الحب.. طاقة الله العظمى النورانية التي بثها في الكون والارواح والقلوب؟؟؟؟
الحب والمحبة من اكبر النعم التي وهبها الله تعالى لخلقه اجمعين... فالحب قيمة عظمى يستدل عليها ولا يمكن وصفها في كلمات...ذلك الاحساس الواهب للحياة والدافع والمحرك لها..... لانها من اساس روح الله التي بثها في الكون بما فيه.. فالكون عاقل وينبض بالمحبة...ولكن من لم يحمل الأمانة منه يحب بالفطرة ويبغض بالفطرة لمحبة الله وبغضه... وقد قال حبيبنا المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : " إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ " . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يَضَعُ لَهُ الْقَبُولَ فِي الأَرْضِ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ الأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ : " إِنِّي أُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضْهُ " . فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضُوهُ فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ الأَرْضِ ... وهناك من تبكي عليه السماوات والارض وهناك من يلفظوه لفظا... فالحب طاقة نورانية .. تحتوي قلب الإنسان وعقله .. تبدل الحياة بمشاقها .. تبعث داخلك الدافع والأمل.. شعور يحتاجه المحب أكثر مما يحتاجه المحبوب... فنحن خُلقنا وفي قلبنا طاقة للحب إذا لم تخرج حرقتنا بنارها.. او صدأت قلوبنا وأصبحنا كالحجارة أو اشد منها غلظة..ومن يستحق هذا الحب أكثر من الخالق؟؟؟؟...فأجمل ما في حب الله أنك تستطيع أن تحبه بكل طاقتك وأن تتقرب له ليل نهار فهو لن يمل منك ومن حبك كما يفعل البشر بل سيعطيك أضعاف حبك حبا، ولن يستغل إقبالك عليه ليأخذ منك بل سيعطيك أكثر بكثير مما تعطي أنت...أجمل ما في حب الله أنك تستطيع أن تكشف أمامه ضعفك (وهو أعلم به) وأن تطلب منه الملجأ والسند ..حتى أن الله تعالى اذا أحب عبداً أحب ان يسمع التجاءه اليه.. فقد قال الحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام "ان الله اذا احب عبداً ابتلاه حتى يسمع تضرعه" وفي رواية اخرى.. "ان الله اذا احب عبدا ابتلاه...فاذا اشتد حبه اليه اجتباه... قالوا وما اجتباه يا رسول الله؟؟؟ قال "لم يجعل له مالاً ولا ولداً"...
وأجمل ما في حب الله أنك تجده معك في كل مكان وفي كل وقت وهو يعرف سرك وجهرك وقتما أردت أن تناجيه تجده هو السميع البصير، تناجيه بالساعات وهو يسمعك، ولو كنت بين الناس وعلت أصواتهم فصوت قلبك عند الله أعلى منهم...
أجمل ما في حب الله انه في روحك واقرب اليك من حبل الوريد... فإذا ذكرته في نفسك أو في جمعٍ هو يسمعك وإذا فعلت شيئا لوجهه لا يراه أحد هو يراه سبحانه بل يعلم ما لا تعلمه أنت عن نفسك لذا فإنه لا يظلمك أبدا ولا يبخسك حق حبك أبدا...
أجمل ما في حب الله أنه سيتسامح معك إلى أبعد الحدود طالما عدت إليه وطلبت الصفح والمغفرة...وانه يغنيك عمن سواه ويكفيك... أجمل ما في حب الله أنه ليس له نهاية... فحب الله كلمة تعنى الكثير والكثير من معانى جميلة وصادقة وشفيفة...
ولكن.. قال بعض الحكماء العلماء "ليس الشأن أن تُحب إنما الشأن أن تُحب".. ولذا تقرب إلى الله رغبة لا رهبة يحبك الله...حتى يحبك خلق الله.. "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فـأحبوه فيحبـه أهـل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض". قال الحافظ ابن حجر: "المراد بالقبول في حديث الباب: قبول القلوب له بالمحبة والميل إليه، والرضاء عنه، ويؤخذ منه أن محبة قلوب الناس علامة محبة الله"..ولا يغرنك عطاء الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لايحب ولا يعطي الدين إلا من يحب " رواه الترمذي ...بل إن حب الله لا يُستجلب إلا بمتابعة منهجه الذي ورد ذكره في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، فإن اتباع هذا المنهج هو الذي يوصل إلى محبته تعالى : "لأن حقيقة المحبة لا تتم إلا بموالاة المحبوب ، وهي موافقته في ما يُحب ويُبغض ما يبغض ، والله يحب الإيمان والتقوى ويبغض الكفر والفسوق والعصيان " طب القلوب، ابن تيمية ، ص183...والوصول إلى محبة الله عز وجل يستوجب أيضاً أن يترافق حب العبد لله مع حبه لرسوله عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى: " قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله " آل عمران ، 31.
