أخرج كنوز طفلك
هل تعلم أن طفلك لديه إمكانيات هائلة؟
هل تعلم أن بداخل طفلك كثير من الإيجابية والخير إذا أحسنت استخراجه؟
هل تريد أن تتعلم كيف تخرج أفضل ما في طفلك؟
أيها الآباء، إن أطفالنا بمثابة منجم ذهب وكنز كبير إن أحسنا استخراج أفضل ما فيهم، فالخير الذي يحمله كل طفل بين جانبيه كثير، ولذا كانت هذه الكلمات لتأخذ بأيدي الآباء والأمهات إلى أفضل الوسائل فاعلية في إخراج أروع وأجمل وأفضل ما في طفلك الصغير.
علاقة إيجابية
هذه الوسائل التي سوف نتحدث عنها لها تأثير كبير على علاقة المربي بالطفل، ففي كل مرة سيحاول المربي أن يوصل إلى طفله معلومات إيجابية عن نفسه، فإن ذلك يعود بنفع كبير جدًا على تلك العلاقة المتبادلة بين الطفل والمربي:
ففي المقام الأول: ستعزز هذه المعلومات التي مررها المربي من العلاقة، إذ أنها ستوطد العلاقة الإيجابية بين الطفل والمربي.
وفي المقام الثاني: إنك بذلك تغرس فيه أفكارًا ومعتقدات إيجابية عن نفسه.
وسائل فعالة:
والآن أيها الآباء سنطرح عليكم عدة طرق فعالة يمكنك أن تبدءوا بها حتى تتمكنوا من غرس تصورات إيجابية للأطفال عن أنفسهم مما يجعلهم أكثر ثقة وفاعلية في الحياة.
الوسيلة الأولى: الحوار المباشر
ونقصد بهذه الوسيلة أن تجري حوارًا مباشرًا بينك وبينه فقط، وهذه الطريقة يحتاج إليها الطفل بشدة، لكن كثيرًا من الآباء يغفلون أو ينشغلون عنه، فهذا النوع من التواصل المباشر والخاص مع طفلك بهذه الصورة يعتبر من أهم الوسائل الفاعلية التي تبني ثقة الطفل بنفسه وتمكنك من إيصال معلومات تحمل صورة إيجابية عن نفسه بطريقة يسيرة وسهلة، وهذه الوسيلة يحتفي بها الطفل جدًا ويحبها حيث يشعر بالاهتمام والتقدير، ومن ثم يفتح لك المجال لتغرس فيه ما شئت, كأن تقول له: (أنا أحبك كثيرًا فأنت متعاون كنت حريصًا على مساعدة أمك اليوم... إلخ)، وهكذا تمرر إليه معلومات إيجابية عن نفسه ستشكل فيما بعد شخصيته في المستقبل.
إن هذا التواصل يمكن للمربي أن يقوم به في أي توقيت، لكنه يصبح أكثر فاعلية وخصوصية إذا كان قبل نومه مباشرة، لأن الطفل حينما يكون على وشك أن ينام، فلاشك أن كلماتك ستتردد في أذنه وسيمررها على عقله مرات ومرات قبل أن يستغرق في نومه، وفي الصباح عندما يستيقظ ستظل هذه الكلمات عالقة بذهنة تتردد في أذنه؛ مما يحمسه لأن يتصرف خلال هذا اليوم وفق تلك الصفات الإيجابية التي أخبرته أنه يتحلى بها (كالتعاون، وبر الوالدين، الكرم، والإتقان... إلخ).
الوسيلة الثانية: حوار غير مباشر
الطريقه الثانية : وهذه أيضًا من الوسائل الفعالة جدًا في إيصال معلومات إيجابية عن الطفل، وذلك من خلال حديثك ـ في غير وجوده ـ مع شخص آخر، مع الحرص على أن يصل كلامك هذا إلى سمعه.
