إنتظار لحظات الأحتضار
إلى حبيبتي
اعلم بأن تماديت في الغياب وتماديت في الصمت أيضا لكن ما أن تعرفين سبب هذا
وذاك حتما ستعذريني
وها أنا الآن قررت أن أطلق العنان لقلمي ليحلق في فضاءات البياض
الأخرس سأدعه يكتب سأدعه ينزف لن اسمح له أن يقف حتى آخر قطرة حبر منه
ولأني اشتقت إليك قررت البوح بعدما استبحت في صمتي كل الأعذار فلاحجة
لدي لأن أبقى صامت
فأيامي كانت تمر ثقيلة الخطى كل يوم كان مملاً روتينياً شهور مضت كأنهاسنين
أصحو وأنام أنام لأصحو وذات الحلم يتكرر يقظة ومناماً أنا وأنت معا
كم هو حلم جميل وكم هي أمنية رائعة استيقظ منهما لأجد واقع مختلف تماماعما
أنجبه خيالي فتتلاشى قهرا كل الأحلام وتستسلم للموت بهدوء كل الأمنيات
لا عليك من هذا كله فالمهم دائما أن يبقى الحب حيا نسمع نبضه ونتحسسه
نحيا به بسلام نشعر به فنرى كل شئ جميل
تتفتح ورود نيسانه في أرواحنا لنكون اشبه بالملائكة نقاء صفاء صدق
فذلك يكفيني شعور بالسعادة والامان
بالأمس كنت اشعر بأني لست على ما يرام واني ماعدت أطيق تحمل المزيد من
المعاناة والألم
مللت من مرأى الشراشف البيضاء ومن أصوات الأجهزة المحيطة بي
أنبوبة التنفس تجعلني اشعر بالاختناق
أكره جدا أن اسمع وقع خطى الطبيب والممرضات
لاني ما أن اسمعه اعرف بأني سأبدأ معاناة اخرى يتفننوا فيها بخلق الأمل ويبدعوا
في إنعاش الآمال التي تحتضر
فما كنت أريد أن أكون أسير ذاك السرير وماكنت أريد أن أبقى وحيد في حجرة
باردة تخلو من كل ملامح الحياة
لا أريد أن أكون تعيس مقابل الحصول على العافية أريد السعادة وأنكان ثمنها الموت
كم كنت اتوسل لذاك الطبيب البارع في سرد حكايا التفاؤل
كم قد طلبت منه أن يأذن لي بالخروج حيث سعادتي منزلي الصغير وفيه ركني
الهادئ المليء بقصاصات الورق الفواح بروائح الحبر
قدح قهوتي العتيق حتما ينتظر عودتي وأريكتي بالتأكيد أشتاقت إلي
وقبل هذا كله أنتي ياحبيبتي أعلم بأنك تنتظر عودتي ويملؤك الامل في أن أعود
عودة لا غياب بعدها
أتوسل اليه لكنني أجده يجيبني بإجابة روتينية حالتك لاتسمح بذلك واوضعك
الصحي لايلائمه سوى ملازمة السرير
ليعيدني مجدداً إلى حيث قاع اليأس
أتألم و ما من مسكن لهذا الالم
الآم تستعر بداخلي
جحيم يوقد في قلبي
أظل أبكي وأبكي بحرقة
حتى أستسلم طوعاً لذاك السلطان وأنام
ايقنت اخيرا بأنهم حكموا عليّ بالموت تعيس
حكموا عليّ بالموت دون أن أودع دفاتري ومحبرتي
دون أن يدعوني أستنشق
ولآخر مرة رائحة حبري وقهوتي
ورائحة عطرك ياحبيبتي نعم فلقد حكموا علي
بإنتظارلحظات الاحتضار