حياة الأنبياء البرزخية : 006633وعن انس بن مالك أنَّ رسول الله قال :(مررت على موسى ليلة اسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره)2 . عن اوس بن اوس أنَّ رسول الله قال:(إن الله قد حرم على الأرض إن تأكل أجساد الأنبياء)3 . وبهذه الأقوال المباركة ثبتت حياة الرسول الأعظم وإخوانه من الأنبياء والمرسلين ، فإنهم أحياء وحياتهم برزخية بمعنى إنهم يرون ويسمعون من حيث لا يراهم ولا يسمعهم إلا النخبة المفضلة من أولياء الله تعالى وإنهم يردون السلام وانه يرد السلام علينا عند كل صلاة عندما نقول في التشهد : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فيقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، ونسأله أن يتشفع فينا عند ربنا فيقف شفيعاً لنا و لكل محب من أمته وقد قال تعالى في حقه: بالمؤمنين رؤوف رحيم4 . وهذه الرأفة والرحمة باقية دائمة ما دام حياً وما دامت السماوات والأرض إلى يوم البعث والنشور ، والذين ينكرون حياته البرزخية لا يرد عليهم السلام لأنه لا حياة له عندهم ، فيحرمون من هذه الرأفة والرحمة . حياة الأولياء البرزخية : قال تعالى : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} 5 . تنص الآية الكريمة على إن حياة الصالحين ومماتهم سواء لتحققهم بالإيمان والاطمئنان الكاملين فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون في الدنيا والآخرة ، فكما كانوا في الدنيا مشرفين على الآخرة بقلوبهم وأرواحهم يرونها رأي العين فهم في البرزخ مشرفون على الدنيا لإفادة أهلها بالدعاء لهم وغيره ، فحياتهم ومماتهم سواء بسواء كرامة من الله تعالى لهم لاستقامتهم على الاعتقاد والعمل الصالح وقيامهم بنهج طريق الخُلق المحمدي الاقوم ، يقول تعالى :الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا والآخرة6. ففي الدنيا قبل الآخرة تتـنـزل عليهم الملائكة جهارا بالبشارات وان لأرواحهم الصافية الطاهرة بركات وفيوضات يستفيد منها من يزورهم في الحياة الدنيا وبعد الممات بلا فرق كما نصت الآية الكريمة . وهذا بخلاف غيرهم من الذين اجترحوا السيئات ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا7. كما وان الآية الكريمة تحكم بأن الذين يساوون بين موتى الأولياء و بين موتى غيرهم من الناس ساء ما يحكمون . أي إنهم من الذين يجترحون السيئات . حياة الشهداء البرزخية: قال :ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون8. أي لا تحسون ولا تدركون حياتهم بالمشاعر الاعتيادية لأنها من أحوال البرزخ التي لا يطلع عليها إلاّ عن طريق الوحي او الإلهام ، وعلى هذا رأي جمهور العلماء حيث قالوا: إن الحياة البرزخية حياة حقيقية وإنها للروح والجسد ولكن الجسد جسدٌ برزخيٌّ لا دنيويُّ ونحن لا ندركها بالعين المجردة في هذه النشأة وإنما تدرك بعين البصيرة لمن شاء الله من خواص عباده ، وممن صرح بهذا الرأي: ابن عباس وقتادة والحسن وعمر بن عبيد وجماعة من المفسرين . حياة باقي الأموات البرزخية : من حديث ابن عباس عن النبي : (ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه السلام)9 . وقال :(ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وأنهم يغسلونه وأنه لينظر إليهم)10 . روي عن عبد الله أبن عمر يقول قال رسول الله لأصحاب الحجر: (لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين فأن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم)11. فالكافرون لهم أيضا حياة برزخية يسومونهم فيها سؤ العذاب . في انتفاع الميت بالحي: قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله الا من ثلاثة أشياء ، صدقة جارية و علم ينتفع به وولد صالح يدعو له)12 . قال : ( أقرؤا يس على موتاكم)13 . وفي هذه النصوص وغيرها ما يؤكد انتفاع الميت بإعمال الحي فلو لم تكن المنفعة متحققة فلماذا أمرنا رسول الله بتلقين الميت قبل دفنه وقراءة شيء من القرآن عليه ولما اخبرنا انه ينتفع بالصدقة والولد الصالح ومشاريع الخير التي يعملها في الدنيا وإجماع الأمة على هذا قائم فلا داعي للإطالة فيه . والمستفاد من هذا إن هناك علاقة بين عالمنا وعالم الأرواح دلت عليها النصوص المذكورة . |