مثال عملي:
ومثال ذلك أن يدخل الأب مع زوجته إلى غرفة النوم ويتركا باب الغرفة مفتوحًا مع تيقنهم من سماع الطفل لحديثهم ثم يتحدثا بطريقة تلقائية عن طفلهم وعن الصفة الإيجابة التي يريدان إيصالها إلى الطفل، فيقول الأب مثلًا: (لقد كنت في منتهى الساعدة حينما وجدت أحمد يذاكر بتركيز وإتقان، يبدو أنه يحب إتقان العمل جدًا)، أو تقول الأم مثلًا: (أنا فخورة جدًا بصدق أحمد، هو شجاع للغاية ولا يحب الكذب، لقد أخبرني بكل صدق بأنه عوقب اليوم في المدرسة بسبب خطأ ارتكبه ووعدني ألا يعود إليه مرة ثانية)، وعندما يسمع الطفل تلك المعلومات عن نفسه دون قصد فإنه يتشرب تلك القيم الإيجابية التي سمعها عن نفسه تمامًا ويعمل جاهدًا من أجل أن يتمثلها ورغبة في إثبات جدارته في امتثال تلك القيمة أو الصفة الإيجابية.
الوسيلة الثالثة: كتابة الإيجابيات
وهي ثالث الوسائل الفعالة في إيصال معلومات إيجابية للطفل عن نفسه، فعندما يتصرف الطفل تصرفًا إيجابيًا أو يقدم موقفًا إيجابيًا، انتظر حتى ينام وقم بكتابة ورقة صغيرة تحمل الصفة الإيجابية التي يدلل عليها الموقف الذي قام به ثم الصقها في مكان ظاهر بحيث يتمكن الطفل من رؤيتها في الصباح بسهولة، كأن تضعها مثلًا على مرآة غرفته أو على مرآة الحمام، بحيث تكون أول شيء يراه الطفل عندما يستيفظ من نومه.
مثال عملي:
تأتي بورقة صغيرة وتكتب عليها بخط واضح (ابني الغالي الحبيب كم كنت فخورة بك الأمس عندما أخبرتني بأنك تأخرت عند موعد العودة من المدرسة لأنك كنت تلعب مع أصدقائك في فناء المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي وليس بسبب تأخر السيارة... لقد شعرت بمدى صدقك وشجاعتك وأنا فخورة بك... أمك الحبيبة).
أيها المربي الفاضل أيتها المربية الفاضلة، مع كون هذه الوسيلة بسيطة جدًا لكنها رائعة في عملية غرس الصفات والقيم الإيجابية في نفوس الأطفال ولها نتائج باهرة على المستوى النفسي للطفل وعلى مستوى العلاقة بين الطفل ووالديه.
تنبيه!!
من الممكن ألا تكون هذه الوسيلة إيجابية في بعض البيوت ومع بعض الأسر، والسبب في ذلك يكون غالبًا لكون الأبناء يمرون بسن المراهقة وهو ما يستلزم طريقة خاصة في المعاملة، أو لكون الأبناء يستقبلون هذه الوسائل التي تحمل المدح بنوع من الاستخفاف وعدم التصديق، بناء على كثير من التجارب السلبية التي حدثت بينهم وبين أبنائهم.
احذر من الفخ
وهنا سيحاول الأبناء اختبار صدق هذا المدح وهذا الثناء من الآباء، فهم كثيرًا ما يرغبون في اختبار آبائهم ليتيقنوا من صدق ما يقولون، فمن الممكن أن يقوموا بفعل سلبي أو برد فعل سلبي، وهنا ـ للأسف ـ يقع كثير من الآباء في شَرَك الأبناء، فحينما يرون هذا الفعل أو رد الفعل السلبي يتغافلون عن الفعل الإيجابي وعن المدح الذي كان يسمعونه للطفل منذ قليل وتنهال على الأبناء أمطارًا غزيرًا من التوبيخ والتنقيص وما شابه ذلك، ومن ثم يعود الآباء مرة أخرى إلى معاملة أبنائهم معاملة سلبية، ويتيقن الأبناء أن هذا المدح لم يكن حقيقيًا بالمرة
(إن الأبناء بحاجه إلى أن يجتاز آباؤهم هذا الاختبار، وذلك بأن يقابلوا السلبية من جانبهم بشيء مثل: "لا بأس با أبنائي، إننا فقط أردنا أن تدركوا أنكم مع ذلك أشخاص تمتازون بصفات إيجابية كثيرة"، ثم يشيرون إلى سلوكياتهم الإيجابية والصفات الإيجابية التي تعكسها هذه السلوكيات ويكثرون من فعل ذلك، وأنا أضمن لهم أنهم إذا ما قاموا بذلك، أيًّا كان ما يظهره الأبناء من سلبية، فإن صوتًا خافتًا سوف يبدأ في التردد داخل عقول هؤلاء الأبناء قائلًا لهم: "حقًا، ربما نكون بالفعل أشخاصًا نمتاز بكذا وكذا كما يقولون") [التربية الذكية، د. لاري جيه كوينج، (83)].
