ألــوان النــاس و أخــلاقهــم
عن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ ،مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَصْفَرُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ ،وَالْخَبِيثُ وَالطِّيبُ )أخرجه الترمذيوصحّحه الألباني .
وفي هذا الحديث أن اختلاف ألوان الناس ، وأخلاقهم ، وهو من خلق الله وتقديره ، مناسب للأصل الذي خرجوا منه ، والطينة التي منها خلقوا ؛ فتراب الأرض ، ومناحيها، ليس كله على لون واحد ؛ بل منه الأحمر والأبيض والأسود .. ، وهكذا جاءت ألوان الناس وأشكالهم المختلفة: ما بين أحمر ، أو أسود ، أو أبيض .. ، وهكذا. وفي طبائع الأرض اختلاف كذلك ؛ فمنها أرض وعرة ، عسيرة المسلك، ومنها السهل الذي وطئته الأقدام ، ومنها ما بين ذلك وهكذا كانت أخلاق الناس ؛ فمنهم الهين اللين ، السهل الرفيق ؛ ومنها الصعب ، عسر الأخلاق ، ومنهم ما سوى ذلك . ومن الناس الطيب المؤمن، ومنهم الخبيث الكافر ؛ وهكذا حال الأرض التي منها خلقوا.
وهذا كله من دلائل قدرة الله جل جلاله ، وعظيمسلطانه ؛ وأن الخلق كلهم ، مؤمنهم وكافره ، سهلهم وحزنهم؛ لا يخرجون عن قبضة الله وقدرته وسلطانه ، بل الكل في ملكه وملكوته ، مسخر بأمره وتقديره ؛ خلقهم على ما شاء من حكمة ،وجعل خلقهم ، واختلافهم آية على قدرته ، ودليل على عظمته ، وأنه القادر الذي يخلق ما يشاء ويختار ، ما كان لأحد من خلقه شيء من الخيرة في خلقه وأمره وسلطانه؛
بل هو متفرد سبحانه بالخلق كله:
{ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُرَبُّ الْعَالَمِينَ}
الأعراف/54
وقال تعالى :
{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُوَيَخْتَارُ
مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّايُشْرِكُونَ}
القصص/68
وقال تعالى :
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ
إِنَّ فِي ذَلِكَلَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ}
الروم/22 .