هو الطللُ العافي ، وهــــاتا مَعَــــــــــالِمُهْ
فَبُحْ بهـــــــوى منْ أنت في القـلبِ كاتمه
وقد كنتَ ذا علمٍ بما يصــــــــــــنع الهـوى
وما جاهـــــــــــــلٌ شيئاً كمن هو عـالمه
ومن ذاق طـــعــم الحـــــب مـثلي ، فإنهُ
عليمٌ بأن الحــــــبَّ مُـــــرٌ مــطـــاعـــمـه
وما الغــــادة الحــســـناءُ صــــــيدت وإنما
أُذٍيل من الدمــــع المــــصــــون كَــــرَائمه
وما العيس ســـــــــــارتْ بالجآذر ، غُـدْوَةً
ألا إنما صــــــــــــــبري استقلت عــزائمه
وليس بذي وجــــــــدٍ فتىً كتم الهــوى ،
وليس بصـــــــــبٍ من ثــنــته لوائـــمــــه
وقــفــنــا فــسَــقَّــيْــنَــا المـــنازلَ أدمُعـاً
هــــي الوبل ، والأجــــفان منها غـمـائمه
وما الدمــــــــعُ يوماً ، ناقعاً مِنْ صــــــبابةٍ
ولو فــــــــاض حتى يملأ الأرض سـاجمه
وكان عــــظــــيماً عـــــــــندي الهجرُ مرةً
فلما رأيت البينَ هـــــــــــــــانت عـظائمه
وقد كان تنعاب الغــــــــراب مُـــخــــبـــراً
بوشـــــــكِ فــــراقٍ ، أو حــبيبٍ نصــارمه
فــمــا لِغــــــراب البــيـــن - لا درَّ دَرُّهُ ! -
ولا حــــمـــلـــتـــه رِيشُــــهُ وقـــــوادمـه
وما لِجــمــــال الحـــــي ، يومَ تحـــــملوا
تولت بمــن زان الحُــــلي مـــعـــاصـــمـه
لقد جــــــــــــــــــارت الأيام فينا بحكمها
ومن ينصف المظلوم والخــصــــم حـاكمه
وكيف تُرجى للكـــــــريم إفــــاقــــــــــــةٌ
إذا ما غــــــــدا يوماً وآســــــــيه كـالمه؟
ومن ســـــــــــــــالمَ الأيام وانقاد طوعها
فليس عـــجــــــيباً أن تلين صــــــــلادمه
فإني رأيت الدهــــــــــــــر أجـــــور حاكمٍ
ســـــــــــــواءٌ مُعاديه ، معاً ، ومـسـالمـه
سل الدهـــر عني : هل خضعت لحكمه؟
وهل راعـــــني أصــــــــلاله وأراقــمـه !؟
وهل موضــــــــــعٌ في البر ما جُبتُ أرضهُ
ولا وطِئته من بعيري مناســـــــــــــــمه؟
ولا شــســـــــــعت لما وردتُ نُجُــــــودُهُ،
ولا بعـــــــــدتْ أغــــــــوارهُ وتـهـــــائمه؟
وما صــــــحـــــــــــبتني قطُّ ، إلا مطيتي
وعـــضــــبُ حُــسـامٍ مخذمُ الحد صـارمهُ
وإن انفــــــــــــــراد المرءِ في كل مشهدٍ
لخير من اســـــــــــتصحاب من لا يلائمه
إذا نزل الخــطـــبُ الجـــليـــــل فـــــــإننا
نُصــــــــــــــــــــابرهُ حتى تضيق حيازمـه
وإن جـــــــاءنا عـــــــــافٍ فإنَّا مــعــاشـرٌ
نُشـــــاطــــــــرهُ أموالنا ونُقاســمــــــــه
بنينا من العلياء مـــــجــــــــداً مُــــشـيداً
وما شـــــــائدٌ مجــــــداً كمن هو هادمـه
ســــــلِ المجد عنا يعلمُ المــــــجـــدُ أننا
بِنا أُطِّــــــــــــدت أركــــــــــــانه ودعائمـه
أخي ، وابن عمي ( يا ابن نصرٍ ) نداء من
أقــيمت لِطـــــولِ الهــجــــــر منك مآتمـه
أودُّك وُداً لا الـــزمـــــــــــان يــبـــيــــدهُ ،
ولا النـــــأي يفنيه ولا الهـــجــــر صارمــه
ولو رمتَ يوماً أن تَرِيمَ صـــــــــــــــــبابتي
إليك ، أزال الشــــــــــــــوق ما أنا رائِمـه
فواعجباً للســــــــــــــــيف ، لما انتضيته
من الجفن لم يورق بكفك قــــــــــائمـه !
وواعـــــجـــــباً للطـــــــرف ، لما ركـــبته
غـــــــــداة الوغى كيف استقلت قوائمـه
بليثٍ ، إذا ما الليث حــــــــاد عن الوغى
وغيثٍ ، إذا ما الغيث أكْــــــدتْ سواجـمه
تعلمْ _ أقيك الســـــــــــوءَ _ أن مدامعي
لبُعدك ، مثل العِـــــــــقـــد أوهاه ناضمـه
وإني ، مذ زُمتْ ركـــــــــــــــابك للنوى ،
شديدُ اشـــــــــتياقِ عازب القلبِ هائمه
أبو فراس الحارث أبن سعيد الحمداني التغلبي |