رواية: ابتسام أشرف الكيلاني
منقول
المقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. وبعد:
ترى كيف كانت حياة المرأة في ظل الإسلام؟
أهي الظلم؟.. أم العدل؟
أهي السجن؟.. أم الحرية؟
أهي الذل؟.. أم الكرامة؟
أهي حياة في ظل الاستبداد والتسلط؟
أم في ظل المودة والرحمة؟
أهي حياة الذل والهوان؟.. أم الكرامة والعزة؟
أهي حياة التنازل عن كل الحقوق؟ أم حياة تُحترم وتُصان فيها الحقوق؟
سنحكم من خلال سرد زينب لمراحل حياتها، أمام الرفيقة العزيزة التي التقتها على غير موعد، بعد أن أصبحت أماً وجدّة، وقررت أن تفتح أمامها سجل الذكريات، وتعرض الأحداث حلوها ومرّها في لقاءات تجمعهما بعد طول افتراق.
الحقيقة أنني لم أقصد كتابة قصة.. وإنما قصدت عرضاً واقعياً لحياة امرأة عاشت في ظل الإسلام، وفي حياتها مواعظ وعبر وأحداث، قد يكون في عرضها فائدة لمن يقرأ.. ويستوعب، وهي أحداث واقعية، شاهدتها بنفسي على مسرح الحياة، ولم أضف إليها من عندي إلا القليل ابتغاءً لتسلسل الأحداث، ولوضع الحلول لها من خلال المنهج الذي سنّه من خلق الإنسان وعرف حقيقته، وما يصلح له من تشريعات ونظم.
اللقاء الأول
ذكريات الطفولة
التقيتها بعد فراق دام سنين طويلة، منذ كنا في المدرسة الابتدائية أعز رفيقتين، بل أعز أختين.
كانت صداقتنا أكبر من سنّنا، عميقة وقوية، وانتهت المرحلة الابتدائية، وكنا فيها متفوقتين، كنت لا أعلم عن خصوصياتها الكثير، غير أنها وحيدة بين عدة إخوة لها، ومتوفاة الأم. عندها عاطفة دينية تدفعها للبحث عن كل ما يُقرّبها من الخالق، ويحميها من غضبه، تسحرها قصص الصالحين.. وتحاول أن تتخذ منهم قدوة ومثلاً أعلى. وكنت مثلها، لي نفس تطلعاتها، وهذا ما قرّبها مني وقرّبني منها.
وقد تزوج أبوها بعد وفاة أمها من خالتها التي احتضنت الأولاد، وتعاملت معهم بعاطفة الأمومة، فالخالة لم تُرزق بأولاد فانصرفت بعاطفتها نحوهم جميعاً. وكثيراً ما حدثتني عن تقوى خالتها، وكيفية صلاتها، والأدعية التي ترددها، وأنها عندما تكبر ستكون مثلها لعلها تفوز بالجنة، وكانت الجنة في أحلامنا الطفولية، نتحدث عنها ونحلم بها.
وانتهت المرحلة الابتدائية، وحملت كلّ منّا معها شهادة بالتفوق، وتواعدنا أن نلتقي معاً في المدرسة الإعدادية، ولكننا لم نلتق، ومرت الأيام وتتابعت السنون، والتقيتها فجأة في ذلك البلد البعيد.. في دبي.. بعد تلك السنين الطويلة، التقت الأعين.. وتجاوبت الأرواح، ورأيت فيها الصورة التي تخيّلتها دائماً مُسلمة في مظهرها، مؤمنة في تصرّفها.. وفيّة محبة.. عناق طويل جمعنا بعد فرقة في دار غربة.. لهفة وشوق لمعرفة كل ما مضى.
على مقعد في حديقة جميلة جلسنا متجاورتين، تبثّ كل منّا للأخرى ما تحمله من مشاعر، ونتلهف لمعرفة أخبار السنين التي مرّت، وما جرى فيها من أحداث، تفاعلت معها كل منا حسب ظروفها. ووعدتني أن نلتقي كل أسبوع لتقصّ عليّ جزءاً مما مرّ معها، بعد أن طلبت منها هذا بإلحاح، إذ وردت على لسانها عبارة مختصرة عبّرت عما تحمله في داخلها من كنوز، يجب أن تُكتشف قالت:
- خمسون عاماً في ظل الإسلام.. في ظل العدل والرحمة.. في ظل الكرامة والألفة في ظل لا إله إلا الله.. في بعضها كان الظل قريباً دانياً، وفي بعضها كان بعيداً فسعيتُ إليه واحتميت به، إنني أسعد امرأة في العالم.. إنني امرأة عاشت في ظل الإسلام.
وهكذا انتهى لقاؤنا الأول، وكان لقاءً عارضاً وقصيراً، على أن نلتقي كما وعدت زينب كل أسبوع لأسمع منها التفاصيل التي ترسم الصورة الصحيحة لامرأة عاشت في ظل الإسلام.
الموضوع الأصلي :
رواية امراة في ظل الاسلام || الكاتب :
البارونة || المصدر :
شبكة همس الشوق