عندما يفعل الطفل سلوك سلبى فذلك يعمى عيون الاباء عن وجود الصفات الايجابية فيه..ومع استمرار السلوك السلبى من الطفل حتى مع جهد الاباء فى محاوله تصحيحه .يصبح الاباء فى غاية الحساسية من هذا السلوك ولا ينتبهون بالمرة الى اى سلوك ايجابى قد يفعله الطفل اثناء ذلك. والنتيجة هى ان يصل الاباء الى مرحلة الشكوى الدائمة من الطفل وبدون قصد يصبح الطرفان اسيرين لنمط محدد من التصرفات وكلما زادت الانتقادات من الابوين زاد سلوك الطفل سوءا وهكذا....
والطريقه الوحيده للخروج من هذه الدائرة هى ان يتوقف الابوين عن انتقاداتهم ويبدءون فى البحث عن امثله ولو صغيرة للسلوكيات الايجابية فى طفلهم ثم التركيز عليها.
مثال مهم:
(هل تذكر عندما تعلم طفلك المشي والكلام لأول مرة؟ هذان هما أصعب الأشياء التي يتعلمها الأطفال على الإطلاق فى سنواتهم المبكرة
فكيف قمت بتعليمهم؟ بالطبع بنفس الطريقة التي يطبقها الآباء الآخرون عن طريق التشجيع والإطراء والمديح التام .. أكيد لم تقل لأحدهم ذات مرة وهو يتعلم المشي: هذه هي المرة العاشرة التي تقع فيها، يجدر بك أن تستلم فمن الواضح أنك لن تتعلم المشي أبدًا، أكيد أيضًا لم تقل لأحدهم وهو يتعلم الكلام: إن النطق الصحيح لهذه الكلمة هو كذا وليس كذا .. أنت لا تستطيع النطق بطريقة صحيحة أبدًا.
من المؤكد أنك لم تفعل ذلك، ومن المؤكد أيضًا أنك على العكس كنت تبحث عن أي دلائل ولو بسيطة على أن طفلك يسير فى الاتجاه الصحيح نحو تعلم الأشياء ثم أخذت تشير إلى هذه الدلائل .. كأن تقول مثلًا: (أحسنت لقد خطوت أول خطوة لك هيَّا لتخطو الثانية أحسنت، نعم أحسنت ها أنت تمشي بالفعل، ثم تطلب من الأم بسعاده أن تنادي على الجد والجده وعلى الجميع؛ لكي يأتوا ويشاهدوا طفلك وهو يمشي.
وأيضًا عندما كان ينطق أول كلمة ويخطئ، كنت تصححها له فى حب وحنان إلى أن نطقها صحيحه.
لقد فعلت كل هذه الاشياء الرقيقة العطوفة وأنت لا تدرك وقتها أنك واحد من الأشخاص الذين يتسمون بالإيجابية الحقيقية وبداخلكم طاقه إيجابية هائلة تنساب بطريقه طبيبعية إلى أطفالكم) [التربية الذكية، د. لاري جيه كوينج، (83)].
إن هذا المثال الأخير الذي مر بنا لابد وأن نتذكره دائمًا وأبدًا ونحن نسير في طريق تربية أبنائنا ... أن نحرص أولًا وأخيرًا على غرس الإيجابيات في نفوس الأطفال ونحن نتحلى بالحب والشفقة نرحم خطأهم ونصوبه، ونشجع صوابهم وننميه.
بعد الكلام...
هم ثلاثة وسائل إذًا:
الوسيلة الأولى: الحوار المباشر
الوسيلة الثانية: حوار غير مباشر
الوسيلة الثالثة: كتابة الإيجابيات
كن إيجابيًا وابدأ في تطبيقهم من اليوم، مع أخذ التنبيهات التي أوردناها في الاعتبار، واستمتع برؤية طفلك وهو يخرج أفضل ما لديه من كنوز ... وهو يخرج طاقته الإيجابية.
__________________