للوداع نفس المرارة دائماً
لا أدري إن كان للوداع نفس الطعم في أفواه الجميع؟
وهل يختلف عند الرجال، ويظهر بطعم آخر عند النساء اللاتي غالباً ما يسبقنه
أو يتلينه بدموع غزار؟
أتحدث عن الوداع بالمطلق، وداع الإنسان لإنسان عزيز، وداع مكان،
وداع أشياء، حتى وداع القيم النبيلة حينما يتخلى عنها بعض الناس سهواً أو عمداً
لتحل محلها قيم أخرى جديدة ووافدة، فالوداع الذي أعنيه بدءاً من أن تستظل
بفيء شجرة، ويعز عليك مفارقتها، لأنها منحتك للحظات برودة تلك النسمة،
ورائحة ثرى الأرض أو تساقط عليك شيئاً من ثمرها إن أثمر وأكتمل
أو شكلت سحابة تحرس رأسك من وهج الشمس،
ولا انتهي عند الفراق المرّ لعشرة طويلة بين عاشقين،
إما وداع قسري تفرضه طبيعة الحياة والموت
أو افتراق بتراضٍ نحو هجرة أو سفر أو طلاق.
الغالبية العظمى من الناس تكره الوداع، وتبغض لحظاته، وتتمناه أن يؤجل بطريقة ما،
تماماً مثلما تبغض الانتظار ودقائقه وثوانيه الطويلة، وشخصياً أحب أن أستقبل،
وأكره أن أودع بشراً، شجراً أو حجراً، لأنها أمور قد عنيت لي شيئاً في يوم ما،
حيث يحلّ بعد الوداع كآبة لا تعرف دخانها، ولا تعرف متى تنزاح عن الصدر،
فقط تنتظر الوقت أن يفعل فعلته في التناسي والنسيان،
والإحلال بشيء طارف بدل التليد!