قبل عشرة أشهر ...
مسقط ...
وقفت عند باب الحديقة و إلتفتت لها: بمشي ألحين!
إبتسمت لها، حركت رأسها بالإيجاب و رفعت يدينها المنقشة لها: مشكورة
على الحناء تعبتك كثير اليوم!
إبتسمت بهدوء: لا، إيش هالكلام؟! أنتي عروستنا و أنا بخدمتك!
إبتسمت بحياء: مشكورة يا حياتي، ما قصرتي..، سكتت شوي و بعدها كملت
: راح تحضري صح؟
نزلت رأسها و حركته بالنفي: آسفة بس ما أقدر أترك أمي لحالها بالبيت!
حركت رأسها بتفهم: يللا عيل ما أريدك تتأخري عليها!
إبتسمت، لفت و طلعت تمشي لسيارتها، وقفت عند باب السيارة و فتحت شنطتها تدور
على المفتاح، ضلت تحوس في الشنطة لكم من دقيقة، حركت عيونها بملل، كلما تحط
المفتاح في الشنطة تحسه يضيع، تنهدت و صارت تطلع كل اللي فيها،
تلفون، محفظة، مفاتيح المكتب، مفاتيح البيت، ورقة إستدعاء ولي الأمر، كيس حب
شمس(بزر)، لصقات طبية، كم من قلم، نوتات تذكيرية و كحل، حطت كل هالأغراض
على بونيت السيارة و دخلت يدها في الشنطة مرة ثانية، قطبت حواجبها و هي تحس
بشرخ صغير في البطانة الداخلية للشنطة، أكيد دخل المفتاح فيها، قلبت الشنطة و صارت
تهزها لين ما طاح المفتاح، زفرت: و أخيرا! نزلت و أخذته، لمت أغراضها و رجعتهم
للشنطة ما عدا التلفون، تعرفها، بتتصل فيها ألحين و بتسألها ليش تأخرت، إبتسمت
و فتحت الباب، ركبت و سكرته بهدوء، شغلت السيارة و جت بتحركها بس رن تلفونها،
إبتسمت و هي تشوف رقم البيت على الشاشة: ألو ماما!
ردت بخوف: وينك يا بنتي، تأخرتي؟ صار لك أكثر من ساعتين!
إبتسمت أكثر: يا ماما، يا حبيبتي، لا تخافي علي، توني مخلصة، عشرين دقيقة
و بكون عندك بالبيت إن شاء الله!
: إن شاء الله، ديري بالك على حالك، خلي عيونك على الشارع!
ضحكت: إن شاء الله!
سكرت منها و جت بتحرك السيارة بس لمحت، من مراية الجانبية، سيارة تمر من
وراء سيارتها و توقف بجنبها، لفت تشوف عليها، سيارة مزينة بأحلى الزينة،
سيارة بتنزف فيها العروس، إبتسمت بخفة بس إختفت هالإبتسامة بسرعة، رجعت
رأسها على وراء، غمضت عيونها و رجعت بذاكرتها لهذاك اليوم...
وقفت قدام المراية و هي ترفع عيونها لهم، شافتهم حاملين طرحتها بكل حذر
و يمشوا لها، أخذت نفس و بعدها أخذت نفس ثاني، متوترة، مستحية، مبسوطة،
أحاسيس مختلطة، ترتجف و مانها قادرة تهدي حالها، حاولت بس فشلت، حطت يدها
على قلبها تحس بدقاته الجنونية، اليوم بيتحقق حلمها، حلم طفولتها، اليوم صارت
عروس و بتنزف لزين الشباب، كل العيون راح تكون عليها، البعض بيدعي بقلوب
صافية لسعادتها و بعض الآخر بيحسدها على فرحتها بس ما يهمها، كل اللي يهمها
أنها بتنزف في دقائق للشخص اللي سكنته في قلبها، في كل كيانها، ملكها و ملك
كل شيء فيها..!
رفعت عيونها لهم و هي تحس بطرحتها تنحط على رأسها، أخذت نفس طويل
و زفرت: شكراً!
إبتسموا لها: أفا!! إيش هالكلام؟ ما في بيننا يالدبة!
إبتسمت بتوتر: شكراً!
ضحكوا على حالتها، ساعدوها توقف و عدلوا فستانها و طرحتها: يا بخته فيك!
