع، وقال الخليفة لجعفر: «لم أسمع في حياتي بأسرها قصة كهذه.» ثم تقدم الدرويش الثاني، وقال: والله، يا سيدتي، ما ولدت أعور. كان والدي ملكًا، وعلمني القراءة والكتابة، وتحولت لدراسة الخط. وأتقنت حرفتي حتى انتشرت الأخبار عن مهارتي في كل مدينة، ووصلت إلى جميع الملوك العظام.
وفي أحد الأيام، أرسل ملك الهند إلى والدي الهدايا وطلب منه أن يرسلني إليه. فأعدني والدي للرحلة ومعي ستة خيول للركوب. وامتطينا هذه الخيول مدة شهر كامل حتى صادفنا في أحد الأيام سحابة من الغبار. وعند انقشاعها، رأينا خمسين فارسًا يتألقون في دروعهم وكأنهم أسود فولاذية.
كانوا قطاع طرق. قلنا لهم: «نحن مبعوثون إلى ملك الهند، وعليكم ألا تمسونا بأذى.» لكنهم هاجمونا مع ذلك، ونجوت بحياتي بأعجوبة، لأهيم على وجهي بعد ذلك دون أن أعلم أين أتجه. لقد كنت غنيًّا وقويًّا، لكنني صرت حينها فقيرًا.
وطوال شهر، كنت أرتحل نهارًا وأنام ليلًا أينما استطعت، وأتناول نباتات الأرض وثمارها لأبقى على قيد الحياة. وأخيرًا وصلت إلى مدينة جميلة، منهك القوى من الإجهاد والجوع. دخلت المدينة وأنا أجهل أين أذهب، وأسعدني الحظ أن أمر بحائك يجلس في متجره. ألقيت عليه التحية، ودعاني إلى الداخل. فأخبرته بكل ما حدث لي، وبدا عليه الانزعاج، وقال لي: «أيها الشاب، لا تخبر أحدًا بسرك، فملك هذه المدينة ألد أعداء والدك.» ثم أحضر لي بعض الطعام وتناولناه معًا. وعند حلول الظلام، سمح لي بالنوم في مكان صغير خلف متجره.
بقيت هناك ثلاثة أسابيع، ثم سألني الحائك: «أليست لديك أي مهارة تجني بها قوت يومك؟» فأجبته بأنني خطاط، وقال لي: «مثل هذه المهارات ليست مطلوبة كثيرًا في هذه المدينة. فلتأخذ فأسًا وحبلًا، وتذهب لقطع الأخشاب في البرية لتكسب رزقك.» ثم أحضر لي فأسًا وحبلًا، ووضعني تحت إمرة بعض قاطعي الأشجار. ذهبت معهم، وقطعت الأشجار طوال اليوم، وعدت حاملًا حزمة الأخشاب التي قطعتها فوق رأسي. وبعت الخشب وجلبت المال للحائك. وقضيت عامًا كاملًا على هذه الحال.
وفي أحد الأيام، ذهبت إلى الغابة ووصلت إلى مجموعة كثيفة من الأشجار. كان هناك جذع ضخم عندما حفرت حوله بفأسي، عثرت على حلقة متصلة بلوح خشبي. سحبت الحلقة لرفع اللوح، ووجدت سلمًا. نزلت على الدرج، وعثرت على قصر عظيم تحت الأرض. وفي الأسفل رأيت فتاة تبدو في جمالها كالشمس الساطعة، وصوتها يمحو كل الأحزان من النفس.
•••
هنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.»
الليلة السابعة عشرة
في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا المزيد من هذه القصة الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة الدرويش الثاني.» فأجابت شهرزاد: «حسنًا، بالتأكيد!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن الدرويش الثاني قال: عندما رأتني الفتاة، سألتني: «هل أنت إنس أم جن؟» فأجبتها: «إنس.» وسألت: «ما الذي أتى بك إلى هنا؟ لقد عشت في هذا المكان طيلة خمسة وعشرين عامًا دون أن أرى أحدًا على الإطلاق.»
فأجبتها: «حظي السعيد هو الذي جلبني إلى هنا لأخفف عنك أحزانك.» ثم أخبرتها بقصتي، وأشفقت علي، وأخبرتني بدورها بقصتها. كانت ابنة ملك من جزيرة بعيدة. وفي ليلة عرسها، طار بها جني وأنزلها في هذا المكان. وكان يزورها كل عشرة أيام، وتقضي بقية الوقت وحدها. وعندما تحتاج إلى الجني، لم يكن عليها سوى لمس خطين محفورين على مدخل الباب.
ولم يكن من المنتظر وصول الجني قبل ستة أيام، لذلك بقيت هناك مع الأميرة. وسرعان ما وقعت في حبها، وقلت لها: «يا جميلتي، اسمحي لي أن أحملك وأنقذك من هذا السجن.» فأجابت: «لا، لا تفعل. فالجني مرعب، وأخاف أن أتركه.»
شعرت بغضب شديد، وقلت لها: «في هذه اللحظة، سأسحق النقش المحفور وأجعل الجني يحضر لكي أدمره!» وعندما سمعت ما قلته، شحب وجهها، وقالت: «كلا، بالله عليك، لا تفعل.»
لكنني كنت غاضبًا غضبًا جعلني لا أستمع إليها. وركلت الباب بقدمي.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة رائعة ومدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.»
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي