من خصائص هذا القرآن ؛ أنه لا يلامس شغاف الجنان ، و لا يحدث تأثيرا في
الوجدان ، إلا إذا كان وعاء القلب مشحونا بذرات الإيمان ، و لهذا كان الصحابة
رضي الله عنهم يتعلمون الإيمان قبل القرآن ، فكانوا كلما غاصوا في أعماقه ، و
سبروا أغواره ؛ اقتطفوا من ثماره العجيبة التي تعالج النفس التعيسة ، بيد أن
مرضى القلوب الذين لا يستحضرون هذا الإيمان عن طريق المجاهدة ، سيظلون
محرومين من ريح جنانه ، و لذات ثماره ، مهما استغرقوا في مدارسته ، و
اعتكفوا على استخراج علومه و أحكامه ، حتى يعيشوا في أجوائه ، و يتفاعلوا
بأحكامه .. عندها ، و عندها فقط يفتح لهم أسراره ، و إن شئت أن تتكد من ذلك
فافتح بصيرتك لقول عالم الأسرار : وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ
زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ "
فلاحظي أختي كيف أن هاتين الآيتين أحدثتا تأثيرا عكسيا في القلوب المريضة بدلا
من أن تحدث في حقهم زيادة إيمان كما هو الشأن في حق المؤمنين !!!