بسم الله الرحمن الرحيم
القلــــــــــــــــــــب:
هو المحل الذي يحصل به التعقل والتفكير والفهم،
وهو الذي يحصل به العقل والتدبر والإخبات والتوكل والثقة، وما إلى ذلك من الأمور التي نجدها في قلوبنا.
وسمي القلب قلباً؛ لكثرة تقلبه، فهو كثير التقلب بالخواطر والواردات والأفكار والعقائد، ويتقلب على صاحبه في النيات والإرادات، كما أنه كثير التقلب من حال إلى حال، يتقلب من هدى إلى ضلالة، ومن إيمان إلى كفر أو نفاق، ولهذا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:
((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))
[رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد].
والإنسان قد يستطيع أن يصم أذنيه فلا يسمع، وقد يستطيع أن يغمض عينيه فلا يبصر، ولكنه لا يستطيع أن يمنع قلبه من الفكر في الواردات والخواطر، فهي تعرض له شاء صاحبه أم أبى،
قال الله تعالى:
{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
[(36) سورة الإسراء]
وما سمي القلب إلا من تقلبه
والرأي يصرف بالإنسان أطواراً
القلب: هو محل الإيمان والتقوى، أو الكفر والنفاق والشرك.
القلب: هو ملك الجوارح، وهو كما يقول العز بن عبد السلام: مبدأ التكاليف كلها، وهو مصدرها، وصلاح الأجساد موقوف على صلاحه وفساد الأجساد موقوف على فساده، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ
صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ
كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)) [رواه البخاري ومسلم].
أي: أنها إذا صلحت بالإيمان ومعرفة حقائقه ومحاسن الأحوال فإن الجسد يصلح بطاعة ربه ومولاه وبالإذعان له، وإذا فسد هذا القلب بالشرك والكفر، ومساوئ الأحوال والأعمال القلبية السيئة من الكبر والعجب والرياء وما إلى ذلك، فإن ذلك يفسد الجسد بالفسوق والعصيان والتمرد على طاعة الله -عز وجل-، وتسخير الجوارح وتعبيدها لغير الله -تبارك وتعالى- والتعالي على الخلق وظلمهم والإفساد في الأرض، كل ذلك يكون نتيجة طبيعية لفساد هذا القلب وتبدل أحواله.
إن الموعظة تطرق الأسماع، وتجد آثارها على الناس متفاوتة غاية التفاوت كالمطر ينـزل على الأرض، فمنها: ما يخرج ألوان النباتات والثمار والأزهار، فتغدو تلك الأرض طيبة معشبة، وأما الأرض الأخرى فهي لا تنبت كلأ، وقد لا تمسك ماء -نسأل الله العافية- وقد تمسكه لكنها لا تنتفع به.
وهكذا الناس يسمعون وحي الله -عز وجل- ويسمعون القرآن ويسمعون المواعظ، فمنهم من يتأثر، ويظهر ذلك في سمته وهديه وأخلاقه وسائر أعماله، فيثمر ذلك في قلبه خشوعاً وخضوعاً وألواناً من العبوديات، كما يثمر عملاً صالحاً في جوارحه، ومنهم من لا يظهر عليه.