مراتب حب الله عز وجل إن حب الله لعباده هو على مراتب ودرجات متصلة بحب العبد لله ، فكلما زاد حب العبد لله ورسوله زاد حب الله عز وجل لهذا العبد ، وأول من يستحق هذا الحب هم أنبياء الله سبحانه وتعالى الذين جعلهم الله سبحانه وتعالى أخلاّءه فقال عز وجل : "واتخذ الله إبراهيم خليلاً " النساء ، 125. وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً " أخرجه الحاكم . والخُلّة " اخصُّ من مطلق المحبة بحيث هي من كمالها ، وتخلّلها الحب حتى يكون المحبوب بها محبوباً لذاته لا شيء آخر " . طب القلوب ، ص229. ويأتي بعد ذلك حب المؤمنين وهم اولياء الله المتقين . ويتفاوت المؤمنون في هذا الحب بتفاوت أعمالهم التي تقربهم إلى الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : " من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " رواه البخاري ...وكما جاء في الحديث القدسي "وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه " وقال عز وجل في تتمة هذا الحديث القدسي " ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به " رواه البخاري ... وقد عدّد القرآن الكريم الخصال التي تقرب المؤمنين إلى الله وتجعلهم يفوزون بحبه ، فورد في كتابه الكريم أنه سبحانه وتعالى يحب التوّابين ويحب المتطهّرين ، ويحب المتقين ، ويحب الصابرين ويحب المتوكلين ، ويحب المقسطين ، ويحب المحسنين... لهذا أدرك علماء الإسلام اهمية حب الله عز وجل فكانوا يسألونه تعالى هذا الحب في دعائهم ، ومن أدعيتهم في هذا المجال : " اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك ، اللهم ما رزقتني مما احب فأجعله قوة لي فيما تحب ، وما زويت عني مما أحب فأجعله فراغاً لي فيما تحب ، اللهم اجعل حبك أحبّ إليّ من أهلي ومالي ومن الماء البارد على الظمأ ، اللهم حببني إلى ملائكتك وانبيائك ورسلك وعبادك الصالحين ، اللهم اجعلني أحبك بقلبي كله وأرضيك بجهدي كله ، اللهم اجعل حبي كله لك ، وسعيي كله من مرضاتك ". فليس بعد هذا الدعاء إلا التأكيد على أن من لم يكفه حب الله فلا شيء يكفيه ، ومن لم يستغن بالله فلا شيء يغنيه
المحبة في الله اعلى مراتب حب العباد؟؟؟ ان للمحبة في الله ثمرات طيبة يجنيها المتحابون من ربهم في الدنيا و الآخرة منها: 1) محبة الله تعالى : عن معاذ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "قال الله تبارك و تعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، و المتجالسين فيّ و المتزاورين فيّ ، و المتباذلين فيّ " (رواه مالك و غيره ) و قول الملك للرجل الذي زار أخا له في الله :"إني رسول الله إليك بأنّ الله قد أحبّك كما أحببته فيه" 2) أحبهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه : عن أبي الدرداء رضي الله عنه يرفعه قال :" ما من رجلين تحابا في الله إلا كان أحبّهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه " (رواه الطبراني ) 3) الكرامة من الله : عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من عبد أحبّ عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل " ( أخرجه أحمد بسند جيّد) وإكرام الله للمرء يشمل إكرامه له بالإيمان ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، و سائر صنوف النِّعم 4) الاستظلال في ظلّ عرش الرحمن : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي ( رواه مسلم) و عن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سبعة يظلهم الله تعالى يوم لا ظلّ إلا ظله : إمام عادل ، و شاب نشأ في عبادة الله ، و رجل قلبه معلّق بالمساجد ، و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرّقا عليه …" ( متفق عليه) 5) وجد طعم الإيمان : قال عليه الصلاة و السلام : " من أحبّ أن يجد طعم الإيمان فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله ( رواه الحاكم) 6) وجد حلاوة الإيمان: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله" ( رواه أحمد و الحاكم و صححه الذهبي ) و عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله و رسوله أحبّ إليه مما سواهما ، و أن يحبّ المرء لا يحبه إلا لله ، و أن يكره أ يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار " (متفق عليه) 7) استكمال الإيمان : عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أحبّ لله ، و أبغض لله ، و أعطى لله ، و منع لله ، فقد استكمل الإيمان " (رواه أبو داود بسند حسن) 8) دخول الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم " (رواه مسلم) 9) قربهم من الله تعالى و مجلسهم منه يوم القيامة : عن أبي مالك الأشعري قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت عليه هذه الآية :" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" (المائدة 101) قال : فنحن نسأله إذ قال : 3 إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء و لا شهداء ، يغبطهم النبيون و الشهداء بقربهم و مقعدهم من الله يوم القيامة ، قال : و في ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه و رمى بيديه ، ثم قال : حدثنا يا رسول الله عنهم من هم ؟ قال : فرأيت في وجه النبي صلى الله عليه و سلم البِشر ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " هم عباد من عباد الله من بلدان شتى ، و قبائل شتى من شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها ، و لا دنيا يتباذلون بها ، يتحابون بروح الله ، يجعل الله وجوههم نورا و يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس ، و لا يفزعون ، و يخاف الناس و لا يخافون " (رواه أحمد و الحاكم و صححه الذهبي ) 10) وجوههم نورا يوم القيامة : من الحديث السابق في قوله :" يجعل الله وجوههم نورا" 11) لهم منابر من لؤلؤ: نفس الحديث السابق في قوله :" يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس " 12) لهم منابر من نور : و في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء و لا شهداء يغبطهم الشهداء و النبيون يوم القيامة لقربهم من الله تعالى ، و مجلسهم منه " ، فجثا أعرابي على ركبتيه فقال : يا رسول الله صفهم لنا و جلِّهم لنا ؟قال:" قوم من أقناء الناس من نزّاع القبائل ، تصادقوا في الله و تحابّوا فيه ، يضع الله عزّ و جلّ لهم يوم القيامة منابر من نور ، يخاف الناس و لا يخافون ، هم أولياء الله عزّ و جلّ الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون " ( أخرجه الحاكم و صححه الذهبي ) 13) يغبطهم الأنبياء و الشهداء يوم القيامة: من الحديثين السابقين : حديث الأشعري و ابن عمر رضي الله عنهم في قوله صلى الله عليه و سلم:" يغبطهم الشهداء و النبيون يوم القيامة لقربهم من الله تعالى ،و مجلسهم منه " 14) تسميتهم بأولياء الله : من حديث ابن عمر السابق في قوله صلى الله عليه و سلم :" هم أولياء الله عز و جل " 15) انتفاء الخوف و الحزن عنهم يوم القيامة : من الحديثين السابقين : حديث الأشعري و ابن عمر رضي الله عنهم : " لا خوف عليهم و لا هم يحزنون " و قوله " و لا يفزعون ، و يخاف الناس و لا يخافون " 16) أنّ المرء بمحبته لأهل الخير لصلاحهم و استقامتهم يلتحق بهم و يصل إلى مراتبهم ، و إن لم يكن عمله بالغ مبلغهم : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ،كيف تقول في رجل أحبّ قوما ولم يلحق بهم ؟ قال : "المرء مع من أحبّ" (الصحيحان) و في الصحيحين أيضا عن أنس رضي الله عنه أنّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم متى الساعة ؟ قال : " ما أعددت لها ؟ " قال : ما أعددت لها من كثير صلاة و لا صوم و لا صدقة ، و لكني أحبّ الله و رسوله، قال :" أنت مع من أحببت" ، قال أنس : فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه و سلم :"أنت مع من أحببت" فأنا أحب النبي صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر ، و أرجو أن أكون معهم بحبي إياهم ، و إن لم أعمل بمثل أعمالهم وعن علي رضي الله عنه مرفوعا:"لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم"( الطبراني في الصغير) فسبحان الله طاقة الحب العظمى.. اللهم انعم علينا بحبك وحب كل من يحبك وحب كل عمل يقربنا اليك والى نوال محبتك..