نزلت رأسها بحياء و هي تحس بالدم يتدفق لخدودها و بدقات قلبها تزيد و تسرع
أكثر من قبل، يا ترى تقدر؟ تقدر تكون له كل شيء يتمناه..؟ غمضت عيونها
و هي تدعي لنفسها بصمت: يا رب أقدر أسعده و يسعدني! فتحت عيونها و هي
تسمع الباب ينفتح، إلتفتت لها و هي تشوف دموعها على خدودها، حاولت تخبي
توترها منها لتهديها فإبتسمت بس إختفت إبتسامتها و هي تنتبه لملامحها، إرتجف
قلبها من الخوف: مـامـ.ـا، إيش في؟
نزلت رأسها و هي مانها قادرة ترد عليها
فجأة..!
صرخة زعزعت القاعة بكبرها: مــــــــــاآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآ آآت!!!!!!!!!!!!
رجعت من سرحانها و هي تسمع دق على الشباك، حست بدمعة على خدها اللي نزلت
بدون علمها، إرتبكت، مسحتها بسرعة و من ثم لفت للشباك و نزلته.
: نهودة!! إيش فيك لين ألحين واقفة؟ ناسية شيء؟
إبتسمت بإرتباك: هـ.. ها؟ لا.. أمم.. لا أبدا.. ألحين بمشي.. و هي ترفع
الشباك: يللا يا حبيبتي، مع السلامة!
رفعت يدها لها: مع السلامة!
حركت السيارة بسرعة و هي مرتبكة من حالها، ذكرى عنيدة، مانها راضية تتركها،
مررت يدها على وجهها و أخذت نفس تهدي حالها: يا رب إحفظهم و خليهم لبعض،
يا رب تمم فرحتهم على خير!
نـاهـد: 27 سنة!
***************************
إحدى الكافيهات...
حط يدينه على الطاولة و رجع لوراء يسند ظهره بظهر الكرسي، إلتفت لهم و من
ثم إلتفت لمكان ما كانوا مثبتين عيونهم، إبتسم بسخرية و لف يشوف عليهم
: ما تملوا؟
إلتفت له واحد منهم و هو فاتح عيونه للآخر على سؤاله: ليش، في أحد يمل
من البنات؟
حرك عيونه بملل و فضل ما يرد عليه
ضربه على كتفه بخفة و بمزح: أيوا ألحين صاروا ما يملوا عينك لأنك خطبت!
رفع حاجب و تكلم بغرور: أصلا هذولا، و هو يأشر عليهم: أبدا ما كانوا ماليين
عيني، ما أنزل لمستواهم! قام و أخذ مفاتيحه من على الطاولة: أنا بمشي!
الكل إلتفت له: لا/ وين تو الناس/ ورانا سهرة/ خليك!
نزل عيونه لساعته و بعدها رفعها لهم: عندي كم شغلة أخلصها و بعدين الأهل
ينتظروني، ما أقدر أتأخر عليهم!
حركوا رؤوسهم بالإيجاب: عيل باي/ بالتوفيق لبكرة/ خبرنا كيف شكلها!
إبتسم و لف يمشي عنهم: تحلموا!
سمع ضحكاتهم، ضحك لنفسه و بعدها مشى لسيارته، وقف بجنب السيارة يشوف
إنعكاسه في الشباك، عدل سكسوكته شوي و بعدها صار يمرر أصابعه في شعره
الكثيف، سمعهم يهمسوا لبعض.
: ما شاء الله، سبحان من صوره!
: أيوا، جد، ما شاء الله، ما شفت شاب وسيم مثله!
إبتسم لنفسه بغرور و هو راضي كل الرضا عن شكله، ركب السيارة و إلتفت يشوف
عليهم، إبتسم لهم و هم إرتبكوا و مشوا بسرعة، إبتسم أكثر و حرك السيارة.
بعد شوي...
وقف السيارة في كراج الفلة، نزل و صار يمشي للداخل، فتح باب الصالة و شافهم
جالسين قدام التلفزيون يتكلموا عن الخطبة، إبتسم و مشى لهم: السلام عليكم!
إلتفتوا له: و عليكم السلام!
تقدم منها، إنحنى و باسها على رأسها: كيفك يمة؟
إبتسمت و هي تمسح على خده بحب: بخير دامكم بخير!
إبتسم و جلس بجنبها: ها؟ إيش الأخبار؟
: الأخبار مرة خطيرة!!
إلتفت لها و هي نطت بجنبه و كملت: إتصلنا فيهم اليوم و طبعا بكرة رايحين
عشان تشوفها و يطمئن قلبك، هو أصلا ما راح تحصل على وحدة أحلى منها لأنها،
و هي تعدل ياقة قميصها: أحم، أحم، إختياري!
ضربها على رأسها بخفة و إلتفت لأمه و كأنه يريدها تأكد له كلامها
إبتسمت له و كأنها فهمت عليه: ما شاء الله، قطعة من القمر!
رفع حاجب: يمة أنا قلت لكم، ما راح أرضى بقطعة من القمر، أريدها تكون القمر
نفسه!!
حركت رأسها بقلة حيلة: ما راح تتغير!
إبتسم و قام: بطلع لغرفتي، تريدوا شيء؟
إبتسموا له: سلامتك!
حرك رأسه بالإيجاب و صار يمشي للدرج.
ضلت تلاحقه بعيونها لين ركب الدرج و إختفى في الدور الثاني، أخذت نفس
و إلتفتت لأمها: ماما!
: همم؟
إبتسمت: تعتقدي هالمغرور بيوافق عليها؟
ضربتها على كتفها بخفة: عيب تقولي كذي عن أخوك!
ضحكت و هي تصد ضرباتها: ههههه.. إيش أسوي؟ جاتني عقدة منه!
إبتسمت و بهدوء: البنت ما شاء الله ما ناقصها شيء، جمال، أخلاق، دين،
إن شاء الله يوافق!
إبتسمت: إن شاء الله!
الأم: زينة- 46 سنة!
رنا: 20 سنة!
دور الثاني...
ركب الدرج و صار يمشي لغرفته، مر من جنب غرفتها و سمع ضحكتها ، إبتسم لنفسه
و كمل طريقه لغرفته، فتح الباب و دخل، مشى لسريره و هو يرمي مفاتيح سيارته على
الكمدينة، جلس و أخذ نفس طويل: حياتك من بكرة راح يرتبط بشخص غريب، يا ترى
أنت قدها؟ حك رأسه و زفر، رمى نفسه على السرير و غمض عيونه، طرت في باله فقطب
حواجبه بقوة، حط يدينه على وجهه و هو متضايق من هالذكرى، تعذبه و تعذبه كثير،
ما ينام الليل إللا و هو يفكر فيها، تطرأ في باله في أي مكان، في أي وقت، بدون سابق إنذار
و تخربط له كل كيانه، حاول كثير و لين ألحين يحاول بس إيش ما يسوي ما يقدر يبعدها
عن فكره، يختنق لما يتذكر اللي صار، مانه قادر يرتاح، ما يقدر لين ما يعرف إيش صار
فيها بالضبط؟ عاشت؟ نجت من الصدمة؟ موجودة حوالينه؟ ما يعرف، لــو، لو بس رجع
لها و تأكد بنفسه كان ما صار اللي صار، لو نزل من السيارة و تجرأ يشوفها كان ما عاش
بعذاب الضمير، بس هو كان خايف، كان وحيد، ما عرف إيش يسوي فتركها، تركها
تـمـوت..!
قطب حواجبه أقوى من قبل و من ثم فتح عيونه و جلس: سامحني يا رب، سامحني!
قام و صار يمشي للحمام، يتوضى و يصلي له ركعتين يمكن يهدأ، يمكن ربه يسامحه
على هالغلطة، يمكن هالعذاب يخف شوي، يـمـكـن..!
فهد: 26 سنة
بالغرفة المجاورة...
وقفت قدام التسريحة و هي تلعب بخصلات شعرها الشقراء، نزلت عيونها للتلفون
و من ثم رفعتهم للمراية: أمم.. إيش رأيك لو أصبغهم هالمرة أحمر!
جا لها صوتها من التلفون اللي حاطته على السبيكر(مكبر الصوت): حلو بس
بندقي أحلى عليك!
قطبت حواجبها: جد؟
:آههم، ألوان الشوكولاتة تناسب مع عيونك العسلية!
إبتسمت: أحم، أحم، أصلا كل لون يناسبني!
: هههههه.. أيوا هذي الثقة و لا بلاش!
ضحكت بخفة و كملت: لا، كلميني جد، يعني لا للأحمر!
: آههم، لا للأحمر، جربي عسلي أو ألوان كذي!
حركت رأسها بالإيجاب: أوكي، عيل هالمرة أجرب هالألوان و نشوف!
: حلو.. أمم.. ميمي، بسكر ألحين..
قاطعتها بسرعة: لاآآ، إيش تسكري، بعدنا ما تكلمنا عن بكرة!
تكلمت بإستغراب يوضح من صوتها: ليش؟ إيش في بكرة؟
أخذت التلفون و مشت لسريرها و هي ترمي نفسها عليه: ما قلنا نروح لشوبنغ
(تسوق)!
ضحكت: بس ما عندك دوام؟
إبتسمت: أيوا عندي بس عادي، شوبنغ يا قلبي دوم الأول على اللستة!
: هههههههههههه.. أوكي عيل بشوفك بكرة!
حركت رأسها بالإيجاب: يب، إن شاء الله، باي!
سكرت منها، جلست و حطت التلفون على الكمدينة، فتحت الدرج و طلعت دفتر نوت
صغير، فتحته على صفحة فاضية و صارت تفكر باللي ناقصها، قطبت حواجبها لأنه
ا ما قدرت تفكر بولا شيء، عندها كل شيء و ما تشتكي من النقص بس الشوبنغ صارت
عادة مستحيل تتخلى عنها، قطبت حواجبها أكثر، يا ترى هي تعتبر مسرفة؟ حركت رأسها
بالنفي تبعد هالفكرة، هي ما تلعب بفلوس أحد ثاني، هي تدفع من جيبها، ليش تهتم؟
إبتسمت و صارت تعدد: شوز، شنط، نظارات، عطور، إكسسوارات،...............!
نمارق: 23 سنة!
***************************
سكر الكمبيوتر و هو يتنهد بتعب، إلتفت له و شافه يقوم، قام و صار يمشي له
: تأخرنا كثير اليوم!
حرك رأسه بالإيجاب: يشغلونا مثل الحمير!
إبتسم: عادي تحمل، تعرف بعد هالإسبوع يوزعوا الترقيات!
إبتسم و صار يمشي معاه للمصعد: و عشان كذي ساكت، كان شفتني مسوي علوم!
ضحك و حرك رأسه بقلة حيلة، نزل عيونه لساعته و هو يشوفها 8:30، قطب حواجبه
و هو يتمتم لنفسه: تأخرت على الصلاة و تأخرت عليها!
: قلت شيء؟
رفع عيونه له، إبتسم و حرك رأسه بالنفي: لا، و لا شيء!
حرك رأسه بالإيجاب و بعدها إنفتح باب المصعد، ركب و إلتفت له: كيف الوالدة؟
ركب المصعد و ضغط على طابق الأرضي: بخير الحمد لله، ما تشكي من شيء!
إبتسم و بعدها سكت لين ما توقف المصعد و نزلوا: يللا مع السلامة!
إبتسم: مع السلامة! لف و صار يمشي للباركنغ، مشى لسيارته، ركب و بعدها شغلها،
حركها لأقرب مسجد و نزل، أدى صلاته و بعدها طلع و حرك السيارة.
بعد شوي...
وقف السيارة قدام الفلة، نزل و صار يمشي للباب، سمع أصواتهم و صوت التصفيق
من الحديقة فقطب حواجبه، نساهم للحظة، يحبهم و يحب وجودهم حوالينه بس ما دوم،
جاي تعبان و هلكان من الشغل، ما راح يقدر يتحمل صريخهم، ما فيه، يريد يحط رأسه
على مخدته و ينام بس مستحيل يقدر و هم هنا، قطب حواجبه أكثر و هو يتذكر، جاي
بيدين فاضية، ما جاب لهم شيء اليوم، بيزعلوا؟ تنهد، يزعلوا يومين و بعدها بيرضوا
لحالهم، أخذ نفس و تقدم من الباب، دفعه للداخل و دخل.
كانوا يركضوا حوالين الحديقة و هم يصرخوا و يلعبوا بس أول ما شافوه، تركوا كل
اللي بيدهم و ركضوا له: عــــمــــي وصــــل!!!
إبتسم غصباً عنه و هو يشوف فرحتهم بوصوله: أيوا، جيت!
تجمعوا حوالينه و الكل صار يتكلم: وينك اليوم تأخرت؟/ ليش تأخرت؟/
وين الحلاوة؟/ ما جبت لنا شيء؟
حك حاجبه بإحراج، ما يعرف إيش يرد عليهم، يقول لهم من كثر التعب نسيتكم،
ما يقدر، مانه عذر كافي، إبتسم لهم بإحراج و هو يفكر: أمم.. أنا.. أنا..، و بسرعة
: جيت آخذكم معاي عشان تختاروا على ذوقكم!
فتحوا عيونهم: و الـلـه؟!؟!
إبتسم و فضل ما يرد عليهم.
صرخوا من الفرحة و صاروا يركضوا لسيارته.
ضحك على حالتهم و لحقهم بسرعة.
بعد نص ساعة...
رجع للفلة بعد ما وصل الكل لبيته، أولاد الجيران بس تعود عليهم و تعلق فيهم كثير،
صار لهم أكثر من سنتين يجتمعوا بالفلة، يلعبوا و يصرخوا، يرجعوا الحياة فيها،
إبتسم و صار يمشي للصالة، هادية، ما في أي أثر لها، يمكن بغرفتها، صار يمشي
لممر غرفتها، وقف قدام الباب و جا بيفتحه بس وقفته.
: أنت متى جيت؟
لف يشوف عليها و بعدها صار يمشي لها: ألحين..، باسها على رأسها
و إبتسم: كيفك خالتي؟
إبتسمت له: الحمد لله، أنت كيفك اليوم؟
حرك رأسه بالإيجاب: الحمد لله، يمة كيفها؟ أخذت أدويتها؟
حركت رأسها بالنفي لشطر الثاني من سؤاله: لا، تعرفها ما تأخذ الأدوية إللا
من يدك!
إبتسم: أعرفها بس تأخرت عليها فكذي فكرت يمكن..
حركت رأسها بالنفي: ما تسمع الكلام!
ضحك بخفة و بمزح: عنيدة مثل أختها!
ضحكت و ضربته على كتفه بخفة: روح لها و لما تنام، تشوفني بالصالة، أريدك شوي!
رفع حاجب بإستغراب و حرك رأسه بمعنى إيش في
إبتسمت على حركته و صارت تمشي للصالة: بعدين!
إبتسم، لف و صار يمشي لغرفة أمه، دق على الباب بهدوء و بعدها فتحه و دخل
: السلام عليكم!
كانت جالسة بجنب الشباك، أول ما سمعت صوته إبتسمت و لفت تشوف عليه: و عليكم
السلام، جيت حبيبي!
مشى لها بسرعة، إنحنى و طبع بوسة هادية على جبينها: آسف يمة تأخرت عليك!
إبتسمت له بهدوء: أعرف إنشغلت!
حرك رأسه بالإيجاب و بعدها مشى للكمدينة، أخذ حبوبها و غلاس الماي اللي كان
محطوط عليها، لف يشوف عليها، شافها تتقدم بكرسيها له، إبتسم لها و مد لها حبوبها
و من ثم الماي: يمة، كم مرة خبرتك لا تنتظريني، لا تتأخري على أدويتك، لازم تأخذيها
في أوقاتها!
إبتسمت و هي تأخذهم منه: تعرفني يا ولدي، ما أقدر إللا و أنا أشوفك قدام عيوني!
إبتسم: و أنا ماني رايح لمكان..
قاطعته و هي تنزل رأسها: هم قالوا نفس الكلام!
سكت شوي و بعدها إقترب منها و طبع بوسة ثانية على جبينها: يمة اللي صار كان
قضاء و قدر، قولي الحمد لله على كل حال!
حركت رأسها بالإيجاب و هي تتمتم: الحمد لله على كل حال! أخذت نفس و شربت
حبوبها.
إبتسم لها و بعدها صار يدفع كرسيها بهدوء للسرير، بعد البطانية و عدل المخدات،
حملها بهدوء و حطها على السرير.
حطت رأسها على مخدتها و هي ترفع عيونها له: تعبتك يا ولـ..
قاطعها بسرعة و هو يجلس على الطرف: يمة إيش هالكلام؟ أي تعب؟ ليش تريدي
تزعليني منك؟!
إبتسمت و صارت تمسح على خده بهدوء
مسك يدها و باس كفها: يللا، غمضي عيونك و نامي!
أخذت نفس و غمضت عيونها
ضل جالس عندها لفترة لين حسها نامت، قام، عدل لها البطانية و صار يمشي للباب،
خف الإضاءة و طلع من الغرفة، سكر الباب بهدوء و بعدها صار يمشي للصالة،
شافها جالسة قدام التلفزيون، تقلب في القنوات بس أول ما شافته، سكرت التلفزيون،
إستغرب من حركتها: لهالدرجة السالفة جدية؟!
إبتسمت: أنت تعال، إجلس..، و هي تأشر بجنبها: هنا!
إبتسم و جلس مكان ما كانت تأشر: ها، جلست ألحين قولي إيش في؟
ما ردت عليه و صارت تمسح على شعره
نزل رأسه و حركه بقلة حيلة: خالتي، لا تفتحي لي نفس الموضوع مرة ثانية!
قطبت حواجبها وضربته على رأسه بخفة
ضحك و رفع رأسه لها: يا خالتي يا حبيبتي، ردي هو نفسه، ما راح يتغير، لا،
لا و ألف لا!
قطبت حواجبها أكثر: بس يا ولدي أنت لمتى راح تضل رافض الزواج كذي!
تنهد بس ما رد عليها
شافته سكت فتكلمت: يا ولدي، ما يصير تحرم نفسك عشانها، هي بتتقبل، أكيد تريد
تفرح فيك، تجي زوجتك و تملي عليكم هالبيت، تملي عليك حياتك، تساعدك و تلبي
إحتياجاتك،..
قاطعها: خالتي أنا..، و هو يأخذ نفس: أنا خايف عليها، أخاف أن اللي بتدخل حياتي
ما تقدر تتأقلم مع حياتي، ما تقدر تتأقلم مع يمة، أنا ما أريد أي شيء يأذي يمة،
ما أريد أي شيء يبكيها، يكفي اللي عاشته، يكفي! سكت شوي و بعدها كمل بإبتسامة
: و بعدين بنات هالأيام دلوعات و رقيقات، أنا ما أحب هالنوعية!
حركت رأسها بقلة حيلة: كل بنات العالم صاروا دلوعات؟!
ضحك و ما رد عليها
تنهدت و قامت: ما أقول غير الله يهديك!
قام: و يهدي الجميع!
إبتسمت و صارت تمشي لباب الصالة: أنا رايحة لبيتي، إذا إحتجت لأي شيء،
إتصل فيني!
إبتسم: إن شاء الله! ضل يشوف عليها لين طلعت و تسكر الباب وراها، أخذ نفس
و صار يمشي للدرج، ركب لغرفته و صار يمشي للشباك، بعد الستارة و صار
يلحقها بعيونه لين شافها تدخل بيتها، إبتسم، لف و صار يمشي للكبتات، أخذ فوطته
و بجامته و من ثم دخل الحمام، طلع بعد فترة و مشى للسرير، رمى حاله عليه
و غمض عيونه بس فتحها و هو يتخيلها، حرك رأسها بالنفي بسرعة يبعدها عن
فكره: ما تناسبك، ما تناسب حياتك! تنهد و رجع غمض عيونه..!
الأم: زبيدة-48 سنة، مقعدة!
عبدالرحمن: 27 سنة!
***************************
بريطانيا ...
و بالتحديد مدينة بريستول ...
دخل المفتاح في القفل، فتح الباب و دخل، سكره و أخذ نفس بإرتياح، فسخ جاكيته
و صار يمشي للداخل و هو ينادي عليهم:
Mom! Maisy!
(أمي! مايسي!)
دخل الصالة و هو يلتفت حوالينه، رمى جاكيته على أقرب كنبة و قطب حواجبه
بإستغراب، كل يوم يسمع ضحكاتهم من وراء الباب، صراخهم يوصل لبيت الجيران
بس اليوم ما لهم أي حس، إبتسم لنفسه، إيش هالتغيير! حرك أكتافه بخفة و بعدها
لف و صار يمشي للمطبخ، مشى للثلاجة، فتحها و صار يحوس فيها، نزل و فتح
درج الثلاجة و بصوت عالي:
What do you want me to make you on the dinner?
Macaroni cheese?!
(ماذا تريدان أن أطبخ لكما على العشاء؟ معكرونة بالجبنة؟!)
ما جا له أي رد
حك رقبته و لف يشوف وراه، ما في أي أحد:
I’ll make Macaroni cheese
(سأطبخ معكرونة بالجبنة!)
ما جا له أي رد
تنهد، قام و عدل وقفته، سكر الثلاجة و لف يطلع من المطبخ:
Mom! Maisy! Where are you girls
(أمي! مايسي! أين أنتم أيها الفتيات؟)
ما جا له أي رد
عصب هالمرة، صار له ساعة ينادي عليهم بدون أي رد، ما يحب مقالب مثل هذي:
Are we playing hide and seek? Because it’s
not the right time
(أنلعب الغميضة؟ أنه ليس بوقت المناسب لهذا)
ما جا له أي رد
قطب حواجبه بقوة و بصوت عالي:
MOM!! MAISY
(أمــي!! مــايــســـي!!)
WHERE ARE YOU
(أين أنتما؟)
ما جا له أي رد
حس بشعور غريب، فجأة صار الخوف يتسلل لقلبه، وينهم؟ ليش ما يردوا عليه؟
ما راح يسووا له مقلب لأنهم يعرفوا أنه بيعصب عليهم و بعدها ما بيسكت، مشى
للدرج بسرعة و جا بيحط رجله على أول الدرج بس رن تلفون البيت، إلتفت يشوف
على التلفون و بعدها لف و صار يمشي للصالة، رفع السماعة و حطه على أذنه:
Hello!.., Yes, this is Max Stevens speaking..
, my mother is fine.., no.., she’s better than before..,
she is cured from her depression.., why?..,
(ألو..، نعم، ماكس ستيفنز يتحدث..، أمي، أنها بخير..، لا..، أنها أحسن من قبل..،
لقد شفت من الإكتئاب..، لماذا؟..،)
تغيرت ملامح وجهه و هو يسمع كلام الدكتور، مستحيل تكون سوتها، لا! سكر منه
و هو يأخذ نفس يهدي حاله بس مانه قادر، لف يشوف على الدرج، أخذ نفس الثاني
و صار يمشي بخطوات مترددة، مرتجفة، مانه قادر يصدق و لا كلمة قالها له، كيف
و هي كانت بأحسن حال..! صار يركب الدرج وحدة وراء الثانية، أول مرة يحس
أنها كثيرة، مانها راضية تنتهي، حط رجله على آخر درج و صار يمشي لممر الغرف،
لف للممر و طاحت عيونه عليها، واقفة بجنب باب غرفتها، حاضنة لعبتها و شعرها
متناثر على أكتافها، مثبتة عيونها بداخل الغرفة، أخذ خطوتين ثقيلة للقدام وهو يحس
بدقات قلبه تسابق خطواته، رجفة غير طبيعية، غصب نفسه ليتقدم أكثر، وصل لعندها
بس ما تجرأ يرفع عيونه لمكان ما كانت مثبتة عيونها، نزل لمستواها و حط يد على
رأسها:
Ma.., Maisy
(ما..، مايسي!)
إلتفتت له و من ثم لفت و هي تأشر عليها:
Why is Mom hanging there
(لماذا أمي معلقة هناك؟)
غمض عيونه و هو يأخذ نفس بصعوبة يشجع نفسه ليلف يشوفها، فتحهم
و حركهم لوين ما كانت تأشر، نزل رأسه بسرعة و لف لها، سحبها لحضنه
و حاوطها له بقوة، ما قدر يمسك حاله فبكى، بكى و هو يحاوطها له أكثر و أكثر..!
الأم: رينيه ستيفنز- ماتت منتحرة!
ماكس: 24 سنة!
مايسي: 7 سنوات!
***************************
مسقط ...
فتح باب الحديقة و صار يمشي للداخل، دخل الفلة و إستغرب، الفلة هادية و لأول
مرة، إبتسم لنفسه و بصوت عالي: ويـنـكـم؟ نـايـمـيـن؟!
جا له صوتها من المطبخ: أنـا مـوجـودة و صـاحـيـة، البقية نايمين، ألحين بجي!
إبتسم أكثر و صار يمشي للصالة، رمى نفسه على الكنبة و زفر بتعب: جيبي لي ماي
و أنتي جاية!
: من عيوني!!
ضحك على أسلوبها المتغير، أكيد في شيء، طلب جديد، حرك رأسه بقلة حيلة،
ما يتصلحوا إللا عشان طلباتهم، أخذ نفس و مرر يده على وجهه: كان يوم متعب!
جا له صوتها مرة ثانية: كل أيامك متعبة!
ضحك مرة ثانية و طاحت عيونه على ظرف أسود، مخملي، مزخرف بالذهبي،
محطوط على الطاولة قدامه، عدل جلسته و أخذ الظرف و هو يقلبه: بطاقة عرس
من هذي؟
: تقصد ظرف المخملي؟
حرك رأسه بالإيجاب و هو يفتح الظرف: أيوا!
: عرس بنت خالتي!
جمدت يدينه و نزل عيونه للظرف بتردد، خايف يطلع البطاقة و يشوف إسمها
مكتوب بأحلى الخطوط، مزخرف بأجمل الزخارف بس ليكون بجنب إسم ثاني
غير إسمه، بيحترق، ما يقدر يتحمل، مستحيل تكون هي، مستحيل تسويها فيه،
هو قلبه يدق في أمل أنه يجي يوم و قلبها بيدق له، هو يتنفس بس عشان هاليوم،
ما رح يقدر يتحمل يشوفها تنزف لغيره، هذا اليوم بيكون نهايته، نهايته بسبب
هالحب الوحشي..! حاول يأخذ نفس ليهدي حاله بس فشل، كأن الأكسجين إنسحب
من حوالينه، رمى البطاقة على الطاولة و حاول مرة ثانية، بس فشل، فك التاي
(كرفتة-ربطة عنق) بسرعة و فتح أول زرين من قميصه، فجأة صار يحس كأن
الصالة صارت تضيق عليه، تضيق بدرجة أنها بتطبق عليه و بتعصره..!
طلعت من المطبخ و صارت تمشي له: تعرف ماما زعلت من خالتي لأنهم حددوا
كل شيء و بالأخير جابوا لنا بطاقة و كأننا غريبين، و هي تقترب منه: بصراحة
حتى أنا أخذت في خاطري على.. سكتت و هي تشوف وجهه المحمر، مشت له
بسرعة، حطت غلاس الماي على الطاولة و جلست بجنبه، حطت يدها على كتفه
و بخوف: بسم الله.. إيش.. إيش صار فيك؟
حرك رأسه بالنفي و هو يحاول يتنفس: مـ.ـاني قا.. قادر أتنفـ..ـس..
صارت تمسح على ظهره بخوف: بسم الله عليك، بسم الله.. نزلت عيونها للبطاقة
و بعدها رفعتهم له وكأنها فهمت عليه: مانها هي.. هدي حالك! مانها هي..
عرس بنت خالتي منيرة.. هدي حالك!
رفع عيونه لها: مـ.ـانها هي؟!؟
حركت رأسها بالنفي
حط يد على قلبه و زفر بقوووة: الحمد لله..، و هو يأخذ نفس: الحمد لله!
أخذت نفس و صارت تمسح على رأسه بهدوء، أخذت الغلاس و مدته له: خذ،
إشرب، هدي حالك!
مرر يد مرتجفة على وجهه، يمسح عرقه و بعدها أخذ الغلاس منها و شرب الماي.
ما نطقت بحرف و ضلت ساكتة لكم من دقيقة لين شافته هدأ، عدلت جلستها
و تكلمت بهدوء غير اللي تحس فيه: ليش تسوي كذي بحالك..
قاطعها و هو يلتفت لها: تفكريني أتعمد؟ تفكريني أريد يصير فيني كذي؟!
حرك رأسه بالنفي: أنتي مانك فاهمتيني، ما راح تفهميني، قام و جا بيمشي
بس مسكت يده.
قامت و دارته لها: أنت ليش مانك راضي تفهم، هي ما راح توافق عليك، رفضتك
ثلاث مرات من قبل..، و هي تأخذ نفس: أنت ليش تهين نفسك عشانها، ليش تذل
نفسك لها لهالدرجة، هي..، و هي تحرك رأسها بالنفي: هي ما تستاهلك!
فك يده من يدها و بهدوء غير اللي يحس فيه: أنتي ما راح تفهمي! لف و صار يمشي
عنها.
ضلت تشوف عليه لين ما بقى غير طيفه، جلست على الكنبة بقهر و صارت تتأفف: الله
يهديك يا أخوي، الله يهديك!
ليلى: 28 سنة-مطلقة!
دخل غرفته، سكر الباب و صار يمشي للشباك، بعد الستارة و رفع عيونه للفلة البعيدة
على آخر الشارع، مانها قادرة تفهمه و لا راح تقدر تفهم حبه لها، هو يعشقها لحد الجنون،
ما يقدر يتخيلها لغيره، حياته تبتدي و تنتهي عليها، أحلامه تدور حوالينها و بوجودها،
حط يده على قلبه و تنهد، دقاته تتسابق مع بعضها بمجرد أنه يفكر فيها، إيش لو يشوفها؟
هالبنت غير، هو ما قصدها، ما إختارها، ما يعرف متى و كيف و ليش صار كل هذا بس
صار و ما بيده، ما قدر يتحكم في هالقلب، ما قدر يمنعه، أسرته بإبتسامتها و عيونها البريئة،
أسرته! أخذ نفس و غمض عيونه، يعرف أنها رفضته ثلاث مرات، طعنته ثلاث مرات،
ما يعرف إذا يقدر يتحمل طعناتها أكثر من كذي بس كل يوم يتجدد الأمل في قلبه و يقول
إيش لو وافقت؟ لين متى راح تعذبه؟ لين متى راح تحرقه كذي؟ بيجي يوم و بتحس في
حالها، بيجي يوم و بتعرف إيش كثر هو يعشقها! فتح عيونه و رجعهم للفلة، بتوافق،
مصيرها توافق عليه..! عدل الستارة بس رجع بعدها، يمكن تطلع و يشوفها، يكحل عيونه
بشوفتها و يرتاح من هالعذاب و لو شوي، إلتفت لمكتبه و صار يمشي له، سحب كرسيه
و جره لين الشباك، جلس و هو كله أمل أنه يلمحها أو حتى يلمح طـيـفـهـا..!
عبدالله: 24 سنة!