كيف تستقبل عقول الاطفال العيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه المصطفى الأمين ،
إن للعيد معاني رائعة وجميلة وفوق ذلك له ذكريات لاتنسى فكل منا يتذكر العيد حينما كان طفلا
نعم إنها ذكرى خالدة في عقولنا التي لم تكن تعرف في العيد سوى فرحته وبهجته وكيف تستقبل الطفولة
العيد بالجديد والحلوى والمرح والضحكة التي تشق الأفق لتعبر عن سعادة منبعها صفاء النفوس ونقاؤها
وبراءة وعفوية طاغية على كل الأقوال والأفعال ، وكم تمنينا أن نعود أطفالا لنلهو ونسعد بالعيد كما يسعد
به الأطفال لاكما نسعد به نحن الكبار الذين كبرنا وكبرت أحلامنا ومعها أحمالنا فمتى نعود أطفالاو لو في
أرواحنا النقية وعقولنا البسيطة ونفوسنا الصافية ؟ من مقالة اجتلاء العيد لمصطفى صادق الرافعي يتحدث فيها عن العيد في عقولالأطفال ويصفهم بالحكماء من خلال استقبالهم للعيد وتعاملهم معه ومع الحياة ككل إذ يطغى عليهم نقاؤهم وصفاؤهم الفطري الذي لم يشبه لوثات الذنوب وجراحات الآثام ووساوس الأمارة بالسوء .
كتب يقول : هؤلاء الحكماء الذين يشبه كلّ منهم آدم أول مجيئه إلى الدنيا، حين لم تكن بين الأرض والسماء خليقة ثالثة معقَّدة من صنع الإنسان المتحضر. حكمتهم العليا: أنَّ الفكر السامي هو جعل السرور فكراً وإظهاره في العمل. وشعرهم البديع: أنَّ الجمال والحب ليسا في كل شيء إلا في تجميل النفس وإظهارها عاشقة للفرح. هؤلاء الفلاسفة الذين تقوم فلسفتهم على قاعدة عملية، وهي أنَّ الأشياء الكثيرة لا تكثر في النفس المطمئنة. وبذلك تعيش النفس هادئة مستريحة كأن ليس في الدنيا إلا أشياؤها الميسرة. أما النفوس المضطربة بأطماعها وشهواتها فهي التي تبتلى بهموم الكثرة الخيالية، ومثلها في الهم مثل طفيلي مغفَّل يحزن لأنَّه لا يأكل في بطنين. وإذا لم تكثر الأشياء الكثيرة في النفس، كثرت السعادة ولو من قلة. فالطفل يقلِّب عينيه في نساءٍ كثيرات، ولكن أمَّه هي أجملهن وإن كانت شوهاء.. فأمه وحدها هي هي أمّ قلبه، ثم لا معنى للكثرة في هذا القلب. هذا هو السر؛ خذوه أيها الحكماء عن الطفل الصغير! وتأملتُ الأطفال، وأثر العيد على نفوسهم التي وسعت من البشاشة فوق ملئها؛ فإذا لسان حالهم يقول للكبار: أيتها البهائم، اخلعي أرسانك ولو يوماً.. أيها الناس، انطلقوا في الدنيا انطلاق الأطفال يوجدون حقيقتهم البريئة الضاحكة، لا كما تصنعون انطلاق الوحش يوجد حقيقته المفترسة. أحرار حرية نشاط الكون ينبعث كالفوضى، ولكن في أدقّ النواميس.. يثيرون السخط بالضجيج والحركة، فيكونون مع الناس على خلاف، لأنَّهم على وفاق مع الطبيعة. وتحتدم بينهم المعارك، ولكن لا تتحطَّم فيها إلا اللعب.. أمَّا الكبار فيصنعون المدفع الضخم من الحديد، للجسم الليِّن من العظم. أيتها البهائم، اخلعي أرسانك ولو يوماً.. لا يفرح أطفال الدار كفرحهم بطفل يولد؛ فهم يستقبلونه كأنه محتاج إلى عقولهم الصغيرة. ويملأهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر الخلق، لقربهم من هذا السر. فيا أسفاً علينا نحن الكبار! ما أبعدنا عن سر الخلق بآثام العمر! وما أبعدنا عن سر العالم، بهذه الشهوات الكافرة التي لا تؤمن إلا بالمادة! يا أسفاً علينا نحن الكبار! ما أبعدنا عن حقيقة الفرح! تكاد آثامنا ـ والله ـ تجعل لنا في كل فرحة خجلة... أيتها الرياض المنوّرة بأزهارها.. أيتها الطيور المغرّدة بألحانها.. أيتها الأشجار المصفَّقة بأغصانها.. أيتها النجوم المتلألئة بالنور الدائم.. أنتِ شتَّى؛ ولكنَّك جميعاً في هؤلاء الأطفال يوم العيد![/ |